إنني أخشى على النشاطات العملية الأمريكية ليس بسبب الخلل في التجارة الأمريكية، أو عجز الميزانية، ولكن بسبب الإنتاجية في الشركات. ومن الممكن أن تؤدي الإنتاجية الأمريكية المرتفعة إلى تدمير عدد كبير من كبريات الشركات الأمريكية.
وتبين أن الكثير من مكاسب الإنتاجية التي تم ادعاؤها خلال السنوات القليلة الماضية، إنما كانت خسائر فعلية في تلك الإنتاجية. وحتى تستطيع أن تتصور ذلك، فما عليك إلا أن تتخيل أنك طردت جميع العاملين في شركتك، وأنك بدأت تشحن من المخزون المتوافر لديك. وستختفي بذلك ساعات العمل بينما يستمر العمل. وسوف تعتقد أنك أنجزت أمراً كبيراً، وأن ذلك شأن منتج للغاية، وأنك حققت أرباحاً كبرى. ويستمر ذلك بالطبع إلى أن ينتهي المخزون.
وإنني أرى أن معظم الشركات الأمريكية تقوم بالسحب من المخزون، بحيث تقترب من انتهائه. وإنها بذلك تقايض سلامتها المستقبلية بنتائج على المدى القصير. وطبيعي أنه ليس هنالك أي رئيس تنفيذي يطرد جميع العاملين في الشركة. ويعود الفضل إلى الحرص الشديد للغاية من جانب الشركات على زيادة القيمة إزاء حاملي الأسهم، أي العمل الدائب على زيادة أسعار أسهم الشركة، في زيادة قدرة الرؤساء التنفيذيين على إيجاد كل الوسائل الأخرى اللازمة لزيادة كميات الأموال التي يجد المحاسبون والاقتصاديون صعوبة في إحصائها.
ومن الطرق التي يتبعونها في ذلك التقليل من قيمة العلامة التجارية، وكذلك الحد من الإنفاق المخصص لأغراض البحث والتطوير في الشركة. كما أن هنالك أسلوب الإدارة بالأرقام، حيث يحدد الرئيس التنفيذي النتائج المرغوبة ليبدأ الجميع بالركض من أجل تحقيقها، بغض النظر عن العواقب .
ومن أشهر أساليب إظهار ضخامة الأرباح المحققة الأقرب إلى السحب من المخزون، التقليل من "حجم"، أو وقع عمليات الاستغناء عن عمال التشغيل، ومديري الإدارة الوسطى كيفما اتفق، بهدف تحقيق تقليص في النفقات. وحين تتراجع أسعار الأسهم، حتى لو كانت الشركة محافظة على أرباحها، فإن العظام ترمى للكلاب الجائعة في مجتمع الأسواق المالية.
فكيف يمكن أن تصبح أعداد كبيرة من الناس فائضة عن الحاجة بصورة مفاجئة، وهل كانت شركات أمريكا توظف موظفين زائدين عن الحاجة إلى هذا الحد، أم أن لديها مديرين لا يحسون بالمسؤولية لدرجة أنهم عاجزون عن إيجاد القيمة الحقيقية، أم أنهم يكتفون بإلقاء فشلهم على أكتاف العمال والمديرين الأقل درجة الذين يتم الاستغناء عنهم، أم أن الأمر يتعلق بكون الباقين أسوأ من الذين ذهبوا؟
وإذا أخذنا بعين الاعتبار الخسارة الناجمة عن فقدان أولئك الموظفين، فإن الإجابة تبدو واضحة. وهنالك بالطبع استثناءات من حيث وجود شركات تدار بطريقة سليمة وآخذة بنظر الاعتبار قضايا الأجل الطويل. ومن أمثلة تلك الشركات، شركة كوستكو التي تحترم العاملين فيها، وتدفع لهم أجوراً عادلة. ولكن مناقشات مختلفة أجريتها مع مختلف مستويات النشاطات العملية تشير إلى أن فلسفة القيمة الخاصة بحملة الأسهم تزيد من شدة قبضتها على الشركات الأمريكية التي يتم تداول أسهمها. وتفيد معلومات واردة من أوروبا بأن هذه المشكلة تنتشر بصورة واسعة. ولنتذكر الإجراءات الخرقاء التي اتخذتها شركة دايملركرايزلر التي أدت إلى تدمير العلامة التجارية المشهورة لمرسيدس. كما يمكن أن نتذكر في هذا الصدد ما لجأت إليه شركة البترول البريطانية حين دمرت كل ميزاتها المعروفة في مجال المحافظة على البيئة من خلال تقليص التكاليف الذي أدى إلى الكوارث في تكساس (حريق المصفاة عام 2005 الذي أدى إلى قتل 15 شخصاً، والتسرب النفطي الكبير في ألاسكا عام 2006.).
فما الذي يمكننا عمله؟. لنقتبس سطراً من رواية "شوجون": إن كل ما نحتاج إليه هو تغيير نظراتنا للعالم. وهنالك عدة خطوات عملية مفيدة في هذا الصدد:
أبعدوا المحللين عن ظهور الشركات: لا يمكن إدارة الشركات من مكتب محلل أوراق مالية. ويتم إنشاء الشركات الكبرى بصورة بطيئة، وبتفكير عميق من أناس كاملي الالتزام. ولنبدأ بالتخلص من أسلوب العوائد ربع السنوية. فمن هو ذلك العبقري الذي جاء بنظرية إمكانية التحول الكبير في ثروات الشركات بين فصل وآخر؟. وتعمل التقارير ربع السنوية على إبقاء اهتمام الإدارة مركزاً على النتائج القابلة للقياس بدلاً من توجيهه نحو المنتجات، والخدمات، والزبائن.
خذوا الحكم الرشيد للشركات بجدية
يجب على مجالس إدارة الشركات أن تفتح أبوابها أمام أصوات أولئك الذين يحرصون على السلامة طويلة المدى للشركة، وأبرز أولئك بالطبع هم الموظفون أنفسهم.
أخرجوا المرتزقة من أجنحة المسؤولين التنفيذيين
يجب أن يحرص المسؤولون في الشركات بصورة عميقة على سلامة أوضاع الشركة في الأجل الطويل. وإن كل من يطالب بصفقة شخصية مميزة له، تجعله على مسافة بعيدة من الآخرين، لا يستحق أن يدعي وصف القائد.
عاملوا الشركة كمجتمع من الأعضاء المنتمين، وليس كتجمع للوكلاء:
يمكننا أن نبدأ، على سبيل المثال، بأنظمة التعويضات التي تعمل على تشجيع الجهد المتعاون، فالشركات هي عبارة عن مؤسسات اجتماعية تعمل بأفضل صورة ممكنة حين يتعاون بنو البشر وليس الموارد البشرية. ولا بد أن تقوم العلاقات بين المتعاونين على الثقة والاحترام. وإذا ما تم تدمير ذلك، فإن الشركة ككل تصبح عرضة للدمار.
ولا بد للشركات الأمريكية من الخروج من الوضع المستحيل الذي تمر به في الوقت الراهن. ولا بد كذلك من تغيير النظرة إلى الإنتاجية بصورة كاملة من أجل المجتمع الأمريكي، ومن أجل الاقتصاد الأمريكي.
وتبين أن الكثير من مكاسب الإنتاجية التي تم ادعاؤها خلال السنوات القليلة الماضية، إنما كانت خسائر فعلية في تلك الإنتاجية. وحتى تستطيع أن تتصور ذلك، فما عليك إلا أن تتخيل أنك طردت جميع العاملين في شركتك، وأنك بدأت تشحن من المخزون المتوافر لديك. وستختفي بذلك ساعات العمل بينما يستمر العمل. وسوف تعتقد أنك أنجزت أمراً كبيراً، وأن ذلك شأن منتج للغاية، وأنك حققت أرباحاً كبرى. ويستمر ذلك بالطبع إلى أن ينتهي المخزون.
وإنني أرى أن معظم الشركات الأمريكية تقوم بالسحب من المخزون، بحيث تقترب من انتهائه. وإنها بذلك تقايض سلامتها المستقبلية بنتائج على المدى القصير. وطبيعي أنه ليس هنالك أي رئيس تنفيذي يطرد جميع العاملين في الشركة. ويعود الفضل إلى الحرص الشديد للغاية من جانب الشركات على زيادة القيمة إزاء حاملي الأسهم، أي العمل الدائب على زيادة أسعار أسهم الشركة، في زيادة قدرة الرؤساء التنفيذيين على إيجاد كل الوسائل الأخرى اللازمة لزيادة كميات الأموال التي يجد المحاسبون والاقتصاديون صعوبة في إحصائها.
ومن الطرق التي يتبعونها في ذلك التقليل من قيمة العلامة التجارية، وكذلك الحد من الإنفاق المخصص لأغراض البحث والتطوير في الشركة. كما أن هنالك أسلوب الإدارة بالأرقام، حيث يحدد الرئيس التنفيذي النتائج المرغوبة ليبدأ الجميع بالركض من أجل تحقيقها، بغض النظر عن العواقب .
ومن أشهر أساليب إظهار ضخامة الأرباح المحققة الأقرب إلى السحب من المخزون، التقليل من "حجم"، أو وقع عمليات الاستغناء عن عمال التشغيل، ومديري الإدارة الوسطى كيفما اتفق، بهدف تحقيق تقليص في النفقات. وحين تتراجع أسعار الأسهم، حتى لو كانت الشركة محافظة على أرباحها، فإن العظام ترمى للكلاب الجائعة في مجتمع الأسواق المالية.
فكيف يمكن أن تصبح أعداد كبيرة من الناس فائضة عن الحاجة بصورة مفاجئة، وهل كانت شركات أمريكا توظف موظفين زائدين عن الحاجة إلى هذا الحد، أم أن لديها مديرين لا يحسون بالمسؤولية لدرجة أنهم عاجزون عن إيجاد القيمة الحقيقية، أم أنهم يكتفون بإلقاء فشلهم على أكتاف العمال والمديرين الأقل درجة الذين يتم الاستغناء عنهم، أم أن الأمر يتعلق بكون الباقين أسوأ من الذين ذهبوا؟
وإذا أخذنا بعين الاعتبار الخسارة الناجمة عن فقدان أولئك الموظفين، فإن الإجابة تبدو واضحة. وهنالك بالطبع استثناءات من حيث وجود شركات تدار بطريقة سليمة وآخذة بنظر الاعتبار قضايا الأجل الطويل. ومن أمثلة تلك الشركات، شركة كوستكو التي تحترم العاملين فيها، وتدفع لهم أجوراً عادلة. ولكن مناقشات مختلفة أجريتها مع مختلف مستويات النشاطات العملية تشير إلى أن فلسفة القيمة الخاصة بحملة الأسهم تزيد من شدة قبضتها على الشركات الأمريكية التي يتم تداول أسهمها. وتفيد معلومات واردة من أوروبا بأن هذه المشكلة تنتشر بصورة واسعة. ولنتذكر الإجراءات الخرقاء التي اتخذتها شركة دايملركرايزلر التي أدت إلى تدمير العلامة التجارية المشهورة لمرسيدس. كما يمكن أن نتذكر في هذا الصدد ما لجأت إليه شركة البترول البريطانية حين دمرت كل ميزاتها المعروفة في مجال المحافظة على البيئة من خلال تقليص التكاليف الذي أدى إلى الكوارث في تكساس (حريق المصفاة عام 2005 الذي أدى إلى قتل 15 شخصاً، والتسرب النفطي الكبير في ألاسكا عام 2006.).
فما الذي يمكننا عمله؟. لنقتبس سطراً من رواية "شوجون": إن كل ما نحتاج إليه هو تغيير نظراتنا للعالم. وهنالك عدة خطوات عملية مفيدة في هذا الصدد:
أبعدوا المحللين عن ظهور الشركات: لا يمكن إدارة الشركات من مكتب محلل أوراق مالية. ويتم إنشاء الشركات الكبرى بصورة بطيئة، وبتفكير عميق من أناس كاملي الالتزام. ولنبدأ بالتخلص من أسلوب العوائد ربع السنوية. فمن هو ذلك العبقري الذي جاء بنظرية إمكانية التحول الكبير في ثروات الشركات بين فصل وآخر؟. وتعمل التقارير ربع السنوية على إبقاء اهتمام الإدارة مركزاً على النتائج القابلة للقياس بدلاً من توجيهه نحو المنتجات، والخدمات، والزبائن.
خذوا الحكم الرشيد للشركات بجدية
يجب على مجالس إدارة الشركات أن تفتح أبوابها أمام أصوات أولئك الذين يحرصون على السلامة طويلة المدى للشركة، وأبرز أولئك بالطبع هم الموظفون أنفسهم.
أخرجوا المرتزقة من أجنحة المسؤولين التنفيذيين
يجب أن يحرص المسؤولون في الشركات بصورة عميقة على سلامة أوضاع الشركة في الأجل الطويل. وإن كل من يطالب بصفقة شخصية مميزة له، تجعله على مسافة بعيدة من الآخرين، لا يستحق أن يدعي وصف القائد.
عاملوا الشركة كمجتمع من الأعضاء المنتمين، وليس كتجمع للوكلاء:
يمكننا أن نبدأ، على سبيل المثال، بأنظمة التعويضات التي تعمل على تشجيع الجهد المتعاون، فالشركات هي عبارة عن مؤسسات اجتماعية تعمل بأفضل صورة ممكنة حين يتعاون بنو البشر وليس الموارد البشرية. ولا بد أن تقوم العلاقات بين المتعاونين على الثقة والاحترام. وإذا ما تم تدمير ذلك، فإن الشركة ككل تصبح عرضة للدمار.
ولا بد للشركات الأمريكية من الخروج من الوضع المستحيل الذي تمر به في الوقت الراهن. ولا بد كذلك من تغيير النظرة إلى الإنتاجية بصورة كاملة من أجل المجتمع الأمريكي، ومن أجل الاقتصاد الأمريكي.