- بقلم: بيتر شوارتز - 24/11/1428هـ
قد يحدث تغير المناخ فجأة، ويمكن أن تكون تداعياته مدمرة. وكيف تتجاوب الشركات العالمية اليوم في المنطقة التي يمكن أن يضربها تغير المناخ أشد ما يكون سوف يؤثر في قابلية الأسواق للنمو في هذه المناطق.
وبدلاً من التراجع منها على أية حال، على الشركات أن تحسن مرونتها المستقبلية. يعتبر ذلك إلى حد كبير مسألة استراتيجية للمسؤولية الاجتماعية للشركات.
في العقود الزمنية المقبلة، يمكننا أن نتوقع رؤية مستويات البحار ترتفع، والمزيد من الجفاف الحاد، والعواصف، والفيضانات. تصبح هذه الأحداث مخاوف أمنية للشركات عندما يضطر الأشخاص إلى الهرب، ويتم تدمير البنية التحتية، وتفشل الأنظمة البيئية، ويتم تدمير الزراعة، وتزداد التقلبات الاقتصادية، وتصبح بعض المناطق غير قابلة للسكن.
نحن نعلم أن التقلبات الحادة في المناخ يمكنها أن تدمر بيئات العمل المزدهرة وحتى المجتمعات.يتم فهم الحرب الطويلة الوحشية في دارفور على أنها إبادة بشرية سببها الصراع على الموارد التي نتجت عن أحداث سوف ترافق تغير المناخ.
ودمر إعصار كاترينا بقسوة البنية التحتية المحلية بحيث لم تتعاف شركات عديدة حتى الآن. وتخيل ماذا سيحدث عندما تمر بنجلادش المعرضة للفيضانات، حتى مع ارتفاع بسيط في مستوى البحر، بأمطار موسمية شديدة على نحو متزايد، وتغرق جميعها بالمياه: يمكن أن يضطر أكثر من مائة مليون شخص إلى البحث عن ملجأ في الهند أو الصين المجاورة، مما يسبب ضغوطات اجتماعية واقتصادية خطيرة. أو تخيل الجفاف في جنوب الصين يقلل بشكل حاد من تدفق نهر ميكونج، الذي يمر بستة بلدان آسيوية.
إن الصراعات التي ستنشأ حول النفاذ إلى المياه – للري، والاستعمال المنزلي، والصناعة – يمكن أن تدمر الاقتصادات السريعة النمو في المنطقة.
على الشركات أن تتوقع الطرق التي يمكن بها أن يؤثر تغير المناخ بشكل مباشر في أعمالها، بما في ذلك انهيار سلسلة الإمدادات، وهجرة الموظفين، والزيادة في الأمراض، أو حتى التأثير في السمعة (يمكن أن يوجه اللوم إلى الشركات متعددة الجنسيات بسبب المشاكل البيئية المتعلقة بالمناخ). ولكنها تحتاج أيضاً إلى تقييم مخاطرها على شكل أوسع نطاقاً، وتحديد ما إذا كانت البيئات التي تعمل فيها أكثر عرضة للكوارث، وتخفي دماراً يتعلق بالمناخ. وللقيام بذلك، عليها أن تقيم بانتظام هشاشة هذه البيئات أمام الفيضانات، والجفاف، والعواصف، مع الالتفات تحديداً إلى المناطق التي لديها إمكانية محدودة لتوقع تغير المناخ والتكيف وفقه.
إن المناطق الأكثر هشاشة سوف تكون على سبيل المثال، تلك التي للدولة فيها قدرة محدودة على التجاوب، والنظام البيئي المحلي رقيقاً، والتحول إلى المدنية يتسارع مع القليل من الخدمات الاجتماعية، وإمدادات المياه ممتدة فعلياً. وعلى الأرجح أن هايتي هي الحالة المتطرفة في هذا الصدد، غير أن الهند والفلبين ومناطق من أمريكا الوسطى معرضة للخطر جميعها. وفي ظل هذا النظام المجهد، يمكن أن تطلق حالة مناخية قاسية مطولة، أزمة من الأحداث المتداخلة والتي قد يكون التعافي منها مستحيلاً.
بإمكان الشركات مساعدة المناطق الهشة على التخطيط لتغير المناخ، وتقلل المخاطر التي تتعرض لها نفسها، بالقيام باستثمارات فعالة، ودعم مبادرات السياسة التي يمكن أن تكون قد قاومتها في الماضي، مثل معايير محلية أشد على نوعية الهواء والمياه. وبالطبع، يمكن أن تجهز الشركات نفسها للمساعدة في جهود الإنقاذ عندما تحصل أسوأ التداعيات فعلياً.

في واقع الأمر، إن هشاشة الأنظمة التي أوجدها تغير المناخ يمكن أن تتحول إلى "فرص أنظمة" للشركات من أجل تطوير شراكات جديدة مع الحكومة، واللاعبين الآخرين في سلسلة الإمداد، وحتى المنافسين التقليديين، على سبيل المثال في إعداد البنية التحتية اللازمة للتعافي من الكارثة. وباتخاذ دور قيادي في مساعدة المناطق في توقع تغير المناخ وتخفيف المخاطر، يمكن للشركات أن تتقدم في تحقيق مصالحها وأن تبني في الوقت ذاته النية الحسنة في المجتمعات التي تقوم فيها بالعمل. لقد قامت شركة كوكا كولا أخيرا بالإعلان عن شركات مع الصندوق العالمي للحياة البرية، للمساعدة في حماية موارد المياه العالمية، وتحسين إدارة المياه في الشركة، وهذا مثال جيد على جهود الشركة لمعالجة تغير المناخ بشكل مباشر في عملياتها الخاصة وفي المجتمع الأوسع الذي تخدمه. وعلى الأرجح أن إجراءات كوكا كولا سوف تساعد كلا من الشركة والمجتمعات المحلية، وتعزز في الوقت ذاته صورة الشركة في شتى أرجاء العالم.
إن الشركات متعددة الجنسيات التي على استعداد لاتخاذ وجهة النظر الأطول أجلاً يمكنها أن تتفادى أسوأ العواقب لتغير المناخ، وربما تساعد قطاع العمل على بناء سمعة أقوى كوكيل قوي للرفاه الاجتماعي.
- روزا بيث موس كانثر - 24/11/1428هـ
إحياء حظوظ شركة واجهت أوقاتاً عصيبة يستدعي في أغلب الأحيان خطوات جريئة، حسبما تقول روزا بيث موس كانثر، أستاذة إدارة الأعمال في كلية إدارة الأعمال في هارفارد ومؤلفة كتاب "الثقة: كيف تبدأ وتنتهي سلسلة الفوز والخسارة" لكن الاستراتيجيات الذكية سيكون لها تأثير ضئيل إذا لم تقم أولاً ببناء ثقة الموظفين بإعطائهم أسباباً راسخة للإيمان بيوم أكثر إشراقاً.

ما الديناميات النفسية في العمل في الشركات التي لا تقوم بالأداء المناسب أو تفشل؟
في المنظمات التي تعيش حالة تراجع يخيم نوع من العجز المكتسب، وتقترن السرية والعزلة والتحاشي والسلبية واللوم ومشاعر العجز لإطالة أمد الأداء السيئ، وتبدأ "حركة الموت اللولبية" هذه عندما تبدأ شركة ما بإهمال الأمور الأساسية- مثل السماح للتواصل بالتدهور، والبدء بإعادة اتخاذ القرارات إلى أيدي فرق أصغر وأصغر تأخذ القرارات وراء الأبواب المغلقة، وهذا يضعف قدرة الشركة على حل المشكلات.
وبينما يتدهور التواصل والرغبة في مواجهة المشكلات بشكل علني، يزداد الاقتتال الداخلي واتهام الآخرين. ويفقد الموظفون في مختلف الوحدات احترامهم لبعضهم البعض ولأنفسهم، فالمجموعات تبدأ بحجب المعلومات والدعم من بعضها البعض. وهي تنظر إلى تعظيم نتائجها لكنها لا تسهم في أداء المنظمة ككل. وعندما يتآكل الأداء، يضعف الدعم من قبل الأتباع الخارجيين مثل المستثمرين والزبائن، وهذا الأمر يدور عائداً إلى المنظمة مما يكثف من السلبية.
كيف يمكن للفرق أو الشركات أن تخرج من دوامة تراجع؟
إن ذلك يبدأ بالثقة، لكن الثقة ذاتها لا تنتج النجاح، فهي تنتج الجهد والمثابرة، لكن الإيمان بإمكان شركتك أن تتغلب على مشكلاتها يتوجب تعزيزه بهياكل وأنظمة تجعل من الممكن للناس أن يعتمد الواحد منهم على الآخر، ويتبادلوا الموارد والاصطفاف معاً لمواجهة تحدّ جديد.
ما الهياكل والأنظمة الضرورية؟
إن المساءلة أول حجر زاوية للثقة، فهي مهمة حوار مفتوح واحترام متبادل، وعندما توجد تلك العناصر فإن الناس يرغبون في مواجهة ما يجري والوفاء بالوعود التي يطلقونها لإصلاح الوضع.
شهدت جيليث عدة سنوات من هوامش العمل وحصة السوق المتراجعة عندما أصبح جيم كيلتس رئيساً تنفيذياً في عام 2001، وسارع كيلتس إلى القضاء على السرية والرفض، فإلى جانب إيجاد قنوات اتصال متعددة أوجد بطاقة تقرير ربعية لفريقه العالي وسجل النتائج. كما أنه بنى مناخاً من الاحترام بالتأكيد على أنه لم تكن لديه أي أفكار مسبقة عن الناس ولا أي خطط للقيام بتغييرات ساحقة في صفوف الإدارة، وهذا ساعد التنفيذيين على النظر إلى الحقائق دون أن يصبحوا دفاعيين.
ما الأمور الأخرى الضرورية لبناء ثقة الموظفين بأن الأيام المشرقة مقبلة؟
إن التعاون والمبادرة مهمان أيضاً لإعادة بناء الثقة، فقبل أربع سنوات كانت الشركة الصناعية وخدمات الطاقة إنيفسيس Invensys، ومقرها في لندن، على وشك التخلف عن التزاماتها المالية، وساعد ريك هايتورنتويت في إحياء الزخم عندما أصبح رئيساً تنفيذياً بجعل التعاون بين الفرق الهوجة الموظفين وديدنهم. وأوجد تسعة فرق إستراتيجية – تكونت من موظفين من كل أنحاء الشركة، وعلاوة على ذلك أصبح إظهار المبادرة أمراً متوقعاً، وقال ريك للموظفين:" لقد ولت أيام حكم الفرد، عليكم أن تقوموا بالعمل بأنفسكم" ولم يمض وقت طويل على انتعاش برنامج الشركة لإطلاق مشاريع تحسين وتعزيزها في كل أرجاء الشركة.
ما مزايا القيادة الأساسية في قيادة تحول؟
الشخصيات المبهرجة والرؤى الجريئة مبالغ فيها والحديث المنشط للهمة دون دليل حديث فارغ، ولتحويل ثقافة تراجع إلى ثقافة نجاح، عليك أن تعيد ثقة الموظفين في النظام، فالآليات التي يضعها القائد حيز التنفيذ مهمة جداً.
- بقلم: جيم سينتا - 18/10/1428هـ
على الرغم من أن الشركات الأمريكية تنفق المزيد من المال على إجمالي البحث والتطوير مما أنفقته في السنوات الأخيرة، فإنها تضع تلك الأموال بشكل رئيسي في تطوير المشروع الجديد وإهمال المجالات الأخرى المهمة لجهود الابتكار على المدى الطويل. وعندما قام معد الأبحاث الصناعية بإجراء مسح على 99 شركة تقوم بالبحث، لتوقعاتها للبحث والتطوير لعام 2007، قال أكثر من الثلث إنهم كانوا يزيدون من مصاريف البحث والتطوير على المشاريع الجديدة بما يقل عن 5 في المائة هذا العام.

وفي المقابل، أبلغت نسبة من الشركات تبلغ 14 في المائة عن مثل هذه الزيادة في البحث الأساسي المباشر ( اكتشاف المبادئ الأساسية التي وجهتها أهداف المؤسسة الاستراتيجية). ولم يكن هذا التأكيد المحدود على الاستفسار الأوسع مجرد الانخفاض الذي حدث عام 2007، بل إنه ميل يعود إلى السنوات السبع الماضية.

ويعد البحث الأساسي الموجه مهماً جداً للابتكار على المدى الطويل. فهو يفتح الآفاق للتحقيق المثمر لاحقاً، حتى إذا لم يكن جمع المعلومات ملائماً بصورة مباشرة للمشاريع الحالية.

وعلى سبيل المثال، جمعت شركة كونكوفيليبس، خلال عدة سنوات من البحث الاستكشافي، معلومات بشأن كيماويات الكبريت والدور الذي تلعبه مواد محفزة معينة في صقل ردود الأفعال دون أن يكون لها هدف في تطوير تكنولوجيا أفضل لإزالة الكبريت. ولكن في عام 2000، وبعد أن أقرت الحكومة الأمريكية محتوى أدنى من الكبريت في البنزين مع حلول عام 2004 للحصول على انبعاثات أنظف، تمكنت الشركة من استخدام معرفتها لتطوير والاتجار بتقنية إزالة الكبريت التي لبت متطلبات الحكومة وحافظت على أوكتين أكثر من النسبة التي تحافظ عليها التقنية التقليدية.
إن التطورات غير المتوقعة هي ميزة أخرى أساسية للبحث الأساسي الموجه. وبالفعل، فإنها تعزز الابتكار المفاجئ على المدى الطويل لأنك لا تعرف بالضبط ما الذي تبحث عنه حين تجريه أو كيف يمكن استخدامه في المستقبل.
وفكر في عقار سوتينت الجديد للسرطان الذي أنتجته شركة بفايزر، ووافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في العام الماضي. فهو يدين بوجوده إلى الاكتشاف بأن تطور انسداد شرايين الدم في الأورام سيبطئ بل وحتى يعكس نموها، وهو اكتشاف ظهر في بحث نظري أجري قبل أكثر من عقد في معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوية، قبل أن يومض سوتينت في عين أي شخص.
ولمدة خمسة أعوام على التوالي، ذكرت الشركات في دراسة معهد الأبحاث الصناعية " تنمية العمل من خلال الابتكار" على أنه المشكلة الأكبر التي تواجهها تلك الشركات. أما أكبر المخاوف الأخرى فتضمنت " تصعيد الإبتكار" و" موازنة أهداف وتركيز البحث والتطوير على المديين الطويل والقصير." ومع ذلك، فإن سلوكها في الإنفاق لم يقابل رغبتها في الحصول على توازن قصير وطويل المدى.
وبينما قد تلبي الشركات التي تركز بطريقة غير متجانسة على المشاريع الجديدة بعض أهدافها المباشرة في العمل، فإنها ستفشل على الأرجح في صقل المعرفة ذات النطاق الواسع التي ستحتاج إليها لتحقيق هدفها الرئيسي بالنمو عن طريق الابتكار.
- ثيودور كيني - 18/10/1428هـ
جميع المديرين، مهما كان موقعهم في التسلسل الهرمي للشركة، تقع على عاتقهم مسؤولية السعي باستمرار للوصول إلى الأداء المحسن .. في أنفسهم، وفي الفرق التي يديرونها، وفي الأقسام التي ينتمون إليها، وعلى امتداد شركاتهم ككل. ونقدم لكم هنا أربعة كتب توفر لكم إرشادات ذات قيمة كبيرة في استخدام وتنظيم العوامل المساعدة للأداء العالي.

ويحذر الكتاب الاستفزازي الجديد للأستاذ فيل روزينزويج من المعهد الدولي لتطوير الإدارة IMD والذي يحمل عنوان " أثر الهالة .. وثمانية أوهام أخرى تضلل المديرين" "The Halo Effect ... and the Eight Other Business Delusions That Deceive Managers" (صادر عن دار فري برس للنشر، 2007) من الأوهام التي يمكن أن تضلهم خلال بحثهم عن رؤى لتحسين الأداء. ويدعي أن العديد من أفضل الكتب التي كتبت عن الأعمال التجارية مبيعاً والكثير من الصحف المختصة بالأعمال التجارية، وهما مصدران رئيسيان للمشورة حول تحسين الأداء، فيها عيوب جوهرية بسبب تلك الأوهام.

المشكلة الأكثر خطورة هو أثر الهالة. هذا المصطلح، الذي تم تحديده لأول مرة على يد عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورنديك خلال الحرب العالمية الأولى، وهو يصف كيف أننا ننسب الأشياء بطريقة غير مبررة، من خلال رغبتنا الطبيعية لتفسير النجاح أو الفشل. ويشير الكاتب إلى الأحكام التي صدرت بحق شركة آيه بي بي ABB، وهي شركة صناعية مقرها زيورخ، في سويسرا. فقبل عام 2000، كانت شركة آيه. بي. بي. تتمتع بنشاط مالي مرتفع. وعزا المراقبون نجاحها إلى مديرها النشيط، وثقافتها المائلة إلى المخاطرة، وهيكلها الإداري المتناسق. وبعد عام 2000، انخفض أداؤها المالي. وعزا المراقبون فشلها إلى قائدها، وثقافتها، وهيكلها المتناسق.

أما المشكلة الثانية ذات الصلة فهي الارتباط والسببية، حيث نخلط بين الارتباطات والأسباب. وغالباً ما قيل لنا إن رضا الموظف يسبب نجاح الشركة، ولكننا نميل إلى نسيان أن نجاح المؤسسة يسبب كذلك رضا الموظف. وهما مرتبطان، ولكن السبب ليس واضحاً.

إنه كتاب حاد، ومكتوب بأسلوب جيد، اقرأه لتتعلم كيفية تحديد الأخطاء الشائعة في المشورة حول العمل التجاري والإدارة ولاختبار استنتاجاتك الخاصة حول محفزات الأداء العالي.

الكتاب الثاني: " التنافس على التحليلات المنطقية: علم الفوز الجديد" "Competing on Analytics: The New Science of Winning" (صادر عن دار هارفارد بزنيس سكول للنشر، 2007) من تأليف بابسون كوليج (ويليسلي، ماساتشوستس) الأستاذ ثوماس إتش دافينبورت وجين جي هاريس كبيرة زملاء البحث التنفيذي ومديرة البحث في معهد أكسينتريك للأعمال التجارية ذات الأداء العالي (ويليسلي، ماساتشوستس). يقدم هذا الكتاب التحليلات التي تجري على نطاق الشركة على أنها طريقة لتحسن النتائج من خلال تخفيض المخاطر وعدم اليقين. فما هي التحليلات المنطقية؟ كتب المؤلفان إنها " الاستعمال المكثف للبيانات، والتحليل الإحصائي والكمي، والنماذج الوصفية والتوقعية، والإدارة القائمة على الحقيقة لتحفيز القرارات والإجراءات".

وكمثال على الشركة التي حظيت بميزة ممتازة من خلال استخدام التحليلات المنطقية، أشار المؤلفان إلى شركة كابيتال ون Capital One، شركة البطاقات المصرفية التي تجري نحو 300 تجربة يومياً لتسليط الضوء على أكثر العروض التسويقية فاعلية. أما الشركة الأخرى فهي نتفليكس Netflix، شركة تأجير أفلام الفيديو عبر الإنترنت التي حققت هذا العام عوائد سنوية بلغت مليار دولار أمريكي. وتستخدم شركة نتفليكس التحليلات المنطقية لكي تقرر مقدار المبلغ الذي يجب أن تدفعه مقابل حقوق توزيع الدي. في. دي.، وماهية الأفلام التي يجب أن توصي بها ولأي نوع من الزبائن، وكيفية تحديد طلب الشحن لطلبات التأجير.

كيف يمكنك لشركتك أن تحصل على ميزة التحليل المنطقي؟ يقول أحد المديرين التنفيذيين إن تطوير القدرات يشبه إلى حد ما " لعب لعبة شطرنج من 15 مستوى". وهو يتطلب الفوز ببيانات عالية الجودة وبصورة ثابتة، ومجموعة من برامج الأعمال التجارية الذكية التي تمكن من تحليل المعلومات وتقديمها، ومختصين مدربين على جمع وتحليل هذا المستوى من البيانات، وتأسيس ثقافة وعمليات قائمة على الحقيقة، وبالطبع، دعم القيادة العليا.

وإذا لم يكن طرحها على مستوى الشركة خياراً متاحاً، فيمكنك القيام بتغيير على نطاق صغير في وظيفتك أو داخل وظيفتك. ويقترح المؤلفان طريقة " إثباتها" وهي تحديد مشكلة في العمل تتطلب عمليات تحليل ورعاية حلها، وتنفيذ مشروع محلي صغير يمكن أن يعمل على إضافة القيمة وقياس المزايا، وتوثيق النجاح وتبادل الأخبار، وأخيراً الصعود درجة وتكرار العملية.

ومن الواضح أن ثمة تحدياً كبيراً في الموارد البشرية متأصلاً في إنشاء منظمة قادرة على التحسن المستمر. وتتطلب مواجهة هذا التحدي، كما يقول مستشار التنمية المؤسسية الشهير روبرت جي. مارشاك في كتابه " عمليات سرية في العمل: إدارة الأبعاد الخمسة الخفية للتغير المؤسسي" "Covert Processes at Work: Managing the Five Hidden Dimensions of Organizational Change" ( صادر عن دار بيريت-كويهلير للنشر، 2006)، العمل في ستة " أبعاد للتغير" هي السبب، والسياسات، والإلهام، والعواطف، والأفكار، وعلوم الأحداث العقلية. ولأن المديرين غالباً ما يشعرون بعدم ارتياح في معالجة كافة هذه الأبعاد باستثناء السبب، فغالباً ما تكون خمسة من هذه الأبعاد سرية، أي أنها غير معلنة، وتعمل تحت السطح. ولكن المديرين يجازفون بإهمالها لأن أياً منها يمكن أن يدمر المشروع أو المبادرة الجديدة.
وقد عمل مارشاك، على سبيل المثال، مع شركة خدمات متخصصة دعا قادتها إلى سلسلة من اللقاءات التي ستعقد على مستوى الشركة لشرح السبب وراء حاجة المحللين في الشركة لأن يميلوا بصورة أكبر إلى المبيعات. ولكن لم يتغير أي شيء، فلم يسع أي شخص لبيع خدمات الشركة للعملاء. وفي هذه الحالة، فشل قادة شركة الخدمات المتخصصة في ملاحظة الحاجات والأهداف المختلفة، السياسات، للمحللين، ولم يعطوهم أي محفز أو إلهام للتغيير. ولم يسعوا إلى فهم العواطف، مثل الغضب، الذي سببه طلبهم أو الأفكار التي جعلت المحللين يرون البيع على أنه إهانة لصورتهم المهنية. وأخيراً، فإنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار التوتر والقلق، أي علم أحداث العقل، التي سيتسبب فيها طلبهم.
المحتوى الرئيسي لهذا الكتاب يصف كيفية التشخيص والعمل حول هذه العوائق الخفية للتغيير. والأخبار الجيدة، كما يقول مارشاك، إن مجرد وضع تلك الأبعاد الخفية التي تحدث العوائق للتغيير " على الطاولة" يمكن أن يكون كافياً لإخفاء العوائق. وما إن يدرك الناس ما يعيقهم، يصبح بإمكانهم في بعض الأحيان حل النزاع بأنفسهم.
إحدى العقبات التي واجهها معظمنا، للأسف، في طريق تحسين الأداء أكثر من عدة مرات خلال حياتنا المهنية هي كما قال الأستاذ في جامعة ستانفورد روبرت آي. سوتون بتعبير بذيء متعمد " الأحمق المؤهل" في كتابه " قاعدة لا للحمقى: بناء مكان عمل متحضر والإبقاء على واحد غير متحضر" "The No Asshole Rule: Building a Civilized Workplace and Surviving One That Isn't" ( صادر عن وارنر بزنيس للنشر، 2007). و" يظهر سوتون كيفية إبقاء هؤلاء الحمقى خارج مكان العمل الذي تعمل فيه، وكيفية إصلاح هؤلاء الذين علقت معهم، وكيفية طرد هؤلاء الذين لا يمكنهم أو لا يريدون تغيير طرقهم، وأفضل الطرق للحد من الدمار الذي يتسبب فيه هؤلاء المنحطون."
ويقول سوتون إن هناك اختبارين لتحديد الحمقى، أولاً، إنهم يُشعرون أهدافهم بالاستياء من أنفسهم، وثانياً أنهم يوجهون حقدهم على الناس الأقل قوة منهم." وهو يعتقد بأننا جميعاً نخفق في هذه الاختبارات في بعض الأحيان ولكن علينا التخلص من الأشخاص الذين يخفقون فيها بصورة منتظمة. فهم يستحقون تسمية " مؤهل".
ومن المفارقة، فهناك حمقى أصبحوا قادة ناجحين. ( حيث قام سوتون بالبحث عن اسم ستيف جوبز، وكملة أحمق، ووجد أن هناك 89400 مدخل لهما). بيد أن سوتون يدعي أن "حجم الدليل يظهر بأن الحمقى، وخصوصاً المؤهلين منهم، يقومون بضرر أكبر من نفعهم." وفي الواقع، فحينما يحسب التكلفة الإجمالية لهؤلاء الأوغاد، مثل الضرر الذي يتسببون فيه لضحاياهم، والهدر في مهنهم الخاصة، والطاقة والوقت المخصصين لعلاج الجروح الشخصية والمؤسسية التي يتسببون فيها، والموارد البشرية والتكلفة القانونية، فإن الميزان يميل.
وعلاوة على عدم كونهم واحداً منهم، فما الذي يمكنك أن تفعله للقضاء على الحمقى في مكان العمل؟ عليك أن تتبنى قاعدة "لا للحمقى". واجعلها عامة من خلال ما تقوله وخصوصاً ما تقوم به. وادمج هذه القاعدة في ممارساتك للتوظيف والفصل. وطبقها على الزبائن والعملاء أيضاً. وحاول تقليل الفروقات بين المنصب والسلطة. وعلم الناس تحديد ومحاربة سلوكيات الحمقى.
- كريستينا بيلاسزكا دوفيرناي - 18/10/1428هـ
يُعتبر توصيل التغذية الراجعة واحداً من أهم مهام المديرين، غير أن الكثير من المديرين يناضلون للقيام بهذه المهمة بصورة موضوعية، ومتسقة، وفوق كل شيء، بطريقة تدفع الأداء المطوّر. وفي الفصل الذي يتحدث فيه عن تطوير الأفراد في كتابه الصادر حديثاً، "دروس في القيادة: مهارات الإدارة الجوهرية السبع للقادة في كل المستويات"، (كابلان، 2007)، يقترح جاك شتال، الرئيس التنفيذي مسؤول لشركة ريفلون، والرئيس السابق لشركة كوكا كولا، نموذجاً مؤلفاً من ست خطوات يهدف إلى جعل عملية التغذية الراجعة أسهل، وأكثر فاعلية.
سألت شتال إذا كان يرغب في مشاطرة بعض من خبراته كمدير في توضيح كيفية عمل النموذج في الممارسة العملية. أرجو أن تجدوا تعليقاته ذات بصيرة وفائدة كما وجدتها أنا.

ـ قدّر الفرد
ابدأ حديثك بالتأكيد على ما يسهم به الفرد في فريقك والمؤسسة. كن صادقاً، و شاملاً. وتُعتبر هذه الخطوة مهمة إلى حدٍ كبير، لأنها تحدد إطار الحديث بأكمله.
ففي إحدى المرات كان شتال يُدير موظفة مبيعات كانت ماهرة في بناء علاقات قوية مع زبائنها. ولكنها لم تتعاون أو تتواصل مع زملائها على نحوٍ جيد.
"حين بدأنا بالكلام، أدليت بنقطة واضحة جداً تعزز مدى قوة علاقاتها مع الزبائن، وأن مسؤولية تدبّر الكثير من هذه العلاقات بصورة فاعلة تُعزى إلى تماثلها مع منصب مدير عام"، كما قال. وأضاف: "قصدت من قولي هذا الإشارة إلى أنه في حال تمكنت هي من زيادة كفاءتها في تحسين علاقاتها مع زملائها والاستفادة منهم، فسيعمل هذا على تحسين علاقاتها بالزبائن".
ولأن حجماً كبيراً من التغذية الراجعة كان مجسداً وفقاً لمفاهيم ما أنجزه الموظفون على نحوٍ جيد، يقول شتال، إنها كانت قادرة على تفسير التغذية الراجعة على أنها "تمكين لها من النجاح، أكثر من الوقوف في طريقها".

اطلب من الشخص تحديد أكبر تحدياته
ادعُ الموظف لتقييم أدائه الخاص في تحديد مكامن قوته، والتحديات التي تواجهه على حدٍ سواء، حيث يساعد ذلك، كونك مديراً، على تحديد المجالات التي يمكنك تزويدها بالتدريب المستهدف.
وهنالك موظف مبيعات آخر سبق أن أداره شتال في حياته المهنية كان بارعاً، و مؤهلاً، و ماهراً في تأثير اتصالاته عند المستوى الأدنى مع زبون رئيسي، أو مع بائع تجزئة كبير.
وحين طُلب منه تحديد أكبر تحدٍ له، أجاب موظف المبيعات ذاك، بأنه يواجه مشكلة في تأسيس علاقات مثمرة مع مسؤولي بيع التجزئة.
لذا طلب شتال من الموظف القيام بتدريب موجز معه، وكأنه يجري مكالمة مبيعات مع رئيس تنفيذي مسؤول. وما لاحظه شتال هو أن الموظف يتحدّث أكثر بكثير مما يصغي.

ـ زوّد بتغذية راجعة مستهدفة
أوضح شتال أنه إذا لم تتح للمدير التنفيذي المسؤول فترة وافية من الإرسال خلال مكالمة المبيعات، فإن موظف المبيعات يحظى بفرصة ضئيلة للكشف عن احتياجات المسؤول.
وطرح شتال السؤال التالي:"ماذا لو قمت بقلب ذلك الخليط في المرة المقبلة التي ترى فيها الرئيس التنفيذي المسؤول بقضاء نسبة 80 في المائة من وقتك في طرح الأسئلة عليه والإصغاء له؟"، وأضاف: "وقبل أن تقدّم له أي شيء، اطرح عليه خمسة إلى ستة أسئلة لتنفذ من خلالها إلى ما ينظر له المسؤول على أنه أهم استراتيجيات وتحديات شركته".
وبالفعل أخذ موظف المبيعات بنصيحة شتال، "وحقق انخراطا أفضل بكثير"، حسبما ورد عن شتال. وأضاف: "بالنظر إلى احتياجات الشركة من وجهة نظر الرئيس التنفيذي المسؤول، فإن ذلك يضع مؤسستنا في المركز الذي يسمح لها بخدمة تلك الاحتياجات بصورة أفضل".

ـ الاتفاق على المجالات التي يجب العمل على تطويرها في المستقبل
الهدف من هذه الخطوة هو التركيز على تطوير الفرد، وتشجيعه على ممارسة مهارات جديدة ومحددة. وقد ترغب كذلك في إعطائه تدريباً مستهدفاً كجزء من خطة تطويره.

ـ الاتفاق على منافع التطوير وعواقب عدم التطوير
من الأشياء التي يجب على الموظف أن يتفق فيها مع مديره، وتدور حول مكامن تطوره، وأخرى حول تحفيزه بصورة كافية ليتطور. وهذه الخطوة مصممة لدعم ذلك الحافز.
وأوضح شتال لمسؤول شؤون الموظفين أنه إذا أمكنه أن يصبح متواصلاً بكفاءة أعلى، "سيعزز ذلك من تأثيره وتأثير وحدته بصورة مهمة في الشركة بأكملها". وإن لم يتطور، سينتهي المطاف بشتال مجبراً على تحمّل شيء من مهام الموظف التواصلية، وهي نتيجة لم يرغب فيها كلاهما، حيث ستعمل على التأكيد على نهاية نمو الفرد بصورة مؤثرة داخل الشركة.
وبالفعل، التحق مسؤول شؤون الموظفين بالتدريب، وتعلم أن يكون أكثر تأنياً في ابتكار رسائله. وكونه أصبح متواصلاً أكثر مهارة، يقول شتال: "أصبح أكثر كفاءة في أداء دوره، ولديه تأثير أكبر في المؤسسة".

ـ التزم بدعمك، وأعد التأكيد على قيمة الفرد
كما أنه من الصعب أحياناً توصيل التغذية الراجعة، ففي أغلب الأحيان يُعد الإصغاء أصعب. ولذا فإنك بحاجة في هذه الخطوة الأخيرة إلى إعادة التأكيد للموظف على أنك تقيّم مساهماته، وستدعمه بالكامل بينما يسعى هو إلى التطور.
- لورين كيلير جونسون - 18/10/1428هـ
هل تعلم بأن الجزء الأساسي من عمل أي مسؤول أو مدير هو مساعدة المرؤوسين على التطوّر مهنياً، إضافة إلى تعزيز قدراتهم على حلّ المشكلات، واتخاذ القرارات. وبالتالي، فأنت على علم تام بالمخاطر التي ترافق تحملك مشكلات مرؤوسيك كافة. ولكن ماذا حين تكون تحت ضغط زمني هائل، ويحاول أحدهم تسليمك قرداً أو اثنين، وهو المصطلح البارز لمشكلات المرؤوسين الذي عرّف به ويليام أونكين جر، ودونالد إل واس، في مقالتهما التقليدية في بيزنيس هارفارد ريفيو عام 1974 تحت عنوان "زمن الإدارة: من لديه القرد؟".
ولحسن الحظ، واصل الخبراء والمسؤولون تطوير تقنيات تهدف إلى جعل التفويض أسهل، وأكثر كفاءة في إبقاء القرود لدى مالكيهم الملائمين.

1. أطلق عنان نفسك:
بالنسبة للكثير من المسؤولين، يبدأ الطريق نحو تفويض ذي كفاءة أكبر بإعادة فحص فرضيتين أساسيتين تتعلقان بدورهم. الأولى، كما تقول باتي هاثواي، مؤلفة واستشارية في الشؤون التجارية في شركة شينج أجينت، ومقرها في ويستيرفيل، أوهايو: "يستمر العديد من المديرين في الافتراض بأنه من الأسرع والأكفأ تحمّل مشكلات الموظفين بدلاً من تعليمهم كيفية معالجتها بأنفسهم". و الثانية "هي أنهم يعتقدون أنهم يعرفون أكثر من مرؤوسيهم".

هاتان الفرضيتان، كما تقول هاثواي، لا تعملان سوى على رفع رغبة المديرين في فرض سيطرتهم على حل المشكلات، واتخاذ القرار، بدلاً من تخويل موظفيهم. ولإبطال ذلك، تشجّع هاثواي زبائنها على التفكير كقادة، وليس كمديرين. وتنصح المديرين بتدبر أمر التفاصيل (على سبيل المثال عن طريق حل مشكلات المرؤوسين). ويُدير القادة الناس عن طريق تشجيع شيوع حس من الملكية، والمسؤولية بين المرؤوسين".

ـ اسأل، و لا تأمر:
إن العمل على الإفصاح عن المشكلات فعال بقدر تفويضها. ولهذا الغرض، يعرف المفوضون الماهرون أن عليهم طرح الأسئلة بدلاً من إملاء الأوامر. ويقول جويس جيويا، رئيس شركة استشارات مقرها في جرينسبو، في كارولينا الشمالية، تُدعى ذي هيرمان جرووب: "حين تسأل عما ينبغي فعله، تعلّم الناس محاولة الوصول إلى حلول مقترحة في المرة الثانية التي يواجهون فيها المشكلات". وعليك اللجوء إلى سؤال مفتوح إضافي، مثل "ماذا برأيك أدى إلى هذه المشكلة؟"، أو "ما هي الأمور التي ينبغي علينا أخذها بعين الاعتبار إذا ما أردنا تطبيق الحل الذي تقترحه؟" إن مثل هذه الأسئلة قادرة على كشف لأي مدى فكّر المرؤوسون ملياً في المشكلات الخاصة بهم.

ـ وفّق بين المهام والأفراد:
يمكن للمديرين أن يتجنبوا تحمّل مشكلات المرؤوسين عن طريق التوفيق بين المهام والمشكلات المفوّضة والأفراد، بالارتكاز على تقييم كل مرؤوس فيما يخصّ بقدراتهم وحاجاتهم التطويرية.

ويؤكد شتيفان آر كوفي، مؤسس مشارك، ونائب رئيس شركة فرانكلين كوفي في مدينة سالت ليك، على قوة التفويض حسب أقوى رغبات المرؤوسين. وينصح قائلاً: "اكتشف أفضل ما يمكن أن يقوم به المرؤوس، وأكثر ما يحب القيام به"، ويضيف: "ثم وفّق بين مواهبهم ورغباتهم الفريدة وحاجات العمل. فمع الرغبة بالشيء، لا يحتاج الناس إلى إشراف: فسيبتكرون بأنفسهم حلولاً إبداعية للمشكلات".

ـ حثّ على التفكير المستقل:
كلما ترك المجال للموظف بأن يفكر بصورة مستقلة، ولمس حس من الملكية في وظيفته، قلّت المشكلات التي يميل إلى نقلها إلى مشرفه.
وفي شركة بلانتيرا للتصميم الداخلي، ومقرها في ميتشجان، يستخدم مدير التطوير التجاري، شين بليسكا، نظاماً "لتقييم المشكلات" يعتمد على طريقة أونكين، وواس المشروحة في مقالهما. "نطلب من الموظفين العمل على تقييم مشكلاتهم على أساس مقياس رقمي"، كما ورد عن بليسكا. "وإحدى الوسائل تشير إلى أن المدير هو من يقوم بحل المشكلة بنفسه، وتشير وسيلة ثانية إلى أن المدير يطلع الموظف على كيفية حل المشكلة ويتابعها، وثالثة تشير إلى أن الموظف من يقتر ح حلاً، ويطلب موافقة المدير، والرابعة تشير إلى أن الموظف يعالج الأمر، ثم يخبر مديره عنه فيما بعد".
ويوضّح بليسكا أكثر بأنه حين يتوجه الأفراد إلى مشرفهم، يسأل المدير، "ما هو رقم المشكلة؟". وللحث على حس من الملكية، تشجّع شركة بلانتيرا الموظفين على اتخاذ "أربعة" من القرارات قدر الإمكان.


ـ اربط الأفراد بالموارد:
إن العمل على ربط المرؤوسين بالموارد التي يحتاجون إليها لحل المشكلة، سيساعد كذلك على تقليص عدد المرؤوسين الحاملين "للقرود" على عتبة باب مكتبك.
فكّر في الموارد بأفق واسع، حيث إن الأفراد، والأدوات، والمعلومات، وفرص التطوير، كلها قادرة على مساعدة الموظفين في جعلهم قادرين حل المشكلات بأنفسهم. و أن تخدم كموصل موارد يمكن أن يكون سهلاً بقدر قول "أنت بحاجة للتحدّث مع جو فيما يتعلق بأمور التسويق". وعلى سبيل المثال، تنصح هاثواي من شركة شينج أجينت الزبائن بالعمل على تقديم كتاب مرتب بصورة هجائية لأرقام الهواتف الداخلية حسب الدائرة والوظيفة، وليس بالاسم، لأن الموظفين الجدد لا يعرفون أحداً بعد، ولكنهم بحاجة إلى معرفة أين ينبغي عليهم التوجه بأنواع محددة من المشكلات.

* كاتبة في الشؤون التجارية في ماساشوستس.
- بيفرلي بيهان - 25/10/1428هـ
عندما تقبل دعوة مجلس إدارة، فإن الشركة ستنظم لك برنامج التوجيه. والمديرون الأكثر ذكاء يتأكدون من أنهم يتعلمون حقيقة ما يحتاجون إلى معرفته قبل أن يدخلوا قاعة اجتماعات مجلس الإدارة ويتقدمون بين الحين والآخر بطلبات محددة للمعلومات والاجتماعات والزيارات, إضافة إلى ما خططت الشركة له.
وفيما يلي بعض المجالات التي سترغب في التفكير فيها.

التكنولوجيا
تستخدم المصطلحات والحروف الأولى من الكلمات والكلمات الطنانة في العروض التي تقدم أمام مجلس الإدارة ويمكن لهذه الأمور أن تجعل المديرين الجدد في حالة إرباك وحيرة لكنهم يترددون في التساؤل عما تعنيه عندما يبدو كل شخص آخر فاهماً لها. ولتجنب هذه المشكلة اطلب سرداً قصيراً للمصطلحات الملائمة للشركة وصناعتها.

الاستراتيجية .. القضايا الرئيسية وكبار الناس

هذه هي أهم ثلاثة مجالات لكي يعرف عنها أي مدير جديد من البداية، وأفضل طريقة في أغلب الأحيان تتمثل في قضاء يومين في مقر الشركة، يلتقي بشكل فردي مع كبار التنفيذيين، بدءاً بالرئيس التنفيذي والمديرين الماليين والانتقال عبر المراتب العليا. وهذا يسمح لتنفيذيي الشركة أن يعرفوك قبل أن يبدأوا العمل معك في قاعة مجلس الإدارة، ويعطيك فرصة للتعلم عن الشركة في منبر تستطيع فيه أن تطرح بارتياح ما تسمى بالأسئلة البلهاء.

وعندما تكون قد قابلت الرئيس التنفيذي (والمدير المالي) خلال عملية توظيف المديرين، فإن هذه الجولة من الاجتماعات لها طابع مختلف جداً. فهذه الاجتماعات ترمي إلى تزويدك بفهم أعمق للقضايا الرئيسية المناسبة لشخص على وشك أن يأخذ مقعداً على طاولة مجلس الإدارة.

ويجب أن يكون أول اجتماع مع الرئيس التنفيذي لإعطائك نظرة عامة عن الشركة والقضايا الرئيسية التي يواجهها، ويدرج بشكل مثالي،"غوصاً عميقاً" في استراتيجية الشركة. ويمكن أن يكون أمراً مفيداً أن تسأله فيما إذا كان هناك وثيقة حديثة بالاستراتيجية فيمكنك أن تستعرضها قبل هذا الاجتماع أو بجعل الرئيس التنفيذي يستعرضها معك عندما تكونان معاً.

الاجتماع مع الرئيس التنفيذي يتيح فرصة لمعرفة كيف يتم وضع الأرقام معاً ولفهم المقاييس الرئيسية المستخدمة لقياس الأداء، وهنالك ممارسة مفيدة لهذا الاجتماع وهي جعل المدير المالي يستعرض معك آخر بيان مالي ربعي وإذا طلب منك أن تعمل في لجنة التدقيق، فإنها فكرة جيدة أن تقضي بعض الوقت مع المدققين الخارجيين.

خطط من البداية ليوم متابعة للاجتماعات مع الإدارة العليا على مدى ستة أو ثمانية شهور، وعندئذ، ستكون قد أمضيت ما يكفي إزاء منحنى التعلم لتطرح المزيد من الأسئلة المركزة.

زيارات المواقع

ترتب كثير من الشركات زيارات للمواقع للمديرين الجدد، وإذا لم يتم التخطيط لأي زيارة كجزء من تعريفك على مرافق الشركة، اطلب على الأقل، زيارة واحدة/ ومثال ذلك، إذا كان للشركة خطان رئيسيان للعمل، فقد ترغب في زيارة عملية واحدة في كل قطاع، وإذا كانت عمليات الشركة يمكن الوصول إليها بسهولة، مثل الحال في صناعة التجزئة يمكن لك أن تخطط لزياراتك للمواقع وذلك ببساطة بزيارة المتاجر، وقم أيضا بزيارة متاجر المنافسين الرئيسيين.

وهنالك كلمة تحذيرية إزاء زيارات المواقع: سيقوم الموظفون في بعض الأحيان بإثارة قضايا الميزانية أو الشكوى من سياسات الشركة خلال زيارتك، ووجد ثلاثة مديرين جدد خلال زيارة لمنجم، أنفسهم في هذا الوضع عندما شكا مدير المنجم من شطب توسع بمبلغ ثلاثة ملايين دولار من ميزانيته، وأخبره المديرون الجدد أن هذا، "بدا أنه غلطة" وعندما حلقت مروحيتهم كان مدير المنجم على الهاتف مع الرئيس التنفيذي يخبره أنه حصل على الدعم لميزانيته على مستوى مجلس الإدارة ولا حاجة إلى القول إن أعضاء المجلس الجدد – الذين كانوا على معرفة ضئيلة بالعوامل العديدة التي تؤخذ في قرار الميزانية – قوبلوا باستقبال بارد عندما عادوا إلى مقر الشركة.

وأفضل رد دائماً تقريباً هو الإيحاء بأنك ستنقل هذه الملاحظات إلى الرئيس التنفيذي، وأن تفعل ذلك.

معرفة ما يتعلق بمجلس الإدارة

تميل امتيازات اللجان وموجهات الإدارة والقوانين الفرعية إلى أن تكون لغة نمطية لكنها تظل جديرة بإعادة النظر فيها ، والأهم أن تطلب تقييم المجلس الأخير الذي يجب أن يوفر رؤية في كيفية تصور المجلس لمواطن قوته وضعفه، وهنالك وثيقة أخرى مضيئة وهي آخر تقييم للأداء من قبل الرئيس التنفيذي.
ستكون مقابلات استخدامك قد أتاحت لك فرصة للقاء بعض أعضاء المجلس، لكن ربما ليس جميعهم، حاول أن تقابل أكبر عدد من زملائك المديرين قبل أو بعد وقت قصير من أول اجتماع لك في المجلس، وابدأ بسؤال رئيس كل لجنة من لجان المجلس إذا كان بإمكانك أن تقضي ساعة معه- شخصياً أو على الهاتف – للتعجل في قضايا اللجان، وبالنسبة للآخرين الذين لا يرأسون لجاناً، حاول الاتصال بهم "للسلام" فقط واللقاء شخصياً، إذا كان ذلك مجدياً من ناحية جغرافية ويظهر قيامك بهذه المبادرة رغبتك في العمل معهم كزملاء وللتعرف عليهم كأشخاص ، وهو ما يمكن أن يكون مهماً عندما ينضم عضو جديد إلى فريق موجود.
إن هذا النوع من التعلم يستغرق وقتاً وجهداً وهو ما يمكن أن يكون قاسياً على برنامج مدير مشغول، لكن في بيئة الإدارة في هذه الأيام كلما تعلمت أكثر وأسرع كان ذلك أكثر أهمية، فأنت لن تستطيع فقط أن تسهم بشكل أسرع كعضو مجلس بل ستشعر بثقة أكبر في معرفة ما يجري فعلاً في الشركة التي وافقت على المساعدة في إدارتها.
- ليز ريان - 24/11/1428هـ
حدث قبل عشر سنوات لسبب لا أعرفه أنني كدت أنقسم إلى عدة قطع، ولم يكن باستطاعتي تذكر ما المواد التي تناولتها، أو شربتها بحيث سببت لي كل هذه البقع الحمراء المرعبة على جلدي. وطلبت في ذلك مشورة معلمتي ذات الصوت الحكيم، ونيفريد، ولكنها غمرتني ببرميل كامل من مسببات الحساسية.
وقالت إن جسمك يشبه البرميل، فكيف يمكننا أن نتحمل كل هذه الحساسية دون مشاكل؟ حين يمتلئ البرميل، فإن ما يحدث هو أنه إذا دخل أي عنصر كيماوي جديد على مادة التنظيف الجاف المعتادة، ودخلت على ملابسك الخارجية والداخلية، فإنك تبدأ بإحساس التمزق إلى قطع متباعدة. غير أن شيئاً واحداً لا يتسبب بكل ذلك في العادة، وإنما يتعلق الأمر بتراكم عدد من المواد السامة التي تعمل على امتلاء البرميل، بحيث يفيض على جوانبه في يوم ما.
ولدينا في إطار قيامنا بأعمالنا أمور يجب علينا إنجازها، وأناس لا بد أن نراهم، ومواعيد نهائية لا بد أن ننجز أمورنا بحلول أوقاتها. ونصرف كميات هائلة من الطاقة الفعلية والعاطفية خلال أدائنا لواجبات أعمالنا. وتكون بعض الأيام منتجة وباعثة على الثقة والتمكين، بينما تتصف أيام أخرى بدرجات من الإحباط والملل، أو القيام بأمور أقرب إلى الجنون. أما الأنباء الجيدة، فهي أن الطاقة المبذولة لا تذهب في اتجاه واحد، حيث يمكن لعملنا أن يملأ خزانات وقودنا بالسهولة ذاتها التي يمكنه فيها استنفاد ما فيها من مخزون وطاقة. وتمنحنا أمور بسيطة مثل الثناء، والصحبة، والتشجيع، الطاقة التي نحتاج إليها لكي نستمر في حياتنا.
ولتحاول دائماً أن تلاحظ كيف يمكن لاجتماع أو حدث في إطار عملك(كمناقشة لشؤون الميزانية على سبيل المثال)، أن يستنزف كل الطاقة المتوافرة لديك، بينما تمنحك نشاطات أخرى المزيد من النشاط والبهجة. ومن الجيد الانتباه إلى هذه الأمور الباعثة على زيادة الطاقة، وتلك التي تعمل على استنزافها من خلال أدائك لعملك. والحقيقة هي أنك لا يمكن أن تمضي في سباق بوجود خزان فارغ. وإذا كان عملك يستهلك من الوقود أكثر مما يمدك به، فإنك سوف تواجه حالة من نفاذ المخزون.

أوجد مجلساً متعقلاً

هنالك وسائل قليلة لإبقاء المؤشر بعيداً عن المنطقة الحمراء في خزان طاقتك, ومن بين تلك الوسائل أن تمضي معظم الوقت مع أولئك الذين يدعمونك. وإذا لم يكن رئيسك من بينهم، فابحث عن زميل يمكنه أن يشكل معك مجموعة عمل متضامنة. وقد يبدو الأمر تافهاً، ولكن وجود مستمع متعاطف يمثل مصدر طاقة حيوية حين تشعر بالإحباط، أو بعدم إمكانية التقدم في أداء مهامك. وحتى لو لم تكن من أولئك الذين يحسنون الحديث الحميم، أو تكوين الصداقات الطبيعية خلال العمل، فإنني أشجعك على الاستثمار في علاقة سوف تعمل على مساعدتك حين يقترب مؤشر طاقتك في يوم ما من المنطقة الحمراء.

وهنالك وسيلة أخرى لإدارة شؤون برميل خزانك من الجوانب العقلية والعاطفية أثناء أداء العمل، وهي من خلال تخطيط يومك العملي، بحيث تتجنب حدوث أسوأ الأمور حين تكون متعباً ومستعداً للعودة إلى بيتك. فإذا كانت لديك مهمة عمل شاقة لا بد من إنجازها، كمعركة مع مدير تكنولوجيا المعلومات حول مدى تعاون فريق العمل التقني العامل معك، فإن عليك عدم تأجيلها إلى موعد مغادرة العمل، بل اعمل على مواجهتها وأنت بكامل طاقتك العملية. وانظر إلى جدول إنجاز أعمالك من منظار امتلاء خزان طاقتك. فإذا كان موعد اجتماع مراجعة المبيعات هو الساعة الثالثة من بعد الظهر، فحاول أن تمنح نفسك بعض وقت الفراغ قبل أن تناقش كتيب المبيعات مع المحرر المختص. ومن الأمور المفيدة جعل وقت استراحة القهوة في الرابعة من بعد الظهر. ويمكن كذلك تجربة أي أمر تستمتع به، أو أن تفكر فيه كنشاط ممتع لفترة ما بعد العمل. وسوف تجد أن إدارة طاقتك العاطفية ليست بالأمر المريح فقط، بل إنها تعمل على زيادة فاعليتك العملية.

ادعم الآخرين من خلال دعمك لنفسك
حين يوجه الآخرون السؤال المعتاد: ما هو عملك؟ فإن الإجابة المعتادة يمكن أن تكون "إدارة المخاطر في بنك صغير"، أو "تصميم أنظمة تصوير الوثائق، أو "تدريب المقرضين الذين لا يسعون إلى الربح على مهارات الإدارة المالية". ولكن أياً من هذه الإجابات لا تمثل الجواب الصحيح. ويمكن أن تكون الإجابة "أحاول أن أخفف من صور الآخرين المبالغة في تقدير الذات حتى الساعة العاشرة صباحاً، وأتحدث مع رئيسي الهستيري حتى الظهر، وأعمل مع مسؤول الموارد البشرية حتى الثانية والنصف. وهم يطلقون على ذلك وصف إدارة المعرفة، ولكن هنالك من إدارة الناس ما يعادل على الأقل ما تفعله في إدارة المعرفة، بحيث تكون الآثار العاطفية هائلة. ومن المفروض أن يحصل بعضنا على علاوات خاصة مقابل إدارة حالات التوتر، والغضب، والانهيار، والمخاوف، والغيرة، والأوهام، والهجمات المتعلقة بالشعور بعدم الأمن من جانب أشخاص محيطين بنا. وإنك تسدي إلى نفسك معروفا إذا ما نظرت إلى عملك بعين تعمل على تعويض ما تفقده من طاقة بطريقة ميسرة، ويوماً بيوم، بل وحتى خلال قراءتك لهذه الكلمات، إذا لم أكن مخطئاً.
وإذا ما نفذ مخزونك من الطاقة في العمل، فليس من الضرورة أن تتمزق إلى قطع، إذ إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى احتراقك، وقيامك بأمور تندم عليها فيما بعد. وصدقني أن أحداً لن يقول "كان يعطي كل شيء للجميع منا، حتى أن المسكين انهار تماماً". ولم أسمع عن حدوث ذلك في أي شركة عرفتها. وعليك إذن أن تحسن إدارة ما تأخذه وما تخرجه من طاقة عاطفية، وأن تبقي على مخزونك مملوءاً بما يكفي لبلوغك نهاية خط السباق.
- فوريست إل راينهارت - 17/11/1428هـ
ما الشركات التي ستربح وما الشركات التي ستخسر، بينما تبدأ الحكومات والنشاطات العملية بأخذ التغيّر المناخي على محمل الجد؟ إن الميزانيات العمومية للشركات تزود بعض الأفكار: فبينما تصبح انبعاثات الغازات الضارة أكثر تكلفة، فإن القيمة النسبية لمثل تلك الأصول كالغاز الطبيعي الذي ينتج حجماً أقل من غاز ثاني أكسيد الكربون من الفحم حين يتم حرقه، سوف تزداد. ويمكن إيجاد أفكار أخرى في جهود الشركات الحالية التي تهدف إلى تقليص الانبعاثات: حيث إن قدرة الشركة على تحليل المقايضات المتأصلة في المبادرات مثل تقليص مسافات النقل الكلية سوف تصبح ثمينة إلى حدٍ كبير في عالم يتسم فيه حق إصدار الغازات الضارة، محدودة.
وفي النهاية، وعلى الرغم من ذلك، فإن النجاح في عالم مقيد فيه انبعاث الكربون، لن يتحدد بفعل تأثيرات الميزانيات العمومية قصيرة الأمد أو مبادرات الكفاءة، ولكن عن طريق الابتكار، والفطنة الإدارية، والقيادة. إن الشركات التي عملت على استغلال الفرص الكبرى في النطاقات الاقتصادية المتغيرة كانت من تلك الشركات ذات التصورات الجريئة حول المستقبل، وليس بالضرورة تلك التي بدت تمحور أصولها الثابتة على أفضل نحو للنجاح. خذ تويوتا ، ووول مارت مثلاً، حيث لم يخطر ببال أحد بمجرد النظر إلى الميزانيات العمومية لتويوتا في فترة الأربعينيات، أو الميزانيات العمومية لوول مارت في فترة الستينيات، أن من شأن تلك الشركتين أن تستفيدا بنجاح إلى ذلك الحد من العولمة.
إن الشركات التي ستبرز في المقدمة حين تكلّف الانبعاثات مالاً ستكون تلك الشركات التي تقوم بالخطوات الجريئة الآن في إعادة محورة الاستراتيجية، والعمليات بهدف استغلال الفرص، وتجنب المخاطر التي تزداد بفعل تصورات التغير المناخي. وإن أخذ خطوات جريئة لا يعني فقط اللحاق بما يوصف أحياناً بحلول "فوز جميع الأطراف"، مثل استثمارات المردود السريع في كفاءات الطاقة. فتلك خطوات تبدو ضرورية بصورة ملحوظة، ولكنها غير كافية بحد ذاتها. فالشركات بحاجة إلى اجتياز بلاغات فوز جميع الأطراف والتحرك نحو المقايضات الصعبة.
والعديد من الاستثمارات المتعلقة بالمناخ التي قد تقوم بها الشركات من الممكن ألا تجدي بذاتها إلى أن تقوم بعض الشركات الأخرى باستثمارات مكملة لها، حيث تحتاج السيارات التي تعمل بالوقود البديل إلى بنية تحتية لتزويد الوقود الإضافي. ولا تُعد المنشآت المتخصصة في تدفق الغاز الطبيعي بهدف نقله إلى ما وراء المحيطات ذات قيمة، إلا إذا وجدت محطات لتفريغ الشحن، وتحويله من جديد إلى غاز في النهاية. ولن تعمل الكثير من الاستثمارات التي تسعى إلى تقليص الكربون على تقديم أية جدوى للمساهمين إلى أن تتخذ الحكومات إجراءات تهدف إلى جعل الانبعاثات باهظة الثمن.
وعلى مدى قرون من الزمن، أدى صيد سمك القد من المحيط الأطلسي الشمالي في إطعام ملايين الناس، ولكن لم تكن هنالك حقوق ملكية تسيطر على قدرة الوصول إلى السمك في البحر، ولذلك لم يتعامل رجال الصيد مع الموارد على أنها نادرة. أما في بداية فترة التسعينيات، فانهار صيد السمك. فمنذ ذلك الحين أسست الحكومات أنظمة حساسة لتصاريح الصيد المتداولة التي يبدو على الأرجح أنها تمنع انقراض أنواع أخرى من السمك، ولكن من الواضح أنها جاءت متأخرة جداً في إحياء صيد سمك القد من جديد.

وتعد قدرة الهواء على امتصاص الانبعاثات الآن محدودة بالقدر نفسه، وبدقة أكثر لأننا لم نعتقد أن ذلك من الممكن أن يحدث فعلاً. إنه نظام ندّعي أن انبعاثات الكربون فيه لا تكلف شيئاً، وهو يقدم المعونات المالية على حساب أطفالنا لكل منتج ومستهلك للطاقة اليوم. ولكن لنحقق الفعالية حقاً، فإننا بحاجة إلى العمل على التخلص من تلك المعونات، وذلك يعني تسعير الكربون.
ولا بد لقادة النشاطات العملية أن يكونوا ذوي شجاعة كافية للمراهنة على المستقبل بعيد الأمد الذي سيفيد شركاتهم إلى أقصى حد، وذلك يعني المستقبل، حيث تقيّد فيه الحكومات بطرق شفافة ومعقولة التأثير البشري على المناخ. ويمكن للشركات أن تستثمر الآن، وأن تشارك في أنظمة التداول التجاري الداخلي التطوعية للشركات بهدف تطوير الخبرات فيها، والإثبات للحكومات، والمشرعين، وهيئة النشاطات العملية، إلى أي مدى يمكن أن تكون مثل تلك الأنظمة متماسكة. ويمكن للشركات أن تشكل جماعات ضغط على الحكومات بهدف تطبيق أنظمة حساسة تفرض ضريبة على انبعاثات الكربون، وسقفها الأعلى، وتشجع على التداول بأرصدة الكربون. وبالمراهنة على المستقبل الذي تريد، ستعمل الشركات على جعل ذلك المستقل أكثر مسؤولية.
ومن الممكن أن يتحدث رجال الأعمال الحذرون عن الفكرة التي تقول إن من الجدير بهم أن يبقوا على أنفسهم بعيدين عن كل ذلك، وفي بعض الأحيان، التصرف بطريقة أحادية الجانب فيما يتعلق بالتغير المناخي. ولكن على ما يبدو أنهم أصبحوا منكشفين فعلياً أمام كل ذلك، حيث إن الوضع الراهن لن يستمر. وإن القصور الذاتي، والزيادة، تعادلان كذلك مراهنات كبيرة (وخطرة)، وهي مراهنات تشير إلى أن المستقبل لن يكون مختلفاً كثيراً عن الحاضر.
وعقب الحرب العالمية الثانية، نصحت الشركات الأمريكية الشركات اليابانية بالتركيز على المنتجات مكثفة الجهد، ومتدنية القيمة التي قيل حينها إن اليابان تمتاز بها على غيرها من الدول. ولكن بدلاً من ذلك، استثمرت اليابان في إنتاج السلع المكثفة رأسمالياً ومرنة المردود مثل السيارات، والأدوات الإلكترونية، واثقة بأن عدداً كبيراً من المستهلكين سوف يصبحون في النهاية أثرياء إلى حدٍ يمكنهم من شراء تلك المنتجات. ولكن لو قامت الشركات بمراهنات خاطئة، لفشلت الاستراتيجية. ولو لم تتخذ خطوات جريئة نحو المستقبل الذي أرادته، لبقيت اليابان فقيرة بغض النظر عن شكل تطوّر الاقتصاد العالمي.
وأما الشركات التي من الممكن أن تجني مكاسب قصيرة الأمد من المعونات المالية، على سبيل المثال جراء الإيثانول المشتق من الذرة، أو الطاقة الكهربائية الناتجة عن طاقة الرياح، فسوف يغريها تشكيل جماعات الضغط لصالح تلك المكاسب، وبالتأكيد ستجد الحكومة دعم المعونات المالية أسهل من ناحية سياسية أكثر من فرض الضريبة على الانبعاثات، أو تأسيس نظام منطقي للتجارة والسقف الأعلى. ولكن لن تعمل المعونات المالية على إصلاح مشكلة المناخ، ولا أي نشاط عملي غير صحي، ولا دائم تجني فيه المعونات المالية المكاسب. وينبغي على قادة النشاطات التجارية أن تكون لديهم الرغبة في إيجاد نظام يعمل على تسعير حق توليد انبعاثات الكربون، وكأنه أي مورد نادر، ويمكّن الشركات من مجاراة النشاطات العملية المتسمة بالمنافسة.
- كريستينا بورتز - 24/11/1428هـ
أليسون سلاتر، المدير الاستراتيجي لمبادرة الإبلاغ العالمي، يتحدث عن كيف يعمل الكشف عن الانبعاثات الضارة على مساعدة الشركات.


إن الإبلاغ عن انبعاثات الكربون يُعتبر مشروعاً مجدياً، حيث يعمل على الكشف بصورة علنية عن المسؤوليات القانونية والمخاطر الكامنة التي تواجه عملك، وهو اختياري. إذن لماذا ينبغي القيام به؟ قمنا باستكشاف هذه المسألة ذلك مع أليسون سلاتر، وهو المدير الاستراتيجي في مبادرة الإبلاغ العالمي، وهي منظمة مقرها في أمستردام، عملت على تطوير الإطار الأوسع استخداماً لمبادئ الإبلاغ، وتوجيهات ومعايير الكشف عن الأداء البيئي، والاجتماعي، والاقتصادي.

لماذا ينبغي على النشاطات العملية أن تهتم بالإبلاغ الاختياري عن انبعاثات الكربون؟

من واجبات الثقة أن يتم طرح السؤال التالي على أية شركة؛ هل هذا الأمر مهم بالنسبة للمساهمين لدينا؟ أصبح اليوم من الصعب جداً بالنسبة لأية شركة أن تقول إن انبعاث الغازات الضارة ليس من الشؤون التي تهم المساهمين.

إذا كنت مزوداً لمتاجر وول مارت، فإن عليك أن تجيب على السؤال بالإيجاب. وإذا كنت تعمل في أعمال النفط والغاز، فعليك أن تردّ بالإيجاب. وإذا كنت شركة تبحث عن مدخل جيد للأسواق الرأسمالية، حيث تأخذ المزيد والمزيد من الشركات الاستثمارية الآن بعين الاعتبار تأثير التغير المناخي كجزء من ملف المخاطر للشركة، فعليك أن تردّ بالإيجاب.
بغض النظر عن قطاع العمل الذي تعمل فيه، فإن الكشف متوقع بصورة متزايدة، والفشل في الكشف يمكن أن يعرضك لأذى استراتيجي.
كيف تعمل عملية الإبلاغ على مساعدة الشركة في معالجة المخاطر المتعلقة بالمناخ؟

سرعان ما تلاحظ الشركة أن الإبلاغ لا يمكن أن يحدث من دون تطوير استراتيجي. فبينما تبدأ الشركات بعملية جمع التقرير: التحدث إلى المساهمين، وفحص جوهر النشاط العملي، عليها أن تتكاتف وتسأل، ما هي استراتيجياتنا المتعلقة بالتغير المناخي على أية حال؟ ما هو أسلوبنا بتدبر تلك المخاطرة؟
إن نظام تصنيف أي النشاطات التي يمكن أن تكون مادة للإبلاغ عنها وإلى أي عمق، وما هي البيانات التي ستُستخدم لتوثيق التقدم، يجبر الشركات على تكوين الاستراتيجيات. أما بالنسبة للشركات التي ارتبطت بالتغير المناخي، وبحاجة إلى اللحاق بالمنافسين الذين يتجرأون على الكشف، تُعتبر عملية الإبلاغ حافزاً لفتح حوار مع المساهمين فيما يتعلق بالمسألة.
وبالقدر نفسه من الأهمية، يخدم الإبلاغ كآلية مساءلة، فهو يسمح لأية شركة بالتعهد بالالتزامات، وتظهر من خلال الأداء أنها تقوم بما قالت إنها ستقوم به. وإذا كنت تفكر في دورة إدارة الشركات "خطط، افعل، تفحص، وتصرف"، فإن التقرير يزودنا بالتأكد: ها هي أهدافنا؛ ها هو نظامنا الذي نستخدمه في موقع العمل. والآن دعونا نرى كيفية تقدمنا، وأين تكمن الحاجة إلى التعديل.
ألا يعتبر الكشف عن مكامن المآزق المحتملة أمراً خطيراً؟
إن غريزة الشركات الطبيعية، التي رأيناها بصورة موسعة ، تسعى إلى تجنب الكشف العلني عن المخاطر الكامنة، سواء كانت انبعاثات الغازات الضارة، أو أي شيء آخر. ولكن كذلك رأينا كيف يعمل الإبلاغ عن توفير سبيل للتواصل يمكن للشركات عن طريقه أن تمركز نفسها بصورة فعالة، وبدقة، مع مساهميها، والمستثمرين، والزبائن، والمشرعين، إلى آخره.
ولا يمكنك أن تمر خلال مطار في أوروبا مثلاً دون أن ترى ملصقات شركة بريتيش بيتروليوم – BP، لحملتها التي تحمل شعار "ما وراء البترول – Beyond Petroleum ". وفي تلك المبادرة، تعتمد بريتيش بيتروليوم على حقائق صارمة من عمليتها للإبلاغ بينما تعمل على تشكيل مناظرة انبعاثات الكربون، وتمركز نفسها كرائدة في مجال مصادر الطاقة المتجددة. وهي تستخدم بيانات تقريرية، وتلك ليست بيانات مضللة، لتُظهر فطنتها كشركة لتبني المخاطر الظاهرة للعيان، ولتكون على أعلى مستوى لاستغلال الفرص الجديدة.

من وجهة نظر إدارية، ما الأهمية التي يجب أن تنطوي عليها المعلومات من عملية الإبلاغ؟
إنها مسؤولية رئيسية لمجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي لتحديد دلالات المخاطر المناخية المستقبلية لشركتهم، و (أ) الإبلاغ عنها، و (ب) وتخفيفها. إن الشركات ماهرة في تقييم أدائها المالي، ولكن العديد منها يخشى النظر في المرآة، ومواجهة المخاطر الكامنة التي يمكن أن تلحق الأذى بنشاطها العملي. ويريد المديرون أن يعرفوا أن الشركة ستبقى منافسة مع مرور الزمن بالقدر نفسه الذي هي عليه على المدى القصير. وذلك يتطلب النظر إلى ما هو أبعد من النتائج المالية.
وبالطبع يتيح الإبلاغ المالي لك فهم شريحة محددة من رأسمالية سوق فعلية للشركة. خذ شركة كوكاكولا على سبيل المثال: 20 في المائة من قيمتها السوقية يمكن أن تُعزى إلى قيمة سنداتها، وتلك هي أصولها الثابتة. ونحو 80 في المائة من قيمتها السوقية تُعزى إلى الأشياء غير الملموسة، مثل العلامة التجارية، والبحث والتطوير، وإدارة المخاطر، وقدرتها على التحديث في عالم معولم، ومحدود الموارد، وهي كل الأمور التي لا تدخل في البيان المالي. وإن التقرير المستدام يركز بالضبط على تلك المجالات التي لم تتمكن فيها النشاطات العملية من القيام بأداء جيد فيما يتعلق بالفهم والإدارة على نحوٍ تقليدي.
Top