وجاء القرار من مجلس الوزراء أمس برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وذلك بعد الاطلاع على القرار الصادر بهذا الخصوص عن الدورة الـ 31 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج التي عقدت في أبو ظبي يومي 30/12 و1/1/1431 هـ.
ويلزم قرار الحكومة بأن تكون الشركة مسجلة في إحدى دول مجلس التعاون ومملوكة بالكامل لمواطني الدول الأعضاء، وأن يكون قد مضى على تسجيل الشركة الراغبة بفتح فروع لها في أي من دول مجلس التعاون فترة زمنية لا تقل عن ثلاث سنوات مع جواز تخفيض هذه المدة من قبل الدولة، على أن يكون نشاطها ضمن الأنشطة الاقتصادية المسموح لمواطني الدول الأعضاء بممارستها.
كما يجوز للدولة إلغاء السجل (الترخيص) الذي يمنح للشركة في حال تبين لها وجود شريك أجنبي في الشركة الأم أو أخلت بأحد الشروط، على أن يكون من تفوضه الشركة لإدارة الفرع من مواطني دول المجلس مع جواز إسقاط هذا الشرط أيضا من قبل الدولة.وهنا، اعتبر اقتصاديون في حديث لـ "الاقتصادية" أن قرار السماح للشركات الخليجية بفتح الفروع سيكون من أكبر الأسباب لتعزيز الاستثمار البيني بين دول مجلس التعاون والاقتصاد السعودي، فضلا عن كونه وسيلة لتشجيع الاندماجات والاستحواذات بين الشركات الخليجية، مؤكدين أن هذه الخطوة تسهم في دفع دورة النشاط الاقتصادي الخليجي بصورة عامة وهو الأمر الذي سيؤدي بدوره في خلق المزيد من فرص التوظيف والاستثمار.
وقال الدكتور عبد العزيز القاعد كاتب اقتصادي إن هذه الخطوة تسهم في بث الروح للوحدة الاقتصادية الخليجية، كما أنها تعكس متانة الاقتصاد السعودي وعمق السوق المحلية، حيث تعد هذه الخطوة فرصة للشركات الخليجية للعمل فيها. وأضاف أن القرار يسهم في دفع دورة النشاط الاقتصادي الخليجي بصورة عامة وهو الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى خلق المزيد من فرص التوظيف والاستثمار.
وبين القاعد أن القرار يعتبر من وسائل تشجيع الاستثمار البيني بين المملكة ودول مجلس التعاون، ويساعد على الاستحواذات والاندماجات بين الكيانات الخليجية الاقتصادية بما ينعكس بشكل خاص على تقوية مراكز الشركات المحلية وملاءتها المالية، إلى جانب تحفيز الصناعات المحلية المستثمرة في القطاعات الخدمية والغذاء والزراعة خاصة وأن عددا من دول الخليج تمتاز بقوة في هذه المجالات، وهو ما يشجع بالتالي على التكامل بدلا من التنافس.
من جانبه، اعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور إحسان أبو حليقة قرار السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في السعودية خطوة إيجابية في إطار تعزيز التقارب الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، منوها بأن التطلع دائما لكل دول الخليج هو التعامل مع هذا الأمر بنفس الحماس، بحيث يستطيع المستثمر سواء أكان شخصا طبيعيا أو اعتباريا كما هو الحال في هذا القرار أن يمارس العمل في نشاط مرخص له في جميع الدول الأعضاء بسرعة ودون أي عوائق.
ولفت أبو حليقة إلى أهمية وجود تنسيق بين الجهات المنظمة للعديد من الأنشطة الاقتصادية في دول مجلس التعاون مثل البنوك المركزية والأجهزة المسؤولة عن قطاع التأمين والاستثمار إلى جانب الأجهزة المرخصة للأنشطة الطبية والتعليمية على مستوى الشركات بما يعزز ويعمق بشكل كبير الاستثمارات الخليجية في جميع الدول الأعضاء وتأكد المواطنة الاقتصادية خصوصا وأن فرص الاستثمار في اقتصادات دول المجلس واعدة نتيجة النمو الإيجابي، في نفس الوقت نجد أن الفرص في خارج المنظومة الخليجية محدودة خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، لذا لا بد من العمل على تحسين فرص الشركات الخليجية للاستفادة من هذا الانفتاح والنمو الاقتصادي في المنطقة.
وكانت السعودية قد أصدرت أخيرا الأدوات التشريعية اللازمة لتنفيذ وتفعيل قرار السماح للخليجيين الطبيعيين والاعتباريين بممارسة تجارة التجزئة والجملة على قدم المساواة مع مواطنيها.
وأيضا وقف العمل بالقيود على ممارسة مواطني دول المجلس للأنشطة الاقتصادية والمهن الحرة في الدول الأعضاء التي سبق إقرارها في الدورة الثامنة للمجلس الأعلى وتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في ممارسة المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية عدا ما استثني منها بقرار من المجلس الأعلى. كما أقرت السماح لمواطني دول الأعضاء بممارسة نشاط الخدمات الاجتماعية.
ومعلوم أن السوق الخليجية المشتركة أسهمت منذ تطبيقها في تعميق مفهوم المواطنة الاقتصادية من خلال صدور عدة قرارات استفادت منها شرائح عريضة وعديدة من المجتمع الخليجي، والتي دخلت حاليا مرحلة المتابعة والتقييم بعد أن تجاوزت دول المجلس مرحلة الإعداد والإعلان عنها وبدأ التنفيذ الفعلي لها.
وتتم مرحلة تنفيذ السوق داخل كل دولة من الدول الأعضاء حسب إجراءاتها الدستورية والقانونية، وتقوم بالتنفيذ الأجهزة الحكومية المختلفة المختصة بمجالات السوق العشرة وهي: التنقل والإقامة، العمل في القطاعات الحكومية والأهلية، التأمين الاجتماعي والتقاعد، ممارسة المهن والحرف، مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، تملّك العقار، تنقل الرساميل، المعاملة الضريبية، تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وتأتي أهمية السوق التي تعد المرحلة الثالثة من التكامل الاقتصادي الخليجي الذي بدأ بقيام التجارة الحرة ثم الاتحاد الجمركي لتليها آخر مرحلة الاتحاد النقدي والعملة الموحدة، بأنها تركز على المواطنة الخليجية في المجال الاقتصادي وتقوم على مبدأ أساسي هو أن يتمتع مواطنو ومواطنات دول المجلس والمؤسسات الخليجية بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء بحيث تتوافر لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع الأنشطة الاقتصادية، سواء من حيث الممارسة كمستثمر أو الاستفادة من الخدمة التي كانت تحكمها ضوابط وقيود تم إلغاؤها أخيرا، باستثناء ما يسمى القائمة السلبية التي أصبحت مقصورة على أربعة أنشطة اقتصادية من المساواة الاستثمارية وتشمل: خدمات الحج والعمرة، الاستقدام، الصحف والمجلات، والوكالات التجارية، والأخير لا يزال مطروحا أمام اللجان المعنية للبت فيه من حيث إبقائه مستثنى أو دمجه في السوق الخليجية المشتركة.