وحذر اوزبورن في مقابلة اجرتها معه صحيفة “فاينانشل تايمز” بان بريطانيا تحتاج من اجل مواجهة صعوبات الخروج من الاتحاد الاوروبي الى “اقتصاد فائق التنافسية”، وافضل وسيلة لتحقيق ذلك بنظره هي خفض الضرائب على الشركات.
وأكد الوزير أنه يريد خفض الضرائب الى ما دون عتبة 15%، وهو ما اكدته وزارة المالية لوكالة فرانس برس.
وكان من المتوقع بالاساس خفض هذه الضريبة البالغة حاليا 20%, الى 17% بحلول 2020، لكن اوزبورن يعتزم المضي ابعد ليثبت ان بلاده تبقى “مفتوحة امام الشركات”.
وبدا وزير المالية المناصر بشدة للبقاء في الاتحاد الاوروبي، تحت وقع الصدمة عند اعلان فوز انصار الخروج في استفتاء 23 حزيران/يونيو.
ولكن بعدما بقي غائبا عن وسائل الاعلام على مدى ثلاثة ايام، ضاعف التصريحات والمواقف منذ الاثنين الماضي، فيما يشهد حزبه المحافظ بلبلة مع السباق الى خلافة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي قدم استقالته.
وكان اوزبورن شدد قبل الاستفتاء على انعكاسات الخروج من الكتلة الاوروبية على الاقتصاد البريطاني الذي يسجل منذ عامين نموا مريحا، ملوحا باحتمال حصول انكماش.
وحذر الاسبوع الماضي بان الحكومة المقبلة ستضطر الى تشديد سياسة التقشف، قبل ان يعلن لاحقا انه لن يكون بالامكان تسجيل الفائض في الميزانية المتوقع للعام 2020.
وفي هذا السياق، فانه قد يكون يسعى من خلال تصريحاته لصحيفة “فاينانشل تايمز” ان يثبت انه لا يزال على متن السفينة البريطانية في وجه العاصفة, ويرسم معالم اقتصاد بريطاني ما بعد الخروج من الاتحاد الاوروبي.
هل يبقى اوزبورن في الحكومة المقبلة؟
وراى مدير مركز الابحاث للاقتصاد والاعمال سكوت كورف ان خفض الضرائب على الشركات يمكن ان يساعد بريطانيا على تصحيح الانطباع السلبي الذي تركه قرار الخروج في اوساط الاعمال.
وقال “مع ورود بوادر تفيد بان الاقتصاد قد يسجل تباطؤا حادا، هذا هو الوقت المناسب لتطبيق تدابير لدعم الميزانية من اجل طمأنة الشركات بان بريطانيا تبقى بلدا جذابا للاعمال”.
واضاف ان تخفيض الضرائب على الشركات، بعدما كانت تبلغ 28% عام 2010، سيحد بالطبع من العائدات الضريبية للحكومة في مرحلة اولى، غير انه يمكن على المدى المتوسط ان يحفز النشاط ويزيد بالتالي العائدات الضريبية.
وفي مطلق الاحوال، فان مثل هذا التغيير سيعزز جاذبية بريطانيا مع تراجع الضريبة على الشركات فيها الى مستويات متدنية بفارق كبير عن النسب المفروضة في الدول المجاورة، حيث تصل الضرائب على الشركات الى حوالى 30% في المانيا، و33% في فرنسا، ولو ان عددا من الاعفاءات في هذا البلد يسمح لبعض الشركات بتخفيض المبالغ المترتبة عليها.
لكن من جهة اخرى، فان لندن قد تثير تنديدا بتهمة ممارسة التعويم الضريبي والتساهل بشكل مسرف حيال الشركات المتعددة الجنسيات التي تستغل المنافسة بين الدول من اجل خفض فواتيرها.
وبهذا القرار، فان بريطانيا ستقترب من ايرلندا التي تعتمد ادنى نسبة ضرائب في اوروبا قدرها 12,5%، وغالبا ما يتهمها شركاؤها بالمنافسة غير العادلة.
غير ان وزير المالية الايرلندي مايكل نونان حد من ابعاد تصريحات اوزبورن، مشيرا الى ان نسبة 15% لن تكون “بعيدة بفارق سحيق” عن نسبة 17% التي كانت بريطانيا قررت تطبيقها بحلول 2020.
وفي مطلق الاحوال، فان الامور لم تحسم بعد، اذ قد لا يبقى اوزبورن على راس وزارة المالية بعد تعيين رئيس الحزب المحافظ الجديد الذي سيترأس الحكومة المقبلة لتولي المفاوضات حول مستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي.
وتقدم خمسة مرشحين لخلافة ديفيد كاميرون, ووزير المالية ليس بينهم، وقد تضرر رصيده السياسي هو ايضا جراء نتيجة الاستفتاء.