إستراتيجية لدخولك البورصة
وجود إستراتيجية للتداول تعصم المستثمر من الخسائر المفاجئة مثلها مثل أي ميدان في الحياة؛ فإن دخول البورصة يحتاج إلى إستراتيجية واضحة من المستثمر؛ أي أن تكون لديه خطة لزيادة حصة الأرباح بفكر منظم وجديد. وأهمية هذا الأمر أنه يحدد للمستثمر متى يدخل، ومتى يخرج من السوق، وعند أي سعر يشتري أو يبيع السهم، وما هي حجم الأموال التي يبدأ بها.
وهنالك اعتبارات عديدة على المستثمر أو المضارب أن يعيها، قبل التفكير في بناء إستراتيجيته للاستثمار في سوق الأوراق المالية، ومن أبرزها:
1- أن تحدد ما إذا كنت مضاربا أو مستثمرا؛ حيث هناك فارق بين النوعين؛ فالمضارب يريد أرباحا رأسمالية ناتجة عن ارتفاع قيمة السهم، ولا يهتم بعائد السهم (الكوبون) الناتج عن أرباح الشركة المصدرة للسهم، أما المستثمر فيريد الاحتفاظ بالأسهم، ويهتم بالتي لها عائد يأخذه كربح من نشاط الشركة المصدرة للسهم.
والفارق بين الاثنين هو مقدار المخاطرة المرغوب في تحملها عند إدارة الأموال؛ بمعنى أنهما ينهيان كل يوم، وقد أقفلا جميع حساباتهما، مقابل ما يعتبر أكثر مخاطرة، وهو الاحتفاظ بالأسهم لليوم الثاني؛ حيث إن التفكير في وجود متغيرات خارجية قد تؤثر على هذه الأسهم، ما بين وقت وآخر يعتبر مخاطرة لمن يحتفظ بها.
2- تحديد حجم المبلغ الذي تريد أن تستثمر فيه؛ فهل تريد أن تغامر بكل رأس مالك في المضاربات، وهو أمر يلزمه استعداد نفسي، أم تتدرج في استثمار المبالغ المالية، بما يجعل أمامك فرصة للتعديل في حالة مخالفة السوق لتوقعاتك؟.
3- عليك أن تحدد ما إذا كنت مضاربا يوميا أم غير ذلك؛ بمعنى أنك تريد شراء سهم محدد بسعر، وتبيعه في اليوم نفسه بسعر أعلى، وبذلك تجني أرباحك يوميا، أم تريد الاستثمار في سهم من الأسهم التي يرتفع سعرها عبر الزمن؟.
4- هل الوقت مناسب لبدء الاستثمار في السوق المالية أم لا؟ بمعنى: هل أنت في وقت ترتفع فيه أسعار الأسهم، أم يتم فيه جني أرباح أو تصحيح سعري للسوق وتنخفض فيه أسعار الأسهم؟.
بناء الإستراتيجية
هذه الاعتبارات السابقة تبدو مهمة قبل بناء إستراتيجية دخولك للبورصة، ولكن كيف تحدد الخطوط العامة لخطة تحقيق أفضل الأرباح في أثناء تداولك في أسواق المال؟ معنا نخبرك في الخطوات التالية:
1- حدد حجم محفظتك المالية، فإذا كنت من أصحاب المحافظ الصغيرة، فيجب أن تتعامل مع الأسهم الصغيرة في السوق، أما إذا كنت تمتلك محفظة كبيرة تزيد عن المليون دولار مثلا، فيمكنك أن تنظر للأسهم ذات معدلات النمو القوي يوميا بحيث تضارب عليها أسبوعيا.
2- قم بإجراء شراء وبيع صوري كتدريب لك قبل الدخول الفعلي على الشراء؛ فمثلا وأنت جالس أمام الشاشة قل: سوف أشتري السهم هذا عند السعر كذا، وسجل الشراء في مفكرة خاصة بك لهذا الغرض، ثم قل: سوف أبيعه عند السعر كذا، بعد تحديد عند أي سعر أنت مقتنع به للبيع وأنت رابح، وأن توقف الخسارة عند سعر أنت حددته سابقا، وبذلك تكون اكتسبت حس السوق.
3- استخدم نقاط الدعم والمقاومة ومؤشرات التحليل الفني الأخرى لتحديد وقت الدخول أو الخروج من السهم، ويمكنك اكتسابها من خلال إحدى دورات التحليل الفني؛ لأن 90 % من أداء السوق يسير طبقا للتحليلات الفنية حاليا.
4- ركوب موجة السوق عند صعوده، وعدم الإقدام على عمليات شراء فورية عند الهبوط، بل انتظر فقد يكون للنزول بقية، وقد تجد السهم المراد شراؤه بسعر أقل. وفوات الربح خير من تجرع مرارة الخسارة، والتعلق بأسعار عالية. كما أنه من المهم عدم الاستثمار في الأجواء التشاؤمية التي تؤدي لهبوط السوق، حتى يتضح الموقف.
5- إذا كنت مستثمرا؛ فلا تشتر في أكثر من ثلاثة أسهم، وتوزع المحفظة الاستثمارية عليها بنسب المخاطرة وليس العائد، أما إذا كنت مضاربا فلا تضارب في أكثر من سهم يوميا، وقم باختيار السهم ذي التداول الكبير.
ومن المهم عدم التقيد بسهم معين عند الشراء؛ بل انظر إلى أكثر القطاعات انخفاضا نتيجة انخفاض السوق، ثم من داخل القطاع نفسه انظر إلى أكثر الشركات انخفاضا؛ فمن المعروف أن أكثر الأسهم انخفاضا نتيجة ضغط السوق هي أكثرها ارتفاعا عند صعود السوق.
6- يجب أن تعرف أنك لن تستطيع الشراء عند أدنى سعر للسهم والبيع عند أعلى سعر وصل إليه السهم، ولكن المهم هو تحديد مدى متوسط بين الأمرين. أما أفضل أوقات الشراء فهو عندما يتعرض المؤشر العام لانخفاضات متتالية لعدة أيام أو أسابيع؛ بحيث يكون قد وصل إلى الحد الذي يوحي بأنه أصبح جاهزا للارتفاع نتيجة إحساس المتعاملين بأن الأسعار قد وصلت إلى مستويات منخفضة جدا.
7- إذا اشتريت في سهم وكسبت فيه ثم بعته، ووقعت بينك وبينه عاطفة؛ فلا تدع نفسك لشراء هذا السهم مرة أخرى، وإذا اشتريت سهما وبعته فلا تعد إليه، إلا بعد فترة كبيرة. أيضا عليك ألا تشتري في الشركات المتعثرة إلا إذا كان المناخ العام يبشر بصعود سعري.
أيضا لا تشترِ أثناء الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى التأكد من أن الدولة ليس لها صلة بصعود سعري في البورصة أثناء هجمات إرهابية أو ما شابه؛ حيث تلجأ الدولة في الأوقات السياسية الحرجة والخوف من انهيار البورصة إلى الضغط على البنوك للشراء، ومن ثم تلجأ البنوك بعد فترة لتسييل ما لديها من أسهم لتلبية احتياجات عملائها، ومن ثم يحدث هبوط للبورصة بعد الأزمة، وليس خلالها.
8- إذا لم تكن لديك أي معلومات عن السوق أو عدم متابعة السوق لفترة طويلة؛ فلا تدخل فيها إلا بعد الإلمام الكامل بالأمور الجديدة، وإذا لم تجد فرصة مناسبة فلا يجرك الطمع إلى اتخاذ عملية فاشلة تأخذ معها ما جنيته من أرباح سابقة، واجعل بين كل عملية وأخرى فترة كافية تستطيع بعدها تحديد النقطة التالية لدخول السوق. ولا تستمع إلى توصيات قليلي الكفاءة أو عديمي الأمانة.
9- من المعروف أن هناك علاقات إما طردية أو عكسية بين سهم وآخر، فإذا تحرك أحدهما فسوف يتحرك الآخر بحسب العلاقة المتعارفة بينهما في السوق؛ فبادر بانتهاز الفرصة بيعا أو شراء.
10- لا تعتقد أن العروض الكبيرة أو الطلبات الكبيرة دليل على تحرك وشيك للسهم في اتجاه توقعك، بل راقب السهم وانظر إلى كميات التنفيذ؛ فإن كانت كبيرة والسعر لا يزال ثابتا فإنها عمليات تدوير واضحة، أما إذا لاحظت تحركا إيجابيا أو سلبيا على السهم مع التنفيذ الكبير فهو مؤشر على عمليات حقيقية.
يبقى أن هذه الإستراتيجية لا تبنى بين ليلة وضحاها، وإنما تصنعها الخبرة في السوق المالية، والتركيز على التعلم الاستثماري بعد كل فترة من التداول؛ فمن يتعلم من أخطائه ونجاحاته في البورصة يستطيع أن يبني لنفسه خطة يحقق بها الأرباح.
----------
حسام الدين محمد السيد