الوصايا العشر للتعامل مع الهبوط القادم في سوق الأسهم

تعرض سوق الأسهم السعودي لحركات تصحيح شديدة في الاتجاه المعاكس (السلبي)، خلال الأسبوع الأخير من شهر شباط (فبراير) 2006، امتدت آثارها لأكثر من فترة أسبوعين من الزمان، أفقدت خلالها المؤشر العام لقيمة الأسهم، لأكثر من 4000 نقطة، وأدت إلى هبوطه إلى مستوى أدنى من الـ 17 ألف نقطة، بعدما كان قد حقق منذ بداية العام الجاري، نمواً كبيراً تجاوزت قيمته حدود الثلاثة آلاف نقطة.


ذلك الهبوط الحاد في قيمة المؤشر بعث بالذعر وبالخوف الشديدين إلى نفوس المتعاملين في السوق، وبالذات إلى نفوس صغار المستثمرين، الذين هرع عدد كبير منهم إلى التخلص من أسهمه بالبيع السريع والعاجل جداً، بغية منهم في تقليل حجم الخسائر التي منيت بها محافظهم الاستثمارية، ورغبة منهم على حد قولهم إلى وقف النزيف في قيمة الأسهم.
تنوعت آراء المحللين الماليين وخبراء سوق الأسهم المحلي، بمن في ذلك المستثمرون في السوق، حول الأسباب التي أدت إلى ذلك الهبوط، الذي أسهم بشكل كبير في هبوط قيمة رسملة السوق، بنحو الـ 20 في المائة، والتي كان البعض منها من وجهة نظري فيه شيء من المنطق، بينما كان البعض الآخر وللأسف الشديد، فيه شيء من المبالغة، وقد حاد كثيراً عن التفسير المنطقي سواء العلمي أو العملي لحالة الهبوط، نظراً لكونه لم يستند إلى المعرفة الدقيقة بحيثيات السوق، بالذات المرتبطة بآليات عمل السوق، وقوى العرض والطلب فيه.
ولعل من بين التعليلات والتفسيرات المنطقية، التي تحدث عنها بعض المحللين الماليين، وفق ما أوردته جريدة "الحياة"، بالعدد 15671، أن السوق قد واجهت ردة فعل كبيرة بعد ارتفاعها الكبير منذ بداية العام الجاري، وأنها كانت على موعد مع اختبارات لمستويات الدعم التي تم اختبارها سابقاً في شهر تموز (يوليو) من العام الماضي وشهر شباط (فبراير) من العام الحالي، بعد ارتفاعها إلى مستوى 20 ألف نقطة، لاسيما وأن الاستمرار في تحقيق مستويات أداء مرتفعة للسوق، كان بحاجة إلى حجم تداول كبير، كما أن جميع الشركات المتداولة، والبالغ عددها 78 شركة كانت بحاجة ماسة لحركات تصحيح قوية، لكي تعود الأسعار من جديد بشكل يتوافق مع نتائج الشركات المالية، مؤكدين في ذلك الخصوص، أن سوق الأسهم السعودية، كانت بحاجة فعلية إلى تلك الحركات التصحيحية، لتستطيع أن توقف الارتفاعات الكبيرة، التي شهدتها السوق خلال الفترة الماضية، ولاسيما في أسعار أسهم شركات المضاربة.
 أما بالنسبة للآراء التي قد بالغت بعض الشيء في تصويرها لحالة ذلك الهبوط فقد أخطأت من وجهة نظري، بوصفها لحالة ما حدث من هبوط في السوق، بأنه يمثل حالة من حالات الانهيار والكوارث المالية، غير المسبوقة، ولعلي أختلف أنا بدوري تماماً مع تلك الآراء، باعتبار أن الهبوط الذي قد حدث بكل تأكيد لم يكن يمثل أو حتى ينذر بحدوث حالة كارثة مالية لا سمح الله، حيث إن ما حدث كان نتيجة وتحصيل حاصل، وكما أسلفت لحركات تصحيح طبيعية كانت مطلوبة، وكان لا بد لحدوثها آجلاً أو عاجلاً، نتيجة للارتفاع الكبير الذي شهده السوق خلال المرحلة الماضية، والذي شجع البعض على بيع أسهمه بغرض جني الأرباح، ولكن وبكل تأكيد أن ما قد ضاعف من شدة حركات التصحيح تلك مشكلة انتهاج المستثمرين سياسة القطيع في بيع أسهمهم، بالإضافة إلى مساهمة الإعلام في تضخيم حجم المشكلة، من خلال آراء وأقلام وطروحات بعض الكتاب والمحللين. باعتقادي أن التصرف السليم في حالة تعرض السوق لحالة من الهبوط في المستقبل، نتيجة لحركات التصحيح الطبيعية، اتباع الوصايا العشر التالية:
(1) ضرورة ضبط النفس وعدم التسرع في بيع الأسهم، تحت تأثير العامل النفسي، المرتبط بالخوف وبالذعر وبالهلع.

(2) عدم الالتفات للشائعات والآراء المتضاربة حول أسباب الهبوط، بالذات التي تنشر من خلال رسائل الجوال، أو من خلال المنتديات.

(3) اللجوء لاستشارة المختصين بحالة السوق، من ذوي العلم والمعرفة والدراية، وبالذات من المشهود لهم بالنزاهة وصدق المعلومة، لأخذ النصيحة منهم.

(4) متابعة الارشادات والتعليمات والتحذيرات، التي تطلقها الجهات الرسمية المختصة في البلاد بين الحين والآخر حول أحوال السوق وملابساته.

(5) تنويع الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة في السوق، والإبتعاد عن الاستثمار فيما يعرف بأسهم شركات المضاربة.

(6) عدم الدخول للاستثمار المباشر في السوق، وبالذات بالنسبة لصغار المستثمرين، الذين أنصحهم بالاتجاه للاستثمار بصناديق الاستثمار المنتشرة بالبنوك المحلية.

(7) عدم اللجوء مطلقاً للاقتراض بهدف تمويل عمليات المضاربة في شراء وبيع الأسهم.

(8) الاستثمار في شركات الأسهم المشهود لها بالأداء المالي الجيد، والتي تتمتع بمكررات ربحية معقولة ومنطقية، بصرف النظر عن ارتفاع أسعار أسهمها.

(9) رفع الوعي الذاتي الثقافي والمعرفي، بآليات عمل سوق الأسهم وبفنيات التعامل معه، من خلال حضور الدورات وورش العمل الخاصة بذلك.

(10) عدم اتباع ما يعرف مصطلحاً بسياسة القطيع Herd Mentality، في البيع والشراء، وإنما اتباع سياسة استراتيجية استثمارية خاصة بالمستثمر وحده دون غيره، نظراً للاختلاف الكبير في معظم الأحيان، في اتجاهات وتطلعات وطموحات المستثمرين، وبالله التوفيق.

طلعت زكي حافظ - مساعد مدير عام البنك الأهلي التجاري ــ مستشار وكاتب اقتصادي

Top