بحوث جديدة لتطوير مفهوم التنوع القيادي
يقولون إنه ليس وقتاً سيئاً للاستثمار في القيادة، لكن هل ما زال هذا صحيحاً حتى خلال أسوأ تراجع اقتصادي منذ الركود الكبير؟ إن يونيلفر، الشركة العملاقة لإنتاج الأغذية والرعاية الصحية، تعتقد ذلك، وهي تستثمر أموالها فيما يعود عليها بالنفع.
وفي أوائل هذه السنة، قدمت يونيلفر ثلاثة ملايين يورو لتأسيس صندوق أبحاث لدراسة القيادة، وخصوصاً التنوع الجندري في القيادة، وهي قضية تثير قلقاً خاصاً لدى الشركة.
ويقول رئيس الموارد البشرية في يونيلفر، ساندي أوج:'' إذا استطعنا فقط أن نحل قضية التنوع الجندري في شركتنا فإن قضايا توفير المواهب ستقطع شوطاً طويلاً في اتجاه حلها، فهذا الاستثمار الاستراتيجي الكبير بالنسبة لنا يتعلق بنوعية وكمية توفير القيادة المتاحة لدينا''.
وفي حديثه في الحوار الختامي لقمة أوروبا القيادية التي عقدت عام 2009، قال أوج إن يونيلفر تستخدم ألف خريج في كل سنة، تشكل النساء 55 في المائة منهم، لكن تلك النسبة تتراجع في السنوات التالية إلى أن تشكل النساء 8 في المائة فقط من القيادة العليا، وهذه إحصائية تحير الشركة.
ويقول أوج: '' إن 80 في المائة من زبائننا هم من النساء وينبغي أن يكون هذا مكاناً ممتازاً تعمل النساء فيه، لذلك فإن هنالك شيئاً خاطئاً''.
لقد دأبت الشركة على العمل على حل القضية منذ عام 2004، عندما أصدرت أول تحذير بأرباحها خلال 75 سنة من العمل، ونتيجة لذلك، قررت يونيلفر أن عليها أن تغير، وكانت بطيئة جداً، وكانت أنظمتها وعملياتها معقدة جداً، وأعداد العاملين في إدارتها متضخمة، ومن بين إجراءات استراتيجية أخرى تم القيام بها، قلصت الشركة عدد كبار المديرين وانتقلت من ترتيب رئيس مجلس إدارة مشترك إلى رئيس تنفيذي واحد.
وأدخلت الشركة أيضا مجموعة جديدة من السلوكات تسمى ''معايير القيادة''، وضعت لتركيز الشركة على سلوكيات يمكن لها أن تدعم الاستراتيجية الجديدة، وهذه الاستراتيجيات شملت وجود عقلية عالمية وتوجه خارجي إضافة إلى التركيز على المواهب.
وفي الثمانية عشر شهرا الأولى من التغيير، غيرت الشركة 73 من كبار قادتها المائة، وفي الوقت الذي اكتمل فيه تفحص الشركة لذاتها، كانت قد سرّحت نصف قادتها الكبار الذين بلغ عددهم ألف قائد. ومنذ ذلك الحين قامت يونيلفر بعدة خطوات أخرى لزيادة التنوع القيادي، ومثال ذلك، ولأن التقدم في الشركة تطلب مستوى عالياً من التضحية، فإن الشركة تأخذ الآن في اعتبارها، الاعتبارات العائلية. وقلصت إلى درجة كبيرة من مقدار السفر الذي يستدعيه المديرون.
يقول أوج:'' قلنا إننا سنأخذ توجهاً كبيراً ضد السفر''.
إن يونيلفر، التي تقوم بعمليات ناشطة في 88 بلداً، قررت تقليص السفر بنسبة 50 في المائة في كل مرافق إدارتها، وهي تفعل هذا باستخدام التكنولوجيا المتطورة لعقد المؤتمرات عبر الهاتف المرئي، وفي العام الماضي، ركبت وحدات لعقد المؤتمرات عبر الهاتف المرئي في سبعة مواقع وفرضت سياسة إجبارية بعدم السفر في تلك المواقع، وبعد عقد نحو 600 اجتماع بهذه الطريقة، فإن الشركة وفرت خمسة ملايين دولار، حسبما يقول أوج، وكان هذا حافزاً كافياً لتوسيع البرنامج.
ويذكر أوج:'' قررنا الآن أن نستثمر في 50 وحدة إضافية لعقد المؤتمرات عبر الهاتف المرئي، و 50 وحدة أخرى في العام المقبل، ونحن نعتقد أن هذه أفضل طريقة لتخفيض التكاليف، ولكن أيضاً لجعل الناس يذهبون إلى بيوتهم في الليل، فنحن نريد أن يذهب الناس إلى بيوتهم، بل إننا نفكر في كيف يكون بإمكاننا أن نقوم بعملنا دون سفر''.
لكن تقليص السفر ليس كافياً، فقد طبقت الشركة أيضا مبادرة بعنوان'' واحدة أخرى''، والتي تشجع كبار قادة الفريق على إضافة امرأة أخرى إلى فريقهم في موقع قيادي، وهنا يقول أوج موضحاً:'' في القيادة العليا، فإن القضية تتمثل في أننا لا نختار النساء، لذلك قلنا لكبار القادة: عليكم خلال الثمانية عشر شهرا المقبلة أن تضعوا امرأة أخرى في فريقكم إلزاميا''.ورغم التحسن الذي أحدثته هذه الخطوات، يقول أوج إن يونيلفر لم تحقق أهدافها سوى جزئياً، ويقول:'' بذلنا كل ما في وسعنا من عام 2004، حتى نهاية عام 2008، لإعادة هيكلة الشركة لكن إذا أردنا أن نصف تقدمنا يمكنني القول إننا بذلنا كل ما في وسعنا فعلاً وفزنا بالميدالية البرونزية''.
ويضيف أوج: ''إذا نظرت إلى الطلب على القيادة في شركتنا بالنسبة للكم والنوعية، كما هو الحال الآن، فإن النوعية أفضل والكمية في تحسن. لكن بالنسبة للمعيار الذي يجعلنا نفوز بالميدالية الذهبية فإننا لا نملك الكمية أو النوعية''.
واليوم، يوجد لدى يونيلفر فريق جديد من كبار القادة بمن فيهم الرئيس التنفيذي الجديد بول بولمون، ولكنهم ليسوا قانعين بالميدالية البرونزية لكنهم مصممون على الفوز بتلك الميدالية الذهبية.
وانضم إلى أوج في الحوار، هيرمينيا ايبارا أستاذة القيادة والتعليم التي ترأس كورا في انسياد، ومديرة مبادرة القيادة التابعة لانسياد، كما أن ايبارا رئيسة اللجنة الاستشارية للتنوع الجندري التابعة لمبادرة التنوع الجندري لانسياد، والتي ستستخدم صندوق أبحاث يونيلفر لدراسة كيف يمكن للتنوع الجذري أن يدعم تحديات التنمية السيادية ليونيلفر.
وهي تقول:'' سوف نبدأ بالنظر إلى ذلك التجمع الحافل بالإمكانيات والذي حددنا معالمه، ننظر إلى الرجال والنساء وننظر إلى الاحتياجات لدى انتقال هذه المجموعة من الناس إلى دور قيادي استراتيجي جداً أو لم ينتقلوا، في عالم غير موثوق ومضطرب''.