مجالس الضيوف في المسكن السعودي أصبحت العنصر المتهم والمسبب للمبالغة في المساحات في المسكن السعودي، فهل هذه حقيقة أم فرضية قابلة للصح والخطأ؟
"الاقتصادية" في تقريرها لهذا الأسبوع تحاول أن تبحث هذا الجانب إذ يرى المهندس صالح التويجري أن مجلس الرجال ليس هو السبب الحقيقي لتلك المشكلة خصوصا إذا ما كانت مساحته في حدود معقولة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عن مجالس الرجال فهي علامة فارقة في المجتمع السعودي الملتزم بخصوصيته وقيمه، وأن هذه الخصوصية والقيم التي تم توارثها منذ مئات السنين لا يمكن التنازل عنها.
ويشير المهندس التويجري إلى أن فترة الطفرة أدت إلى مبالغة كبيرة نظرا للمظاهر الزائفة في هذا الجانب. ويعترض المهندس خالد باروم على ذلك ويقول إن التطورات المتسارعة في المجتمع تحتم علينا أن نبحث عن حلول لاختصار المساحة وتعتبر قضية الخصوصية هي السبب الحقيقي لهذه المبالغة في مساحات المسكن ما أدى إلى أن تكون الأولوية للضيوف على حساب الأسرة، فأصبح المصمم يعتمد في تصميمه على المساحات المخصصة للضيوف، ويقدم لهم واجهة البيت ومداخله الرئيسية ومساحاته الأمامية لهؤلاء الضيوف ويترك البقية الباقية لهذه الأسرة التي لا تحصل إلا على بقية المساحة، وإن المقارنة بين تصميم مسكن سعودي وآخر غربي توضح هذه القسمة غير العادلة ما وضع المساحات المخصصة للرجال هي السمة والبصمة الواضحة التي تحدد شكل وهيئة المسكن السعودي.
في هذا الجانب يقول المخطط والمعماري فيصل الدلبحي أن هذه المشكلة هي بسبب خلل تخطيطي للأحياء ولو كان تصميم أحيائنا السكنية يضع في الحسبان متطلبات السكان ومراعاة حاجتهم، لأمكن أن تحل تلك المشكلة بيسر وسهولة، ذلك أن التصميم المراعي للتقاليد الاجتماعية يمكن أن يضع مركزا اجتماعيا داخل الحي لغرض الاجتماعات للرجال وكذلك للمناسبات التي تكون على أوقات متباعدة حيث يمكن الاستغناء عن مساحات المجالس الكبيرة، فلا يحتاج صاحب المنزل إلا إلى مجلس صغير للضيوف، وفي حالة المناسبات يمكن الاستفادة من مركز الحي الاجتماعي.
ومن جهته ذكر سعد الأسمري أن قضية الضيوف قضية مزعجة جدا فقد اضطر إلى أن يضع مجلسا للرجال وغرفة لطعام الرجال، ومجلسا لضيوف النساء وكذلك صالة لطعام النساء إضافة إلى ملحق خارجي لضيوف الرجال وملحق خارجي للنساء أيضا, مما زاد المساحات حتى بلغت ما يقارب 400 م2 للدور الواحد, ويتساءل الأسمري هل يتمكن المعماريون والمصممون من إيجاد مخرج من هذا المأزق الذي دخلت فيه الأسرة السعودية.
أما علي اليامي فيقول كنت أدرس خارج المملكة في كندا تحديدا حيث سكنت مسكنا جميلا وكبيرا إذ تبلغ مساحة الدور 100م2 وكنت أرى أن هذه المساحة كبيرة جدا ولا أحتاج إلى أكثر منها، وعندما عدت وصممت منزلي عند أحد المهندسين السعوديين تضاعفت المساحة إلى أربعة أضعاف واحترت أن أجد حلا لذلك، خاصة أن هذه المساحة الكبيرة مرهقة بلا شك مع أنني كنت أعيش في مسكن صغير وكافي، ويبدو أن هناك عجزا وعدم قدرة على إيجاد الحل الصحيح.
ويتساءل اليامي أين المعماري السعودي الذي يمكن أن يقدم لنا حلا لهذه العقدة والتي هي عبارة عن أوهام وضغوط اجتماعية وقيود فرضت على المجتمع فأدت إلى إرهاقه وكذلك عجزه أن يعيش ببساطة وسهولة دون زيف ومبالغة ومباهاة لا معنى لها ولا حاجة لها.
بينما يرى أيمن الرشود أن النظرة إلى بيوتنا القديمة التي كانت مساحاتها في حدود 100م2 وكانت عامرة بالضيوف والأقارب أدت وظيفتها وغرضها وعاش آبائونا وأجدادنا فيها، علما أنهم كانوا أكثر كرما وتواصلا وارتباطا أسريا واجتماعيا من وضعنا الحالي الذي قلت فيه صلة الرحم والقربى وإكرام الضيف والجار، ومع ذلك تجد بيوتا كبيرة ومساحات شاسعة ومباهاة فارغة، فالخلل هو خلل اجتماعي لا يسأل المهندس أو المصمم عنه.
"الاقتصادية" تتساءل بدورها ما السبب.. وهل نحتاج إلى بحوث ودراسات عن تأثير المبالغة في مجالس الرجال؟ وكيف أثرت هذه المشكلة في مساحة المسكن وبالتالي في صنع المعوقات والصعوبات لبناء وتوفير المساكن؟