نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي وازدهار تجارته

بسبب الأسعار العالية للنفط وقلة الانبعاثات الكربونية الناتجة من احتراقه  د. سليمان بن صالح الخطاف:   يزداد الاهتمام العالمي بالغاز الطبيعي كمصدر نظيف لتوليد الطاقة وركن أساسي لا بديل عنه في الصناعات البتروكيماوية والنفطية والمعدنية المختلفة. استهلك العالم عام 2007م نحو 100 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وتشير كل التوقعات إلى صعود الطلب العالمي على الغاز بوتيرة متصاعدة ليصل الطلب إلى حدود 120 تريليون قدم مكعب عام 2010م، وإلى 150 تريليون قدم مكعب عام 2020م. وأما في 2030م فسيصل الطلب العالمي إلى 163 تريليون قدم مكعب، أي أن الطلب العالمي يزداد بنحو 2.5 إلى 2.8 تريليون قدم مكعب سنوياً أو بنسبة 2.7 في المائة سنوياً.

وتأتي معظم هذه الزيادة من زيادة الاستهلاك الروسي والصيني، إذ استحوذت روسيا، وبحسب تقرير بريتش بتروليوم BP، على نحو 40 في المائة من نمو الطلب العالمي على الغاز، وأما الصين فقد زاد طلبها على الغاز ليصل إلى 20 في المائة من النمو العالمي على الغاز. وتشير كل الدلائل إلى تصاعد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بسبب الأسعار العالية التي وصل إليها النفط، وبسبب قلة الانبعاثات الكربونية التي تنتج من احتراق الغاز الطبيعي مقارنة بالنفط والفحم الحجري، ولا سيما أن الانبعاثات الكربونية هذه ستكلف أصحابها الكثير من المال مع وضع القوانين الجديدة التي تشرع المال مقابل الكربون.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في العالم، حيث استحوذت في 2007م على 22 في المائة من الاستهلاك العالمي، وحلت روسيا ثانياً حيث استهلكت ما نسبته 15 في المائة من الاستهلاك العالمي.
وبحسب وكالة معلومات الطاقة، استهلكت أمريكا عام 2007م نحو 22.2 تريليون قدم مكعب، كان نصيب الصناعة نحو 30 في المائة، توليد الكهرباء 27 في المائة، بينما استحوذت الاستعمالات المنزلية والتجارية على نحو 40 في المائة.
يستعمل الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة لتوليد خُمس الكهرباء ولتدفئة نحو نصف المنازل الأمريكية، إضافة إلى استخداماته في الصناعات المختلفة، وخصوصاً البتروكيماوية. ومعظم الزيادة في إنتاج الغاز الطبيعي الأمريكي ستأتي من ألاسكا التي من المتوقع أن يصل إنتاجها من الغاز إلى 2.2 تريليون قدم مكعب بحلول 2030م.
لا تملك الولايات المتحدة ما يكفيها من الغاز الطبيعي ما يضطرها إلى استيراد جزء ليس بالقليل من حاجتها، إذ تستورد نحو 16 في المائة من حاجتها من الغاز الطبيعي من باقي دول العالم، وتعد كندا من أهم دول العالم التي تمد أمريكا بالغاز الطبيعي من خلال مد أنابيب عبر حدودها المشتركة، وكذلك تستورد الولايات الأمريكية الجنوبية مثل تكساس بعض ما تحتاج إليه من الغاز الطبيعي من المكسيك من خلال الأنابيب عبر الحدود القريبة.
وبدأت تزداد الكميات التي تستوردها أمريكا من الغاز الطبيعي المسال LNG عبر السفن الخاصة الناقلة لهذه المادة الاستراتيجية حيث يجرى تبريد الغاز إلى نحو -60 فهرنهايت لتسييل الغاز الطبيعي، ما يؤدي إلى تقليص حجم الغازات فتزادد الكميات المنقولة ما يؤدي إلى زيادة جدوى النقل والتجارة بالغاز الطبيعي.
وتعد قطر والجزائر ومصر ونيجيريا من أهم الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال إلى الولايات المتحدة، ووصلت كميات واردات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال LNG نحو 0.7 تريليون قدم مكعب عام 2007م مقابل نحو ثلاثة تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي المستورد من كندا عبر الأنابيب (هذا الغاز غير مسال)، ولكن تشير توقعات وكالة معلومات الطاقة إلى تنامي استيراد الغاز الطبيعي المسال LNG ليساوي كميات الغاز غير المسال المستورد من كندا في عام 2015م، حيث ستستورد أمريكا في ذلك العام نحو ستة تريليونات قدم مكعب، ويكون نصيب الغاز الطبيعي المسال منها ثلاثة تريليونات قدم مكعب، وسيأتي هذا الغاز في الأغلب من الشرق الأوسط وإفريقيا.
يبدو أن التجارة العالمية في الغاز الطبيعي في ازدهار، وزادت نسبة التجارة في الغاز بنحو 3.1 في المائة عام 2006م وبدأت نسبة تبادل الغاز الطبيعي المسال عبر الناقلات البحرية في الانتشار والنمو، حيث سمحت التقنية بنقل هذا الغاز إلى كل مكان في العالم، ولم يعد نقله حكراً على الأنابيب التي بدأ دورها في الانحسار كوسيلة مهمة لنقل الغاز الطبيعي بين الدول حيث تدنت الكميات المنقولة من الغاز عبر أنابيب روسيا وكندا والأرجنتين مقابل زيادة قدرت بـ 12 في المائة (عام 2006م) للتبادل التجاري للغاز الطبيعي المسال عبر الناقلات البحرية.
ورغم أن روسيا تصدر معظم غازها عبر شبكة أنابيب تمتد من آسيا إلى أوروبا، إلا أن موسكو تسعى جاهدة لتطوير صناعة الغاز لديها والاستعانة بناقلات الغاز المسال لتصدير غازها عبر المحيط الأطلنطى والهادي، حيث ستستهدف دول شرق آسيا واليابان. وفي السياق نفسه، استوردت الولايات المتحدة نحو 770 بليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال عام 2007م، ويتوقع المراقبون أن يستمر استيراد الكمية نفسها عام 2008م لعدم اكتمال بعض مشاريع تسييل الغاز في العالم. ولكن ستتمكن أمريكا من استيراد تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال عام 2009م نظراً لاكتمال مشاريع زيادة الطاقة الإنتاجية من هذه المادة في كل من قطر والنرويج ونيجيريا. ويوجد حالياً نحو خمسة مرافق في أمريكا مجهزة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بقدرة تبلغ نحو ستة ملايين قدم مكعب يومياً ويجرى حالياً بناء أربعة مرافق أخرى في خليج المكسيك للمساعدة على استقبال المزيد من الغاز الطبيعي المسال.
Top