تعظيم الإيجابيات
-
ما المطلوب لتتحقق هذه التحولات الكبرى بمرونة، وهل من تأثيرات وتداعيات مجتمعية متوقعة؟
-
في البداية.. يرى د. عبدالله ذياب العنزي، الأستاذ المساعد بكلية الصحة العامة والمعلوماتية الصحية، أن الامر يتطلب الإيمان المطلق بأهمية الرؤية (المملكة 2030) أولا ومن ثم العمل الحثيث على تحقيقها وذلك من خلال خطط شاملة وخطط مرحلية وادوات تقييم موضوعية، بالإضافة الى العمل على تجاوز المعوقات المتوقع مصاحبتها لمثل هذه التحولات المفصلية، لاشك ان كل تغيير ينجم عنه تأثير وتداعيات والحكمة بلا شك في تعظيم الايجابي منها وقيادة المجتمع نحو مجتمع معرفي قادر على الإبداع والتطوير العلمي وخلق تنافسية على مستوى الكفاءات والمنتجات -وكما ذكر مهاتير محمد الاعتراف بالسوق كقوة من قوى النمو والتعليم - وهذا شرط اساسي في البناء العلمي و الحضاري.
د. العنزي: التأمين يوفر 90 مليار ريال خلال الـ 15 عاماً المقبلة
فكر نير
ويقول د.رضا بن محمد خليل، استشاري الإدارة الصحية، قبل الاجابة على هذا السًوال المهم دعنى اذكر لك انطباعى وانطباع من تحدثت معهم في المجالس المختلفة، وفي مواقع التواصل الاجتماعي بان الجميع سعيد جداً بهذا الطرح وبهذا الفكر النير من صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول هذا البرنامج الطموح. فنحن امام احدى القيادات الشابة المتميزة وانه شخصية غير عادية استطاع ان يصل بِنَا إلى قناعات لم تكن موجودة عند البعض من قبل.
التحول الإداري
وتقديري أن المطلوب لتحقيق هذه التحويلات الكبرى بمرونة هو التحول المطلوب في فكر وعقل وإدارة الأجهزة التنفيذية الموجودة في معظم قطاعات الدولة ولا بد من ان يتحول فكر هذه الأجهزة والتحول والتغير هو سمة الكون والتطوير هو طموح الشعوب.
واذا لم يواكب هذه الخطط الطموحة والكبيرة رجال يعملون بجدية وبحزم فان تحقيق هذه التحولات الكبرى سوف يواجه صعوبة كبرى ودعنا نقتبس كلمات وجمل مما قاله صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن أهمية الرجال حيث قال ان الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أسس هذه الأمة وهذه الدولة الكبيرة به وبرجاله ولم يكن لديهم ادمان النفط إذاً فهذه التحولات الكبرى مطلوب لها رجال يعملون بكل جدية وحزم لتحقيقها.
وعن التأثيرات والتداعيات الاجتماعية المتوقعة فسوف تكون تأثيراتها ايجابية بمشيئة الله تعإلى اذا وضعت الخطط التفيذية والآليات للتطبيق بنفس الفكر وبنفس الطموح للخطط الرئيسة في برنامج التحول الوطني فالكل فرح ومستبشر والكل محتاج الفرح ومحتاج التفاني.
لا تأثيرات سلبية
أما الدكتور شاكر بن أحمد الصالح، استاذ الإدارة المساعد بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، فيرى أن المطلوب هو التعاون التام من قبل وزارات الحكومة المختلفة والمواطنين على تطبيق التحولات التي ستستفيد منها الأجيال الحالية والمستقبلية. وهناك العديد من الاستراتيجيات التي تم طرحها وعلى كافة المستويات والأنشطة، وبعضها يمس المواطن، ولكن رؤية 2030 تختلف تماما عن جميع الخطط والاسترتيجيات السابقة. لقد دعم هذه الرؤية خادم الحرمين الشريفين في اجتماع مجلس الوزراء، مما يدل على أن أعلى سلطة تنفيذية في هذا البلد عازمة على بذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيقها على أرض الواقع. لقد اشترك في هذه الرؤية العديد من الدول العالمية التي خططت لدول أخرى ونجحت في خططها واستراتيجياتها، فما الذي يمنعنا من إنجاح رؤية 2030
ولا يتوقع د. الصالح أنه تأثيرات وتداعيات مجتمعية سلبية، وذلك لعلم المجتمع التام أن ما تم وضعه من خطط وأهداف لرؤية 2030 يصب في مصلحة ورفاهية المجتمعات المحلية في كافة مناطق المملكة.
التخلص من الهدر
-
ما السبيل إلى إقناع المواطن الذي نشأ على الخدمات الحكومية المجانية بأن التأمين هو الأجدى له؟
-
يقول د.عبد الله العنزي أنه على الرغم من أن القطاع الصحي من اكثر القطاعات المكلفة على الحكومة ويقتطع لوزارة الصحة من 6-7% من إجمالي الميزانية، فمن من النادر ان تحوز الخدمات رضا المواطن. لذا يتوجب الاسراع بإيجاد منظومة لتقديم الخدمات الصحية تكون مرتكزة على الجودة ومستوى فعالية عال مقابل ما يصرف عليها من ميزانية ضخمة (61 مليار لعام 2015م فقط لوزارة الصحة). بالنظر للانظمة الصحية العالمية يتمايز النظام البريطاني (NHS (الحكومي المجاني ويقابله على الطرف الاخر النظام الاميركي المعتمد بالكامل على التأمين والقطاع الخاص ويبرز بينهما أنظمة كالفرنسي والسنغافوري ذوات الكفاءة والجودة العالية التي تعتمد على وجود نوع من الـتأمين، بالاضافة الى وجود التأمين الصحي بأكثر من 150 دولة أخرى.
لذا ايجاد منظومة خدمات صحية قائمة على نوع من التأمين قد يكون الحل لضمان فعالية الخدمات والتخلص من الهدر في الخدمات الصحية التى يعاني منها القطاع الصحي حاليا. بالاضافة لتقليل اعتماد القطاع الصحي على الانفاق الحكومي وإيضا اتاحة الفرصة للمواطن لاختيار بين مقدمي الخدمات الصحية وما يمكن أن تجلبه المنافسة من تحسن بالخدمات المقدمة.
برهان التجربة
ويجيب د.رضا خليل بقوله: السبيل والاقناع بسيط جداً.. فالتجربة خير برهان إذا وجد المواطن آليات واضحة جداً وشفافة وهذا كل ما يحتاجه المواطن عند حاجته إلى الخدمة، ودعنا نتحدث عن الخدمة الصحية ما دام حديثنا عن التحول في القطاع الصحي فإن المواطن الذي يذهب إلى المرفق الصحي يكون في أضعف حالاته الصحية والنفسية فإذا وجد معاملة حسنة بدءاً من حارس الأمن الى موظف الاستقبال الى الطبيب الى الصيدلي الذي يصرف له الدواء وفني الاشعة فاذا وجد من يخافون الله في هذا المواطن ومن يقومون على خدمته فهذا هو السبيل الوحيد لاقناع المواطن وسوف يقارن ذلك بما كان عليه سابقاً.. هذا من وجهة نظري هو السبيل الوحيد لاقناع المواطن.
ليس ترفاً
ويذهب الدكتور شاكر الصالح إلى أن الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة للمواطنين تمثل ما نسبته 60% من الخدمات الإجمالية، ونسبة 20% من الخدمات الصحية تقدمها القطاعات العسكرية، والنسبة المتبقية وقدرها 20% يقدمها القطاع الخاص. والتأمين الصحي بالنسبة للمواطن أصبح ضرورة وليس ترفاً، حيث يبلغ عدد المؤمّن عليهم في المملكة قرابة العشرة ملايين منهم حوالي 2.5 مليون سعودي. فالمواطن أصبح يبحث عن المنظمة الصحية ذائعة الصيت والطبيب الذي أثبت نفسه، بغض النظر عن تلك الجهة وذاك الطبيب هل هما في القطاع الخاص ام العام. التأمين الصحي أصبح من الأهمية بمكان لكافة فئات المجتمع وبالأخص فئتي المتقاعدين ومحدودي الدخل. تخصيص تأمين لهاتين الفئتين يدعم من قبل الحكومة مباشرة - على غرار ما هو مطبق في الولايات المتحدة الأميركية بوجود برنامجي ميدي كير وميدي كيد (Medicare and Medicaid) - قد يكون الحل الناجع لنسبة كبيرة من المجتمع.
هيكلة الـتأمين
-
هل قطاع التأمين بوضعه الراهن قادر على استيعاب هذا التحول؟ أم يحتاج هو نفسه إلى تحول وهيكلة جديدة وجهاز رقابي؟
-
يقول د. عبدالله العنزي إن نجاح القطاع الصحي يعتمد على ايجاد منظومة متكاملة من الانظمة والرقابة في قطاع التأمين وهو بلا شك يحتاج لاعادة هيكلة ورقابة فتجربة قطاع التأمين وما يقدم الآن بالقطاع الخاص لا يرتقى لان يكون نظاما صحيا حديثا. ولنا بالنظام الاميركي عبرة فرغم وجود الانظمة والرقابة لم يمنع ذلك من الارتفاع الجنوني بأسعار الخدمات الصحية مع احتلال النظام الصحي الاميركي لمرتبة متأخرة بتصنيف أفضل الانظمة الصحية (المرتبة ال31). لذا النجاح بتقديم نظام صحي مواكب لاحتياجات وتطلعات المواطن يعتمد بشكل اساسي على إعادة هيكلة الـتأمين الحالي وإيجاد جهات اشرافية ورقابة على القطاع كاملا.
الشفافية مطلوبة
يجيب د.رضا خليل عن السؤال بسؤال اخر: هل ترغب مني الاجابة بصراحة وبشفافية ام بمجاملة؟ قلت له بالطبع نريد الإجابة الصريحة، فقال: بكل تأكيد فإن قطاع التأمين بوضعه الراهن غير قادر على استيعاب هذا التحول. التأمين الصحي بوضعه الراهن حقق نجاحات كثيرة منذ بدايته قبل حولي عشر سنوات حتى وإن كانت هناك بعض السلبيات في التطبيق سواء من قبل شركات التأمين أو من قبل مقدمي الخدمة أو اختراقات من قبل المؤمن عليهم وهذا وضع طبيعي جداً.
آليات مطلوبة
ويستطرد قائلاً: التأمين الصحي على مستوى العالم يعتبر صناعة، ولها أسسها وفنها وتفاصيلها الكثيرة جداً واجهزتها الرقابية ولها معاهدها وكلياتها التي تخرج المتخصصين في التأمين وهو الآن لا يستوعب اي إضافات جديدة إذا كان من حيث مقدمي الخدمة أو من قبل شركات التأمين الحالية ولكن الفكر الجديد والفكر الطموح سوف يختلف تماماً عن الآليات الموجودة حالياً وهذا ما سوف نتابعه خلال الايام القادمة عن آليات وطرق التأمين على المواطنين بكل تاكيد وأتمنى الا تكون بنفس الآليات الحالية والا يزج بالمواطنين وتسليمهم إلى شركات التأمين التجارية حيث ان البرنامجين مختلفان أعني البرنامج المعمول به ومعظمه موجه إلى غير السعوديين وبين التأمين المنشود الذي يتطلع إلىه المواطن وينتظره بشغف.
إصلاح التأمين
ويؤيد د.شاكر رأي د. الصالح بأن قطاع التأمين بوضعه الحالي غير قادر على استيعاب هذا التحول ويحتاج إلى العديد من الإصلاحات (Reforms) الجوهرية والهيكلية. أولى تلك الإصلاحات أن يعي الجميع بأنه تأمين تعاوني، قائم على الشريعة الإسلامية السمحة، وإذا كان هناك شخص استنفد كل ما دفعه من أموال في التأمين فهناك العديد من المؤمن عليهم الذين لم يستنفدوا تأمينهم، فالفريق الأول يأخذ من الثاني وهكذا. والذي يحصل من شركات التأمين غير مقبول على الإطلاق حيث تطلب العديد من الشركات إخراج المريض من المستشفى لأنه استنفد تأمينه. والإصلاح الآخر هو عدم التأمين على المتعاقدين، ولعل الحل يكمن في ضرورة إيجاد حل للمتعاقدين ومحدودي الدخل، كما ذكرنا آنفاً.
توفير 90 مليارا
- ما التقديرات المالية لجدوى التأمين، مقارنة بما ترصده الدولة لقطاع الصحة؟يشير د.عبد الله العنزي إلى أنه بالاضافة الى المنافع المتحصلة من رفع الانفاق الحكومي المباشر على القطاع الصحي بوصفه خامس أكثر قطاع يستنزف الميزانية العامة يمكن النظر ايضا إلى الفوائد المحتملة من رفع كفاءة القطاع الصحي وإلغاء الهدر الحاصل بالخدمات الصحية – فقط نصف الخدمات الصحية حاليا يتم الاستفادة منها بأي وقت- كجدوى اقتصادية فيمكن توفير أكثر من 90 مليار ريال خلال الخمس عشرة سنة القادمة. ايضا يمكن أن يصاحب التأمين وضع رسوم على ما يمكن أن يشكل خطرا على الصحة من سجائر ومشروبات غازية ووجبات سريعة وايضا رسوم تدفع من قبل شركات تأمين السيارات لتغطية مصاريف علاج مصابي الحوادث المرورية. لذا لا يمكن اغفال أثر البرامج المصاحبة للتحول الوطني للحكم على جدوى التأمين.
مناشدات العلاج بالخارج لا تليق بالميزانيات المليارية.. وبعضها أشبه بإجازة سياحية مدفوعة الثمن
شرطان للجدوى
وفي منظور د.رضا خليل الجدوى المالية ستكون عالية جداً، فالحاصل حالياً في القطاعات الصحية وجود هدر كبير سبق ان كتبت عدة مقالات عن الهدر في الإنفاق الصحي على مستوى العالم وفقاً لما نشرته منظمة الصحة العالمية والذي يصل إلى حوالي ٢٠٪ عالمياً ولكن النسبة لدينا في المملكة أعلى من ذلك والهدر هنا له مفهوم واسع وشامل فليس الهدر المالي المباشر ولكن هناك، هدر مالي اخر غير مباشر.
الهدر المباشر مثل: بعض المبالغات في تأمين مشتريات طبية بكميات كبيرة قد لا تكون هناك الحاجة لكل هذه الكميات ويحدث تكدس وانتهاء صلاحيات وعدم الاستفادة المثلى من البعض والهدر حاصل احيانا في الارتفاع والمبالغة في بعض الأسعار.
ولكن المشكله الكبرى في الهدر غير المباشر مثل:عدم الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بناء عشرات المستشفيات انفقت عليها الدولة مئات المليارات ومعطلة بدون تشغيل وعدم الاستفادة من الطاقات البشرية الموجودة بالمرافق الحكومية وعدم كفاءة وإنتاجية العديد من الموظفين هذه كلها أمثلة على الهدر في الإنفاق الصحي وبالتالى والعودة الى سؤالك وهو الجدوى المالية للتأمين مقارنة بما ترصده الدولة للقطاع الصحي سوف يكون كبيراً بمشيئة الله تعالى شريطة وضع الاليات التنفيذية ورفع كفاءة العاملين على تنفيذ هذه الخطط والبرامج من أجل النجاح الذي يتطلع إليه الجميع لبرنامج التحول الوطني.
لغة الأرقام
يرد الدكتور شاكر الصالح بإحصاءات، ويرصد ميزانية وزارة الصحة خلال 10 أعوام.
ويقول الجدول المرفق الذي يوضح ميزانية وزارة الصحة من عام 2004 - 2014م ويظهر فيه الارتفاع الهائل في ميزانيتها من دون أن ينعكس على الجودة المقدمة للمواطن.
وبلاشك فإن جزءا من تلك الميزانية إذا ما تم صرفه على التأمين الصحي فإن الخدمة التي سوف يتم تقديمها للمواطن سوف ينعكس بصورة إيجابية على العديد من الخدمات الصحية. تطبيق الترميز الطبي (Clinical Coding) من التطبيقات التي بات النظام الصحي في العديد من الدول يطبقها، وهذا الترميز يحد بشكل كبير من زيادة أسعار الخدمات الصحية المقدمة.
موقع القلب
-
أين موقع الرعاية الصحية الأولية في هذه الاستراتيجية، وهل ستطالها الخصصة أيضاً؟
-
يؤكد د.عبد الله العنزي: الرعاية الصحية الأولية هي القلب النابض للأنظمة الصحية الحديثة ولا يمكن السير بالتحول نحو الخصخصة بدونها. ولنا عبرة بتركيز الانظمة الصحية الحديثة بالدول المتقدمة على الرعاية الاولية لتحسين جودة الحدمات الصحية بالاضافة كمصدر لتقليل النفقات وتجنب لجوء المريض للخدمات الصحية الاخرى المكلفة كمراجعة الوحدات الصحية المتخصصة وأقسام الطوارئ. لذا بالاضافة إلى خصخصتها لابد من إعادة النظر بما تقدمه من خدمات فما يقدم الآن لا يمكن وصفه بالرعاية الصحية الاولية لاقتصار خدماته على أجزاء بسيطة مما يفترض تقديمه. فالرعاية الصحية الاولية لابد أن تكون هي منطلق المنظومة الصحية من مستشفيات ومراكز صحية متخصصة وخدمات تشخيصية ووقائية ومركز تثقيفي وتوعوي بالاضافة لعملها كمرجع ونقطة تواصل دائمة مع المريض.
الاستثمار في صحة الإنسان يحقق 9 أضعاف الاستثمار في أي مجال آخر
أبعدوها عن "الرعاية"
ويشير د.رضا خليل: تفاصيل الإستراتيجية فيما يتعلق بالقطاع الصحي لم تنشر بعد وسمو الأمير محمد بن سلمان تحدث على الإستراتيجيات والمفاهيم الأساسية ولا يمكن أن يتفضل سموه بنشر تفاصيل وخطة كل قطاع من قطاعات الدولة في الصحة وفي الإسكان وفي الخدمات الاجتماعية والشؤون البلدية والقروية والتعليم ويقع ذلك على عاتق كافة الوزارات ولقد تابعنا خلال الأشهر الماضية أن كل وزارة كانت تعمل على وضع التفاصيل الخاصة بالاستراتيجية وبالنسبة لوزارة الصحة لم تنشر استراتيجيتها حتى الآن ولكن ما أتمناه هو الرعايه الصحية الاولية، ما اتمناه بل وأرجوه وأناشد به العاملين في القطاع الصحي ألا تطال الخصخصة الرعاية الصحية الاولية.
إن الرعاية الصحية الاولية تصنف عالمياً على أنها حارس الرعاية الصحية للنظام الصحي باكمله في جميع الدول، وهي المسؤولة عن الصحة العامة ومنع انتشار الأوبئة والأمراض وهذه يجب ألا تخضع إلى قطاع الخصخصة وتظل في يد وزارة الصحه كما هو معمول به في جميع الأنظمة الصحية الراقية والمتطورة عالمياً.
معادلة خاسرة
ويجيب د. شاكر الصالح بقوله: من الأمور التي يُؤسف عليها هو تركيز وزراء الصحة السابقين على زيادة أعداد الأسرّة وزيادة أعداد المستشفيات المتخصصة وذلك لمواكبة الأعداد الهائلة في زيادة السكان، وهذه معادلة خاسرة فمهما كان العدد في نسبة زيادة السكان لن تواكبها نسبة مماثلة في أعداد الأسرة والمستشفيات. وبدلاً من ذلك كان من اللأجدى والأنفع للرعاية الصحية في المملكة التركيز على تطوير وتحسين البنية التحتية لعيادات الرعاية الصحية في المملكة.
الرعاية الصحية في المملكة تحتاج إلى العديد من الإصلاحات.
وضع مزر
ويقول: للأسف الشديد ان وضع عيادات الرعاية الصحية في المملكة وضع مزر. تلك العيادات التي نشاهدها الآن - يتراوح عددها من 2259 إلى 2500 عيادة - هي ذاتها العيادات التي كنا نزورها قبل ثلاثة عقود. لا يُعقل أن يكون وضع عيادات الرعاية في المملكة بالوضع الذي هي عليه الآن. عيادات الرعاية هي خط الدفاع الأول للعائلة، وهي التي يجب الذهاب اليها عند حدوث أي عارض صحي. وعليه فيجب تطوير عيادات الرعاية بشكل كامل بدءًا من وجود استشاريين سعوديين متخصصين في طب العائلة، على أن يكون لكل عائلة طبيب خاص بها، على غرار العديد من الدول التي سبقتنا في هذا المجال مثل أميركا وكندا وبريطانيا. كذلك يجب تطوير مختبرات العيادات الأولية، وتطوير الصيدليات ودعمها بالكادر الوطني المؤهل وكذلك بالأدوية والتطعيمات الحديثة. أيضاً يجب الإسراع في تدشين الملف الصحي الموحد، وهذا ما تعمل عليه حالياً وزارة الصحة بالتعاون مع شركة علم.
غير لائق
-
ما مفهوم "برامج وطنية" في العلاج الخارجي، وهل ستوضع معايير لذلك تحدد بشفافية من يستحق الحصول على العلاج في الخارج؟
-
يقول د.عبدالله العنزي: ليس لي دراية ومعرفة كاملة ودقيقة - لكن بامكاني القول: لاشك أن التحول وايجاد برامج وطنية للعلاج بالخارج أمر مهم فما يحصل من مناشدات للعلاج بالخارج بالصحف ووسائل التواصل الاجتماعي لا يليق بما تقوم به الدولة من مجهودات حثيثة وميزانيات مليارية للصحة. بلا شك ان ايجاد برامج وادارات ذات صلاحية وشفافية عالية يمكن أن يكمل ما تقوم به الإدارة العامة بوزارة الصحة للهيئات الطبية والملحقات الصحية من عمل متميز بما يتلاءم مع رؤية التحول الوطني.
الحد من العلاج بالخارج
ويعتقد د. رضا أن مفهوم العلاج في هذا الشأن هو الحد الشديد من العلاج الخارجي وبدلاً من أن نرسل مواطنينا للعلاج في الخارج نستقدم الخدمات الطبية من الخارج وندعو الخارج ان يستثمر لدينا وبالتالي نكون قد حققنا الكثير وقلصنا النفقات إلى أكبر حد وأرحنا المواطن من عناء السفر إلى الخارج. ولعلنا تابعنا جميعاً الايام القليلة الماضية وجود ١٩ شركة أميركية متخصصة في المجال الصحي هرولت وسارعت للوصول إلى المملكة لبحث فرص الاستثمار الصحي في المملكه وهذا في تصوري هو المقصود بالبرامج الوطنية في العلاج الخارجي.
بل يجب تقنينه
وللدكتور شاكر مزيد من الإيضاح، إذ يقول: كان العلاج في الخارج أشبه بإجازة سياحية مدفوعة الثمن، ولذلك يجب أن يُقنن بحيث يكون الغرض منه الحصول على خدمة صحية غير متوفرة لدينا. مع التطور العلمي والتقني الذي تشهده كافة المجالات فقد أصبح بإمكان المنظمات الصحية التواصل والتفاعل والمشاركة والتشارك مع أفضل المنظمات الصحية العالمية عن طريق أخذ الاستشارات الطبية عن بعد(Telemedicine). يجب أن تكون تلك البرامج الوطنية عادلة في إرسال من يستحق العلاج في الخارج، كما يجب أن تُحدد مدة العلاج والحصول على تقرير شهري عن التطورات التي تحدث للمريض.
لقد ركزت رؤية 2030 على السياحة العلاجية، وتعني أن يأتي المرضى من خارج المملكة لكي تتم معالجتهم لدينا، حيث أصبح السفر من أجل الصحة والاستشفاء من أهم الأنماط السياحية الجديدة، وذلك لما يحققه من عوائد اقتصادية على صناعة السياحة وعلى الوجهات السياحية وعلى القطاع الصحي. مع هذه الرؤية الثاقبة التي ستشهدها المملكة بات هذا النمط من أكثر الأنماط القابلة للنمو والتطوير. فبدلاً من التفكير في إرسال المواطنين إلى الخارج لعلاجهم، يحبذ لو تم التفكير في فتح المجال للأجانب لعلاجهم في مستشفياتنا التخصصية.
الــرعـايـة الأولـــيــة «حارس النظام الصحي» ويجب إبعادها عن الخصخصة
التنافسية هي المحور
-
ما التسهيلات الممكنة لتأسيس شركات وطنية موازية تستطيع منافسة العالمية التي ستنجذب للاستثمار في القطاع الصحي، وما الضوابط التي تجعل هذا الاستثمار إنسانياً لا تجارياً بحتاً؟
-
في رأي د.عبدالله العنزي: الشركات الوطنية ممكن أن تستفيد أولا من معرفة السوق المحلي واحتياجاته ورغبات المريض والانظمة والثقافة المحلية كميزة تنافسية مهمة في السوق فبالنهاية القطاع الصحي يقدم خدمة والمريض يعتبر مستهلكا يبحث عن الافضل. أيضا يمكن الاستفادة من الكفاءات الوطنية من اداريين وطاقم طبي ورؤوس اموال وطنية راغبة بالاستثمار بالقطاع الصحي. أما تقديم تسهيلات إجرائية او نظامية مباشرة للشركات الوطنية فقط لكونها وطنية فأعتقد أن هذا ينافي الفكرة الأساسية من برنامج التحول الوطني فالتنافسية هي محور خطة التحول. أما بخصوص ايجاد ضوابط للحيلولة دون تحوله لاستثمار تجاري بحت فهو بالنهاية استثمار وجميع من يستثمر بالتأكد يبحث عن عائد ولا ضير في ذلك. وما يمكن عمله في هذا الامر هو ايجاد منظومة قوانين وتشريعات وجهات رقابية لضبط الأسعار ومن ثم محاولة إيجاد الجانب الانساني بهذا الاسثمار التجاري وذلك بتشجيع عمل المنظمات غير الربحية (NGO) وايجاد القوانين الملائمة لفرض علاج الحالات الطارئة بالاضافة لتحصيل رسوم على المستثمرين ومقدمي الخدمة وشركات التأمين تتيح فرصا لتمويل برامج علاجية للحالات المحتاجة.
الوتر الحساس
ويضيف د. رضا بسؤالك عن الضوابط التي تجعل هذا الاستثمار انسانياً لا تجارياً بحتاً ضربت على وتر حساس جداً.الأنظمة الواضحة والشفافية والرقابة والبعد عن البرامج التجارية التي تصلح في قطاعات غير انسانيه لا تصلح في القطاع الصحي. فمثلاً يتحدث البعض عن نظام البناء والتشغيل ثم نقل الملكية وهو ما يطلق عليه BOT هذا معمول به ويصلح في الطرق والمطارات وفي سكك الحديد..الخ. ولكنه لا يصلح إطلاقاً في القطاع الصحي.
الاستثمار في صحة الانسان حسب تقرير ودراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية يحقق تسعة أضعاف الاستثمار في اي مجال آخر. وليست المتاجرة بصحة الانسان ولكن نوفر الصحة ونستثمر في صحة الإنسان حيث ان العنصر البشري هو المحور الرئيسي في التنمية الاقتصادية في اي دولة من دول العالم فكلما تحسنت صحة الأفراد زادت انتاجيتهم فبدون عنصر بشري يتمتع بالصحة تتعثر التنمية الاقتصادية بكاملها.
الإنسان بدلاً من النفط
ويختتم بقوله إن جل البرنامج الذي أطلقه صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو الانتقال من نهضة النفط إلى نهضة الانسان وأملنا كبير في الله سبحانه وتعالى ثم في حكمة وخبرة قائد هذه البلاد مليكنا سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وعضده الأيمن صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن نايف مع حماس ورؤية ووضوح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز سوف تصل بنا إلى ما هو أفضل والقادم أفضل بمشية الله تعالى.، تفاؤلوا بالخير تجدوه.
البنية التحتية
ويذهب د. شاكر إلى أن الخطة الاستثمارية الجديدة للرعاية الصحية التي أعدتها وزارة الصحة بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار تعتمد على طرح ما يزيد عن 40 فرصة استثمارية بقيمة 266 مليار ريال. ولا شك بأن الاستثمار الصحي واعد وذلك للزيادة السكانية في المملكة، وزيادة المستشفيات التي يصل عددها إلى قرابة ال 300 مستشفى. ورغم ذلك فإننا نرى - قبل البدء بهذه الخطوة - العمل الجاد على تطوير صناعة الصحة في المملكة من خلال تحسين البنية التحتية لعيادات الرعاية الأولية، والبناء الشامل لنظام معلومات الصحة الوطنية الموحد.