عندما تسأل القوى الإدارية العليا الناجحة ورجال الأعمال، كم نسبة في المائة يمكن أن نعزو النجاح إلى الصدفة والحظ، فإن المحصلة مدهشة: من 20 في المائة إلى 30 في المائة. وغالباً أيضاً أكثر بصورة جذرية. والكثير من القرارات يصيبون فيها بناءً على التنبؤ أو الإحساس. الشيء الذي عنده يبدو أن أغلب الأحداث تحدث صدفة، كان في الحقيقة الحدس والقدرة على القيام بالأشياء الصحيحة في اللحظة المناسبة. ويدرك هؤلاء الإداريون الأوائل الإشارات الضعيفة، التي لا يأخذها الآخرون على محمل الجد، وهم يدركون النموذج، حيث لا يرى الآخرون أي نموذج. وهم قادرون على تصفية المعلومات، والتي غالباً ما تكون متناقضة، وخادعة، وغير واضحة، والتي تشير إلى ما بعد الحدث على أنها صحيحة. ولكن بالأخص لديهم القدرة على الإصابة في قرارات صحيحة عن طريق الحدس. وهذا ما نعنيه عندما نتحدث عن الذكاء العاطفي.
وعندما يسألهم المرء، كيف يمكن للمرء أن يُفترض به أن يتصور هذا؟ عندها تتقارب الإجابات على نحوٍ متألق. ويضع المرء دوماً الأهداف الكبيرة نصب عينيه، ويطرح على نفسه يومياً تقريباً السؤال، كيف يمكن للمرء الاقتراب من هذا الهدف فعلياً؟ ويقدّم المرء تحليلات بالمهمة، ويتناقش مع القوى الإدارية، الزبائن، والموظفين، والاستشاريين. ويكافح المرء بصورة مستمرة حول كيف، ولماذا، ومتى، وهذا يحدث في أغلب المرات، وذلك مباشرةً في لحظة هدوء، التي فيها لا يكون المرء منشغلاً في الحقيقة بشركته، بحيث تتبادر إلى ذهنه الفكرة المنيرة أو الحل للأمر. وفجأة يصبح كل شيء واضحاً ومنطقياً، ومن المفترض أن ينجح على ذاك النحو بالضبط. والمرء يعيش الإحساس المُدرك بالحظ، ولا أحب على قلبه من الحديث قدر الإمكان عن كل هذا. ولكن عقب هذا قد يصل في الغالب إلى مرحلة من الشك مرةً أخرى، ويبدأ المرء، في إشغال نفسه عقلياً، ويراجع التحليل، على هذا النحو أكثر وعلى هذا النحو إلى الأمام، ولكن لا يحظى المرء بالتأكيد بالهدف المأمول على هذا النحو. ويصيب المرء في القرارات في إطار مخاطر مماثلة بالنسبة للشركة.
وقد تكون لعبة الشطرنج المثال الأفضل على اتخاذ القرارات المتوافقة مع الحدس. وبصورة عامة، يتم تمثيل الإدراك، حيث تستلزم لعبة الشطرنج ضمن قدر مرتفع جداً من القدرات الإدراكية، وفيها يحلل اللاعب بصورة تنظيمية جميع التحركات، والحركات المضادة، ولا يقوم باتخاذ أية خطوة دون تفكير مكثف. وعقب ثلاث خطوات من الفتح، يُعد بصورة نظرية بحتة، التغلب على تسعة ملايين موقع أمراً ممكناً. وقال ملك الشطرنج، جاري كاسبروف، في إحدى المقابلات: "يميّز لاعب الشطرنج نفسه بالأخص عن طريق الحدس. والسبب يكمن في أن لعبة الشطرنج، التي يُنظر لها بصورة رياضية، لعبة لا نهاية لها. أنا أحقق ربما نحو 15 نقلة، وهذا تقريباً الأعلى، مما قدر عليه الناس حتى الآن.
وكيف يمكن اتخاذ قرار صائب في لعبة معقدة على هذا النحو في غضون ثوان؟ يعطي أحد الخبراء جواباً جيداً: يتم عرض مواقع الأشكال على غير لاعب بما يعادل 25 حجراً في غضون ثوان. عندها يُطلب منه، إعادة ترتيب الأشكال بالشكل الصحيح من جديد، عندها لا يحقق بالمعدل أكثر من نحو ستة مواقع صحيحة. وعند وضع ملك الشطرنج في المكان نفسه، سيضع كل الأشكال في مواقعها الصحيحة. بالطبع يُعزى هذا إلى القدرة غير العادية في استقراء المعلومات بصرياً، وتخزين المعلومات. وعلى أية حال، يكرر المرء التجربة نفسها، حيث يضع الأشكال على اللوح عشوائياً دون منطق، عندها سيقوم غير اللاعب من جديد بوضع ستة أشكال منها في الموقع الصحيح. بينما ملك الشطرنج كذلك. لماذا؟ إن ملك الشطرنج يرى خلف كل تشكيل نموذجاً. وإذا تم وضع الأشكال على نحو بعيد عن المنطق، لا يمكن له عندها أخذ أي نموذج بعين الاعتبار. وإجمالاً، كما تظهر التقديرات، يمكن لخبير في الشطرنج، إدراك 50 ألف تشكيل موثوق بها. والشيء الذي يتم النظر إليه على أنه قرار متفق مع الحدس، هو في الحقيقة الإدراك السريع كسرعة البرق للنماذج، الشيء الذي يحدث على غير دراية تامة نوعاً ما.
والأستاذ جيرالد هوتر، باحث ذهني معروف، والذي يُدير مؤسسة بحث في الدراسات البيولوجية للجهاز العصبي في جامعة جوتينجين، يقول إن العقل البشري يعمل مثل الكمبيوتر فقط لدى مواجهة قرارات عادية جداً، وهنا يتم قياس جميع المميزات، والمساوئ بصورة عقلية ملحوظة، وعندها يصل على هذا النحو إلى قرار. أما فيما يتعلق بالقرارات الصعبة والمعقدة يصل إلى تشابك معقد للمعرفة، والخبرات، والعواطف، التي تؤدي إلى شكل مختلف بالكامل من العقلية أكثر مما لدى القرارات العادية والسهلة. ولا يوجد الحدس ضمن المنطق العام بهذا الشكل. وينطوي تحت "قرارات الحدس" مجريات متداخلة، والتي تجعل الخبرات المختلفة، والمعرفة النظرية المعززة على نحوٍ نظري، في شكل ووسيلة خاصين، أمراً مفيداً. وتؤكد محصلات البحث، أن الناس، الذين عن طريق فضولهم، والانفتاح، وتكيّفهم مع الفرص، يتناسبون مع قدر عال جداً من المعرفة، وهم بصورة جذرية غالباً في الموقع، مع الإصابة في قرارات جيدة تتفق مع الحدس، أكثر من الناس، الذين يملكون مخزون خبرات قليلاً نسبياً.
والحدس طبقاً لهذا ليس الحاسة السادسة السحرية، ولا عملية فوق عادية. وهو ليس مناقضاً للعقلية، ولا اتخاذ قرار حسب مبدأ الصدف. الحدس هو شكل بالغ التعقيد، وبالغ التطوير من الاستنتاجات، التي تعتمد على خبرة طويلة، وتعليم، وحقائق، ونماذج، ومبادئ، وتقنيات، والفكر التجريدي، وكل شيء آخر نشير إليه نحن على أنه معرفة نظامية، مخزنة في أذهاننا.
الحدس غير معروف، فهو يرتكز على الخبرات المخزنة التي لا تعد ولا تحصى. هو عبارة عن أعوام سريعة ومعالجة من الخبرات في غضون ثوان. الحدس معقد، ويعالج معلومات بصورة متداخلة، وليس حسب مجريات اتخاذ القرار الطولية، والعقلية التحليلية. ويعتمد الحدس على الخبرة، التي تنعكس في الموجة المساعدة أو المشجعة على كشف القرارات، وعلى العواطف، والتي تترافق مع موقف محدد، وحافز محدد.
والشروط "لقيام" الحدس، واستخدامه، لا تزال حديثة البحث نسبياً في علوم الإدارة. ورغم هذا يتم اشتقاق المعرفة الأولى من الدراسات المعروضة.
ويحتاج الحدس إلى الخبرة. والحدس ليس له علاقة لا بالفطرة، ولا برؤية الغيب. الحدس هو "الخبرة الأوتوماتيكية". كلما كانت الخبرة معقدة أكثر، وشاملة أكثر، كان المزيد من النماذج لمتخذ القرار موثوقة أكثر. وكلما كان المزيد من النماذج موثوقة بالنسبة له، كان حدسه أفضل. ويتم تخزين معارف الخبرة في العادة على أنها معرفة ضمنية. ولا يمكن التلفظ بها بوضوح. عندما تقرر إحدى القوى الإدارية العليا ذات الخبرة بناءً على ما تشعر، لأن حدسها يملي عليها أن هذا هو القرار الصائب. فإن هذا في الحقيقة هو الإدراك النموذجي من الخبرة. وعندما لا يكون المسؤول الإداري في الموقف، لأن يعبر بوضوح، لماذا يعد هو هذه القرارات أنها صائبة، عندها لا يعني هذا بالضرورة، أن قرار الحدس سيء. وتشير الدراسات، إلى أن القوى الإدارية المسؤولة في المناصب العليا، تصيب في قرارات حدس أكثر من القوى الإدارية في المناصب المتوسطة والدنيا، وأن رجال الأعمال الصغار يقررون بالقدر نفسه الكثير من الحدس مثل القوى الإدارية العليا في الشركات الرائدة.
وتحتاج القوى الإدارية إلى شبكات. وهم بحاجة إلى الشبكات للعمل على تبادل الخبرات، والحصول على التغذية الراجعة الجيدة لاتخاذ القرارات. وفقط عن طريق التغذية الراجعة ينشأ مناخ للتعليم، والذي يدعم تعزيز معارف الخبرة. وعلى القوى الإدارية العليا التعاطي مع الناس، الذين يماثلونهم، والذي يهتمون معهم بمناخ محادثة منفتح. ويحدث غالباً العكس في الممارسات الإدارية، حيث يميل المرء إلى جمع قائلي "نعم" حوله.
وتحتاج القوى الإدارية إلى الذكاء العاطفي. ويترافق الحدس غالباً مع العاطفة. وقد أثبت عالم الجهاز العصبي، جوزيف ليدوكس، أن الهيكل العصبي على شكل اللوزة، عقلنا العاطفي، يصنّف الحوافز السريعة في عملية سريعة، ويصدر السلوك كعملية إدراكية. بكلمات أخرى: العواطف تسبق الإدراك. ولا يمكن للحدس ردعنا إزاء القرارات الخاطئة فحسب، ولكن كذلك يجعلنا متيقظين تجاه الفرص. وبهذا يقصد دانيل جولمان أيضاً، أن الاستماع إلى المشاعر يمكن أن يقود إلى قرارات أفضل. ووجد جولمان كذلك، أنه يمكن توضيح نحو 90 في المائة من القرارات بين ممثلي الإدارة العليا، والقوى الإدارية الناجحة بالمعدل ضمن المستويات العليا عن طريق الذكاء العاطفي، وهنا تبرز بالأخص الثقة بالنفس، ومعرفة المشاعر الخاصة، وهذا يعني القدرة، على إدراك العواطف الخاصة، وفهمها، وتفسيرها على نحوٍ سليم.
التعلم من الأخطاء:
بما أن الحدس بحاجة إلى الخبرة، فإن النطاق ضروري، والذي يمكن فيه صنع الخبرات، سواء الإيجابية أو السلبية. وهذا يتطلب كذلك قدراً معلوماً من الاستعداد لمواجهة المخاطر، والروح الرياضية لتقبّل الأخطاء. يمكن للقوى الإدارية أن تحقق مثل هذه الثقافات، بحيث تدعم هذه القوى الإدارية بصورة عامة ومستمرة، في التماشي مع المخاطر، وارتكاب الأخطاء، وبالتالي التمكين لهم في مثل هذه المهن.
الفضول ورؤية الفرص بدلاً من المخاطر:
على القوى الإدارية أن تتيح فضولها كذلك، وغالباً في مساحات العمل الحرة والتي غالباً ما تكون مثقلة بالأعباء. وهذا الفضول هو الشرط، ليكون بإمكان المرء كشف الغطاء عن الفرص الجديدة. ولكن من الممكن أن ينجح هذا من جديد فقط، عندما تتم معالجة الانطباعات المكتسبة على نحوٍ "متكيف مع الفرص"، وليس دوماً البحث عن الأسباب "لعدم النجاح". بيتر دروكر، يقول في مقال له في صحيفة، هارفارد بيزنس ريفيو: "المدير الجيد يوجّه نظره دوماً وبقوة إلى الفرص أكثر منه إلى المخاطر...، ولا يمضي أكثر للاهتمام بالمشكلات. وبالتالي يُبعد الأضرار وحدها فقط عن الشركة. المحصلة الجيدة يمكن أن تبرز، عندما تستغل القوى الإدارية دوماً الفرص باستمرار". الفكرية المتكيفة مع الفرص، والتداول هما شرطان للمضي في طرق جديدة. والمضي في الطرق الجديدة هو الشرط لجمع الخبرات. والحدس بحاجة إلى الخبرة.
لا يمكن للحدس أن يُترك في مسار حر. لا يوجد أي مسؤول إداري حكيم يصيب في القرارات بناءً على الحدس، تلك القرارات التي تعد عميقة وحادة، ومن الممكن أن تدمر الشركة. المدير المسؤول الحكيم يبحث بالأحرى، عن تنظيم الحدس عن طريق المعرفة والحقائق.
وعندما يسألهم المرء، كيف يمكن للمرء أن يُفترض به أن يتصور هذا؟ عندها تتقارب الإجابات على نحوٍ متألق. ويضع المرء دوماً الأهداف الكبيرة نصب عينيه، ويطرح على نفسه يومياً تقريباً السؤال، كيف يمكن للمرء الاقتراب من هذا الهدف فعلياً؟ ويقدّم المرء تحليلات بالمهمة، ويتناقش مع القوى الإدارية، الزبائن، والموظفين، والاستشاريين. ويكافح المرء بصورة مستمرة حول كيف، ولماذا، ومتى، وهذا يحدث في أغلب المرات، وذلك مباشرةً في لحظة هدوء، التي فيها لا يكون المرء منشغلاً في الحقيقة بشركته، بحيث تتبادر إلى ذهنه الفكرة المنيرة أو الحل للأمر. وفجأة يصبح كل شيء واضحاً ومنطقياً، ومن المفترض أن ينجح على ذاك النحو بالضبط. والمرء يعيش الإحساس المُدرك بالحظ، ولا أحب على قلبه من الحديث قدر الإمكان عن كل هذا. ولكن عقب هذا قد يصل في الغالب إلى مرحلة من الشك مرةً أخرى، ويبدأ المرء، في إشغال نفسه عقلياً، ويراجع التحليل، على هذا النحو أكثر وعلى هذا النحو إلى الأمام، ولكن لا يحظى المرء بالتأكيد بالهدف المأمول على هذا النحو. ويصيب المرء في القرارات في إطار مخاطر مماثلة بالنسبة للشركة.
وقد تكون لعبة الشطرنج المثال الأفضل على اتخاذ القرارات المتوافقة مع الحدس. وبصورة عامة، يتم تمثيل الإدراك، حيث تستلزم لعبة الشطرنج ضمن قدر مرتفع جداً من القدرات الإدراكية، وفيها يحلل اللاعب بصورة تنظيمية جميع التحركات، والحركات المضادة، ولا يقوم باتخاذ أية خطوة دون تفكير مكثف. وعقب ثلاث خطوات من الفتح، يُعد بصورة نظرية بحتة، التغلب على تسعة ملايين موقع أمراً ممكناً. وقال ملك الشطرنج، جاري كاسبروف، في إحدى المقابلات: "يميّز لاعب الشطرنج نفسه بالأخص عن طريق الحدس. والسبب يكمن في أن لعبة الشطرنج، التي يُنظر لها بصورة رياضية، لعبة لا نهاية لها. أنا أحقق ربما نحو 15 نقلة، وهذا تقريباً الأعلى، مما قدر عليه الناس حتى الآن.
وكيف يمكن اتخاذ قرار صائب في لعبة معقدة على هذا النحو في غضون ثوان؟ يعطي أحد الخبراء جواباً جيداً: يتم عرض مواقع الأشكال على غير لاعب بما يعادل 25 حجراً في غضون ثوان. عندها يُطلب منه، إعادة ترتيب الأشكال بالشكل الصحيح من جديد، عندها لا يحقق بالمعدل أكثر من نحو ستة مواقع صحيحة. وعند وضع ملك الشطرنج في المكان نفسه، سيضع كل الأشكال في مواقعها الصحيحة. بالطبع يُعزى هذا إلى القدرة غير العادية في استقراء المعلومات بصرياً، وتخزين المعلومات. وعلى أية حال، يكرر المرء التجربة نفسها، حيث يضع الأشكال على اللوح عشوائياً دون منطق، عندها سيقوم غير اللاعب من جديد بوضع ستة أشكال منها في الموقع الصحيح. بينما ملك الشطرنج كذلك. لماذا؟ إن ملك الشطرنج يرى خلف كل تشكيل نموذجاً. وإذا تم وضع الأشكال على نحو بعيد عن المنطق، لا يمكن له عندها أخذ أي نموذج بعين الاعتبار. وإجمالاً، كما تظهر التقديرات، يمكن لخبير في الشطرنج، إدراك 50 ألف تشكيل موثوق بها. والشيء الذي يتم النظر إليه على أنه قرار متفق مع الحدس، هو في الحقيقة الإدراك السريع كسرعة البرق للنماذج، الشيء الذي يحدث على غير دراية تامة نوعاً ما.
والأستاذ جيرالد هوتر، باحث ذهني معروف، والذي يُدير مؤسسة بحث في الدراسات البيولوجية للجهاز العصبي في جامعة جوتينجين، يقول إن العقل البشري يعمل مثل الكمبيوتر فقط لدى مواجهة قرارات عادية جداً، وهنا يتم قياس جميع المميزات، والمساوئ بصورة عقلية ملحوظة، وعندها يصل على هذا النحو إلى قرار. أما فيما يتعلق بالقرارات الصعبة والمعقدة يصل إلى تشابك معقد للمعرفة، والخبرات، والعواطف، التي تؤدي إلى شكل مختلف بالكامل من العقلية أكثر مما لدى القرارات العادية والسهلة. ولا يوجد الحدس ضمن المنطق العام بهذا الشكل. وينطوي تحت "قرارات الحدس" مجريات متداخلة، والتي تجعل الخبرات المختلفة، والمعرفة النظرية المعززة على نحوٍ نظري، في شكل ووسيلة خاصين، أمراً مفيداً. وتؤكد محصلات البحث، أن الناس، الذين عن طريق فضولهم، والانفتاح، وتكيّفهم مع الفرص، يتناسبون مع قدر عال جداً من المعرفة، وهم بصورة جذرية غالباً في الموقع، مع الإصابة في قرارات جيدة تتفق مع الحدس، أكثر من الناس، الذين يملكون مخزون خبرات قليلاً نسبياً.
والحدس طبقاً لهذا ليس الحاسة السادسة السحرية، ولا عملية فوق عادية. وهو ليس مناقضاً للعقلية، ولا اتخاذ قرار حسب مبدأ الصدف. الحدس هو شكل بالغ التعقيد، وبالغ التطوير من الاستنتاجات، التي تعتمد على خبرة طويلة، وتعليم، وحقائق، ونماذج، ومبادئ، وتقنيات، والفكر التجريدي، وكل شيء آخر نشير إليه نحن على أنه معرفة نظامية، مخزنة في أذهاننا.
الحدس غير معروف، فهو يرتكز على الخبرات المخزنة التي لا تعد ولا تحصى. هو عبارة عن أعوام سريعة ومعالجة من الخبرات في غضون ثوان. الحدس معقد، ويعالج معلومات بصورة متداخلة، وليس حسب مجريات اتخاذ القرار الطولية، والعقلية التحليلية. ويعتمد الحدس على الخبرة، التي تنعكس في الموجة المساعدة أو المشجعة على كشف القرارات، وعلى العواطف، والتي تترافق مع موقف محدد، وحافز محدد.
والشروط "لقيام" الحدس، واستخدامه، لا تزال حديثة البحث نسبياً في علوم الإدارة. ورغم هذا يتم اشتقاق المعرفة الأولى من الدراسات المعروضة.
ويحتاج الحدس إلى الخبرة. والحدس ليس له علاقة لا بالفطرة، ولا برؤية الغيب. الحدس هو "الخبرة الأوتوماتيكية". كلما كانت الخبرة معقدة أكثر، وشاملة أكثر، كان المزيد من النماذج لمتخذ القرار موثوقة أكثر. وكلما كان المزيد من النماذج موثوقة بالنسبة له، كان حدسه أفضل. ويتم تخزين معارف الخبرة في العادة على أنها معرفة ضمنية. ولا يمكن التلفظ بها بوضوح. عندما تقرر إحدى القوى الإدارية العليا ذات الخبرة بناءً على ما تشعر، لأن حدسها يملي عليها أن هذا هو القرار الصائب. فإن هذا في الحقيقة هو الإدراك النموذجي من الخبرة. وعندما لا يكون المسؤول الإداري في الموقف، لأن يعبر بوضوح، لماذا يعد هو هذه القرارات أنها صائبة، عندها لا يعني هذا بالضرورة، أن قرار الحدس سيء. وتشير الدراسات، إلى أن القوى الإدارية المسؤولة في المناصب العليا، تصيب في قرارات حدس أكثر من القوى الإدارية في المناصب المتوسطة والدنيا، وأن رجال الأعمال الصغار يقررون بالقدر نفسه الكثير من الحدس مثل القوى الإدارية العليا في الشركات الرائدة.
وتحتاج القوى الإدارية إلى شبكات. وهم بحاجة إلى الشبكات للعمل على تبادل الخبرات، والحصول على التغذية الراجعة الجيدة لاتخاذ القرارات. وفقط عن طريق التغذية الراجعة ينشأ مناخ للتعليم، والذي يدعم تعزيز معارف الخبرة. وعلى القوى الإدارية العليا التعاطي مع الناس، الذين يماثلونهم، والذي يهتمون معهم بمناخ محادثة منفتح. ويحدث غالباً العكس في الممارسات الإدارية، حيث يميل المرء إلى جمع قائلي "نعم" حوله.
وتحتاج القوى الإدارية إلى الذكاء العاطفي. ويترافق الحدس غالباً مع العاطفة. وقد أثبت عالم الجهاز العصبي، جوزيف ليدوكس، أن الهيكل العصبي على شكل اللوزة، عقلنا العاطفي، يصنّف الحوافز السريعة في عملية سريعة، ويصدر السلوك كعملية إدراكية. بكلمات أخرى: العواطف تسبق الإدراك. ولا يمكن للحدس ردعنا إزاء القرارات الخاطئة فحسب، ولكن كذلك يجعلنا متيقظين تجاه الفرص. وبهذا يقصد دانيل جولمان أيضاً، أن الاستماع إلى المشاعر يمكن أن يقود إلى قرارات أفضل. ووجد جولمان كذلك، أنه يمكن توضيح نحو 90 في المائة من القرارات بين ممثلي الإدارة العليا، والقوى الإدارية الناجحة بالمعدل ضمن المستويات العليا عن طريق الذكاء العاطفي، وهنا تبرز بالأخص الثقة بالنفس، ومعرفة المشاعر الخاصة، وهذا يعني القدرة، على إدراك العواطف الخاصة، وفهمها، وتفسيرها على نحوٍ سليم.
التعلم من الأخطاء:
بما أن الحدس بحاجة إلى الخبرة، فإن النطاق ضروري، والذي يمكن فيه صنع الخبرات، سواء الإيجابية أو السلبية. وهذا يتطلب كذلك قدراً معلوماً من الاستعداد لمواجهة المخاطر، والروح الرياضية لتقبّل الأخطاء. يمكن للقوى الإدارية أن تحقق مثل هذه الثقافات، بحيث تدعم هذه القوى الإدارية بصورة عامة ومستمرة، في التماشي مع المخاطر، وارتكاب الأخطاء، وبالتالي التمكين لهم في مثل هذه المهن.
الفضول ورؤية الفرص بدلاً من المخاطر:
على القوى الإدارية أن تتيح فضولها كذلك، وغالباً في مساحات العمل الحرة والتي غالباً ما تكون مثقلة بالأعباء. وهذا الفضول هو الشرط، ليكون بإمكان المرء كشف الغطاء عن الفرص الجديدة. ولكن من الممكن أن ينجح هذا من جديد فقط، عندما تتم معالجة الانطباعات المكتسبة على نحوٍ "متكيف مع الفرص"، وليس دوماً البحث عن الأسباب "لعدم النجاح". بيتر دروكر، يقول في مقال له في صحيفة، هارفارد بيزنس ريفيو: "المدير الجيد يوجّه نظره دوماً وبقوة إلى الفرص أكثر منه إلى المخاطر...، ولا يمضي أكثر للاهتمام بالمشكلات. وبالتالي يُبعد الأضرار وحدها فقط عن الشركة. المحصلة الجيدة يمكن أن تبرز، عندما تستغل القوى الإدارية دوماً الفرص باستمرار". الفكرية المتكيفة مع الفرص، والتداول هما شرطان للمضي في طرق جديدة. والمضي في الطرق الجديدة هو الشرط لجمع الخبرات. والحدس بحاجة إلى الخبرة.
لا يمكن للحدس أن يُترك في مسار حر. لا يوجد أي مسؤول إداري حكيم يصيب في القرارات بناءً على الحدس، تلك القرارات التي تعد عميقة وحادة، ومن الممكن أن تدمر الشركة. المدير المسؤول الحكيم يبحث بالأحرى، عن تنظيم الحدس عن طريق المعرفة والحقائق.