بعد مضي أسبوع من استقالة كلاوس كلاينفيلد رئيس مجلس إدارة (سيمنس) الألمانية، استقال أيضا رئيس قسم اتصالات الشركة التابع لقسم العلاقات العامة بناء "على رغبته الخاصة". وقبل هذا بأسابيع قليلة كان أولريش ليسيك رئيس الاتصالات في شركة الاتصالات "دويتشه تيليكوم" قد استقال من منصبه، ليلحق بذلك رئيسه السابق كاي أوفي ريكي بعد استقالة الأخير بأسابيع. وفي مجموعة تصنيع سيارات فولكس فاجن كانت الأحداث التي أدت إلى خروج بيرند بيشيتسريدر رئيس مجلس الإدارة، واستقالة جروسي ليجي مدير قسم الاتصالات، قريبة أيضا من بعضها زمنيا.
هذه الأمثلة الثلاثة هي فقط قمة جبل الثلج، فهي توضح مدى الترابط القوي بين القدر الوظيفي لمدير اتصالات الشركة مع منصب المدير التنفيذي (CEO). وهذا في الواقع يعد أمرا غير منطقي، فقسـم جيد وفعّال يجب في جميع الأحوال أن يركز أعماله لصالح الشركة وليس مبدئيا لصالح المدير التنفيذي، المحدد منصبه بفترة معينة.
تمثيل المظهر الخارجي للمدير التنفيذي والذي يعد فعلا مهما يجد وسيلة لتحقيق غرض، وليس الغرض الرئيسي، ولهذا فالمسؤولون في الاتصالات والذين يركزون بالدرجة الأولى على عامل المظهر الخارجي للشخصية القيادية، يجب أن يعملوا حسابهم بأنهم سيغرقون تلقائيا مع إخفاق تلك الشخصية.
ولكن في المقابل إذا ركز مدير الاتصالات على تهذيب وتشذيب المظهر الخارجي للشركة بالدرجة الأولى، فإنه سيواجه مهمة معقدة. وهذه المهمـة لا يمكن تخطيها إلا بمساعدة استراتيجية مدروسة وماهرة ومناهج عمل تشغيلية واضحة، ومناهج إرشاد استراتيجية وتشغيلية توجد في الحياة العملية لدى الكثير من القطاعات بأشكال ناجحة أقل أو أكثر.
ولكن من جهة أخرى ما يفتقر إليه في الغالب هي أشكال فعالة من السيطرة على الاتصالات، والتي توضع مرارا بصورة خاطئة على مستوى مراقبة الاتصالات نفسه. ترجمة ضعيفة لا تفي بمعنى المصطلح الأصلي باللغة الإنجليزية "يسيطر" to control ولا تفي بالممارسة العملية، حيث إن "يسيطر" تصف عملية السيطرة والتنظيم على أساس معرفة.
مشكلة اتصالات الشركة تكمن في أنه مرارا ما توضع أهداف، دون أن يتم في الوقت نفسه تثبيت آلية تقييم الأهداف. فالموظفون ينطلقون دون بوصلة، دون آلية تغذية راجعة Feedback، وعلى هذا لا يعرفون كم من الطريق قد تجاوزوه وأين هم الآن. وإذا ما كان المسار صحيحا، فهذا ما يحدده رئيس قسم الاتصالات في الشركة تبعا للأحاسيس، كمن يقود قسمه حسب النجوم في الليل في عصر الأقمار الصناعية. ولهذا فلا عجب في أنهم لا يدركون الخطر القادم إلا بعد فوات الأوان، كما حدث في "سيمنس"، "فولكس فاجن"، و"دويتشه تيليكوم"، فهم حقيقة لا يعرفون ماذا يفعلون. فقد أصبح قائد دفة السفينة مجازا تتلاطمه الأمواج، يغرق سوية مع قبطانـه.
ولتفادي السيطرة الفعالة على الاتصالات، تُلتمس حجج متعددة. فبعد محاضرة ألقاها لدى "دويتشه تيليكوم" حول السيطرة على الاتصالات، سأل أولريش ليسيك رئيس قسم الاتصالات، كاتب المقال بلهجة أقرب إلى البلاغة محاولا استخدام صيغة الاعتذار العالمية: "هل تعتقد فعلا أنه يمكن قياس كفاءة قسم الاتصالات؟" الجواب: كل شيء يفعله البشر يمكن أن يقيمه البشر، أي يعني يمكن قياسه.
هذه النقاشات سبق أن أثيرت بإسهاب خلال السبعينيات في قطاع "اتصالات التسويق"، بلهجة الحجج القاتلة نفسها تقريبـا: "كيف يمكن لك أن تقيس مدى تأثير دعاية إعلانية؟" كان يتساءل في ذلك الوقت العاملون في اتصالات قطاع الدعاية والإعلان ووكالاتهم بلغة متعالية.
لقد حُسم هذا النقاش وانتهى أمره، انتهى بخسارة فادحة لمعارضي السيطرة. واليوم تمتلك كل شركة تعمل في الدعاية والإعلان ضمن نطاق يستحق الذكر، تمتلك تلقائيا ما يسمى تعقب أثر الدعاية، يتم من خلاله تقييم أثر الدعاية والإعلانات بصورة دقيقة. والكثير من الشركات تعتمد اليوم على الاختبارات التجريبية في جبهة اتصالات الشركة الأمامية لتقدير آثارها قبل الإطلاق.
هذه الحقائق تخضع تحت نظم السيطرة على التسويق، والتي دونها لا تعمل اليوم أي شركة ناجحة. فمن يهاب الشفافية، يثق من الظاهر بنفسه قليلا ولن تكون له اليوم أي فرصة على الإطلاق في اتصالات التسويق. وهذا أيضا ينطبق على اتصالات الشركة.
من جانب آخر، يؤثر عاملون في اتصالات الشركة على الاحتماء خلف قياسات صدى الوسائط الإعلامية الموجودة في العديد من المنازل. خلف هذه النظرة يكمن خطأ الاعتقاد بأن وظيفة موظف الاتصالات قد انتهت، عندما تكون الشركة مشهورة بصورة كافية. ولكن مهمة موظف الاتصالات هي ليست نشر وتوسعة الإعلانات، بل مهمته تتركز أكثر على تحقيق مؤثرات في الجماعات المستهدفة ذات العلاقة.
إنه لأمر مثير للاهتمام أن يقع المديرون التنفيذيون دائما في فخ صدى وسائل الإعلام، وأن يقبلوها كدليل قاطع على كفاءة الأداء. فهذا يشابه العمل بالمكائن البخارية في عصر تسوده المحركات ثنائية الدفع (المهجنة). فربما يكون السبب هو أنهم لا يقدرون نفوذ وأهمية اتصالات الشركة.
من المثير للعجب عندما يطالع المرء العلاقة بين صدور أخبار سيئة عن الشركة وسعر أسهمها أو تقييمها في البورصة. والخطأ يقوم أيضا عند معرفة أن ميزانية الدعاية في الشركات تعادل في العادة أضعاف أضعاف ميزانية العلاقات العامة. ولكن عددا قليلا من العناوين السلبية تكفي لأن تجعل ميزانية دعاية بمئات الملايين حبرا على ورق فقط، يغفل عنه الكثير. وبينما تخصص الشركات مبالغ ضخمة للسيطرة والإشراف على الدعاية، تبدو الأوضاع مقحلة بالنسبة للسيطرة على الاتصالات.
للأسف يلقى معنى ووزن السيطرة على الاتصالات تقديرا ضئيلا مثل الذي تلقاه أهمية العاملين في قسم الاتصالات. فالكثير منهم على سبيل المثال لا يحصل على ميزانية كافية للسيطرة على الاتصالات. وبهذا تبدأ القصة المأساوية من جديد: فلا جهاز ملاحة عبر الأقمار الصناعية، ولا مسار صحيح، ولا إنذار قبل هبوب العاصفة، وغرق طاقم السفينة. والمذنب كان في النهاية قائد دفة السفينة، وليس القبطان.
إضافة إلى ذلك تزداد فرص العاملين في الاتصالات للوصول إلى مناصب مهمة سوءا، فبغض النظر عن الحالة الاستثنائية التي وقعت في شركة تصنيع السيارات "أوبل"، حيث تمكن هورست بي بورجس رئيس قسم الاتصالات وخليفته كلاوديا مارتيني قبل أعوام طويلة من الوصول إلى منصب رئيس مجلس الإدارة، لا يذكر التاريخ لغاية اليوم عن مسؤول لقسم الاتصالات قد وصل إلى منصب في مجلس الإدارة. هذا المنصب يبقى منصبا ثانويا للطبقة الإدارية المتوسطة مرتبطا برئيس مجلس الإدارة والمديرين العامين. والجدير بالذكر أن "أوبل" تعلمت في هذه الأثناء من الخطأ السابق، وهاهو رئيس قسم الاتصالات يشغل من جديد منصبا إداريا.
أحد أسباب ذلك هو أن هؤلاء الناس ليس لديهم ما يثبتونه على كفاءتهم الأقدر بالمقارنة مع زملائهم من قسم المبيعات والتسويق. فهناك، حيث يقدم قسم التسويق المبالغ المالية لتغطية التكاليف، وقسم المبيعات علامات قوية ذات توجه ربحي من خلال حسابات ونتائج عن قيمة العملاء أو كفاءة العقود، يقف قسم اتصالات الشركة في المقابل بتحاليله الجافة عن صدى وسائل الإعلام. فمن هو ضعيف في الأساس بهذه الصورة، لا يعجب إذا ما لاقى تقييما متدنيـا.
وفي الحقيقة لا يوجد الكثير من الآليات المؤثرة للسيطرة على الاتصالات. أفضل وأهم تلك الأدوات قدمتها هذه الصحيفة في الكتاب الذي أصدرته جمعية العلاقات العامة الألمانية تحت اسم "الإبداع القيم من خلال الاتصالات". هذه النظم والنظريات تفي بحاجيات السيطرة الحديثة على الاتصالات. وأكثر النظم من المنظور الهادف تتبع جذريا مبادئ "كابلان ـ تورتون" وتضع تعريفا لمحفزي قيم الاتصالات KeyPerformance Indicator، أو تستغل نظام بطاقة تسجيل النتائج المتوازنة Ballanced Scorecards على شكل "بطاقة تسجيل الاتصالات Communication Scorecard.
وهناك نظريات أخرى تحاول الوصول إلى مساهمة الإبداع القيم لقسم الاتصالات في الشركات. وهذه النظم تجد لها موقعا عمليا مناسبا في تحليل وقيادة أعمال اتصالات استراتيجية وعملية ذات فعالية. ومن خلال الربط ما بين تحاليل المحتويات: بماذا تتواصل الشركات فعلا؟ وتحاليل ذات كفاءة لصدى وسائل الإعلام: ما الذي يمكن نشره وفي أي سياق وبأي توجه، إيجابي أم سلبي أم متعادل؟ واستطلاعات الرأي للجماعات المستهدفة: ماذا فهمت الجماعات المستهدفة وكيف يحكمون عليه؟ فمن خلال ربط هذا كله، تستطيع شركات أن تصنع في أي وقت صورة واقعية عن رأي وأجواء الصحافيين المنتشرين والمستقبلين للمعلومات أصحاب التقييم مثل العاملين والمساهمين والمحللين وأصحاب القرار، وبالتالي التفاعل بالصورة المناسبة مع الإحداثيات.
وربما يهدد خطر من اتجاه واحد جديد العاملين في الاتصالات. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، وانطلاقا من بادرة رايمر شتوبي مسؤول التخطيط والإشراف في اتصالات الشركة لدى مؤسسة التأمين الألمانية مونشنر روكفيرسيشرنج، تم في الاتحاد العالمي للمراقبين ICV تأسيس حلقة العمل "الإشراف على الاتصالات" Communication Controlling. هذه الحلقة ينبغي، حسب ما ذكرت الصحف، أن "تهتم من منظور المراقبين الممارسين بتأمين الاتزان في إدارة الاتصالات".
ومن يقرأ من سطور هذا التصريح فقط نقدا واضحا على أداء قسم الاتصالات، لم يخطئ. وإذا لم يقم العاملون في الاتصالات بتطبيق نظم فعالة تؤمن الاتزان في الإدارة في القريب العاجل، فسيقوم بعملهم المراقبون عليهم. وهذا من المرجح أن يكون البديل الأفضل في بعض الشركات، فلماذا لا تتبع الشركات التطور الحاصل في اتصالات التسويق، حيث يمثل الشراء في يومنا هذا عطاء ميزانية الدعاية؟
المدير التنفيذي، الذي يرتبط به في الغالب بقسم الاتصالات ارتباطا مباشرا، سيحصل من مديره المالي على تقرير عن كفاءة وفعالية قسم الاتصالات في شركته. وبالطبع ستكون ردة فعل المدير المالي، تقديم اقتراحات توفير واقعية. وهكذا ينفتح الطريق أمام روابط مثيرة، إذا واصلت إدارة الشركة مع قسم الاتصالات معالجة الموضوع بعدم العمل، بغض النظر عن أن نظاما للتقييم الراجع يمكن أن ينقذ العديد من الوظائف من خلال التحري المبكر لمواضيع معقدة وتغيرات آراء لدى العديد من الجماعات المستهدفة. وبالأخص إنقاذ وظيفة قائد الدفة وكذلك وظيفة القبطان.
هذه الأمثلة الثلاثة هي فقط قمة جبل الثلج، فهي توضح مدى الترابط القوي بين القدر الوظيفي لمدير اتصالات الشركة مع منصب المدير التنفيذي (CEO). وهذا في الواقع يعد أمرا غير منطقي، فقسـم جيد وفعّال يجب في جميع الأحوال أن يركز أعماله لصالح الشركة وليس مبدئيا لصالح المدير التنفيذي، المحدد منصبه بفترة معينة.
تمثيل المظهر الخارجي للمدير التنفيذي والذي يعد فعلا مهما يجد وسيلة لتحقيق غرض، وليس الغرض الرئيسي، ولهذا فالمسؤولون في الاتصالات والذين يركزون بالدرجة الأولى على عامل المظهر الخارجي للشخصية القيادية، يجب أن يعملوا حسابهم بأنهم سيغرقون تلقائيا مع إخفاق تلك الشخصية.
ولكن في المقابل إذا ركز مدير الاتصالات على تهذيب وتشذيب المظهر الخارجي للشركة بالدرجة الأولى، فإنه سيواجه مهمة معقدة. وهذه المهمـة لا يمكن تخطيها إلا بمساعدة استراتيجية مدروسة وماهرة ومناهج عمل تشغيلية واضحة، ومناهج إرشاد استراتيجية وتشغيلية توجد في الحياة العملية لدى الكثير من القطاعات بأشكال ناجحة أقل أو أكثر.
ولكن من جهة أخرى ما يفتقر إليه في الغالب هي أشكال فعالة من السيطرة على الاتصالات، والتي توضع مرارا بصورة خاطئة على مستوى مراقبة الاتصالات نفسه. ترجمة ضعيفة لا تفي بمعنى المصطلح الأصلي باللغة الإنجليزية "يسيطر" to control ولا تفي بالممارسة العملية، حيث إن "يسيطر" تصف عملية السيطرة والتنظيم على أساس معرفة.
مشكلة اتصالات الشركة تكمن في أنه مرارا ما توضع أهداف، دون أن يتم في الوقت نفسه تثبيت آلية تقييم الأهداف. فالموظفون ينطلقون دون بوصلة، دون آلية تغذية راجعة Feedback، وعلى هذا لا يعرفون كم من الطريق قد تجاوزوه وأين هم الآن. وإذا ما كان المسار صحيحا، فهذا ما يحدده رئيس قسم الاتصالات في الشركة تبعا للأحاسيس، كمن يقود قسمه حسب النجوم في الليل في عصر الأقمار الصناعية. ولهذا فلا عجب في أنهم لا يدركون الخطر القادم إلا بعد فوات الأوان، كما حدث في "سيمنس"، "فولكس فاجن"، و"دويتشه تيليكوم"، فهم حقيقة لا يعرفون ماذا يفعلون. فقد أصبح قائد دفة السفينة مجازا تتلاطمه الأمواج، يغرق سوية مع قبطانـه.
ولتفادي السيطرة الفعالة على الاتصالات، تُلتمس حجج متعددة. فبعد محاضرة ألقاها لدى "دويتشه تيليكوم" حول السيطرة على الاتصالات، سأل أولريش ليسيك رئيس قسم الاتصالات، كاتب المقال بلهجة أقرب إلى البلاغة محاولا استخدام صيغة الاعتذار العالمية: "هل تعتقد فعلا أنه يمكن قياس كفاءة قسم الاتصالات؟" الجواب: كل شيء يفعله البشر يمكن أن يقيمه البشر، أي يعني يمكن قياسه.
هذه النقاشات سبق أن أثيرت بإسهاب خلال السبعينيات في قطاع "اتصالات التسويق"، بلهجة الحجج القاتلة نفسها تقريبـا: "كيف يمكن لك أن تقيس مدى تأثير دعاية إعلانية؟" كان يتساءل في ذلك الوقت العاملون في اتصالات قطاع الدعاية والإعلان ووكالاتهم بلغة متعالية.
لقد حُسم هذا النقاش وانتهى أمره، انتهى بخسارة فادحة لمعارضي السيطرة. واليوم تمتلك كل شركة تعمل في الدعاية والإعلان ضمن نطاق يستحق الذكر، تمتلك تلقائيا ما يسمى تعقب أثر الدعاية، يتم من خلاله تقييم أثر الدعاية والإعلانات بصورة دقيقة. والكثير من الشركات تعتمد اليوم على الاختبارات التجريبية في جبهة اتصالات الشركة الأمامية لتقدير آثارها قبل الإطلاق.
هذه الحقائق تخضع تحت نظم السيطرة على التسويق، والتي دونها لا تعمل اليوم أي شركة ناجحة. فمن يهاب الشفافية، يثق من الظاهر بنفسه قليلا ولن تكون له اليوم أي فرصة على الإطلاق في اتصالات التسويق. وهذا أيضا ينطبق على اتصالات الشركة.
من جانب آخر، يؤثر عاملون في اتصالات الشركة على الاحتماء خلف قياسات صدى الوسائط الإعلامية الموجودة في العديد من المنازل. خلف هذه النظرة يكمن خطأ الاعتقاد بأن وظيفة موظف الاتصالات قد انتهت، عندما تكون الشركة مشهورة بصورة كافية. ولكن مهمة موظف الاتصالات هي ليست نشر وتوسعة الإعلانات، بل مهمته تتركز أكثر على تحقيق مؤثرات في الجماعات المستهدفة ذات العلاقة.
إنه لأمر مثير للاهتمام أن يقع المديرون التنفيذيون دائما في فخ صدى وسائل الإعلام، وأن يقبلوها كدليل قاطع على كفاءة الأداء. فهذا يشابه العمل بالمكائن البخارية في عصر تسوده المحركات ثنائية الدفع (المهجنة). فربما يكون السبب هو أنهم لا يقدرون نفوذ وأهمية اتصالات الشركة.
من المثير للعجب عندما يطالع المرء العلاقة بين صدور أخبار سيئة عن الشركة وسعر أسهمها أو تقييمها في البورصة. والخطأ يقوم أيضا عند معرفة أن ميزانية الدعاية في الشركات تعادل في العادة أضعاف أضعاف ميزانية العلاقات العامة. ولكن عددا قليلا من العناوين السلبية تكفي لأن تجعل ميزانية دعاية بمئات الملايين حبرا على ورق فقط، يغفل عنه الكثير. وبينما تخصص الشركات مبالغ ضخمة للسيطرة والإشراف على الدعاية، تبدو الأوضاع مقحلة بالنسبة للسيطرة على الاتصالات.
للأسف يلقى معنى ووزن السيطرة على الاتصالات تقديرا ضئيلا مثل الذي تلقاه أهمية العاملين في قسم الاتصالات. فالكثير منهم على سبيل المثال لا يحصل على ميزانية كافية للسيطرة على الاتصالات. وبهذا تبدأ القصة المأساوية من جديد: فلا جهاز ملاحة عبر الأقمار الصناعية، ولا مسار صحيح، ولا إنذار قبل هبوب العاصفة، وغرق طاقم السفينة. والمذنب كان في النهاية قائد دفة السفينة، وليس القبطان.
إضافة إلى ذلك تزداد فرص العاملين في الاتصالات للوصول إلى مناصب مهمة سوءا، فبغض النظر عن الحالة الاستثنائية التي وقعت في شركة تصنيع السيارات "أوبل"، حيث تمكن هورست بي بورجس رئيس قسم الاتصالات وخليفته كلاوديا مارتيني قبل أعوام طويلة من الوصول إلى منصب رئيس مجلس الإدارة، لا يذكر التاريخ لغاية اليوم عن مسؤول لقسم الاتصالات قد وصل إلى منصب في مجلس الإدارة. هذا المنصب يبقى منصبا ثانويا للطبقة الإدارية المتوسطة مرتبطا برئيس مجلس الإدارة والمديرين العامين. والجدير بالذكر أن "أوبل" تعلمت في هذه الأثناء من الخطأ السابق، وهاهو رئيس قسم الاتصالات يشغل من جديد منصبا إداريا.
أحد أسباب ذلك هو أن هؤلاء الناس ليس لديهم ما يثبتونه على كفاءتهم الأقدر بالمقارنة مع زملائهم من قسم المبيعات والتسويق. فهناك، حيث يقدم قسم التسويق المبالغ المالية لتغطية التكاليف، وقسم المبيعات علامات قوية ذات توجه ربحي من خلال حسابات ونتائج عن قيمة العملاء أو كفاءة العقود، يقف قسم اتصالات الشركة في المقابل بتحاليله الجافة عن صدى وسائل الإعلام. فمن هو ضعيف في الأساس بهذه الصورة، لا يعجب إذا ما لاقى تقييما متدنيـا.
وفي الحقيقة لا يوجد الكثير من الآليات المؤثرة للسيطرة على الاتصالات. أفضل وأهم تلك الأدوات قدمتها هذه الصحيفة في الكتاب الذي أصدرته جمعية العلاقات العامة الألمانية تحت اسم "الإبداع القيم من خلال الاتصالات". هذه النظم والنظريات تفي بحاجيات السيطرة الحديثة على الاتصالات. وأكثر النظم من المنظور الهادف تتبع جذريا مبادئ "كابلان ـ تورتون" وتضع تعريفا لمحفزي قيم الاتصالات KeyPerformance Indicator، أو تستغل نظام بطاقة تسجيل النتائج المتوازنة Ballanced Scorecards على شكل "بطاقة تسجيل الاتصالات Communication Scorecard.
وهناك نظريات أخرى تحاول الوصول إلى مساهمة الإبداع القيم لقسم الاتصالات في الشركات. وهذه النظم تجد لها موقعا عمليا مناسبا في تحليل وقيادة أعمال اتصالات استراتيجية وعملية ذات فعالية. ومن خلال الربط ما بين تحاليل المحتويات: بماذا تتواصل الشركات فعلا؟ وتحاليل ذات كفاءة لصدى وسائل الإعلام: ما الذي يمكن نشره وفي أي سياق وبأي توجه، إيجابي أم سلبي أم متعادل؟ واستطلاعات الرأي للجماعات المستهدفة: ماذا فهمت الجماعات المستهدفة وكيف يحكمون عليه؟ فمن خلال ربط هذا كله، تستطيع شركات أن تصنع في أي وقت صورة واقعية عن رأي وأجواء الصحافيين المنتشرين والمستقبلين للمعلومات أصحاب التقييم مثل العاملين والمساهمين والمحللين وأصحاب القرار، وبالتالي التفاعل بالصورة المناسبة مع الإحداثيات.
وربما يهدد خطر من اتجاه واحد جديد العاملين في الاتصالات. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، وانطلاقا من بادرة رايمر شتوبي مسؤول التخطيط والإشراف في اتصالات الشركة لدى مؤسسة التأمين الألمانية مونشنر روكفيرسيشرنج، تم في الاتحاد العالمي للمراقبين ICV تأسيس حلقة العمل "الإشراف على الاتصالات" Communication Controlling. هذه الحلقة ينبغي، حسب ما ذكرت الصحف، أن "تهتم من منظور المراقبين الممارسين بتأمين الاتزان في إدارة الاتصالات".
ومن يقرأ من سطور هذا التصريح فقط نقدا واضحا على أداء قسم الاتصالات، لم يخطئ. وإذا لم يقم العاملون في الاتصالات بتطبيق نظم فعالة تؤمن الاتزان في الإدارة في القريب العاجل، فسيقوم بعملهم المراقبون عليهم. وهذا من المرجح أن يكون البديل الأفضل في بعض الشركات، فلماذا لا تتبع الشركات التطور الحاصل في اتصالات التسويق، حيث يمثل الشراء في يومنا هذا عطاء ميزانية الدعاية؟
المدير التنفيذي، الذي يرتبط به في الغالب بقسم الاتصالات ارتباطا مباشرا، سيحصل من مديره المالي على تقرير عن كفاءة وفعالية قسم الاتصالات في شركته. وبالطبع ستكون ردة فعل المدير المالي، تقديم اقتراحات توفير واقعية. وهكذا ينفتح الطريق أمام روابط مثيرة، إذا واصلت إدارة الشركة مع قسم الاتصالات معالجة الموضوع بعدم العمل، بغض النظر عن أن نظاما للتقييم الراجع يمكن أن ينقذ العديد من الوظائف من خلال التحري المبكر لمواضيع معقدة وتغيرات آراء لدى العديد من الجماعات المستهدفة. وبالأخص إنقاذ وظيفة قائد الدفة وكذلك وظيفة القبطان.