شخص كثير التقلب بين الوظائف... كيف تقيمه؟

قد تكون السيرة الذاتية مضللة بحد ذاتها فلا تقف عندها أو تحرم المرشح من المقابلة إذا وجدت أنه عمل في ثلاث وظائف مختلفة خلال عامين، فقد يكون لديه
أسباب وجيهة

بريسيلا كلامان – هارفارد بزنس ريفيو:

لن تعثر على مدير يرغب في توظيف شخص قد يدير ظهره ويقدم استقالته بعد عام من العمل. فما هي سمات المرشح الذي سيطول بقاؤه معك حال توظيفه؟ وكيف تتأكد من ذلك وخاصةً إن كانت سيرته المهنية حافلة بالتقلب بين الوظائف؟

لا تقف عند ظواهر الأمور. قد تكون السيرة الذاتية مضللة بحد ذاتها فلا تقف عندها أو تحرم المرشح من المقابلة إذا وجدت أنه عمل في ثلاث وظائف مختلفة خلال عامين، فقد يكون لديه أسباب وجيهة. فمثلاُ إذا كنت تطالع سيرة متخرج جديد، فقد يخطيء ويسرد جميع فترات تدريبه العملي تحت خانة “الوظائف” التي تقلدها (أنصح بوضع تلك الفترات تحت خانة “التعليم” أو جمعها في خانة مستقلة تسمى “التدريب العملي”).

للوهلة الأولى سيبدو المرشح وكأنه مكثرٌ من التقلب بين الوظائف في حين أنه في واقع الأمر مدمن عمل. فإحراز 3.7/4 كمعدل تراكمي في دراسته الجامعية والجمع بينها وبين التدرّب في شركة قبل التخرج إضافة إلى عمله نادلاً بدوام جزئي يشي بأن هذا الشخص هو من قد ترغب بتوظيفه لديك. فهو من النوع القادر على الجمع بنجاح بين عدد من المسؤوليات.

كما يجدر التنبه إلى الأعوام التي حصلت فيها تلك التنقلات. فما بين عامي 2007 و2010 قامت الكثير من المؤسسات المالية بتسريح أفواج هائلة من كوادرها الوظيفية ما تسبّب بموجات تسريح مشابهة في جميع القطاعات من البناء، إلى التعليم، والشرطة، والقضاء، والتمريض وسواها. وبالتالي فحين تتفحص السير الذاتية لأشخاص أكثروا من التنقل خلال هذه السنوات، يحسُن بك محاولة التعرف على ما فعلوه لإعادة بناء مساراتهم الوظيفية، وذلك بدلاً من التركيز على فترات انقطاعهم عن العمل أو ما مارسوه من وظائف قصيرة الأمد. وهي طريقة سوية لكشف معادن الناس.

وعند المقابلة، اسأل عن التفاصيل. ابدأ بأول منصب شغله المرشح صعوداً إلى آخر عمل لديه. واطرح سؤالين حول كل وظيفة: لماذا تركت هذا العمل، وما الذي دفعك لتسلم عملك التالي؟ واختم بالاستفسار عن منصبه الحالي وطموحه في الموقع الجديد الذي ينوي الانتقال إليه.

أنصِت إلى الأسباب والدوافع. هل تراه يتناول الأمور بشكل سلبي باستمرار (مكان عمله، رؤساؤه، أو زملاؤه في العمل)؟ هل يدوام على تغيير وظيفته طمعاً في راتبٍ أعلى؟ أو ربما سعياً وراء مزيدٍ من المسؤوليات؟ وبمجرد إدراكك الدوافع أو الأسباب التي أدت إلى تغييره لوظيفته، عليك أن تسأل نفسك: “ما الذي يعنيه ذلك لي ولفريق عملي؟”

وبرأيي، فإن الموقف السلبي أو الاشتكاء الدائم من الرؤساء أو الزملاء أو الزبائن هو علامة تحذير أكيدة يجب التنبه لها، سواء كان المرشح من مكثري التنقل أم لا. أما في حالة الباحث عن الزيادة في الأجر أو المسؤوليات، فذلك يعتمد على الوظيفة التي يتقدم لها المرشح وما تستطيع الشركة تقديمه في هذا الإطار. فإذا كانت شركتك قادرة على المضي في ترقية هذا الشخص أو مكافأته باستمرار، فقد تكون وقعت على مبتغاك.

لكن ما العمل إذا ظل القلق يساورك حول تركها العمل بعد فترة قصيرة نسبياً من تسلمها؟ اطلب من المرشحة الالتزام لمدة معقولة من الزمن مع الشركة، وهو أسلوب ناجع في معظم الأحيان. بوسعك التعبير عن مرادك بعبارات مشابهة للتالي:

“أنت من أفضل المرشحين للانضمام إلى فريقي في العمل، غير أني قلق فيما يخص عدد الوظائف التي تقلدتها في السنوات القليلة الماضية. ونحن نتطلع إلى توظيف عضو جديد بإمكانه الالتزام معنا لسنوات ثلاث بينما تقوم شركتنا بعمل تغييرات جوهرية في منتجاتها وخدماتها. فهل تجد نفسك قادراً على الاستمرار معنا ضمن الفريق لمدة من هذا القبيل؟”

تحذير: إذا كنت أنت بدورك تبحث عن عمل آخر، أو إذا كان فريقك أو شركتك يعانون من كثرة تغيير الموظفين، فلا تلجأ لهذا الأسلوب، لأنه سينقلب سلباً عليك.

على عباراتك أن تحمل الصبغة الشخصية، وتطلب فترة التزام معقولة، وتتضمن تبريراً حقيقياً. فإذا وجدت المرشّح متردداً، فلا بأس من إمهاله يوماً للتفكير ليعود إليك بعده بقرار أكيد. وإذا حصلت على “نعم” سريعة، فقد تكون قد عثرت على الموظف المتميز الذي طالما بحثت عنه.

بهذه الأساليب ستضع القلق جانباً حين توظف شخصاً يحفل تاريخه المهني بالتنقل بين الوظائف، وستجتنب ضمّ من لا يناسبونك إلى فريق عملك. والأهم من ذلك، أنك ستكون قادراً على الظفر بأشخاص لامعين سيتجاوزهم غيرك بسبب انقطاعاتهم المتكررة عن العمل أو فترات التوظيف القصيرة هنا وهناك. أوليس ذلك ما يعنيه أن تكون ناجحاً في دنيا الأعمال: أن ترى فرصةً أغفلها الآخرون؟

اقرأ أيضاً:

تطمح للعمل في دبي وبدوام قصير.. كيف تحصل على ذلك؟

كيف تتجنب تعيين موظّف غير لبق؟

إلى أين سيصل سوق العمل في الإمارات؟

Top