وبصورة عامة فقد ارتفعت الأسواق العالمية الرئيسية يوم الجمعة حيث أنهى مؤشر داو جونز للشركات الصناعية ومؤشر إس آند بي 500 تعاملاتهما على ارتفاع بنسبة 2.9 في المائة لكل منهما، كما ارتفعت الأسواق الأوروبية الرئيسية بنسبة تراوحت بين 2.2 و 2.6 في المائة. جاء هذا الارتفاع في أعقاب أكبر هبوط للأسواق الأمريكية خلال يومين متتالين منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1987 والذي جاء هو نفسه بعد أكبر قفزة يشهدها السوق في يوم التصويت على مر سنوات الانتخابات الرئاسية الأمريكية على الإطلاق. وقد انخفضت الأسواق الأمريكية في مجمل تداولات الأسبوع بنسبة 4 في المائة تقريباً.
وجاء ارتفاع الجمعة رغماً عن الضعف الشديد للبيانات الخاصة بفرص العمل الواردة من الولايات المتحدة حيث قفزت نسبة البطالة إلى 6.5 في المائة مسجلة أعلى مستوى لها على مدى 14 عاماً كما انخفض عدد العاملين في الوظائف غير الزراعية (المعيار الرئيسي لفرص العمل) بـ 240 ألف وظيفة في شهر تشرين الأول (أكتوبر)، إضافة إلى ذلك تم تعديل حجم الانخفاض في فرص العمل خلال الشهرين الماضيين للأعلى بحيث بلغ 179 ألف وظيفة للشهرين مجتمعين، وقد شمل الانخفاض في فرص العمل جميع أنواع الأنشطة. كما يشير انخفاض متوسط عدد ساعات العمل (بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي) بوضوح إلى أن المستهلك الأمريكي في وضع لا يحسد عليه. وشهد الخميس خفض أسعار الفائدة من قبل ثلاثة بنوك رئيسية كبيرة حيث خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بواقع 0.5 نقطة مئوية وهو خفض جاء في حدود توقعات السوق، أما بنك إنجلترا فقد خفض سعر الفائدة من 4.5 في المائة إلى 3 في المائة وجاء خفضه بمستوى يقل كثيراً عن توقعات السوق. وجاءت المفاجأة الأخرى من البنك السويسري المركزي الذي خفض بصورة غير متوقعة سعر الفائدة بواقع 0.5 في المائة.
من جانبه خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته حول نمو الاقتصاد العالمي بعد شهر واحد فقط من إعلان توقعاته السابقة حيث قام بتعديل توقعاته حول إجمالي نمو الاقتصاد العالمي من 3.9 في المائة إلى 3.7 في المائة لهذا العام ومن 3 إلى 2.2 في المائة للعام المقبل. ويتوقع الآن أن يأتي النمو لعام 2009 عند أدنى مستوى منذ عام 2001 كما يتوقع انكماش الاقتصادات النامية لأول مرة منذ الأربعينيات من القرن الماضي.
كذلك تراجعت التوقعات بشأن النمو في مجموعة الأسواق الناشئة حيث ينتظر أن يسجل العام المقبل 5.1 في المائة وهو مستوى لا يزال أعلى من أي مستوى تم تحقيقه طيلة الثمانينيات والتسعينيات. وسوف يتركز الانخفاض في أوروبا الشرقية وإفريقيا، ومن المتوقع أن تحقق الصين نمواً عند مستوى 8.5 في المائة العام المقبل. أما في الشرق الأوسط فقد انخفضت التوقعات حول النمو في من 6.4 في المائة إلى 6.1 في المائة هذا العام ومن 5.9 في المائة إلى 5.3 في المائة للعام المقبل، ومع ذلك يتوقع أن تحقق هذه المنطقة ثاني أسرع نمو في العالم بعد آسيا لعام 2009. وقد اعتمدت توقعات صندوق النقد الدولي على سعر للنفط عند مستوى 68 دولاراً للبرميل (بحساب متوسط أسعار خامات برنت وغرب تكساس ودبي).
التداعيات
ـ لا نتوقع أن عمليات خفض أسعار الفائدة التي اتخذت في العديد من دول العالم هذا الأسبوع هي الأخيرة، ذلك أن الأسواق المستقبلية مسعرة حسب التوقعات بأن تنخفض أسعار الفائدة الأمريكية إلى النصف عند 0.5 في المائة، والذي سيتقرر خلال الاجتماع المقبل للجنة تحديد سعر الفائدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي المزمع عقده في 16 كانون الأول (ديسمبر) مع استبعاد احتمال ارتفاع أسعار الفائدة إلى أكثر من 1 في المائة حتى آب (أغسطس). كذلك أشار البنك المركزي الأوروبي في بيانه المرفق مع قرار خفض أسعار الفائدة إلى إمكانية إجراء المزيد من الخفض قبل نهاية العام. ومنذ بروز الصعوبات أمام النظام المالي العالمي قبل عام واحد فقط لجأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 4.25 نقطة مئوية وكذلك عمد بنك إنجلترا إلى تخفيضها بواقع 2.7 نقطة مئوية بينما خفضها البنك المركزي الأوروبي بواقع 0.75 نقطة مئوية فقط.
ـ أثرت قرارات خفض أسعار الفائدة التي اتخذها صانعو القرار على أسعار الاقتراض بين البنوك (التي تحددها البنوك نفسها)، حيث بلغت أسعار الاقتراض بين البنوك الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر يوم الجمعة 2.29 في المائة مسجلة أدنى مستوى لها منذ أيار (مايو) 2004، لكن تظل البنوك مترددة في إقراض بعضها البعض على الرغم من ذلك.
ـ تراجعت أسعار الاقتراض بين البنوك في المملكة منذ لجوء مؤسسة النقد العربي السعودي إلى خفض سعر إعادة الشراء في وقت سابق هذا الشهر وإن لم يكن التراجع بنفس نسبة الخفض. وقد تراجعت أسعار الاقتراض لأجل ثلاثة أشهر بواقع 0.5 نقطة مئوية مقارنة بانخفاض قدره نقطة مئوية واحدة في سعر إعادة الشراء. وكما هو الحال في مناطق أخرى من العالم لم ينعكس تراجع أسعار الاقتراض بزيادة موازية في قابلية البنوك إقراض بعضها بعضا.