3 أيام سوداء تقضي على أرباح الأسهم في شهرين و4 عوامل خلف
Featured

25 كانون2/يناير 2008
"الاقتصادية" من الرياض:  خسرت الأسهم السعودية في ثلاثة أيام سوداء من الأسبوع الماضي ما حققته من مكاسب طيلة الشهرين الماضيين اكتسى فيهما المؤشر باللون الأخضر في موجة صاعدة أعادت الثقة لسوق الأسهم السعودية قبل أن تهتز هذه الثقة بفعل الأيام الثلاثة. وفقد المؤشر العام 2184 نقطة خلال تعاملات هذا الأسبوع الذي يمكن وصفه بأنه الأسوأ على المتعاملين منذ أواخر عام 2006، في آخر مشهد انخفاضات حادة شهدته السوق المالية السعودية آنذاك. وحملت آراء فنية أسباب الهبوط الحاد الذي شهدته السوق إلى ثلاثة عوامل، أولها عدم تفسير أرباح "سابك" للربع الرابع وتناقض تصريحات المسؤولين فيها حول أرباح الشركة، إضافة إلى استغلال المضاربين أحوال الأسواق العالمية وربط ذلك بالسوق السعودية رغم أن الأخيرة منغلقة على نفسها ولم تتأثر بأحداث عالمية شهدتها البورصات فيما مضى، إضافة إلى آراء المحللين البعيدة عن واقع السوق، ساعد على ذلك صمت هيئة سوق المال أثناء أزمة الأسبوع الماضي.
وانخفض المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الجاري بنسبة 18.9 في المائة ليقفل عند مستوى 9360 نقطة، وهو أسوأ انخفاض أسبوعي منذ الأسبوع المنتهي في 11 أيار (مايو) 2006 عندما انخفض بنسبة 21.2 في المائة. وبذلك بلغت خسائر السوق 16.2 في المائة منذ بداية السنة، في حين حققت مكاسب بنسبة 40.9 في المائة في عام 2007. وفقدت سوق الأسهم السعودية نحو 368 مليار ريال من قيمتها السوقية خلال الأسبوع لتصل إلى 1641 مليار ريال.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

هبطت سوق الأسهم السعودية بمقدار 2183 نقطة أي بنسبة 18.91 في المائة في خمسة أيام فقط وبداية الشرارة كانت من نتائج شركة سابك، حيث تضاربت تصريحات مسؤولي الشركة حول نتائج الشركة، وبعدها بدأ البيع ليتحول إلى شكل من أشكال الإسراف في البيع غير المُبرر ولا يُفسره إلا الهلع والخوف المُبالغ فيه، وأسهم في تعميقه صدور بعض آراء المُحللين التي تنسب الهبوط إلى تدهور عالمي في البورصات العالمية أو إلى خروج المُستثمرين الأجانب من السوق إضافة إلى مساهمة صمت هيئة سوق المال غير المبرر في مثل هذه الظروف.
قطاع الصناعة كان أكثر القطاعات هبوطاً بنسبة 22.98 في المائة، وأقل القطاعات هبوطاً هو قطاع الاتصالات بنسبة 11.36 في المائة، وبالرغم من التحذيرات والتنبيهات التي سردتها في تقرير الأسبوع الماضي إلا أن ما حدث من هبوط هو خارج تصورات أي مُحلل فلقد تهاوت مستويات الدعم وتكسرت كقطع البسكويت، وهذا ما يعكس هشاشة إدارة السوق وفقده عنصرا مهما وهو توفير شركات تعمل كصانعة للسوق بارتباطها بكل سهم، كما هو الأسلوب المُتبع في الأسواق العالمية بل الناشئة منها.

أوهام المُحللين

يبدو أن هول الهبوط أصاب بعض المُحللين بشيء من الحُمى فقام يهذي بخزعبلات لا أدري ما أساسها، وأولها قولهم إن هبوط السوق جاء نتيجة لتأثره بالأسواق العالمية، لقد ثبت مراراً وتكراراً أن سوق الأسهم السعودي خالف في اتجاه بورصات الأسهم العالمية ولنُقارن حركة سوق الأسهم السعودي بحركة الأسواق العالمية في العام الماضي عندما هبطت الأسواق العالمية في شباط (فبراير)، بسبب هبوط بورصة الصين عندما خرجت إشاعة بأن قرارا ضريبيا سيصدر على تجارة الأسهم للحدّ من تضخم السوق، عندها تهاوت أسواق الأسهم العالمية، إلا سوق الأسهم السعودية في ارتفاع تُحسد عليه، وعندما بدأت أزمة الرهن العقاري في الظهور منتصف العام الماضي كانت السوق السعودية تُحلق كالنسر، ولن نذهب بعيداً ففي الوقت القريب جداً بدأت أسواق الأسهم العالمية الرئيسية منذ أربعة أسابيع هبوطها حتى اليوم ولم تتأثر بها السوق السعودية إلا هذا الأسبوع، فكيف يتم الربط بين سوق الأسهم السعودية والأسواق العالمية، إن مثل هذا التحليل ما هو إلا نوع من بيع الكلام وتوظيف الأحداث لخلق التبريرات ليجد المُحلل ما يقوله.
ليت الأمر وقف عند هذا الحال بل ذهب بعضهم إلى القول إن المُستثمر الأجنبي قام بتسييل محافظه كردّ فعل على نتائج "سابك" وما يحدث في الأسواق العالمية، كيف هذا وقد كانوا يقولون في منتصف كانون الأول (ديسمبر) يوم كانت السوق تصعد إن سبب الصعود هو سيولة كبيرة دخلت من المُستثمرين الخليجيين والأجانب والآن عندما هبطت السوق هذا الأسبوع قاموا بعكس رأيهم ويقولون إن المُستثمر الأجنبي خرج من السوق، سبحان ربي يبدو أن هذا الكائن الأجنبي هو مضارب أجنبي لا مُستثمر أجنبي، فما هذا المُستثمر الذي يدخل السوق في كانون الأول (ديسمبر) ويخرج منه في كانون الثاني (يناير)، أي في شهر واحد، وقد كتبت مُستهجناً من قبل قول بعض المُحللين مثل هذه الأقوال في عدد "الاقتصادية" رقم (5177)، ولكن يبدو أن بعضهم أدمن فن تدبير الأسباب لتبرير حركة السوق وكان الله في عون القارئ، ولا أحد يؤكد أو ينفي هذا الكلام إلا هيئة سوق المال.

الصمت الرسمي

إن الصمت الرسمي من قبل هيئة سوق المال يسمح للآخرين بقول ما لا يُعقل من تبريرات ومُسوغات حتى يُبرر هبوط السوق، مهما كانت الرؤية الرسمية حول السوق، وأن الأمر طبيعي ونتاج عرض وطلب فإن الإيضاح مطلوب وضروري من خلال التصريح ببعض كلمات، أما جمود الهيئة الذي يلبس لباس التحفظ الزائد غير مُستساغ ومُستهجن في مثل هذه الظروف، أتذكر جيداً خروج رئيس هيئة سوق المال في إحدى القنوات الفضائية بقوله إن الصعود الذي حصل للسوق هو نتاج تطبيق اللوائح وتطبيق النظام الإلكتروني الجديد، ومن هنا نتساءل: إذن عن هذا الهبوط هو نتاج ماذا؟ هل هو نتاج تقصير وقصور في الأنظمة؟ يجب الإيضاح والإفصاح أم أن تبجيل الذات يتم في أوقات الرخاء، وفي أوقات البلاء والمحن ننكفئ ونصمت.

بين التلميح والتصريح

إن طبيعة النشر في الصحف، إضافة إلى أسلوب تلقي المُتداول السعودي التحليل يشكلان ضغطاً كبيراً على المُحلل عندما يريد أن يشرح وضع السوق، فلا يُمكنه قول رأيه بشكل واف وواضح فيضطر إلى التلميح بدلاً من التصريح، ففي الصحافة لا يُستحسن قول عبارات مثل السوق معرض للهبوط لأنه سيُصنف من المراقبين على أنه نوع من أنواع التوصيات، وأما المُتداول السعودي القارئ للتحليل سيصف هذا الرأي على أنه ترهيب وترويع وتثبيط وتواطؤ بغرض الضغط على السوق.
مع هذا فقد نشرت في التقارير السابقة، وتحديداً في تقرير الأسبوع الماضي بعض الإشارات والتلميحات وأقتطف منها هذه العبارة المُحذرة، وهي قولي "يجب مراقبة السوق بشكل مستمر بداية الأسبوع المقبل، واضعاً الرسم البياني اليومي أمامك فإن هبط المؤشر ورأيت متوسط حركة عشرة أيام يخترق متوسط حركة 20 يوما هبوطاً، فهذا يعني أن موجة هبوط قادمة ستأخذ المؤشر ليختبر قدرة المتجه الصاعد وعند منطقة قريبة بين 11170 و11250 نقطة، فإن ارتد منها صعوداً، فهذا يعني أن العلل قد زالت، وأما إن استمر فإننا سنحبس أنفاسنا عسى ألا يهبط المؤشر تحت مستوى 10547 نقطة ويخرج من منطقة التماسك التي حددتها في تحليلي على الأجل الطويل (مستوى 10547 و11964 نقطة). وبعدها سنعقد آمالنا على أن يقوم متوسط حركة 50 يوما بدوره في دعم المؤشر عند مستوى 10333 نقطة.
أكثر العبارات صراحة قلتها كانت في هذا المقطع وهي "المؤشر أغلق تحت متوسط حركة عشرة أيام البسيط (يقع SMA عند 11678 نقطة)، كما يظهر في الشمعة الأخيرة وبحجم تداول ليس بسهل ويُعتد به، لذا فإن استمرار إغلاق المؤشر تحت هذا المتوسط ليوم آخر، يعني أن المؤشر سيهبط". كان يجب على من رأى هذا السيناريو الفني أن يتخذ قرار البيع إن كان يرى أنه مُناسب له حتى ينجو ويلمّ شمل ريالاته ويُجنبها نكبة الشتات، برغم التحذيرات والتلميحات التي ذكرتها في الفقرة أعلاه إلا أنه يجب الاعتراف بأن ما حصل لم يكن في الحُسبان ولا في توقع أحد، وأن الأمر خرج عن سيطرة الجميع.

قطاعات السوق

أتذكر حينما كانوا يبثون نتائج اختبارات مرحلة الثانوية العامة عبر المذياع ويقول المُذيع بشكل مُتكرر أحيانا عبارة "لم ينجح أحد"، وهذا هو حال قطاعات السوق إذ لم ينجح منها أحد في الإفلات من طاحونة الهبوط العارمة، وأقل القطاعات هبوطاً كان الاتصالات بنسبة 11.36 في المائة يليه قطاع الأسمنت بنسبة 12.31 في المائة، وأكثر القطاعات هبوطاً هو الصناعة بنسبة 22.98 في المائة، يليه الخدمات والبنوك بنسبة 19.74 و17.16 في المائة على التوالي، ونرى من ناحية التحليل الفني أنه لا يوجد قطاع يتميز في حركته عن الآخر إذ يتحرك الجميع تحركاً جماعياً.

الأجل الطويل

إن حركة أسبوع واحد غيرت كثيراً إذ هبط المؤشر تحت متوسط حركة عشرة و20 أسبوعا الأسي بعد هبوطه 2183 نقطة، وأقرب مستوى دعم عنده هو متوسط حركة 40 أسبوعا الأسي كما في شكل (1) عند مستوى 9217 نقطة ويليه مستوى الدعم عند مستوى تسعة آلاف نقطة، وهو المستوى الذي كان يمنع صعود المؤشر منذ آذار (مارس) 2007 ولم يخترقه المؤشر إلا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ونأمل في حالة هبوط المؤشر أن ينجح مستوى تسعة آلاف في تقديم الدعم، حيث يبدو أنه مستوى دعم متين جداً، وأقوى احتمال أن السوق سينحو منحى التهدئة ويتحرك بشكل جانبي على الأجل الطويل ويتم ترتيب الأوراق بانتظار دخول سيولة جديدة، علماً بأن السوق لم يصل إلى حالة التشبع بالبيع على الأجل الطويل بعد كما يدل على ذلك مؤشر RSI ويجب مراقبة مؤشر الماكد MACD وكيف سيتعامل مؤشره القصير (السريع) مع المؤشر البطيء، ومن المهم بقاء المؤشر فوق مستوى 8600 نقطة حتى يُحافظ على المتجه الصاعد المُبين في شكل (1).
أما إذا هبط دونه لمدة أسبوعين متتاليين، فإن الأمر سيأخذ منحى مختلفا تماماً وسنبحثها بطريقة تجعلنا ندرس كيفية تفاعل متوسطات الحركة مع المؤشر أسبوعاً بعد أسبوع، وكذلك وضع المؤشر على الإطار الشهري Monthly Chart ليُعطينا صورة أكثر شمولية، أما المُتداول فعليه أن يُحلل كل سهم على حدة متناسياً النظر إلى المؤشر لبعض الوقت حتى لا يتأثر به.

الأجل المتوسط

أصبح المؤشر TASI تحت متوسطات الحركة 10 و20 و50، كما أن متوسط حركة عشرة أيام كسر متوسط حركة 20 يوما، وهي الإشارة الأكثر صراحة على وجوب الخروج من السوق كما ذكرت في تحليل الأسبوع الماضي بقولي "المؤشر أغلق تحت متوسط حركة عشرة أيام البسيط (يقع SMA عند 11678 نقطة)، كما يظهر في الشمعة الأخيرة وبحجم تداول ليس بسهل ويُعتد به، لذا فإن استمرار إغلاق المؤشر تحت هذا المتوسط ليوم آخر، يعني أن المؤشر سيهبط". كان يجب على من رأى هذا السيناريو الفني أن يتخذ قرار البيع إن كان يرى أنه مُناسب له حتى ينجو ويلم شمل ريالاته ويُجنبها نكبة الشتات.
لو استخدمنا نسب تراجعات "فيبوناتشي" كما في شكل (2) سنجد أن المؤشر صحح وبسرعة رهيبة بنسبة 50 في المائة عند مستوى 9364 نقطة، بل تجاوزها بهبوطه قليلاً يومي الثلاثاء والأربعاء، وبإغلاق يوم الأربعاء تكون شكل من أشكال نجمة "دوجي" Doji فإذا أغلق المؤشر يوم السبت على ارتفاع فإن هذا يعني تغيرا في مسار الهبوط إلى الصعود المرحليّ حتى أقرب مقاومة، وفي مثل الوضع الحالي أصبح مستوى عشرة آلاف هو مستوى مقاومة نفسي، علما بأن السوق وصل إلى حالة التشبع بالبيع حسب مؤشر RSI على الأجل المتوسط كما وصل ما يزيد على 35 سهما إلى حالة التشبع بالبيع، وهي الأسهم الأقرب للارتداد حتى لو كان ارتداداً جزئياً ومرحلياً، وبشكل عام لقد تحول مسار السوق إلى الهبوط على الأجل المتوسط، ويجب أن نراقب كيف ستتشكل متوسطات الحركة خلال الفترة المقبلة وأرى الحل الأسلم هو التنحي حتى تتضح الرؤية تماماً.

K2_LEAVE_YOUR_COMMENT

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.

Top