دول مجلس التعاون الخليجي تقف أمام مفترق طرق في مسيرتها في المنطقة نحو المستقبل، حيث تأسست تلك الشركات منذ 50 إلى 60 سنة في ظل اقتصاد كلي قوي ومزدهر ومنافسة أجنبية محدودة، بينما تمر الآن بمرحلة انتقال للملكية من الجيل الثاني إلى الجيل الثالث (من أبناء المؤسسين إلى أحفاد المؤسسين)، وعادة ما تكون هذه المرحلة مصحوبة بأزمات تتمحور حول التحكم والإحلال الوظيفي وخفض مستوى الملكية بين عدد كبير من المساهمين.
وأكدت الدراسة التي اطلعت عليها "الاقتصادية" والصادرة عن مركز السيدة خديجة بنت خويلد في الغرفة التجارية الصناعية في جدة بالتعاون مع شركة Strategy حول "كيفية تفعيل دور المرأة في الشركات العائلية في دول مجلس التعاون"؛ أن الشركات المملوكة لعائلات تمثل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تسهم تلك الشركات بنسبة 80 في المائة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وأضافت "في ظل سعي الشركات العائلية بدول مجلس التعاون لمواجهة تلك التحديات، تكون أمامها فرصة كبيرة للاستفادة من مصدر واعد يبشر بازدهار واستقرار، ألا هو المشاركة الفاعلة في الشركات أو الأنشطة العائلية من جانب أفراد العائلة من النساء، علما أن هذا هو الوقت المثالي لاقتناص هذه الفرصة الذهبية نظرا لأن جميع دول مجلس التعاون قد جعلت مسألة إشراك المرأة في النهضة الاقتصادية في صدارة أولوياتها، كما أن ميزة تنوع وجهات نظر جميع أفراد الأسرة تكتسب زخما وانتشارا يوما بعد يوم، وهذه العوامل كلها توجد بيئة مثالية
وأكدت الدراسة أن المرأة العربية واجهت عقبات مجتمعية على مر التاريخ حالت دون انخراطها في الشركات العائلية، وهذه العقبات مشابهة للتحديات التي تواجهها المرأة في جميع أنحاء العالم، مضيفة، "ومع أن مسألة التوازن بين العمل والحياة والمعتقدات السائدة بأن المرأة لا تصلح للمناصب العليا، تبدو واضحة للعيان في منطقة الخليج أكثر من غيرها، إلا أن العقبات التي تواجهها المرأة عموما متشابهة".
واستدركت "ورغم ذلك فثمة عدد من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تحد من تأثير تلك العقبات، كما أن الشركات العائلية في دول مجلس التعاون حين تتطلع إلى الشركات العالمية المناظرة لها التي تتبع أفضل الممارسات العالمية، تجد أن الموظفات في تلك الشركات يتمتعن بمكانة مرموقة ويشكلن مصدر قوة هادرة تدفع قاطرة نجاح تلك الشركات إلى الأمام"، مفيدة، "وإذا نظرنا إلى الولايات المتحدة على سبيل المثال سنجد أن أكثر من ثلث الشركات العائلية تديرها مديرات تنفيذيات، وأن نصف تلك الشركات قد عينت امرأة واحدة على الأقل من أفراد الأسرة في منصب إداري بدوام، أما على الجانب الإداري فسنجد أن 80 في المائة من الشركات الأمريكية التي تملكها نساء فيها مديرة واحدة على الأقل في مجالس إدارتها".
وأوضحت الدراسة "وما لا شك فيه أن الشركات العائلية تعكس توجهات كبرى تبرهن على أن تولي المرأة زمام القيادة في تلك الشركات كان السر وراء نجاحها، فعلى سبيل المثال ارتفعت نسبة تقلد المرأة لمناصب إدارية عليا عالميا من 19 في المائة في عام 2004 إلى 24 في المائة عام 2014".
ولفتت إلى أن الأسواق الناشئة بشكل خاص تعد أمثلة استثنائية للشركات التي تعزز من مكانة المرأة وتضيف إلى رصيد خبراتها، وأن النمو الاقتصادي السريع في تلك الأسواق أسهم في إيجاد فرص عديدة أمام المرأة يمكنها الاستفادة منها، ذاكرة، "وكان من ثمرة تلك الفرص الزيادة النسبية لتقلد المرأة مناصب تنفيذية عليا، حيث تشغل المرأة 43 في المائة من مناصب الإدارة العليا في روسيا، و41 في المائة في إندونيسيا، و40 في المائة في الفلبين، مقارنة بـ 22 في المائة في الولايات المتحدة، و14 في المائة في ألمانيا، و9 في المائة في اليابان. أما تقدم المرأة في مجال الحوكمة فيسير بوتيرة بطيئة، إذ ارتفعت نسبة المقاعد التي تشغلها المرأة في مجالس إدارة الشركات المساهمة الكبرى في البلدان الصناعية من 9.7 في المائة في عام 2009 إلى 11.8 في المائة عام 2013".
اقرأ أيضاً:
12% مساهمة الشركات العائلية السعودية في الناتج المحلي
3 شركات سعودية ضمن أكبر 500 شركة عائلية في العالم
السعودية: ربع تريليون ريال حجم استثمارات الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني