مصرف الإنماء... نظرة اقتصادية
Featured

23 آذار/مارس 2008
مع الإعلان عن طرح أسهم مصرف الإنماء للاكتتاب العام، الذي حددته هيئة سوق المال خلال الفترة من 7 وحتى 16 نيسان (أبريل) (1 إلى 10 من شهر ربيع الآخر) المقبل. فإن تغييرات هيكلية في خريطة سوق الصيرفة والبنوك السعودية بدأت تلوح في الأفق.
فإن كانت النظرة العامة أو «المتشائمة» لا ترى في طرح أسهم هذا المصرف أكثر من إضافة رقم جديد لعدد المصارف السعودية العاملة في السوق، ويراه أصحاب «المحافظ» فرصة للتجميع والفوز بأكثر عدد من أسهمه لبيعها بربح مضاعف بعد الطرح، فإن النظرة الاقتصادية الأكثر تفاؤلاً ترى في إطلاق هذا المصرف

شيئاً جديداً لم يحدث من قبل، وبالتالي فهذه الفئة تنظر لطرح أسهم المصرف نظرة تختلف عن سابقتها على الأقل، وتفكر كثيراً وملياً في الظروف المحيطة بطرح أسهم هذا المصرف وطريقة الطرح لتخرج بالانطباعات الآتية:

أولاً: إنه الشركة السعودية الأولى التي يطرح 70 في المئة من أسهمها للمواطنين، وكلنا يعلم أن هذه سابقة جديدة في سوق الأسهم السعودية، التي حولها كبار رجال الأعمال إلى الدجاجة التي تبيض ذهباً لجيوبهم بطرح 30 في المئة من شركاتهم الصغيرة بعلاوات إصدار، وتجميع أضعاف رؤؤس أموال شركاتهم من جيوب المواطن، كما أن الشركات الكبيرة (حكومية أو خاصة)، التي طرحت من قبل اقتصرت على النسبة الدنيا (30 في المئة) وتقاسم الجزء الأكبر من الكعكة كبار المؤسسين من أفراد وشركات وصناديق حكومية.

وبالتالي، فإن طرح 70 في المئة من أسهم مصرف الإنماء للمواطنين يعتبر إعادة للتوزيع في مصلحة المواطن على حساب كبار التجار وصناديق الحكومة، وكل الشكر والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أمر بإنشاء هذا المصرف، وأمر بتقسيم أسهمه لمصلحة المواطن بهذا الشكل.

ثانياً: إن مصرف الإنماء يبدأ عمله برأسمال ضخم (15 بليون ريال)، وهو ما يعادل رأسمال مصرف الراجحي (زاد رأسماله مرات عدة ليصل إلى هذا الرقم)، ويفوق رأسمال «سامبا» (9 بلايين) وبنك الرياض (6.25 بليون) والسعودي الفرنسي (5.6 بليون ريال) في حين لا يتعدى رأسمال بنك البلاد وهو أحدث المصارف السعودية 3 بلايين ريال، وبالتالي فإن مصرف الإنماء بهذه الضخامة سيكون رقماً صعباً في سوق الصيرفة السعودية، وسيغير في خريطة الترتيب وسيعيد توزيع القوى داخل السوق، وإذا ما استطاع التميز فإن الرابح هو المواطن السعودي المساهم الأكبر في رأسمال هذا المصرف.

ثالثاً: إن المصرف يدخل إلى السوق السعودية بعد أن بلغت سن النضج، وسنت فيها القوانين، وسمح لشركات الخدمات المالية بالعمل فيها، وأعيد تنظيم «التأمين» بشكل جيد، وبحسب علمي فإن «الإنماء» لن يكون مصرفاً فقط، وإنما سيتفرع منه شركة خدمات مالية وشركة تأمين، وبالتالي فإن المصرف يدخل إلى هذه الخدمات بعد أن أعيد تنظيمها وسن القوانين التي تحدد عملها، وهو مجال آخر سينافس فيه مصرف الإنماء وأتمنى أن تعيد المنافسة لهذا القطاع حيويته وعنفوانه، الذي خبأ مع «أزمة الأسهم»، التي استمرت عامين كاملين.

رابعاً: إن المصرف بضخامته سيؤثر بالتأكيد على التوظيف في القطاع المصرفي، الذي يتسم بشح كبير في عدد المؤهلين للعمل فيه، وبالتالي فإن «الإنماء» سيدخل منافساً على عدد قليل من الخبرات مما سيعيد هيكلة سلم الرواتب في هذا القطاع، إذ ستسعى المصارف القائمة للتمسك بالخبرات التي تملكها في وجه إغراءات المقبل الجديد.

خامساً: إن المصرف لا ينظر إليه على أنه منشأة جديدة يستودع الناس استثماراتهم وأرصدتهم لديها، وإنما له دور اجتماعي ووطني من خلال الإسهام في التدريب والتوظيف ودعم الجمعيات الخيرية والأنشطة غير الربحية، وكل ما نتمناه ان يسهم دخول مصرف الإنماء في تنمية ودعم هذا الجانب الوطني المهم.
إن الحكم على المصرف يحتاج إلى عامين او ثلاثة، إلا أن هذا لا يعني أن يكون تخطيط هذه الأولويات مع الربحية بالطبع هي الهدف الذي تسعى إليه إدارة المصرف مع بدء أول أيام عمله، مع تمنياتنا بالتوفيق للقائمين على المصرف، الذي نعول عليه الكثير.

K2_LEAVE_YOUR_COMMENT

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.

Top