ويرى المختصون أهمية إعادة هيكلة أسعار غاز الوقود "الميثان" المستخدم في الصناعة لإنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه والذي يشكل 80 في المائة من كمية الغاز المستخرج مع إبقاء أسعار منخفضة للمكثفات المستخدمة كلقيم في صناعة البتروكيماويات وفي وقود المنازل.
وتوقع المختصون أن يكون الغاز مصدر الطاقة الأهم في القرن الحالي نظراً لكفاءته وانخفاض أضراره البيئية، موضحين أن العالم تجاوز الصعوبات التقنية في استخدام الغاز وأصبح من الممكن نقله وتسويقه، كما حققت الولايات المتحدة وكندا طفرة في إنتاج الغاز الصخري ستتحول معه من دول مستوردة إلى دول مصدرة للغاز.
وأكد الدكتور عبد الوهاب السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات أن الغاز هو مصدر الطاقة المفضل في العالم وخصوصا في إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب كفاءته وقلة آثاره السلبية في البيئة، موضحاً أن عوائق اقتصادية وتقنية كانت السبب في تأخر الاعتماد عليه.
وأشار السعدون إلى ظهور حلول تقنية تعجل من الاعتماد على الغاز أهمها تقنيات تسييل الغاز التي لم تكن متاحة في السابق وجرى تطويرها في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، ماسهل شحن الغاز ونقله للأسواق العالمية، كما تم تطوير العديد من تقنيات الإنتاج التي زادت من الطاقة الإنتاجية لحقول الغاز.
وذكر السعدون أن ارتفاع أسعار النفط جعل من الغاز مصدر طاقة مجدياً اقتصادياًَ، لافتاً إلى انخفاض الأسعار في الأسواق الأمريكية والكندية بسبب تطوير تقنيات إنتاج الغاز الصخري وبدء إنتاجه بكميات ضخمة ستتحول معه الولايات المتحدة وكندا من دول مستوردة إلى مصدرة للغاز المسال. وأضاف أن الغاز حافظ على أسعار مرتفعة في آسيا وتحديدا في اليابان بسبب التوجه للغاز كبديل للطاقة النووية في إنتاج الكهرباء بعد زلزال يوكوشيما.وأوضح سداد الحسيني المحلل النفطي أن إنتاج الغاز وتطوير حقوله عملية مكلفة جدا، ولذلك فإن بيع الغاز بأسعار منخفضة إلى شركة الكهرباء ومحطات تحلية المياه يشكل تحديا كبيرا أمام شركة أرامكو السعودية للتوسع في الاستثمار في الغاز، مضيفاً أن تكلفة ألف قدم من الغاز في الحقول التي تستثمر فيها شركة أرامكو في الربع الخالي والحقول المغمورة في كران والحصبة والعربية تبلغ خمسة دولارات. وقال إن التوسع في إنتاج الغاز يحتاج لإعادة هيكلة لسعر بيع غاز الوقود إلى شركات الطاقة وتحلية المياه إلا أن قرارا كهذا سيواجه معارضة كبيرة من الجهات المستفيدة. وأضاف أن رفع أسعار الغاز يجب أن يقتصر على غاز الوقود "الميثان" لأنه يشكل الجزء الأكبر من الغاز المستخرج، أما الغاز الذي يستخدم كلقيم في صناعة البتروكيماويات وفي المنازل فلن تشكل زيادة أسعاره فرقاً يذكر لأنه يشكل نسبة قليلة من الغاز المستخرج.من جانبه، يؤكد الدكتور عبد العزيز الماجد رئيس قسم هندسة البترول في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن الغاز هو طاقة المستقبل ولكن التحول إليه يحتاج إلى بعض الوقت، وأن يتم بالتوازي مع زيادة الإنتاج دون أن يؤثر في كميات اللقيم التي تصل إلى شركات البتروكيماويات. وأشار إلى أن التحول يحتاج إلى بنية تحتية للطاقة البديلة تحتاج إلى سنوات طويلة لبنائها.
وأوضح الماجد، أن التنافس على الغاز بين شركات إنتاج الطاقة وشركات البتروكيماويات ظاهرة صحية تفتح المجال للبحث عن مصادر طاقة متجددة، وتسرع من التحرك في هذا المجال.
وكانت شركة أرامكو السعودية قد أوضحت في تقريرها السنوي الأخير عن استثمارات ضخمه في الغاز، مؤكدة أن التوسع في إنتاج ومعالجة الغاز الطبيعي أحد أهم أولويات الشركة، وتنفذ "أرامكو السعودية" العديد من المشاريع التوسعية والتطويرية لضمان استمرارية زيادة منتظمة في إنتاج الغاز الطبيعي وفي منتجات الغاز المسال لتزويد مختلف القطاعات في المملكة بحاجياتها من الغاز وخصوصا قطاع صناعة الطاقة والبتروكيماويات.
وفي هذا الاتجاه، تعمل ''أرامكو السعودية'' على تطوير حقولها من الغاز غير المصاحب، مثل حقل كران، وحقل الحصبة، وحقل العربية في المنطقة الشرقية، وحقل مدين في شمال غرب المملكة، كما أعلنت ''أرامكو'' اكتشاف حقل الجلاميد، إضافة إلى قيام الشركة بتوقيع عقود مع شركات عالمية للتنقيب في مناطق متعددة خصوصا في حوض البحر الأحمر والربع الخالي. وعلى صعيد معالجة الغاز، تعمل ''أرامكو السعودية'' على رفع قدرة المعالجة والإنتاج لمعامل الغاز، وهي: معمل الخرسانية، ومعمل الحوية، ومعمل الواسط، ومعمل شيبة، ومعمل حرض. وتسعى الشركة من خلال هذه المشاريع الضخمة لضمان استمرارية إمداد قطاع البتروكيماويات بكميات كافية من اللقيم تضمن استمرار التوسع فيه، كما تسعى إلى التوسع في إنتاج الطاقة من الغاز، والحد من استخدام زيت الوقود لتكلفته الاقتصادية وآثاره السلبية في البيئة.