الخطوات الأولى لإدارة المحفظة الاستثمارية

قد يخفى على العدد الأكبر من المستثمرين في الأسهم أن عملية إدارة الأصول المالية (مثال: إدارة محفظة للأسهم) لها قواعد استثمارية محددة، وهناك قرارات مهمة تشملها ولكنها قليلة. وحيث أن عدد كبير من المتداولين في سوق الأسهم السعودي هم من فئة المضاربين (تعرف المضاربة بأنها شراء وبيع الأسهم خلال فترة وجيزة "عادة تكون عدة أيام أو أسابيع") ويفتقرون إلى استراتيجية استثمارية ناجحة، فلقد رأينا أن نشرح لهم كيف يدير مديري الاستثمار (Fund Managers) محافظهم الاستثمارية بأسلوب يعتبر الأكثر استخداماً ويسمى (الأسلوب العامودي "Top-Down Approach")، حيث توجد ثلاث قرارات أساسية يتخذها مدير الاستثمار وهي:



 

القرار الأول: توزيع الأصول (Asset Allocation)

تبدأ الخطوة الأولى في إدارة المحفظة الاستثمارية بتحديد النسبة المئوية من إجمالي أصول المحفظة التي ستخصص للاستثمار في الأسهم فيما يتم الاحتفاظ بالنسبة المتبقية على شكل سيولة نقدية. ويتم اتخاذ هذا القرار الهام بناءً على توقعات مدير المحفظة لاتجاه سوق الأسهم، فإذا رأى المدير أن أداء السوق سيرتفع في الفترة القادمة فإنه يترتب عليه التوجه إلى رفع نسبة الاستثمار في الأسهم إلى حد أقصى هو 100% من المحفظة، والعكس صحيح أي أنه في حال التوقعات بهبوط السوق فإنه يتوجه إلى تحويل جزء من استثماراته إلى سيولة نقدية لتجنب الوقوع في الخسارة. وهذه العملية (توزيع الأصول) تؤثر بنسبة 80% على أداء المحفظة الاستثمارية وهي أهم قرار يتم اتخاذه. ونود أن نلفت النظر إلى أنه نادراً ما يلجأ مديري المحافظ المحترفين إلى تحويل جميع أصولهم إلى سيولة نقدية، إذ يعتبر ذلك من المخالف لأساسيات الاستثمار، حيث أن عودة ارتفاع السوق المفاجئة ستفوت فرصة كبيرة لارتفاع المحفظة، لكن المعتاد هو خفض نسبة الأسهم إلى مستوى يتناسب مع النسبة المتوقعة لانخفاض السوق (تتراوح عادة ما بين 0 إلى 40%). وتتطلب عملية توزيع الأصول مراعاة جميع العوامل التي تؤثر في أسعار الأسهم وخاصة الاقتصادية منها مثل أسعار النفط والسيولة المالية وأسعار الفائدة وانعكاساتها المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر على أرباح الشركات وبالتالي على اتجاه سوق الأسهم.

ثانياً: انتقاء الأسهم (Stock Selection)

بعد الانتهاء من توزيع الأصول وتحديد النسبة المخصصة للأسهم، يأتي دور الخطوة الثانية وهي عملية انتقاء الأسهم التي ستتكون منها المحفظة الاستثمارية. إذ يجب اختيار الأسهم الناجحة وتحديد نسبة شرائها وفقاً لنسب معينة متوافقة مع حجم الشركة. وعملية انتقاء الأسهم تؤثر على تحقيق الأرباح بنسبة 15%. وتتطلب عملية اختيار الأسهم دراسة تحليلية وافية للوضع المالي المتوقع للشركات المساهمة حيث يتوجب تتبع ظهور قوائمها المالية وتحليل النسب المالية ووضع الشركات ونشاطاتها حيث أن جميع هذه الأمور تؤثر في قرار شراء أو بيع أي سهم ما.

ثالثاً: التوقيت الاستثماري (Timing)

بعد تحديدنا لنسبة الأسهم ونسبة السيولة لمحفظتنا، واختيارنا للأسهم المراد الاستثمار بها، يبقى تحديد الوقت المناسب لشراء هذه الأسهم . وهذه العملية تؤثر على تحقيق الأرباح بنسبة 5%. وفي الواقع فإن الموضوع يعتبر مهماً لدى كثير من المتعاملين في سوق الأسهم وخصوصاً المضاربين، الذين تنصب جميع قراراتهم الاستثمارية على هذه الخطوة فقط، حيث يلاحظ امتلاكهم للأسهم لفترات قصيرة، حيث أن تغير الأسعار اليومي أقل بكثير من التغيرات على مدى أطول، فمثلاً لا يهم إذا اشتريت السهم بـ 100 ريال أو 101 ريال طالما أن سعر السهم في آخر السنة سوف يكون 120 ريالاً مثلاً.

قياس أداء المحفظة الاستثمارية


بعد أن تعرفنا على الأسس والقواعد التي يجب إتباعها عند تكوين المحفظة وإدارتها بالشكل السليم، فإنه يجب على المستثمر أن يخلو بنفسه ويفكر في هذه القواعد جيداً، وأن يسأل نفسه: هل بمقدوره أن يقوم بإدارة محفظة أسهمه الخاصة بنفسه وتحقيق الأرباح التي يتمناها؟

قد يظن الكثير من المتعاملين في سوق الأسهم بأنهم يستطيعون إدارة محافظهم بأنفسهم، وأن العوائد التي يحققونها كبيرة وممتازة. ولكن السؤال المهم هنا هو ما هو المقياس الذي قاس به المستثمرون أداء محافظهم؟

إن تحقيق نسبة من الأرباح الإيجابية في مجال إدارة المحافظ ليس بالمقياس المهم لوحده، إذ أن هناك عدة مقاييس يجب أخذها في عين الاعتبار. والمقياس الأول المهم في هذا المجال هو "القيمة المضافة – Value Added". ويعني هذا المقياس أنه يجب الحصول على عائد يفوق المؤشر الإرشادي للمحفظة التي يستثمر فيها. والمؤشر الإرشادي هو مقياس لأداء جميع الأسهم التي يمكن الاستثمار فيها، فمثلاً لو أن المستثمر يستثمر في الأسهم السعودية فالمؤشر الإرشادي له هو مؤشر "تداول لجميع الأسهم TASI"، وإذا كان يستثمر في قطاع البنوك فقط، فالمؤشر الإرشادي المرتبط به هو مؤشر "تداول لقطاع البنوك" وهكذا.

وهذا يعني مثلاً أنه لو حقق مستثمر ما في الأسهم السعودية عائداً نسبته 45% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2003، فأداءه للوهلة الأولى يعتبر ممتازاً، إلا أن هذا الرأي يعتبر متسرعاً وخالياً من التحليل، وذلك إذا عرفنا أن المؤشر الإرشادي (مؤشر تداول لجميع الأسهم) ارتفع بنسبة 60% خلال الفترة ذاتها، مما يعني أن أداء هذا المستثمر كان سيئاً لأنه أقل من أداء السوق بنسبة 15% مما يعني أن القيمة المضافة لمحفظة هذا المستثمر هي (-15%) أي سلبي بنسبة 15%. والعكس صحيح أيضاً. فلو أن مستثمراً تعرض لخسارة نسبتها 10% في إحدى السنوات فهذا لا يعني أن أداءه كان سيئاً، فإذا كان السوق انخفض بنسبة أكبر 20% مثلاً فهذا يعني أن هذا المستثمر استطاع تقليص الخسائر، والقيمة المضافة في هذه الحالة هي (+10%) أي إيجابي بنسبة 10%.

أما المقياس الآخر الذي يجب قياس الأداء به، فهو مقارنة أداء المحفظة التي يديرها بأداء الصناديق الأخرى المنافسة والتي تعمل في النشاط ذاته. علماً بأن بيانات هذه الصناديق متوفرة ومعلنة. ونطلب هنا من القراء الكرام أن يقوموا بحساب عائد محافظهم خلال السنوات الخمس الماضية ومقارنتها بأداء الصناديق المنافسة الموجودة في الجدول المرفق على سبيل المثال. وهنا نرى أنه من المفيد تعريف القارئ بماهية صناديق الاستثمار.
Top