استسلمت سوق الأسهم السعودية فيما يبدو للمسار الهبوطي رغم تراجع قيم التداولات، إذ تضغط عوامل عدة داخلية وخارجية على معنويات المستثمرين ومع اقتراب شهر رمضان الذي عادة ما يهدأ فيه نشاط الأسواق المالية في المنطقة وفقا لـ "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ"، حيث تكبد المؤشر "تاسي" أمس أكبر خسائره اليومية منذ نحو شهرين إذ تراجع 0.85% تحت ضغط تراجع جميع القطاعات تقريبا.
المحلل المالي الأول في "الاقتصادية" أحمد الرشيد قال: "لم تظهر كثيرا من البيانات المالية التي تعزز من وجود المشترين بشكل كبير خلال الفترة الحالية نظرا لأن الفترات السابقة شهدت ارتفاعات جيدة للسوق جعلت كثيرا من المستثمرين يفضلون جني الأرباح، لكن لا يبدو أن هناك اندفاعا بيعيا في السوق ولا سيما أن قيم التداولات لا تزال منخفضة نسبيا وقد تستمر حالة الترقب إلى أن تظهر بيانات إيجابية تغير مسار السوق".
عوامل داخلية تؤثر في المعنويات
المحللة المالية لدى "الشرق" ماري سالم ترى أن التراجع الملحوظ في قيم التداولات، التي بلغت أمس 5.2 مليار ريال وهي لا تزال أدنى من متوسطها لـ3 أشهر، يرجع إلى بطء وتيرة إعلانات النتائج خاصة من الشركات الكبرى مثل "أرامكو" و"سابك" و"أكوا باور". وحذرت من أن استمرار هذا الانخفاض في قيم التداول خلال الأسبوعين المقبلين حتى بداية شهر رمضان ينذر بدخول السوق في حالة "جمود" قد تستمر حتى نهاية الربع الأول من العام، مضيفة "النتائج التي تظهر يتم التفاعل معها لكن لا يكون لها تأثير كبير في المؤشرات مثل سهم شركة سلوشنز لأن الوزن النسبي للسهم ضئيل".
ستتجه الأنظار اليوم إلى سهم "سلوشنز" الذي ارتفع أمس 5% بعدما أعلنت الشركة التابعة لـ"شركة الاتصالات السعودية" (stc) نتائج أفضل من التوقعات بنمو الأرباح السنوية 34% إلى 1.6 مليار ريال في العام الماضي. وتشير بعض الارتفاعات في السوق إلى وجود عمليات شراء انتقائية للأسهم، كما ارتفع أمس سهم "لوبريف" لزيوت الأساس 0.4% إثر إعلان الشركة أرباحا دون المتوقع في 2024، وقال الرشيد: إن حركة السهم تظهر أن النتائج كانت ضمن توقعات السوق.
من جهة أخرى، يفضل بعض المستثمرين التريث في ضوء الاكتتابات المرتقبة في السوق لاقتناص أسهم الشركات حديثة الإدراج ما يضغط على كمية السيولة في السوق، بحسب كبير المحللين الماليين لدى "الاقتصادية" إكرامي عبدالله، لكن السوق قد تتلقى بعض الأنباء الإيجابية اليوم مع بداية ملتقى الأسواق المالية في الرياض الذي يستمر حتى 20 فبراير، وعادة ما تكون هذه المنتديات فرصة لصنّاع القرار للإعلان عن توجهات السوق المالية خلال العام الجديد.
المشهد العالمي يواصل الضغط
إلى جانب جهود تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تترقب الأسواق حول العالم ما ستسفر عنه الجهود الأمريكية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ما قد يعزز تدفقات النفط الروسي إلى الأسواق ويهدئ أسعار الحبوب والسلع.
من المقرر أن تستضيف الرياض اليوم اجتماعا بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرجي لافروف للترتيب لقمة مرتقبة بين رئيسي البلدين في وقت لاحق.
وعلى صعيد البيانات الأمريكية، من المقرر أن يصدر الفيدرالي غدا محضر أحدث اجتماعات لجنة السوق المفتوحة وهو ما سيعطي المتعاملين لمحة عن المسار المستقبلي المتوقع لأسعار الفائدة.
"لا تزال هناك حالة من عدم الوضوح في السياسة النقدية خلال هذا العام وقدرة المصارف على جذب مزيد من الودائع في الفترة الحالية، لكن ما إن تظهر أي بيانات في هذا الشأن ربما يكون هناك تحرك أكبر من هذا القطاع المسيطر بشكل كبير على المؤشر "تاسي" بحسب الرشيد.
على جانب آخر، أوردت بلومبرغ أمس أن تحالف "أوبك+" يدرس تأجيل عودة إمدادات النفط المقررة في أبريل المقبل ونقلت عن أحد مندوبي المنظمة قوله: إن أسواق النفط العالمية لا تزال هشة للغاية بحيث لا يمكنها تحمل زيادة الإنتاج في الوقت الحالي.
واستقرت اليوم أسعار النفط بعد ارتفاع أمس الاثنين، إذ قال مندوبو "أوبك+": إن التحالف يفكر في تأجيل سلسلة من الزيادات الشهرية في الإمدادات، في وقت هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية محطة لضخ الخام في روسيا، وتم تداول خام "برنت" فوق 75 دولارا للبرميل بعد مكسب متواضع الاثنين، في حين كان "غرب تكساس" الوسيط بالقرب من 71 دولارا للبرميل.