لكن الاسواق مازالت تراهن على احتمالات رفع قيم عملات الخليج أو ان الحكومات قد تتخلى عن النظام المعمول به منذ فترة طويلة المتمثل في تثبيت سعر الصرف. واتبع صناع القرار في دول الخليج تخفيضات الفائدة الأمريكية ومنها خفضين بلغ اجماليهما 125 نقطة اساس خلال الاسبوعين الماضيين لمنع المستثمرين من المضاربة على احتمال رفع قيم العملات. ولكن في حين تشعر الولايات المتحدة بالقلق ازاء تباطؤ الاقتصاد تواجه دول الخليج المزدهرة مشكلة تضخم خطيرة يتطلب حلها عادة رفع الفائدة وليس خفضها. ومن الطبيعي ألا تنتهي المضاربات. وفكت الكويت ربط عملتها بالدولار في مايو ايار الماضي والضغوط تتنامى على بقية دول المنطقة لاتباع خطاها.
وقال سايمون وليامز الاقتصادي في اتش.اس.بي.سي "وجهة النظر القائلة بالتخلي عن الربط ستتدعم مع انخفاض الفائدة الأمريكية لكن معدلات النمو والتضخم تظل عالية في الخليج." وقد يتمسك صناع القرار بموقفهم لبعض الوقت ويبدون موقفا موحدا إذ يفترض انهم يحضرون لوحدة نقدية في الخليج ولكن الثمن سيكون باهظا. وقال ماريوس ماراثيفتيس من ستاندارد تشارتارد بنك "يمكن تأجيل رفع قيم العملات لفترة طويلة لكن ذلك سيكون له ثمن... الثمن هو التضخم."
وأصبح التضخم مسألة شائكة سياسيا في الخليج فقد تجاوز أسعار الاقراض في خمس من ست من الدول التي تحضر للوحدة النقدية. ولم تعد وجهة النظر القائلة بأن الوضع القائم يحقق الاستقرار تلقى صدى اذ تضطر الحكومات إلى رفع الاجور وفرض قيود على الايجارات وأسعار المواد الغذائية لاحتواء الاستياء العام. وتشكو البنوك من القيود على الاقراض واحتج العمال المهاجرون على تآكل قيم ما يكسبون عند تحويله لبلادهم إذ ان ضعف الدولار يبقي على عملات الخليج منخفضة بسبب ربطها بالدولار.
وبلغ التضخم أعلى مستوياته في 16 عاما في السعودية وعمان وأعلى مستوياته في 19 عاما في الإمارات واقترب من اعلى مستوياته على الإطلاق في قطر. ويتدخل صناع القرار بشكل مباشر في اسواق القروض والعقارات والسلع لتعويض أثر خفض الفائدة.
وتكافح السعودية التضخم البالغ 6.5 بالمئة بسعر اقراض رسمي يبلغ 5.5 بالمئة. وقالت هذا الاسبوع إنها سترفع أجور العاملين بالحكومة بنسبة خمسة بالمئة وتدعم كل شيء من تكاليف النقل إلى رسوم رخص قيادة السيارات.
وطرحت دول خليجية اخرى سياسات جديدة للرعاية الاجتماعية من فرض قيود على رفع الايجارات في الإمارات وعمان وقطر إلى دعم الغذاء في الكويت وزيادة بنسبة 70 في المئة في أجور بعض العاملين بالحكومة الاتحادية في الإمارات.
وقالت قطر إنها ستزيد طاقة مينائها للسماح بدخول المزيد من الواردات والسيطرة على أسعار مواد البناء لمكافحة التضخم الذي بلغ 13.7 بالمئة في سبتمبر ايلول مقتربا من اعلى مستوياته على الإطلاق.
وقال المستشار الاقتصادي لأمير قطر هذا الاسبوع إن بلاده تدرس التخلي عن ربط عملتها بالدولار في إطار اصلاحات تهدف إلى احتواء التضخم. وأضاف ان أي استبدال للدولار بسلة عملات يجب ان يتجاوز ما قامت به الكويت اذ استبدلت الدولار بسلة عملات المكون الرئيسي فيها هو الدولار.
وتوقع ستاندارد تشارترد ارتفاعا بنسبة ثمانية بالمئة في سعر الريال السعودي والدرهم الإمارتي بحلول ابريل نيسان في حين توقعت المجموعة المالية القابضة- هيرميس وميريل لينش ودويتشه بنك أن ترفع الإمارات وقطر قيم عملاتهما هذا العام.
وقالت مونيكا ماليك الاقتصادية في هيرميس "خفض الفائدة سيصل إلى مرحلة يتعين فيها على الخليج التحرك."
ولكن هناك حدودا لما يمكن أن يقوموا به مع انخفاض تكاليف الاقتراض بدرجة كبيرة.
وقال محافظو البنوك المركزية ومنهم سلطان ناصر السويدي من الإمارات الذي دعا بحماس شديد لاصلاح العملات في نوفمبر إن ربط العملة بالدولار ليس هو المسؤول عن ارتفاع أسعار العقارات المحرك الرئيسي للتضخم في المنطقة.
وقال محافظون منهم الشيخ عبد الله بن سعود ال ثاني إن المعروض الجديد من المساكن سيخفف من ارتفاعات الأسعار في سوق العقارات. لكن تضخم أسعار العقارات ليس هو المسؤول بالكامل عن قيود العرض عندما ترفع أسعار الفائدة السالبة في الخليج الطلب على الائتمان.
وتضاعف الاقراض للتمويل العقاري في الإمارت التي فتحت سوقها أمام المستثمرين الأجانب منذ 2002 في عام حتى يونيو حزيران ليبلغ 45.7 مليار درهم (12.45 مليار دولار).
وقال جيسون جوف من بنك الإمارات الدولي "يتعين كبح جماح نمو الائتمان...السبيل الوحيد للحد من المضاربات في سوق العقارات هو رفع أسعار الفائدة."