اقتصاد العالم لم يعد راغبا في الدولار وسيبحث
إن العمليات المتصلة بتعطل الازدهار الاقتصادي تدور عادة حول الائتمان، وتشتمل دوماً على نوع من الانحياز أو الفهم الخاطئ ـ الإخفاق عادة في التعرف على صلة تلقائية غير مباشرة بين الاستعداد للإقراض وقيمة الضمانة الإضافية. وتشكل أزمة الإسكان الأخيرة في الولايات المتحدة نموذجاً مثالياً لهذا. بيد أن فترة الازدهار الخارقة التي دامت 60 عاماً تشكل حالة أكثر تعقيداً. فكلما تعرض التوسع الائتماني للمتاعب، كانت السلطات المالية تتدخل، فتضخ السيولة إلى السوق وتبحث عن وسائل أخرى لحفز الاقتصاد. ولقد أدى هذا إلى إيجاد نظام من الحوافز غير المتوازنة ـ التي تعرف أيضاً بالخطر الأخلاقي ـ التي شجعت على المزيد والمزيد من التوسع الائتماني. ولقد كان ذلك النظام ناجحاً إلى الحد الذي جعل الناس يصدقون ما أطلق عليه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان "سحر السوق"، الذي أطلق عليه أنا "أصولية السوق".
يعتقد الأصوليون أن الأسواق تميل نحو التوازن وأن أفضل وسيلة لخدمة المصلحة العامة تتلخص في السماح للمشاركين في السوق بملاحقة مصالحهم الخاصة. وهذا مفهوم خاطئ بشكل واضح، لأن التدخل من جانب السلطات هو الذي منع أسواق المال من الانهيار، وليس الأسواق ذاتها. ورغم ذلك فقد نشأت أصولية السوق باعتبارها الأيديولوجية المسيطرة طيلة ثمانينيات القرن العشرين، حين بدأت أسواق المال في التحول نحو العولمة، وحين بدأ عجز الحساب الجاري للولايات المتحدة في التراكم. فمنذ عام 1980 أصبحت القوانين التنظيمية في استرخاء متزايد إلى أن تلاشت عملياً.
سمحت العولمة للولايات المتحدة بامتصاص مدخرات بقية العالم والاستهلاك بمعدلات تتجاوز حجم إنتاجها، حتى بلغ عجز حسابها الجاري 6.2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2006. وشجعت أسواق المال المستهلكين على الاقتراض بتقديم أدوات جديدة متزايدة التعقيد وشروط أكثر سخاءً. ولقد ساعدت السلطات هذه العملية وحرضت عليها بالتدخل كلما تعرض النظام المالي العالمي للخطر. ثم أفلت زمام الازدهار الاقتصادي الخارق حين أصبحت المنتجات المالية الجديدة أكثر تعقيداً من أن تتمكن السلطات من حساب المجازفات المرتبطة بها والمخاطر المترتبة عليها فاضطرت إلى البدء في الاعتماد على أساليب إدارة المجازفة التي تنتهجها البنوك ذاتها. وعلى نحو مماثل، اعتمدت الهيئات المسؤولة عن التسعير على المعلومات المقدمة من جانب مبتكري هذه المنتجات المالية الاصطناعية. وكان في ذلك إهمال شديد للمسؤولية.