وفي بيئة ما بعد هجمات 11 سبتمبر يُعتقد على نطاق واسع ان المستثمرين الموجودين في الخليج حولوا اهتمامهم الى حد كبير من الغرب الى الشرق الأوسط. وكان لأسواق الاسهم الخليجية النصيب الأكبر في جذب الاموال الوطنية، ونمت القيمة السوقية وحجم التعامل بشكل هائل جدا، وأصبح المؤشر الوحيد الأكبر الذي يدل على نمو هذه الاسواق انه في الدول الأعضاء الست في مجلس التعاون لدول الخليج ارتفعت القيمة السوقية لسوق الأسهم من 112 مليار دولار أمريكي في نهاية العام 2000 الى نحو 1061 مليار دولار في نهاية أكتوبر 2005 ويمثل هذا نمواً قدره 850 ٪ خلال فترة تقل عن خمسة أعوام.
وأوضحت الدراسة انه مع وضع هذه الارقام في منظور عالمي فبالنسبة للقيمة السوقية المحلية تعتبر اسواق الاسهم مجتمعة في منطقة دول الخليج أكبر من سوق أسهم هونغ كونغ وتصل الى نحو ثلث حجم بورصة لندن، وتوضح مؤشرات السوق المستوى غير العادي لاهتمام المستثمرين في منطقة الخليج العربية، وخلال العام 2005 وحده، ولغاية نهاية اكتوبر الماضي، ارتفع مؤشر اسعار الاسهم العام في المملكة بنسبة 82 ٪، وارتفع مؤشر سوق الاوراق المالية في الدوحة بنسبة 91 ٪، ومؤشر سوق دبي المالي بنسبة 171 ٪.
واعتبرت انه في دول الخليج، تعد المؤشرات العامة قوية للغاية بالمعايير الدولية، وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات صندوق النقد الدولي الى ان مجموع الناتج المحلي الاجمالي لدول الخليج العربية، بالاسعار الحالية سيرتفع بنسبة 27 في المائة في 2005 وبنسبة 12 في المائة في 2006 ويعتبر هذا ناتجا جزئيا من اسعار النفط المرتفعة. ففي العام 2005 وحتى منتصف اكتوبر، كان متوسط السعر العالمي للنفط الخام هو 34،49 دولاراً للبرميل بزيادة قدرها 43 في المائة عن المتوسط في العام 2004 وتلعب معدلات انتاج النفط ايضاً دورا مهما، وخلال الشهور السبعة الأولى من عام 2005 انتجت دول الخليج العربية في المتوسط 2,16 مليار برميل . وباختصار، تجمع دول الخليج أعلى الايرادات الحكومية بالانفاق العام وبربحية القطاع الخاص. ولذلك فهناك منطق اقتصادي يعزز ولو جزئياً اداء اسواق الاسهم في دول الخليج.
وأوضحت الدراسة ان الأسواق المختارة الستة تجاوزت في البداية حاجز تريليون دولار امريكي من حيث قيمة رأس المال في عام 1996 وشهدت بعد ذلك دورتي انخفاض وتحسن قبل الدخول في فترة نمو استمرت من عام 2003 الى اليوم، وقد تلت فترات تراجع السوق فترات ركود أو بطء في النمو الاقتصادي (في عام 1998 و2001). وبالمقابل، شهدت أسواق دول الخليج العربية انخفاضاً كبيراً واحداً وكان ذلك في عام 1998 ولا تمثل هذه التجارب بالضرورة قالباً أو نموذجاً للأسواق الخليجية. واذا كانت ذات أهمية ما فإنها توحي بأن المستثمرين يتوقعون اتجاهات في الاقتصاد وان اسواق الاسهم تبدأ بالتراجع قبل ان يتسع الشعور بآثار الركود. وفي الخليج، تُبشر فترة النفط الجديدة بفترة طويلة من النمو الاقتصادي. وعلى سبيل المثال، ربما لا يبدأ انتاج المنطقة من النفط في الانخفاض اخيرا إلا بحلول عام 2008 ويبدو على اسواق الاسهم انها تعكس ذلك الرأي.
وأشارت الى ان كثيراً من الاسهم الفردية يتم تداولها في الوقت الحاضر على اساس مضاعفات أعلى من هذه السنة. وفي سبتمبر 2005 كان هناك 13 سهما (اثنان في قطر، وأربعة في السعودية، وسبعة في دولة الإمارات) يتم تداولها على اساس نسب ارباح للسعر تزيد على 80 من بينها شركة مالية يتم تداولها على اساس نسبة ارباح للسعر تصل الى نحو 400 وتعد هذه ضمن اكثر الاسهم كلفة في العالم.
وخلصت الدراسة الى انه في سياق عالمي، تعتبر منطقة الخليج منطقة استثمار جاذبة على نحو مطرد، وذلك لعدة اسباب: أولاً، ان دول الخليج، وفي مقدمتها دولة الإمارات، تفتح ابوابها للمستثمرين الاجانب بوسائل غير مسبوقة لا سيما بالنسبة لحقوق امتلاك الشركات والعقارات، فضلا على أن حجم إجمالي المساهمات الحكومية الإماراتية في رؤوس أموال الشركات المساهمة في الإمارات بلغ 20,633 مليار درهم في نهاية عام 2005 وبما نسبته 33٪ من رؤوس أموال هذه الشركات في حين بلغت مساهمة الأفراد والشركات 47,436 مليار درهم. وتصدرت إمارة أبوظبي المرتبة الأولى من حيث حجم مساهمة الحكومة في رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة حيث بلغت 16,030 مليار درهم تشكل ما نسبته 77,6٪ من إجمالي المساهمات الحكومية في الإمارات تليها حكومة دبي وتبلغ مساهمتها 2,230 مليار درهم وبما نسبته 11,2٪، وجاءت حكومة رأس الخيمة في المرتبة الثالثة من حيث المساهمة الحكومية في الشركات المساهمة بالدولة وبواقع 871,730 مليون درهم وبما نسبته 4,2٪ تليها إمارة الشارقة بواقع 659 مليوناً وبما نسبته 3,2٪ ثم حكومة الفجيرة بواقع 567 مليون درهم وبنسبة 2,7٪ ثم حكومة ام القيوين بواقع 197,5 مليون درهم وبنسبة 1٪ وأخيرا حكومة عجمان بواقع 16,8 مليون درهم وبنسبة 0,1٪.
وثانياً، ان العالم يدخل المرحلة النهائية من عهد النفط، وستستفيد دول الخليج المنتجة للنفط بشكل هائل من قدراتها الانتاجية ومن النظام الجديد لأسعار النفط. وثالثاً، ان الكثير من الشركات المدرجة في اسواق الخليج غير خاضعة لضرائب الشركات، ولذلك يستطيع المستثمرون المحتملون في الخليج ان يتوقعوا على نحو معقول ان تكون الشركات التي تتميز بالقدرة التنافسية والفعالية والادارة الممتازة هي التي ستحقق أكبر الارباح، ومن خلال الحرص والاهتمام اللازمين بقيم الاصول الاساسية والربحية ما زال من الممكن تحقيق استثمارات جيدة ومعدلات عائد معقولة في اسواق الاسهم الخليجية.