وتوقعت المنظمتان في تقريرهما السنوي الاستشرافي لقطاع الزراعة، الذي نشر أمس أن أسعار السلع الزراعية المعدلة بحسب التضخم ستبقى ثابتة نسبيا بشكل عام خلال العقد المقبل. إلا أن أسعار الماشية سترتفع مقارنة بأسعار المحاصيل.
فيما معدل استهلاك الغذاء سيتراجع بفعل النمو الاقتصادي المتواضع وتباطؤ الزيادة السكانية واتجاه الأسر لتخصيص مزيد من الدخل للإنفاق على سلع غير غذائية بما في ذلك في الدول النامية.
وعزز التقرير وجهة النظر القائلة إن السلع الزراعية خرجت من عهد التقلبات الحادة الذي تسببت فيه ارتفاعات الأسعار المفاجئة والمخاوف بشأن المعروض في عامي 2007 و2008 إذ يتراجع الطلب بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي في الوقت الذي تتلقى فيه المخزونات دعما من الإنتاج القوي.
وأكد التقرير أن ارتفاع الإنتاجية الزراعية والزيادة الطفيفة في المساحات المزروعة بالمحاصيل خلال العقد المقبل سيغطيان نمو الطلب على الغذاء، ما سيؤدي إلى استقرار الأسعار وفترة من الهدوء في الأسواق الزراعية.
ومع تحسن دخل السكان خاصة في دول الاقتصادات الناشئة فإن الطلب على اللحوم والأسماك والدواجن سيشهد ارتفاعا قويا، وهو ما يزيد الطلب على الأعلاف خاصة الحبوب الخشنة والوجبات البروتينية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع في أسعارها، مقارنة بأسعار أغذية أساسية مثل القمح والأرز.
وعلى المستوى العالمي فإنه من المتوقع أن تلبي زيادة الإنتاجية، الطلب المتزايد على الغذاء والأعلاف للسكان الذين تتزايد أعدادهم وقدراتهم المالية. ويتوقع أن يسهم تحسن المحاصيل في نحو 80 في المائة من الزيادة في إنتاج المحاصيل.
وطبقا للتحليلات الأساسية في التقرير، فإنه في ظل السيناريو الحالي، الذي تنمو فيه الإنتاجية الزراعية بالوتيرة الحالية ولا يتم القيام بتحرك كبير لخفض الجوع، فإن النمو المتوقع في توافر الأغذية سيؤدي إلى خفض عدد الأشخاص الذين يعانون نقص التغذية في العالم إلى 8 في المائة من سكان العالم أو نحو 650 مليون نسمة في 2025 انخفاضا من 11 في المائة أو 800 مليون نسمة حاليا.
وتشير التحليلات إلى أنه في منطقة جنوب الصحراء في إفريقيا فإن معدل نقص التغذية سينخفض بنسبة ما بين 23 و19 في المائة، ولكن وبسبب النمو المتسارع في أعداد السكان، فإن هذه المنطقة ستظل من بين المناطق التي تشهد زيادة في عدد السكان الذين يعانون الجوع على المستوى العالمي.
ويعني ذلك أنه إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة لتغيير الوضع الراهن، فإنه لن يكون من الممكن القضاء على الجوع بحلول 2030 بما يحقق الهدف العالمي الذي تبناه المجتمع الدولي أخيراً، كما يعني ضرورة القيام بتحرك عاجل.
وتشتمل توقعات هذا العام على تركيز خاص على الإمكانات والتحديات التي تواجه الزراعة في منطقة جنوب الصحراء في إفريقيا. فظهور الطبقة الوسطى في المجتمع، وسرعة التوسع الحضري في المدن وزيادة الاهتمام التجاري بموارد إفريقيا وأراضيها الزراعية، سيحدد شكل تنمية هذا القطاع. وفيما تواجه المنطقة زيادة سريعة في أعداد السكان، فستبقى الزراعة أكبر مورد لتوظيف عديد من الشباب.
وتوقع التقرير زيادة في واردات منطقة جنوب الصحراء في إفريقيا من الأغذية نظرا لتوقع زيادة الطلب على الأغذية بنسبة تزيد على 3 في المائة خلال العقد المقبل، فيما يتوقع أن يزيد إجمالي الإنتاج الزراعي بنسبة لا تتجاوز 2.6 في المائة في العام رغم التحسن في الإنتاجية. وسيتعين على صانعي السياسة اتخاذ خطوات لتعزيز الإنتاجية ومن بينها تبني التكنولوجيا بشكل أسرع وتحسين الوصول إلى الأسواق وتحسين دمج المنتجين الصغار في سلسلة القيمة.
وتدل التوقعات الزراعية على أن معظم صادرات السلع الغذائية ستبقى حكرا على عدد قليل من الدول، بينما ستتوزع الواردات على عدد أكبر بكثير من الدول رغم أنه من المتوقع أن تبقى الصين هي السوق الرئيسة لبعض السلع خاصة حبوب الصويا. وركز التقرير على أهمية وجود أسواق تعمل بشكل جيد لتمكين الأغذية من الانتقال من المناطق التي يوجد فيها فائض إلى المناطق التي تعاني نقصا، وتحسين الأمن الغذائي.
وخلال إطلاق تقرير التوقعات في روما، قال أنجيل جوريا الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية: "رغم أننا نشهد حاليا فترة من انخفاض أسعار السلع الزراعية، إلا أننا يجب أن نبقى حذرين نظرا لأن التغيرات في الأسواق قد تحدث بشكل سريع. والأولوية الرئيسة للحكومات في السياق الحالي هو تطبيق سياسيات من شأنها أن تزيد الإنتاجية الزراعية بشكل متسق ومستدام. ومن المهم جداً أن نضع سياسات زراعية صحيحة إذا أردنا إنهاء الجوع ونقص التغذية في العقود المقبلة".
وأكد جوريا على ضرورة "تحقيق نمو الإنتاج الزراعي بشكل كبير لتلبية الاحتياجات المتزايدة على الطعام والأعلاف والمنتجات الخام الضرورية للاستخدامات الصناعية، ويجب أن يتم كل ذلك بطريقة مستدامة. ونحن متفائلون بأنه سيتم تلبية الطلب المستقبلي على السلع الزراعية بشكل أساسي من خلال زيادة الإنتاجية وليس من خلال توسيع مناطق المحاصيل أو قطعان الماشية".
كما توقع التقرير أن يزيد حجم التجارة العالمية في السلع الزراعية بنسبة 1.8 في المائة سنويا خلال السنوات العشر المقبلة، مقارنة بـ 4.3 في المائة سنويا خلال العقد الماضي.
كما يتوقع أن تكون أسعار السلع الغذائية للمستهلكين أقل تقلبا من أسعار المنتجين الزراعيين خلال العقد المقبل.
وفي الدول النامية يتوقع أن يزداد استهلاك السكر بنسبة 15 في المائة لكل شخص وأن يزداد استهلاك منتجات الألبان بنسبة 20 في المائة خلال الفترة المتوقعة.
وبعد أن شهدت الأعوام الأخيرة زيادة في المكاسب، يتوقع أن يزداد إنتاج المحاصيل بنسبة نحو 1.5 في المائة سنويا عالميا.
وفي جنوب وشرق آسيا يتوقع أن يزداد الإنتاج الزراعي بنسبة 20 في المائة خلال العقد المقبل.
وفي أمريكا اللاتينية يتوقع أن تكون زراعة حبوب الصويا هي المحرك الرئيس وراء زيادة مناطق المحاصيل بنسبة 24 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة.