وتعكس قوة الحملات الترويجية بحسب مراقبين، عودة الثقة للمستهلكين والمستثمرين واستئناف البنوك لعمليات الإقراض بعد انكماش في عامي 2009 و 2010 ، مما يشير إلى أن أزمة الثقة بدأت تخف ببطء، وسط توقعات النهوض والتوسع في الإقراض المصرفي للقطاع الخاص بدء من هذا العام.
ورجحّ بارع عجاج، الخبير المالي وعضو لجنة الأوراق المالية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة ، عودة القروض إلى النمو بوتيرة أسرع في عام 2011 قد تصل إلى 15 في المائة وصولاً إلى حوالي 844 مليار ريال خلال العام الجاري، الأمر الذي يعني رغبة البنوك في تجنب تكرار أدائها الباهت في العامين الآخرين.
وقال :" هناك مؤشرات قوية على أن مؤسسة النقد العربي السعودي قد سمحت للبنوك مع بداية شهر يناير الجاري ، في التوسع في عمليات إقراض القطاع الخاص سواء لتمويل المشروعات الضخمة الجديدة أو في مجال التمويل الشخصي للأفراد والسحب على المكشوف".
وأضاف :" كان واضحاً منذ بداية يناير الجاري بدء الحملات الترويجية لتمويل الإقراض الشخصي للأفراد بمزايا وتسهيلات جديدة من قبل البنوك وخاصة في مجال تملك المساكن ".
وكان حجم المطلوبات البنكية من القطاع الخاص في العام الماضي وحتى نوفمبر منه قد بلغ 734 مليار ريال تمثل قروض المشاريع والأفراد والسحب على المكشوف وفي عام 2009م وصلت على 701 مليار ريال وفي 2008 بلغت 703 مليارات ريال وفي 2007 وصلت إلى 550 مليار ريال وفي 2006 بلغت 452 مليار ريال .
وذكر الخبير المالي وعضو لجنة الأوراق المالية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة ، أن هناك انخفاضا في فوائد القروض الجديدة وإن كانت في مجملها تتحرك في نطاق 3.25 و3.5% بينما تحظى القطاعات الحكومية وشبه الحكومية بنسب أقل تصل إلى 3% .
وأوضح أن استقرار الملاءة المالية للحكومة الظاهرة بوضوح في ميزانية العام الجديد ساعدت في اتخاذ هذه الخطوة باتجاه التوسع الحذر في مجال الإقراض خاصة أنها الميزانية الرابعة التي تشهد استقرارا ماليا كبيرا.
وتابع : " يلاحظ أن مؤسسة النقد قد توقفت عن طرح سندات واذونات خزينة منذ بداية عام 2008م واستقرت هذه الأوراق الاستثمارية المالية في نطاق 169 مليار ريال حتى نهاية نوفمبر الماضي ، وهي أوراق مالية متاحة لاستثمار كبار عملاء البنوك من شركات وأفراد وتصل مدة سندات الخزينة القديمة التي توقف صدورها إلى مدة عشر سنوات بفوائد في حدود 0.5%.
وأشار إلى انه المتداول حالياً أذونات خزينة لمدة 52 أسبوع بفوائد قدرها 0.497% و26 أسبوعا بفوائد تبلغ نسبتها 0.431% وهي تمثل سوقا ماليا مضمون الفوائد المحدودة جداً وهي تشكل مطلوبات المصارف من القطاع الحكومي وشبه الحكومي.
وأضاف أن نطاق عمل هذه الأدوات الاستثمارية صغير من حيث الحجم في مقابل الاستثمارات البنكية الضخمة في أسواق السلع والبورصة العالمية والعقارات المحلية والدولية سواء من خلال الصناديق الاستثمارية المتخصصة أو من خلال العمليات الخاصة بكبار العملاء والتي تحرص البنوك في الوقت الراهن على أن تكون حذرة من الدخول بأموال هؤلاء العملاء في مخاطرات كبيرة تخوفاً من المنافسة الكبيرة بين البنوك في انتقال كبار العملاء إلى بنوك أخرى تقدم إغراءات استثمارية أكثر ربحية.
وبين الخبير عجاج أن استقرار السوق المالي في أي دولة كما هو سائد حالياً في المملكة ينعكس بشكل مباشر في عملية الدفع بقوة بمشاريع عملاقة جديدة واستثمارات تجارية وصناعية وخدمية جديدة ، معتبراً أن النظر على ملاءة السوق السعودي من خلال حركة سوق الأسهم السعودي هي نظرة خاطئة لأن السوق يمثل عددا محدودا من الشركات المساهمة بينما أن التشغيل الحقيقي لحركة رؤوس الأموال لا تقوم بها هذه الشركات فقط فهناك آلاف الشركات الخاصة وذات المسؤولية المحدودة تعمل بمعدلات إنتاجية وربحية عالية جداً.
وأكد أن السوق السعودي يعد من أكثر الأسواق العالمية الناشئة في جذب الاستثمارات المحلية والخارجية نظراً لتوفر الفرص لإقامة المشروعات الجديدة وسهولة الإجراءات الخاصة بمنح التصاريح الصناعية والتجارية والخدمية ، ولذلك يتوقع أن يستمر نمو هذا السوق بوتيرة متسارعة خلال العام الجاري والقادم الأمر الذي سيؤدي على فتح مجالات جديدة في مجال الصناعات البتر وكيماوية والخدمية باستثمارات سعودية وأجنبية وقال انه يلاحظ أن كثيرا من المشاريع الكبرى التي كانت مؤجلة منذ سنوات طويلة قد تمت إعادة هيكلتها من جديد والبدء في عمليات بنائها وتطويرها.