إجراء فحص ما قبل الوفاة للمشروع .. هل هو كاف لتحقيق فرص ا

- بقلم: جاري كلاين - 20/09/1428هـ
تفشل المشاريع بسرعة مذهلة. ومن أسباب ذلك أن كثيراً من الناس لا يرغبون في الحديث عن تحفظاتهم أثناء مرحلة التخطيط المهمة للغاية. وحين نجعل الأمور مأمونة بالنسبة لأصحاب الآراء المخالفة والعليمين بنوعية المشروع والقلقين على نقاط ضعفه ونسمح لهم بالكلام، فإننا نستطيع تحسين فرص النجاح أمام المشروع.
من الأبحاث التي أجراها في عام 1989 ديبورا ميتشل، من كلية وارتون، وجاي روسو ونانسي بيننجتون، من جامعة كولورادو، تبين أن توقع الأمور، أي تخيل أن أمراً معين قد وقع فعلاً، يزيد من القدرة على التحديد الصحيح للأسباب المؤدية إلى النتائج المستقبلية بمقدار 30 في المائة. وقد استخدمنا توقع الأمور لتطوير أسلوب يدعى "فحص ما قبل الوفاة"، الذي يعين فرق المشاريع على التعرف على المخاطر منذ البداية.
إن فحص ما قبل الوفاة هو النقيض المفترض لفحص الجثة بعد الوفاة. إن فحص الجثة في السياق الطبي يسمح للمختصين الصحيين وللعائلة بمعرفة سبب وفاة المريض. ويستفيد الجميع من ذلك، ما عدا المريض نفسه بالطبع. وفي سياق الأعمال فإن فحص ما قبل الوفاة يأتي في بداية المشروع بدلاً من تشريحه بعد الوفاة. وبخلاف جلسة الانتقاد العادي، التي يُسأل فيها أعضاء فريق المشاريع عن الأمور التي يمكن أن تتعثر، فإن هذا الفحص يعمل على افتراض أن "المريض" قد مات فعلاً، وبالتالي فهو يسأل: ما الذي حدث فعلاً في سبب الوفاة؟ ومهمة أعضاء الفريق هي توليد أسباب معقولة لفشل المشروع.
يبدأ الفحص في العادة بعد إطلاع الفريق على الخطة. ويبدأ المسؤول التمرين بإعلام الجميع أن المشروع قد فشل على نحو مذهل. وخلال الدقائق القليلة التالية لذلك يكتب كل شخص من الموجودين في الغرفة، على نحو مستقل، كل سبب للفشل يمكن أن يخطر على باله، خصوصاً الأشياء التي لا يذكرونها في العادة على أنها مشكلات محتملة، خوفاً من أن ذلك من قلة الكياسة.
على سبيل المثال، في جلسة عقدت في إحدى الشركات الواردة في قائمة فورتشن 50، اقترح أحد التنفيذيين أن مشروعاً للاستدامة البيئية بقيمة مليار دولار "فشل" لأن الاهتمام بالمشروع تراخى بعد تقاعد كبير الإداريين التنفيذيين. ونسب آخر فشل المشروع إلى ذوبان الحجة التجارية واضمحلالها بعد أن عدلت وكالة حكومية من سياساتها.
بعد ذلك يسأل المسؤول كل عضو في الفريق، بدءاً من مدير المشروع، قراءة سبب واحد من قائمته. ويذكر كل شخص من الحاضرين سبباً مختلفاً للفشل إلى أن ينتهي الجميع من عرض جميع الأسباب. وبعد أن ترفع الجلسة، يراجع مدير المشروع القائمة، بحثاً عن سبل لتقوية الخطة.
وأثناء جلسة حول مشروع لتطوير خوارزميات متطورة للغاية للكمبيوتر متوافرة لمخططي الحملات الجوية في المجالات العسكرية، فإن أحد أعضاء الفريق الذي ظل صامتاً أثناء الاجتماع التمهيدي الطويل تطوع بالقول إن أحد الخوارزميات لن يحتل موقعاً بسهولة على بعض الكمبيوترات المحمولة المستخدمة في الميدان. وبناء على ذلك فإن البرنامج سيحتاج تشغيله إلى ساعات في الوقت الذي يحتاج فيه المستخدمون إلى نتائج سريعة. وجادل بأنه إذا لم يتمكن الفريق من إيجاد حل لهذا الموضوع فإن المشروع لن يكون عملياً. وتبين فيما بعد أن مطوري البرنامج الخوارزمي خلقوا وصلة مختصرة قوية ولكنهم كانوا مترددين في ذكرها. وفي النهاية تم استخدام الوصلة واستمر العمل في المشروع الذي أصبح ناجحاً للغاية.
وفي جلسة لتقييم مشروع للأبحاث في منظمة مختلفة، اقترح أحد كبار التنفيذيين أن "فشل" المشروع حدث لأنه لم يكن هناك وقت كاف لإعداد حجة للأعمال لصالح منتج معين قبل المراجعة العامة التالية لمبادرات المنتجات. وخلال الاجتماع التمهيدي الذي دام 90 دقيقة لم يأت أحد على ذكر القيود الزمنية. وعدل مدير المشروع الخطة بسرعة بحيث أُدخل في الاعتبار دورة القرارات في الشركة.
ورغم أن كثيراً من فرق المشاريع تمارس تحليل المخاطر قبل إطلاق المشروع، إلا أن منهج الفحص قبل الوفاة يعطي منافع لا تعطيها المناهج الأخرى. والواقع أن هذا الفحص ليس فقط يساعد الفرق على التعرف على المشكلات المحتملة بصورة مباشرة. بل هو كذلك يقلل من المواقف الذي غالباً ما يتخذها الأشخاص الذي يُستثمرون فوق الحد في مشروع معين، وهي مواقف تدفع بأصحابها إلى العمل بمنتهى السرعة للانتهاء بسرعة من العمل.
فضلاً عن ذلك، فحين نصف نقاط الضعف التي لا يذكرها أي شخص آخر غيرنا، يشعر أعضاء الفريق بقيمتهم على ما قدموه من معلومات وخبرة، ويتعلم الآخرون منهم. كما يعمل التمرين كذلك على رفع درجة حساسية الفريق بحيث يتمكن من اكتشاف الدلائل الأولى للمتاعب حين يبدأ العمل على تنفيذ المشروع. وفي النهاية فإن فحص ما قبل الوفاة يمكن أن يكون السبيل الأمثل للحيلولة دون أن تكون هناك حاجة لإجراء فحص ما بعد الوفاة، الذي يكون مؤلماً في العادة.
Top