عهد جديد للابتكارات هل يستغرق وقتا كثيرا؟

راحيلا زعفر يقول باول سافو، خبير التكنولوجيا، ومستشار الزبائن الخاصين والحكومات حول العالم، «إذا كنت فعلاً مصمماً على إيجاد الفكرة التالية الجديدة، بحيث تؤقّتها بشكل صحيح لتحقق فرقاً، فإن الأمر يستغرق في العادة نحو 20 عاماً من الاكتشاف، حتى الانطلاق». وهنالك درس تنبؤ واحد مهم تعلمه خلال مرحلة طفولته حين حذّر مربياً للماشية بأن عليك أبداً ألا تسيء فهم وجهة نظر واضحة على بعد مسافة قصيرة. وإن سبب تأخير 20 سنة هو أن الابتكارات الجديدة تستغرق وقتاً ليتم اعتناقها، وضمها إلى الروتين المعتاد عليه الناس. وإن سر النجاح هو أن تعرف كيف تفشل بالطريقة الصحيحة، كما يوضّح سافو، مستشهداً بمثال عن وادي السيلكون، حيث يقول إن جزءا كبيراً من نجاحه بُني على حصيلة إخفاقات سابقة. «وقد كان يفشل بصورة مستمرة طوال 20 عاماً، اخرج واحصل على أموال المشاريع وابدأ العمل، فبالتأكيد سيكون ذلك نجاحاً مضموناً»، كما يقول سافو. وفي فترة الخمسينيات من القرن الماضي، كان التلفزيون مثل شبكة الإنترنت اليوم، فقد كانت لدى رجال المشاريع الحرة مبالغ مالية صغيرة ولكن مع أفكار كبيرة. وتحول المجتمع من عصر المعلومات الاستهلاكية إلى خبرات وتجارب شخصية، وتشبيك عن طريق مواقع مثل فيس بوك، ويوتيوب، وماي سبيس، وويكيبيديا. ويضيف هذا البروفيسور في جامعة ستانفورد أننا الآن على طرف مستدق «لاقتصاد مولد». «وإن المبدعين هم حيوانات اقتصادية، حيث إنهم في مسار يومهم العادي، يولدون أموراً، ويستهلكون أخرى. وإن المؤشر الحقيقي على هذا هو جوجل؛ فمن الممكن أن يعتقد أحدهم أنه يستهلك شيئاً، ولكنه بالفعل يولد شيئاً له قيمة لشخص آخر». مجتمع آلي يقول سافو إن على المبتكرين أن يراقبوا «المؤشرات»، أو «تلك الاتجاهات الصغيرة المتدلية من المستقبل بحيث يمكن أن ترشدنا». وهو يتنبأ بأن الرجال الآليين يمثلون الموجة التالية، بالارتكاز على الابتكار المعروف برومبا، المكنسة التي تشبه الرجل الآلي المعروفة لدى كثير من الأسر. وهو يقول إن اليابان استهدفت تلك الابتكارات منذ عقود نظراً إلى أنها أدركت أن مجتمعها هرم. وكان الحل هو أن تحظى بمزيد من الأطفال، وجذب المهاجرين، أو ابتكار الرجال الآليين للقيام بالعمل. وفي عام 1992 عندما وظّفت عملاقة الاتصالات آيه تي آند تي – AT&T، أول مشغل للنظام الذي أدرك خمس كلمات، فإنه أنقذ الشركة بما يوازي 200 مليون دولار سنوياً من تكاليف الطاقم. «وحين ترى مؤشرا، انظر إلى عناقيد المؤشرات التي تأتي مع بعضها»، كما يقول سافو، مستشهداً بتنبؤ مستقبلي بأن نصف الأميال التي تقطعها المركبات في الولايات المتحدة سنوياً، سيتم قطعها في مرحلة معينة في المستقبل من قبل الرجال الآليين. ومن حيث الانكماش الاقتصادي اليوم، كما يقول سافو «إن هنالك كومة كاملة من الكسارات تولدت» ومن الممكن تحويلها إلى ابتكارات، طالما أن الناس ليسوا خائفين من الفشل. عصر علماء الأحياء يقول سافو إن جزءا من تحدي الابتكارات «يبحث عن أنماط منسجمة في دورة التاريخ لرؤية ما يمكن أن يكون إلى الأمام». وهو يستخدم مثالاً حول كيفية عمل الكيمياء، والمكتشفات في أواخر فترة 1800 هيأت مرحلة التطوير لتكنولوجيا جديدة. وفي أواخر فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حلت الفيزياء محل الكيمياء كمجال مهيمن في العلوم، ولكن حل محلها أيضاً مجال من الإلكترونيات التي بدأت في فترة الخمسينيات من القرن الماضي. واليوم، على الأرجح أن الأحياء هي المجال الذي سيحل محل تركز النشاط العملي الذي كان متمركزاً للغاية في مجال الإلكترونيات. وبينما يتنامى الاهتمام بالمجالات الحيوية مثل الجينات البشرية، والحمض النووي، يقول سافو إن الأمر لا يدور حول التكنولوجيا الحيوية، ولكن بالأحرى «التفكير الحيوي»، وهو استخدام الطبيعة كنوع من الإلهام للنظر إلى المنتجات بطريقة جديدة بالكامل. نجد مثلاً أن نايك وآبل، على سبيل المثال، اتحدتا معاً لابتكار حذاء رياضة يخبر جهاز الآي بود بما يشغله، بالارتكاز على حساسات تتابع أداء اللاعب. وبينما يدمج المهندسون وعلماء الأحياء الأفكار، تستمر ابتكارات أكثر شخصية في الظهور. قوة المجموعات الاجتماعية ويوضّح الرئيس المؤسس لمجلس إدارة العلوم في سامسونج الأمر بقوله: «لأن ابتكاراتنا تتم على نطاق واسع، ومن ثورات اجتماعية، أو اضطراب سياسي، أو تحول عملي، أو تحول في مواقف الزبائن، أو أية ظروف بيئية ضخمة، فإن التحدي فعلاً هو كيف تأخذ فكرة بسيطة، وتربطها بروح العصر، بحيث تنطلق عملياً». وعلى الرغم من أن الابتكارات تواجه التحديات من قبل الكساد الاقتصادي، فلا توجد حجة لوقف الطاقة المبدعة. «إن شكوكنا هي صديقتنا في هذا الوقت»، كما يقول سافو. «ومن هذه الشكوك تأتي الفرصة، ويتم ذلك، إذا ما جلسنا بعيداً، وحصلنا على سياق لرؤية الفرصة». * تحدث باول سافو في الآونة الأخيرة في منتدى الابتكار العالمي الذي عُقد في مدينة نيويورك.
Top