استبعاد تأثر سوق الأسهم السعودية بتفاقم أزمة جنود البح
Featured
رفض محللون وخبراء ماليون، الربط بين ما يحدث في سوق الأسهم من تقلبات وانخفاضات حادة والأجواء السياسية الساخنة بين لندن وطهران التي نشبت بسبب احتجاز الأخيرة 15من جنود البحرية البريطانية. وفي وقت يترقب فيه المستثمرون ما ستسفر عنه الجهود الدبلوماسية لحلحلة هذه الأزمة، أكد المحللون إن التوتر السياسي بين طهران ولندن ترك الباب مفتوحاً أمام المضاربين لاستغلاله في ضرب السوق. وباتت أسواق المال الخليجية ومنها السوق السعودي، شديدة الحساسية إزاء أي تطورات سياسية سواء في ملف الجنود المعتقلين، أو في الملف النووي لإيران التي يقودها طموحها النووي نحو الإصرار على تخصيب اليورانيوم.
ويراقب المستثمرون عن كثب تطورات أزمة احتجاز إيران ل 15من جنود البحرية البريطانية بحجة دخولهم مياهها الإقليمية بطريقة غير قانونية.
وقال الدكتور توفيق السويلم الخبير المالي ورئيس مركز الخليج للبحوث والدراسات الاقتصادية، ان أسواق المال في العالم ومنها الأسواق الخليجية تعتبر شديدة الحساسية من أي تطورات سياسية، غير أنه شددّ على أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها سوق الأسهم السعودي هي فقدان الثقة وزيادة حدة المضاربات وغياب الاستثمار المؤسسي،مستبعداً أن تكون أزمة احتجاز إيران ل 15من جنود البحرية البريطانية سبباً في هبوط السوق.
وأضاف: "كبار المضاربين دائماً ما يستغلون هذه الأحداث.. عند حصول اية تطورات سواء سلبية أو ايجابية في ملف الأجواء الساخنة بين ايران ولندن، سنرى كيف يتحرك المضاربون من خلال هذه التطورات، موضحاً إن تراجع الأسهم عن مستوى 8000نقطة في الأسبوع الماضي، بعث برسالة سلبية للمتعاملين في السوق، مما أطلق حمى بيوع كبيرة هبطت بالمؤشر لمستويات دنيا جديدة".
واعتبر الدكتور السويلم أن الأداء السيئ للسوق جاء نتيجة المضاربات وجهل المستثمرين وتدني مستوى الشفافية والممارسات الخاطئة من بعض المستثمرين، متوقعاً أن يتخذ المستثمرون مراكز جديدة بعد إعلان الشركات نتائجها للربع الأول من العام الجاري.
وأشار إلى ان أرباح الشركات في هذا الربع ستكتسب الكثير من الأهمية لجهة أن من شأنها أن تساهم في عودة الثقة وأن تقنع النتائج الجيدة والمتوقعة للشركات القيادية العديد من الأشخاص باستثمار مدّخراتهم في الأسهم.
وذكر أن صغار المستثمرين لم يستفيدوا من التجارب المريرة التي مروا بها، مضيفاً: "يبدو أن الحذر والتعقل يغيب عن قرارات كثير من المتعاملين...إنها خيبة أمل كبيرة".
من جهته، قال ل"الرياض" الدكتور عبدالله الحربي أستاذ المحاسبة ونظم المعلومات بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمستشار المالي، أن كبار المضاربين يستغلون دائماً الأخبار الإيجابية والسلبية لتحقيق أهدافهم، مضيفاً: "من الواضح أن المضاربين استفادوا من تبعات الأزمة العالقة بين لندن وطهران لضرب السوق..هذه الأزمة ليس لها تأثير مباشر على سوق في الوقت الراهن. لكن تأثيراتها السلبية تكمن في استغلالها من قبل المضاربين".
وتابع: "صحيح أن الأسواق المالية حذرة من أي تطورات سياسية سلبية في المنطقة.. ولكن هذه التأثير لن يظهر بشكل واضح إلا إذا وقعت الحرب بين إيران والغرب، مبيناً أن ما حدث في السوق الأسهم خلال الأيام الماضية يعتبر نوعاً من خطة التصريف المفاجئ التي طبقت في ظل انعدام التوزان في السوق".
وأكد أن السوق تعرض لموجة تصحيحية وعمليات مضاربية قام بها عدد من كبار المضاربين المسيطرين على أسهم معظم شركات السوق مستغلين بذلك قلة عدد أسهم شركات المضاربة من ناحية وقلة عدد الأسهم المتاحة للتداول للشركات القيادية، بجانب استغلال الأنباء والأخبار المحيطة بالسوق.
ولفت إلى أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها سوق الأسهم السعودي تتمثل في عدم تفعيل البعد الاستثماري والمؤسساتي، مشدداً على أن إغفال البعد الاستثماري وتغليب خيار المضاربة على قرار الاستثمار يعود إلى فقدان المتداولين للثقة بآليات ومعطيات السوق في تحديد السعر المناسب للسهم المراد الدخول فيه.
على صعيد متصل، وضعت أجواء التقلبات والانخفاضات الحادة في سوق الأسهم، صحة المستثمرين على المحك، حيث لاحظ متخصصون في الطب النفسي انتشاراً لافتاً لأمراض داخلية مرتبطة بالقلق والتوتر العصبي، كارتفاع ضغط الدم، والقولون العصبي، والقلب، والأرق، في أوساط المتعاملين.
وأكدت ل"الرياض" الدكتورة غادة الخولي استشاري طب نفسي وأستاذ مساعد الطب النفسي في مجمع عيادات دار العرب الطبية، أن الصدمة السريعة أو عنصر المفاجأة التي تصاحب الهبوط الحاد في السوق تعتبر من أكثر العوامل التي تتسبب في زيادة حدة الضغط النفسي على المتعاملين، مضيفين أن :"المشكلة الأساسية تكمن في غياب المعلومة أو شرح أسباب التراجع الحاد في الأسعار.. الإنسان بطبيعته عدو ما يجهل".
وأضافت: "لا اعتقد أن المضاربة في سوق الأسهم مهنة صحية باستثناء الذي يشتري الأسهم للربح البعيد المدى باعتباره شيئاً عاديا.. هناك أشخاص لا يحتملون المجازفة أيا كان نوعها، فينعكس ذلك على صحتهم والبعض يكون أصلا يعاني من مرض ما فيزيد التوتر من شدته، خصوصا لدى كبار السن الذين تجاوزوا الخمسين من العمر".
وقالت الهبوط المفاجئ في سوق الأسهم يؤثر بشكل خاص على الصحة النفسية للمستثمرين وعائلاتهم والمحيطين بهم وعلى المجتمع بشكل عام، مدللةً بالفترة التي أعقبت انهيار فبراير من العام الماضي التي شهدت بروزا كبيراً في الأزمات النفسية بسبب الأوضاع الاقتصادية التي عصفت بالمستثمرين.
وتابعت الدكتورة الخولي: "الضغط النفسي الحاد يظهر فجأة مع الازمات المباشرة ويأخذ طابع الصدمة احيانا، مشيرةً إلى أن المشكلة الأساسية تبدأ عندما يكون المستثمرين غير مهيئين نفسياً لتقبل هذه الصدمات".
وبينت أن نوع الضغط الذي يصيب المستثمرون عقب أي هبوط هو الضغط العصبي المركب من حيث فترته الزمنية قصيرة وطويلة المدى وعدم التوقع أو الفجائية والجهل بأسباب الهبوط، مبينة أن هذا النوع أدى إلى أضرار صحية ونفسية بالمستثمرين لا حصر لها.
وحول نوعية الأمراض التي ظهرت على السطح عقب نشوء أزمة الانهيار والتقلبات الحادة في سوق الأسهم، أكدت الدكتورة الخولي أن أمراض القلب وزيادة الضغط زادت بشكل كبير في الفترة القصيرة التي امتدت من بداية الانهيار وحتى الستة أشهر التالية، كما سُجلتّ حالات كثيرة جدا من الذبحات الصدرية وتجلطات الدم، بجانب حالات الاكتئاب والقلق والضيق والإحساس بالندم والشعور بالغبن والعدوانية والعنف والخوف من المستقبل المجهول واضطرابات النوم، إضافة للتشاؤم واليأس والارتباك، وحالات الهلع والفزع، وتهيج القولون العصبي، وفقدان الثقة بالآخرين، والانعزالية.
وأضافت: "فيما يتعلق بالجانب النفسي فقد انتشرت حالات الاكتئاب والقلق والهذيان، بجانب تعمدّ البعض إلى الهروب من الواقع وإنكار المشكلة والتصرف بأساليب غريبة وغير لائقة ، موضحةً أن هذا الأمر أضر بدينامكية الأسرة السعودية التي اضطربت علاقاتها الداخلية بشكل كبير".
وزادت: "حصل اضطراب كبير في السلوك داخل المجتمع بسبب أزمة سوق الأسهم.. هناك من انحرف عن مساره واتجه لاستخدام أشياء يرى أنها ستساهم في مساعدته على نسيان ما حدث".
ولفتت إلى أن الحالة النفسية السيئة التي يمر بها المستثمرون عند الهبوط الحاد في مؤشرات سوق الأسهم تساهم في ظهور نظرية المؤامرة من أن ما حدث كان متعمداً للإضرار بقوة المستثمرين ،مشيرةً إلى أن نشوء هذه النظرية تتزامن مع غياب فهم القرارات المتعلقة بالسوق.
واعتبرت الدكتورة الخولي أن الحالة النفسية عند كبار السن من المستثمرين تعتبر الأسوأ مقارنة بالوضع الذي يعانيه الشباب، نتيجة أن المستثمر كبير السن يرى أن سقوطه وانكساره في هذه المرحلة أمر صعب ولا يمكنه تعويض خسائره بعكس الشباب الذين يمكن أن يكون الطريق أمامهم طويلاً للوقوف مرة أخرى وتعويض ما خسروه.
وبينت أن الطريقة والأسلوب الذي تعبر فيه النساء المستثمرات عن انهيار السوق، يختلف بشكل كبير عن أسلوب تعبير الرجال، حيث يحدث للنساء انهيار عصبي وهستيريا وحالات صريخ بسبب أن المرأة فقدت أموالها أو منزلها أو مجوهراتها؛ فيما كان هناك غموض وسكون بين الرجال وتركز الأعراض عليهم في أمراض جسدية أكثر منها نفسية.
K2_LEAVE_YOUR_COMMENT
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.