إن رجال الأعمال المغامرين سلالة نادرة لأنهم يواجهون عدداً لا يحصى من العوائق. غير أن هناك خطأ جوهرياً واحداً في النظام يجعل الأمر أكثر صعوبة لهؤلاء في تحقيق أحلامهم.
وفقاً لجو تابيت، الشريك المدير لميلكوين تشاسين آند سي Melcion, Chassagne & Cie، وهي مجموعة من كبار مستشاري الأعمال الدوليين المكرسين لمساعدة رجال الأعمال، فإن العديد من رجال الأعمال الذين لديهم حوافز عالية سيعانون المشكلات لدى العمل مع مستثمرين مؤسسين – وهو أمر يعمل ضد الأهداف المرجوة منه، لأن هؤلاء المستثمرين ينظر إليهم في العادة على أنهم ممولون رئيسيون.
إن رجال الأعمال متعطشون لتأسيس الشركات، ولكن أيضاً هناك حاجة ماسة لكي يكونوا مرنين، ويسيطروا على مصيرهم. وهذا بطبيعة الحال يولد توترات مع المستثمرين الذين هم بحاجة إلى إمكانية التوقع والمساءلة، الأمر الذي يولد المشكلات في الغالب.
وقال تابيت على هامش منتدى المشاريع الاستثمارية العالمي الذي انعقد في الآونة الأخيرة في الحرم الأوروبي لكلية انسياد، في فونتنبلو: ''لا يدرك معظم المستثمرين أن هناك انفصالاً بين المستثمرين ورجال الأعمال، وينتهي الأمر بهم وهم يتقاتلون مع رجال الأعمال، ويقولون إن من المستحيل السيطرة عليهم، الأمر الذي ينتج عنه تدمير القيمة للجميع. ونحن نعتقد أن هناك تنافراً فلسفياً وثقافياً بادئ ذي بدء''. وتابيت هو أيضاً مؤلف كتاب Hors Piste ، وهو كتاب يدحض العديد من الخرافات حول كون المرء رجل أعمال.
على سبيل المثال، يعتقد تابيت أنه يجب على رجال الأعمال ألا يكونوا مهووسين بزيادة رأس المال من رأسماليي المشاريع الاستثمارية المحتملين. وبدلاً من ذلك، فإن نصيحته تتمثل في تفادي الإفراط في تمويل الشركة منذ البداية، لأن ذلك بمثابة وصفة لحدوث كارثة. ووفقاً لدراسة أجرتها هارفارد حول مؤشر إينك لأفضل 500 شركة Inc. 500 (الشركات سريعة النمو التي تصنفها مجلة إينك)، فإن أقل من 5 في المائة من الشركات زادت التمويل عن طريق رأسماليي المشاريع الاستثمارية، ولدى نسبة 67 في المائة منها أقل من 50 ألف دولار على شكل رأسمال. وينبغي على رجال الأعمال البحث عن مصادر تمويل بالمعنى الأوسع نطاقاً بكثير، وطرق مصادر أخرى، مثل الزبائن أو الموردين، قبل التنازل عن أي حقوق ملكية.
''إذا نظرت إلى نموذج رأسماليي المشاريع الاستثمارية من وجهة نظر رجل الأعمال، فإنه يبدو أشبه بالمجازفة، وإن الفرصة لكي يحقق رجل الأعمال الفرد الأرباح حالما يدخل لعبة رأسماليي المشاريع الاستثمارية متدنية على الأرجح، مثل الفوز باليانصيب. ''
''لقد لاحظنا أن العديد من رجال الأعمال يتم طردهم خارج شركاتهم الخاصة في العام الذي يلي جولة استثمار كبيرة، ومن شأن ذلك كله أن يجعل الفرصة لرجل الأعمال الفرد للنجاح في تلك اللعبة ضئيلة للغاية. وفي حالات عديدة، فإن الأمر أشبه إلى حد كبير بلعبة الروليت الروسية... ففي أغلب الأحيان يقضي المستثمرون على رجال الأعمال بسبب هذا التنافر''.
هناك خرافة أخرى يدحضها، تابيت وهي ميزة المتحرك الأول. ويقول مورداً إي باي e-Bay وجوجل Google كمثالين لشركات لم تكن الأولى التي تتحرك في مجالها، ومع ذلك كانت قادرة على تحقيق نجاح استثنائي على الرغم من عدم كونها ''جديدة'' بالمثل.
كما أنه يكيل الثناء لشركة سواتش Swatch التي يقول إنها لم تكن مبتكرة إلى هذا الحد من منظور إنتاجي محض، بل إنها عدلت الصيغة فقط، وجعلت ساعات اليد المصنوعة من البلاستيك الملون موضة منتشرة للغاية.
ويوضح تابيت: ''إنني شخصياً أميل إلى فكرة العمالقة الصغار، وهم تلك الشركات التي تحدد سوقاً مناسبة، وتؤمن مكانها في نظامها البيئي، وذلك يشبه إلى حد كبير مفهوم استراتيجية المحيط الأزرق – حيث لا تريد أن تكون في المكان ذاته الذي يوجد فيه الآخرون''.
وتتمثل نصيحة تابيت في إيجاد سوق مناسبة، والتركيز على الزبائن. ويقول: ''أعتقد شخصياً أنه كلما زاد فهمك لزبائنك ونظامك البيئي، زاد احتمال نجاحك كشركة جديدة''.
ويضيف قائلاً: ''إذا كان لديك الأشخاص المناسبون الذين يملكون الذهنية المناسبة، وأذكياء بما يكفي، ومنفتحين على التكيف وفق احتياجات السوق، فإنك ستحصل على حلول تولد العوائد بشكل أسرع. وهذه بالضبط هي الطريقة التي تحصل بها الشركات على ميزة تفوق الشركات الأكبر''.
في حقيقة الأمر، يقول تابيت إن شركته لاحظت وجود علاقة بين الشركات التي ليس لديها تمويل عن طريق رأسماليي المشاريع الاستثمارية، والمستويات الأعلى من الإبداع. ويقول: ''إنها تعمل جاهدة، ولكن ينتهي بها الأمر وهي تكتشف حلولاً أفضل، وأقوى، وأكثر استدامة، من الشركات التي تحصل على التمويل... وبحسب رأيي الشخصي، فإن الميزة التنافسية الحقيقية التي يجب على رجال الأعمال امتلاكها للوصول إلى النجاح هي التركيز على ما لا تستطيع النقود شراءه، وبغض النظر عما يمكن للنقود شراءه، فإنه سلعة''. في حين أنه لا يعارض فكرة انضمام رجال الأعمال إلى مستثمرين خارجيين، إلا أنه يقول إنه من المهم أن يفهم الطرفان نقاط قوة وضعف كل منهما - وأن يتوقعا الصراع.
إن رأسماليي المشاريع الاستثمارية، على سبيل المثال، مناسبون للغاية في الاستثمار في الابتكار والشركات سريعة النمو، وما عليهم إدراكه هو أنهم ليسوا دائماً على الجانب ذاته الذي يقف عنه رجال الأعمال.
أما رجال الأعمال من الناحية الأخرى، فإنهم مناسبون للغاية في تأسيس الشركات. ولكنهم سيئون للغاية في إتقان لعبة الرأسمالي. ويقول تابيت إن هناك جانباً واحداً من دورة حياتهم لا يستطيعون إدارته جيداً: ''إن عدداً قليلاً للغاية من رجال الأعمال يمكنهم إدارة خروجهم الشخصي من الشركة وتوقعه. وأولئك الذين لا يفعلون ذلك- فإنهم لسوء الحظ، وفي معظم الحالات، يرون الأمر يحدث لهم دون أن تكون لهم سيطرة عليه بعد ذلك.''