بدأ تطبيق الفكرة من مجلة Business Harvard حيث شرع المحررون في اختيار عدد من قادة النشاطات العملية في العالم، وتوجيه الأسئلة لهم حول أهم الخصائص التي يجب توافرها في قائد العمل حتى يتمكن من إدارة الموظفين بصورة فعالة. وجاء الدور على سيرجي بتروف وهو مؤسس ومالك كبرى شركات استيراد السيارات في روسيا وكان السؤال: متى أدركت أن لديك الجهاز الوظيفي الذي يناسب العمل؟. وهل الرؤية بعيدة المدى هي العنصر الأساسي في القيادة أم أنها الجرأة في العمل أم أن الأمر يتعلق بصورة أكثر بالعواطف، والفطرة السليمة، والتواضع؟
بدأ بتروف في الحديث مسترجعا أولى خطواته العملية التي بدأت في السلك العسكري، حيث تقلد رتبة رائد في القوات المسلحة السوفياتية في ذلك الحين وهو لم يتعد السادسة والعشرين من العمر. ويقول بتروف: "كان الناس يظنون أنني كنت مستفيداً من النظام السوفياتي السابق، ولكنني كنت أكرهه في الحقيقة". ويستطرد بتروف قائلا:" في عام 1982، بدأت حركة العمال في بولندا واندلعت الاضطرابات بقيادة حركة تضامن، وأدركت أنا ومجموعة من زملائي أن التغيير قادم، وبدأنا بعقد اجتماعات منتظمة لدراسة اقتصاديات السوق وتاريخ الديمقراطيات الغربية، وتحليل أخطاء النظام السوفياتي، والحديث عن مستقبل روسيا. لقد شعرنا بأهمية الحاجة إلى برامج تدريبية للناس الذين يمكن أن يقودوا حركة النقابات العمالية. وشرعنا في طباعة منشورات علم بها جهاز المخابرات الروسية . لقد كنا في الحقيقة أمام خيارين، فإما أن تسكت وتقول إن الأمور على ما يرام، أو تلجأ إلى المقاومة".
ويواصل بتروف الحديث قائلا: "حين تم استجوابي للمرة الأولى سألني رئيس الإدارة العسكرية في منطقة نهر الفولجا إن كنت أريد حقا إقامة ديمقراطية في روسيا. وقال لي يكفي أن أصطحبك لأقرب مصنع وأقول للعمال إن هذا الرجل يريد أن يقلب حياتكم على الطريقة الأمريكية، حينها سيتولون تمزيقك إربا.." .. "لقد فكرت أنه من الأسلم لي ولحياتي أن أذهب إلى بيتي، وشعرت أن ذلك الجنرال كان على حق.."
"لقد وجدت أنه من الصعب على الناس رؤية نظام يشكلون هم جزءا منه. وربما تكون هذه هي مهمة القائد. ويعود الأمر إلى السبب ذاته في إخفاق الناس في إدراك كيف تكون عقليتهم الخاصة بمثابة عائقٍ أمام تقدمهم".
"أدركت حين أسست شركتي الخاصة في التسعينيات أن توجهات العديد من زملائي الروس كانت تؤدي إلى مخاطر لم يكونوا يتوقعونها. لقد واجهنا أواخر عام 2002 مشكلة مالية حيث كان يجب علينا دفع مبالغ كبيرة لشركة إنشاءات نمساوية أنجزت أحد المشروعات لحسابنا. ولم تتوافر لدينا السيولة اللازمة لذلك. وصادف أن حدث تغيير كبير في قواعد الجمارك الروسية، بحيث زاد الطلب على السيارات بشدة. وأدركنا أن بالإمكان استيراد كميات كبيرة من السيارات. وحين سألت المدير المالي للشركة عن إمكاناتنا في تحقيق ذلك قال إن الأمر ممكن إذا أخرنا الدفعة المالية للشركة النمساوية. وقررت أن أطلب مهلة تمتد إلى شهر كامل، إلا أن سير الأمور التفاوضية في قطاع استيراد السيارات تسبب في تأخير السداد للشركة النمساوية لمدة ثلاثة أشهر إضافية..".
كان الأمر بالنسبة لمديري المالي لا يتعدى دفع غرامة مالية بسيطة وكان يتساءل بصدق "وماذا في ذلك؟" ولم يكن يدرك أن ما فعله يعتبر أمراً خطيراً في الدول الأخرى، بعدها اتخذت القرار ... لقد استدعيته وأفهمته أنني أحبه وأقدر إخلاصه لكنني سأسند المهام المالية إلى رجل آخر يستطيع أن يفهم ويتعامل مع عقلية الناس في النشاطات العملية في الغرب. وتعاقدت بالفعل مع مات دونللي الأيرلندي الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركتي.
لقد كنا على حق في الحفاظ وتأكيد أهمية سمعة ومصداقية الشركة، واستطعنا الحصول على قرض بشروط تفضيلية بقيمة 350 مليون دولار من جانب تجمع لعدد من البنوك الغربية، مما خفف عنا التكلفة البديلة التي كانت سوف تنجم عن محاولة الحصول على مثل ذلك المبلغ من مصادر روسية.
وكان علي خلال السنوات التالية أن أدافع عن الأجانب الذين استجلبتهم للعمل في الشركة، فقد كان الموظفون الروس يتعجبون ويستغربون من وجود أجنبي مسؤول عنهم في الوقت الذي يتحدث فيه باللغة الروسية بصورة ركيكة. ويحس الروس بغرابة الأمر حين يستعجل المديرون الأجانب في تطبيق القواعد الغربية المتعلقة باستثمار الموارد البشرية، والتقنيات المتقدمة. ووجدت أن علينا توفير التحديات لمفاهيمنا المحلية. وكنت أقول للروسي الذي يتذمر من العمل مع هؤلاء الأجانب "إما أن تعمل بهدوء، وإما تترك العمل".
وأدركت تماماً الفرق بين إدارة شركة بقيمة عشرة ملايين دولار، وأخرى تتعامل بالمليارات، حيث تبرز الحاجة إلى أسلوبٍ جديدٍ تماماً. ولا يستطيع الجميع إدراك ماهية عملية التغيير المطلوب. وأبدى الناس ضيقاً حين أدركت ذلك، وبدأت في إدخال التغييرات الإدارية. وكثيراً ما كانوا يسألونني عن أسباب تلك التغييرات طالما أن كل الأمور تسير على ما يرام. ولم يحدث أي تراجع في أرقام العوائد، ولكنك كإداري لا تستطيع أن تقف مكتوف الأيدي حتى يحدث ذلك.
بدأ بتروف في الحديث مسترجعا أولى خطواته العملية التي بدأت في السلك العسكري، حيث تقلد رتبة رائد في القوات المسلحة السوفياتية في ذلك الحين وهو لم يتعد السادسة والعشرين من العمر. ويقول بتروف: "كان الناس يظنون أنني كنت مستفيداً من النظام السوفياتي السابق، ولكنني كنت أكرهه في الحقيقة". ويستطرد بتروف قائلا:" في عام 1982، بدأت حركة العمال في بولندا واندلعت الاضطرابات بقيادة حركة تضامن، وأدركت أنا ومجموعة من زملائي أن التغيير قادم، وبدأنا بعقد اجتماعات منتظمة لدراسة اقتصاديات السوق وتاريخ الديمقراطيات الغربية، وتحليل أخطاء النظام السوفياتي، والحديث عن مستقبل روسيا. لقد شعرنا بأهمية الحاجة إلى برامج تدريبية للناس الذين يمكن أن يقودوا حركة النقابات العمالية. وشرعنا في طباعة منشورات علم بها جهاز المخابرات الروسية . لقد كنا في الحقيقة أمام خيارين، فإما أن تسكت وتقول إن الأمور على ما يرام، أو تلجأ إلى المقاومة".
ويواصل بتروف الحديث قائلا: "حين تم استجوابي للمرة الأولى سألني رئيس الإدارة العسكرية في منطقة نهر الفولجا إن كنت أريد حقا إقامة ديمقراطية في روسيا. وقال لي يكفي أن أصطحبك لأقرب مصنع وأقول للعمال إن هذا الرجل يريد أن يقلب حياتكم على الطريقة الأمريكية، حينها سيتولون تمزيقك إربا.." .. "لقد فكرت أنه من الأسلم لي ولحياتي أن أذهب إلى بيتي، وشعرت أن ذلك الجنرال كان على حق.."
"لقد وجدت أنه من الصعب على الناس رؤية نظام يشكلون هم جزءا منه. وربما تكون هذه هي مهمة القائد. ويعود الأمر إلى السبب ذاته في إخفاق الناس في إدراك كيف تكون عقليتهم الخاصة بمثابة عائقٍ أمام تقدمهم".
"أدركت حين أسست شركتي الخاصة في التسعينيات أن توجهات العديد من زملائي الروس كانت تؤدي إلى مخاطر لم يكونوا يتوقعونها. لقد واجهنا أواخر عام 2002 مشكلة مالية حيث كان يجب علينا دفع مبالغ كبيرة لشركة إنشاءات نمساوية أنجزت أحد المشروعات لحسابنا. ولم تتوافر لدينا السيولة اللازمة لذلك. وصادف أن حدث تغيير كبير في قواعد الجمارك الروسية، بحيث زاد الطلب على السيارات بشدة. وأدركنا أن بالإمكان استيراد كميات كبيرة من السيارات. وحين سألت المدير المالي للشركة عن إمكاناتنا في تحقيق ذلك قال إن الأمر ممكن إذا أخرنا الدفعة المالية للشركة النمساوية. وقررت أن أطلب مهلة تمتد إلى شهر كامل، إلا أن سير الأمور التفاوضية في قطاع استيراد السيارات تسبب في تأخير السداد للشركة النمساوية لمدة ثلاثة أشهر إضافية..".
كان الأمر بالنسبة لمديري المالي لا يتعدى دفع غرامة مالية بسيطة وكان يتساءل بصدق "وماذا في ذلك؟" ولم يكن يدرك أن ما فعله يعتبر أمراً خطيراً في الدول الأخرى، بعدها اتخذت القرار ... لقد استدعيته وأفهمته أنني أحبه وأقدر إخلاصه لكنني سأسند المهام المالية إلى رجل آخر يستطيع أن يفهم ويتعامل مع عقلية الناس في النشاطات العملية في الغرب. وتعاقدت بالفعل مع مات دونللي الأيرلندي الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركتي.
لقد كنا على حق في الحفاظ وتأكيد أهمية سمعة ومصداقية الشركة، واستطعنا الحصول على قرض بشروط تفضيلية بقيمة 350 مليون دولار من جانب تجمع لعدد من البنوك الغربية، مما خفف عنا التكلفة البديلة التي كانت سوف تنجم عن محاولة الحصول على مثل ذلك المبلغ من مصادر روسية.
وكان علي خلال السنوات التالية أن أدافع عن الأجانب الذين استجلبتهم للعمل في الشركة، فقد كان الموظفون الروس يتعجبون ويستغربون من وجود أجنبي مسؤول عنهم في الوقت الذي يتحدث فيه باللغة الروسية بصورة ركيكة. ويحس الروس بغرابة الأمر حين يستعجل المديرون الأجانب في تطبيق القواعد الغربية المتعلقة باستثمار الموارد البشرية، والتقنيات المتقدمة. ووجدت أن علينا توفير التحديات لمفاهيمنا المحلية. وكنت أقول للروسي الذي يتذمر من العمل مع هؤلاء الأجانب "إما أن تعمل بهدوء، وإما تترك العمل".
وأدركت تماماً الفرق بين إدارة شركة بقيمة عشرة ملايين دولار، وأخرى تتعامل بالمليارات، حيث تبرز الحاجة إلى أسلوبٍ جديدٍ تماماً. ولا يستطيع الجميع إدراك ماهية عملية التغيير المطلوب. وأبدى الناس ضيقاً حين أدركت ذلك، وبدأت في إدخال التغييرات الإدارية. وكثيراً ما كانوا يسألونني عن أسباب تلك التغييرات طالما أن كل الأمور تسير على ما يرام. ولم يحدث أي تراجع في أرقام العوائد، ولكنك كإداري لا تستطيع أن تقف مكتوف الأيدي حتى يحدث ذلك.