كارين شو
إن التشبيك ليس مجرد ما يبدو عليه من مزايا، حيث إن من المحتمل أن ينحدر لكي يصبح مؤلما كما يقول مارتن جارجيولو، الأستاذ المشارك للسلوك التنظيمي ، وخبير الشبكات الاجتماعية. ويقول ''نعرف في أيامنا هذه أنه يمكن للشبكات أن تكون بمثابة موجودات تساعدك على إنجاز الأمور، ولكن الشبكات يمكن أن تمثل التزاماً ومسؤولية كذلك''. ويمكن للشبكات أن تكون في أحسن الأحوال نوافذ على العالم تمكنك من الفهم، والعمل مع التعدد والتعقيد في عالمك. وأما في أسوأ الأحوال، فإن بإمكانها أن تكون عوامل تسبب العمى، بحيث تمنعك من فعل ما تريد.
ويوضح مارتن الأمر بقوله'' إذا كانت شبكتك مكونة من أناس مشابهين لك، وبحيث يتحدث أفرادها إلى بعضهم البعض ، فيما يسميه الأساتذة بالشبكة ''المكثفة''، فإنك على ثقة بأنكم تتبادلون المعلومات ذاتها، بحيث يهيأ لك أن آراء المجموعة تدعم آراءك. ولكن تفاجأ في مرحلة ما بأن ما اعتقدت بأنه وصول لأفكارك إلى الجميع بصورة واضحة، إنما هو لك أنت فقط، وكذلك لأولئك الذين تتحدث إليهم مباشرة''.
لا يعني ذلك القول إن جميع الشبكات المكثفة سيئة . ويرى أنه إذا كانت لديك مجموعة من الأفراد الذين يشكلون شبكة ذات عقول متشابهة، فإن ذلك يمكن أن يكون مورداً تستفيد منه لتحقيق أهدافك المهنية . ولكن عليك كذلك أن تتيح فرصة احتكاك المجموعات مع جهات أخرى، ومجموعات متعددة داخل المؤسسة . وإلاّ فإن الفريق الخاص بك يمكن أن يصبح معزولاً، وغير قادر على الحصول على الدعم المطلوب لإنجاز الأمور.
ويضيف الأستاذ جارجيولو ''إنك بحاجة إلى فهم التبادل بين شبكة مكثفة، ومتجانسة، وذات قدرة، على أن تكون مريحة، وقادرة على المساعدة في حال وجود أزمة ، وشبكات أخرى تستطيع جعلك قادراً على متابعة سير الأمور داخل المؤسسة وخارجها. وإنك لست في حاجة إلى تلك الشبكة وثيقة القرب منك في حال وقوع الأزمات بما يعزلك عن الآخرين. وتصبح هذه الشبكة عبئاً عليك ما لم تمزج عملها بعمل شبكات أخرى تتعدى مهامها مجرد واجبات الدعم والمساندة''.
العلاقات القوية مقابل العلاقات الضعيفة:
يرى مارتن أن أحد مفاتيح إنجاح التشبيك في شركتك، هو التمييز الدقيق بين ''العلاقات القوية'' و''العلاقات الضعيفة''. وهو يميل إلى تشبيه الشبكات بالأسلاك الكهربائية النحاسية، حيث كلما زادت سماكة السلك، زادت قدرته على حمل الطاقة الكهربائية، وكلما زادت قدرتك على مساعدة الناس، زادت رغبة أعداد متزايدة منهم في استثمار الوقت، والطاقة في سبيل مساعدتك. غير أن ذلك يجعل من العلاقات القوية أمراً عالي التكاليف. ويمكنها ، شأنها في ذلك شأن الأسلاك السميكة، ألا تكون ضرورية لاستمرار العلاقة .
ويحذر من وجود شبكة واسعة للغاية لأن الإبقاء على كل العلاقات المتعلقة بها يمكن أن يشغلك عن الأمور المهمة تماماً . وهو يوصي باختزال الشبكة المحيطة بالمسؤول لكي تصبح مجموعة تركيز بين 20 و30 شخصاً، بل ويمكن اختزالها إلى ما بين 15 و20 شخصاً اعتماداً على التركيبة الاجتماعية للشخص المعنى. ويمكن أن يتغير هؤلاء الأشخاص بمرور الوقت (بحيث تقوى علاقات، وتضعف أخرى)، غير أنه ينبغي أن تكون هنالك على الدوام شبكة تركيز ذات أهمية كبرى، بحيث يمكنك أن تقوي العلاقات الخاصة بها باستمرار. وحين تنظر إلى مواقع الإنترنت مثل LinkedIn، وهي مواقع يمكن أن تكون مفيدة للغاية، فإن بإمكانك أن ترى، على وجه السرعة، وجود أشخاص لديهم شبكات محيطة بهم تتكون من 400 و500 شخص. وحين تدقق النظر في عمل تلك الشبكات، فإنك تجد أن هنالك عدداً قليلاً من العلاقات النشطة. ويحرص المرء في علاقاته مع الشبكات والمجموعات على العمل ، مع الأخذ في الحسبان، أن ممارسة مثل تلك العلاقات تتطلب وقتاً.
نهج منتظم:
وطور مارتن أداة في صورة استبيان خاص برأس المال الاجتماعي، وذلك لمساعدة الناس على تحقيق فهم أفضل لتعقيدات الشبكات التي يتعاملون معها، وبالتالي التعامل مع الشبكات الأقرب إليهم بالمستوى المثالي المطلوب. ويمكنك تثبيت إجاباتك على الأسئلة عبر الإنترنت، والحصول على تقرير يقارن بين شبكتك مع مجموعة مرجعية من اختيارك. وهو يوضح هذا الأمر بقوله ''إن مثل هذا التقرير يسير بك في طريق تكوين، وتعزيز علاقاتك، ويشرح لك علاقات المحيطين بك مع بعضهم البعض، حيث يناقش مزايا ومعايب الأنواع المختلفة من الشبكات. ويحلل التقرير كذلك نوعية الموارد التي تحصل عليها من أولئك المحيطين بك، ومدى أهميتها، ومدى حيوية وجود أولئك الناس بالنسبة إليك.
إن أحد أهم الأمور التي نتعلمها من هذا البحث التحليلي هو أن هذه العلاقات تتعلق بالنتائج، وتؤثر في الأمور التي تهمك، وعلى قدرة على إنجاز المهام، وكيفية تفكيرك، ونظرتك إلى العالم، من خلال عدد من العلاقات مع الناس الذين تتعامل معهم. ويقول هذا الأستاذ إنك يمكن أن تعتقد أن لديك علاقة ما ليست على درجة معتبرة من الأهمية. ولكن يمكنك من خلال هذا الاستبيان، أن تقيم الشخص المعني من حيث علاقاته مع بقية أعضاء شبكتك، وذلك قبل أن تقرر قطع العلاقة معه. وقد تقرر نتيجة للدراسة، الإبقاء على تلك العلاقة ، نظراً لما تتسم به من أهمية في مجموعة العلاقات مع الآخرين.
ومن المؤكد أنه ليس هنالك شخص معزول تماماً. فإذا كانت لديك قدراتك الخاصة، فإن لديك كذلك فرصة الاستفادة من قدرات وطاقات الآخرين ضمن الشبكات المحيطة بك.