ويرى مستثمرون في مجال الذهب في مكة المكرمة، أن تراجع الذهب أمس الأول ليس إلا سحابة صيف، لن تستمر إلا أيام عدة، حيث إن سعر الجرام في طريقه لتحقيق أكبر زيادة هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية؛ إذ من المتوقع أن يصل متوسط سعر للأوقية (الأونصة) خلال عام 2012 إلى نحو 1800 دولار، وبزيادة تقديرية تصل إلى نحو 15 - 20 في المائة بآخر يوم إغلاق من عام 2001.
وكان سعر الذهب انخفض الجمعة الماضية في المعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 1641.59 دولار للأوقية (الأونصة)، في حين خسرت العقود الآجلة للذهب الأمريكي تسليم شباط (فبراير) 5.20 دولار للأوقية إلى 1642.70 دولار، وهو ما يؤكد المستثمرون أنه أمر طبيعي لما يشهده العالم من توترات سياسية واقتصادية في الوقت الحالي، والتي أيضا ستلعب دورا في رفع سعر الجرام خلال المرحلة المقبلة؛ نظرا للتوقعات التي تشير إلى إمكانية مؤكدة لوجود زيادة في الطلب تفوق حجم العرض، وذلك نظرا لكون الذهب يعد ملاذا آمنا، ودرجة الخطورة فيه تكاد تكون معدومة.وأكد زياد فارسي، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، أن فكرة إقامة ملتقى لتنشيط حركة المبيعات في السوق التي تشهد ركودا منذ ثلاثة أعوام مضت، ما زالت قائمة، وأن لجنة الذهب والمجوهرات التي يتولى رئاستها في غرفة مكة، ستعقد خلال الأسبوعين المقبلين اجتماعا، وستحدد من خلاله فريق عمل خاص لإقامة الملتقى، كما ستعمل على تحديد المحاور التي سيتم مناقشتها، وتعمل أيضا على تحفيز السوق بشكل عام.
وبرر فارسي، تأخر عقد الملتقى وفق ما أعلن عنه سابقا في حديث خاص بـ''الاقتصادية'' - 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 - إلى الرغبة في دعوة أكبر عدد من العاملين في المجال، من مستثمرين ومتخصصين، وكذلك بسبب وجود توجه فعلي لعقد ملتقى قادر على إيجاد الحلول ودون أن يأتي بشكل سريع لا يمكنه من تحقيق أهدافه، إضافة إلى أن الغرفة التجارية في مكة، التي تعتزم قيام الملتقى تحت مظلتها، كانت خلال الفترة الماضية تشهد كثافة في حجم برامجها وفعالياتها، والتي كانت معظمها مرتبطة ببرامج زمنية تمت جدولتها من السابق.
وأشار فارسي، إلى أن لجنة الذهب في مكة والمستثمرين والعاملين في مجال الذهب من جدة، سيعملون معا، وأن فريق العمل من المتوقع أن يكون مشكلا من المدينتين، مستدركا أن بعد الاجتماع المقبل سيتم الكشف رسميا عن جميع الإجراءات التي سيتم الترتيب لها لعقد الملتقى، وكذلك سيتم تحديد البرنامج الزمني والتنفيذي له.
وأفاد فارسي، بأن التوترات السياسية لمجريات الأحداث حول مضيق هرمز، كان لها دور بارز في التأثير على الاقتصاديات العالمية، والتي وصلت تأثيراتها أيضا إلى أسعار الذهب، إلا أن الأخير سيعود خلال الأيام المقبلة لأسعاره التي كان عليها من السابق، وذلك مع توقعات وفقا لتحليلات فنية واقتصادية متخصصة، تؤكد بأن الزيادة خلال العام الجاري في سعر جرام الذهب ستراوح بين 15 و20 في المائة، مقارنة بآخر سعر تم الإغلاق عليه في نهاية العام الماضي 2011.
وتابع فارسي: ''السوق ما زالت تعاني ركودا في حجم مبيعاته، رغم الزيادة العددية للمعتمرين والحجاج، والتي فاقت في العام الماضي السنوات التي سبقتها؛ ولذلك لا أعتقد أن يشهد فتح باب العمرة هذا العام منذ وقت مبكر والتوقعات التي تشير بإمكانية حدوث زيادة في أعداد المعتمرين عن العام الماضي، على الرغم من الأمل بارتفاع حجم حركة المبيعات أي نشاط مستجد على السوق''، لافتا إلى أن التوقعات بزيادة سعر جرام الذهب، من الممكن أن تواصل أيضا التأثير السلبي على حجم المبيعات.من جهته، قال المهندس نواف جوهرجي، رئيس مجلس إدارة مزاد مكة للذهب والمجوهرات: ''أسعار الذهب تتأثر كثيرا بالأوضاع السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم في الوقت الحالي، إلا أن هذه التأثيرات لن تسهم بأي حال من الأحوال في وجود حالة من الانهيار الحاد في سعر الجرام، حيث إن الوقائع تشير إلى أن ما حدث من انخفاض الجمعة الماضية كان أمرا طبيعيا، ولن يستمر إلا لعدة أيام قليلة''.
ويرى جوهرجي، أن السوق قادرة على كسر حاجز تلك الأرقام التي بلغتها منذ مطلع العام''، مفيدا بأن المعطيات الحالية تشير إلى أن معدل السعر للذهب سيكون في نهاية العام الجاري، يراوح عند منطقة 1800 دولار للأوقية.
ويتوقع جوهرجي، أن سوق الذهب في مكة المكرمة، الذي تستحوذ الحجاج والمعتمرين على نسبة 70 في المائة من حجم مبيعاته، ستواصل الركود، وذلك في ظل توجه نحو 60 في المائة منهم للبحث عن بدائل للذهب، موضحا أن الارتفاع في سعر الذهب لا يتواءم مع حجم الملاءة المالية للقادمين من الخارج، خاصة أولئك الذين تشهد بلادهم عدم استقرار سياسي واقتصادي.
وبيّن جوهرجي، أن الضوابط في المملكة تحد من توجه المستثمرين والمصنعين للذهب، لصناعة منتجات يختلط فيها الذهب بمواد أخرى، وذلك في ظل أن هذه التوجه يعد الحل الأمثل في الوقت الحالي لخفض الأسعار وإنعاش السوق وزيادة حجم المبيعات فيه، خاصة أن سعر جرام الذهب بات مرتفعا، ولا يمكن أن يقوم بشرائه الجميع، حتى وإن حرص القادمون من خارج المملكة على أن يكون المعدن الثمين متصدرا لقائمة الهدايا التي تقدم لذويهم عند عودتهم لبلادهم بعد مغادرة مكة المكرمة.
وأردف جوهرجي: ''خلط الذهب بمواد أخرى أو زيادة حجم الإضافات على جرام الذهب، سيخفض الأسعار على الرغم من الحفاظ على حجم العيار للذهب المستخدم وفق الأنظمة، كما أنه سيفتح مجالا للتميز الإبداعي والفني في المشغولات''، لافتا إلى أنه يرى أن تتم الاستفادة أيضا من الموروث الثقافي والديني لمكة المكرمة، وذلك من خلال نقش بعض الشعارات التي تشير إلى قدسية مكة المكرمة على المشغولات الذهبية، والتي ستجعل الذكرى خالدة في أذهان المقتنين لتلك الهدايا من أطهر بقاع الأرض.