وشدد عقاريون على ضرورة دعم المشاريع الصغيرة داخل المدن الصناعية، باستحداث واحات للأعمال، وتخطيط أراض ذات مساحات صغيرة لإقامة منشآت صناعية صغيرة.
هذا ومن المتوقع أن يعاود التطوير العقاري الموجه للمنتجات الصناعية إنتاجه في منتصف 2012، مع إعلان ثلاث شركات عقارية في الرياض منذ منتصف 2010 ولغاية يوم السبت الماضي، عن ثلاثة مشروعات عقارية ستمد السوق الصناعي بما يزيد على 10.8 مليون متر مربع صناعي، لم يتم الانتهاء من تطويرها بعد.
كما أعلنت عدة شركات عقارية في المنطقة الشرقية، وأخرى تنوي قبل نهاية العام الجاري الإعلان عن إطلاق عدة مشروعات صناعية، بمساحة إجمالية تقدر بسبعة ملايين متر مربع.مكونات عقارية مساندة
وفي الجزء الثاني من التقرير، قدر الدكتور رائد الدخيل الرئيس التنفيذي لشركة موطن العقارية حاجة السوق الصناعي إلى مكونات عقارية مساندة، تخلق تكاملاً صناعياً يخدم الصناعة ويساعده على تحقيق أهدافه التنموية، ومن تلك المكونات المساندة ''السكن'' الذي يشكل عائقاً للصناعيين ويؤدي إلى ارتفاع تكلفة العمال والموظفين، واستقطاع وقت لتوصيلهم إلى مساكنهم في مكان ربما يكون بعيد جداً، وحالات تشير إلى قلة الوحدات السكنية وتداخل سكن العمالة مع سكن العوائل في بعض المدن الصناعية التي استحدثت وحدات سكنية تخدم عامليها، وأكد الدكتور الدخيل على ضرورة أن تضم المشاريع التطويرية القادمة عدداً مناسباً من الوحدات السكنية للعمالة والعائلات، إضافة إلى تخصيص مناطق خاصة بالوحدات التجارية والخدمات، لتحقيق اكتفاء ذاتي داخل هذه المشاريع تقلص الضغط على شبكات الطرق المحيطة وتساعد على العيش المريح للعاملين فيها.
العلاقة بين المطور
وهيئة المدن
ووصف الرئيس التنفيذي لشركة موطن العقارية تجربة هيئة المدن الصناعية بأنها رائدة وخدمت القطاع الصناعي بشكل جيد وفي وقت قياسي من خلال توفير المناطق الصناعية المناسبة لأنواع الصناعات المختلفة والتوسع في توفير المدن الصناعية في كافة مناطق المملكة لخدمة القطاع، فكمية ونوعية الإنجاز التي قدمتها الهيئة خلال السنوات القليلة الماضية تعتبر جيدة مقارنة بالهيئات والأجهزة الأخرى.
وطالب الدخيل بضرورة تطوير العلاقة بين قطاع التطوير الصناعي الخاص وهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية من علاقة إشرافية إلى علاقة شراكة تكفل النجاح لجميع الأطراف، بحيث تعمل شركات التطوير العقاري على المشاركة في تطوير أجزاء من المدن الصناعية المستقبلية للهيئة طبقاً للاحتياج الصناعي ووفق قواعد استثمارية مناسبة لجميع الأطراف، مشيراً إلى أن سيفعِّل من مشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام في دفع عجلة التنمية.
وأوضح الدكتور الدخيل أن هيئة المدن الصناعية تعمل حالياً على تخصيص مناطق لسكن العمالة والفنيين داخل المدن الصناعية القائمة وتطرح هذه المناطق للمطورين العقاريين من خلال عقود طويلة الأجل، وقد كان هناك أكثر من تجربة ناجحة في هذا المجال وتقوم أكثر من جهة بتطوير مثل هذه المناطق السكنية التي تديرها هيئة المدن الصناعية.
أين التخصص؟
وأكد الدكتور الدخيل أن توفير مدن صناعية متكاملة عمل يتطلب جهدا كبيرا وكفاءة مالية عالية وتخصص دقيق لتحقيق طلب السوق بشكل جيد، وهو مجال يتطلب أن تركز بعض جهات التطوير على التخصص فيه ليتم له النجاح وتحقيق الأهداف الوطنية في تنشيط القطاع الصناعي.
وأوضح الدكتور الدخيل أن الدولة قامت بدور التطوير الصناعي، إلا أنه مع التوسع بدأت جهات وشركات تطويرية بدخول السوق، وهي بحاجة إلى الوقت لاكتساب خبرة وتجربة مهنية لفهم ودراسة احتياج الصناعيين وتلبيتها بمنتجات عقارية مناسبة وتلبية اشتراطات الجهات المنظمة التي وضعت لتخدم الصالح العام للمجتمع، إلى جانب التكلفة العالية في توفير الخدمات اللازمة لإقامة وتشغيل المناطق الصناعية (مثل تكلفة توفير خدمات الكهرباء والخدمات الأخرى).
في المقابل لا يرى عمر القاضي الرئيس التنفيذي لشركة إنجاز العقارية تخصص شركات في التطوير الصناعي، لأن الشركات العقارية الكبرى تقوم بدورها في تطوير مخططات صناعية، مؤكداً أنه من المهم إشراك الشركات العقارية من قبل قادة التكتلات الصناعية والجهات الرسمية لتحقيق التكامل بين جميع الأطراف، مشيراً إلى أن الموقع الاستراتيجي مهم لإقامة مشروعات صناعية، ثم المدة الزمنية في الاستثمار أن يستغرق ''التطوير والبيع'' مدة لا تزيد على عامين.
سكن العمالة
وأكد القاضي وجود نقص كبير في سكن العمالة، مبيناً إلى أن صندوق التنمية الصناعي يمول هذا التوجه، وهو يعد من الحلول الجيدة للقطاع بوجهٍ عام، ويحظى بتشجيع كبير من هيئة المدن الصناعية.
وعن سبب قرب الوحدات السكنية من المصانع ذات الصناعات الثقيلة والتي يحتوي بعضها على مواد مشعة وخطرة أوضح الرئيس التنفيذي لشركة إنجاز العقارية أن الناطق السكنية كانت بعيدة عن المخططات والمدن الصناعية، إلا أنه بعد اتساع الرقعة العمرانية وتمددها في أطراف المدن، صارت في السنوات القليلة الماضية، ملاصقة للمدن الصناعية، لذلك لا بد من توفير أراض بديلة للمصانع التي تستخدم مواد قد تؤثر في الإنسان، وتحويلها من مخططات صناعية ثقيلة إلى صناعات خفيفة أو مناطق سكنية.
«أرامكو» و«سابك» دعمتا الصناعة في الشرقية
وأضاف القاضي: المنطقة الشرقية تمكنت وخلال فترة زمنية قصيرة وبتشجيع من ''أرامكو'' وبوجود فرق إشرافية من إلزام المصانع التقيد بشروط السلامة البيئية، مشيراً إلى أن الميناء صار يخدم بشكل كبير الصناعات خاصةً تلك الشركات التي تعتمد في معظم منتجاتها على التصدير أو في استخدام الشركات لكبرى لتلك المنتجات كـ ''أرامكو'' و''سابك''، بينما مدينة الرياض تميزت بالصناعات المتوسطة والخفيفة بشكل كبير ويوجد فيها المدينة الصناعية الثانية التي يقدر عدد العمال فيها بـ 120 ألف عامل.
وزاد القاضي: الدولة تقوم بدور رائع في تأجير الأراضي الصناعية بسعر رمزي للمصانع وهو توجه يجب أن يستمر لمصلحة جميع الأطراف، هيئة المدن الصناعية بشمولية خدماتها لا تشجع المصانع بل وحتى الإسكان والعيادات والأسواق وهي تغطي وتسعى لتغطية مناطق عدة في المملكة، كما أن الشراكة قائمة بين القطاع العقاري وهيئة المدن الصناعية لكن الفرص التطويرية وخاصة للأراضي لم تجد حماسا كبيرا من القطاع العقاري وذلك كونها مشاريع ذات مدة زمنية طويلة.
شباب الأعمال والمنشآت الصغيرة
واقترح القاضي توفير واحات للأعمال الصغيرة لشباب الأعمال وأن تكون كل مدينة في منطقة معينة متخصصة في صناعات محددة للوصول إلى ميزة تنافسية بتشجيع الهيئة بدلا من توفير أراض فقط.
من جانبه، طالب عبد العزيز الشيباني الرئيس التنفيذي لـ ''الأولى لتطوير العقارات''، الكيانات العقارية عند تخطيط المخططات والمدن الصناعية، بأن يخصصوا أراضي ذات مساحات صغيرة تخدم المشاريع الصناعية الصغيرة التي تعد أكبر مولد لفرص العمل، حيث تمثل شريحة المنشآت الصناعية الصغيرة أهمية كبرى لتنمية الاقتصاد الوطني، يمثل إنتاج هذه الشريحة نحو 50 في المائة من الإنتاج الصناعي لدولة صناعية كبرى كاليابان و95 في المائة من الإنتاج الصناعي للمغرب، في حين تمثل فقط 14 في المائة من الإنتاج الصناعي للسعودي.
ظاهرة سلبية
وحذر الرئيس التنفيذي للشركة الأولى لتطوير العقارات من أن يدفع تناقص الاهتمام بتطوير المخططات الصناعية بعض الصناعيين إلى استئجار أراضٍ ذات استخدامات أخرى، وغير مطورة وبطريقة غير نظامية لإقامة مشروعات صناعية تسبب ضررا بيئياً للمناطق المجاورة لها، وللبيئة التنظيمية والإشرافية التي ينبغي أن تقام عليها تلك المشروعات، مشيراً إلى أن هذا النمط بدأ يظهر في بعض المدن ومحذراً من تفاقمه.
وأوضح أن التطوير الصناعي العقاري يجب تشجيعه وإعادة التفكير فيه من قبل المطورين والمستثمرين العقاريين يأتي بشكل يتجاوب مع حجم الطلب المحلي الذي يتجاوز حدود العرض المتاح مع توسع الاستثمارات الصناعية وازدياد قاعدتها الإنتاجية.
من جانبه، وصف المهندس محمد بن صالح الخليل نائب رئيس اللجنة العقارية في مجلس الغرف السعودية دور المطور العقاري بالمهم والمكمل لوظيفة هيئة المدن الصناعية خاصة في الجانب الاستثماري التنفيذي، في تطوير المدن والمخططات الصناعية وتشغيلها وإدارتها، فتجربة الهيئة حديثة في هذا الجانب ومطلوب منها بذل جهدٍ أكبر للتنسيق بين الجهات الحكومية الأخرى والمستثمرين لتسهيل الاستثمار العقاري في هذا الجانب.
تجربة المطور العقاري
وقال إن استخدام الطاقة البديلة، وتهيئة سكن مناسب ومكتمل الخدمات للمعال وتقديم الخدمات التي تحتاج إليها المصانع بشرائحها كافة هي أبرز تحديات التطوير العقاري الصناعي، مؤكداً أن المطور العقاري قادر على بناء مدن صناعية تخدم تطلعات الصناعيين وتفي باحتياجاتهم.
ويوضح المهندس الخليل أنه لم يتم حتى الآن الاستفادة من تجربة القطاع الخاص في تطوير المدن الصناعية كما يجب وكما كان مأمولاً، فهناك عدد من العوائق الإدارية والفنية والقانونية تحتاج إلى تفتيتها إلى شركات التطوير العقاري والهيئة وبعض الجهات الحكومية الأخرى.
وطالب نائب رئيس اللجنة العقارية في مجلس الغرف السعودية بضرورة الإسراع في تحديد مناطق صناعية مخصصة للصناعات التي تتعامل مع بعض الغازات السامة أو شبه السامة وأن تتوافر في هذه المناطق جميع متطلبات السلامة والوقاية وطرق المكافحة، وأن تتم مراقبتها من خلال فريق إشرافي بشكل دائم ودوري، للتأكد من سلامة مثل هذه المنشآت وتطبيقها جميع متطلبات السلامة، مع ضرورة توافرها من خلال بنية تحتية جيدة وأن تكون قريبة من المواد الخام الأولية والميناء للشحن والتصدير.
وأرجع المهندس الخليل ضعف التطوير الصناعي في الفترة الحالية إلى عدم توافر أراض صناعية كافية قابلة للتطوير، وعدم توافر الخدمات التي تحتاج إليها المصانع مثل الكهرباء والغاز إضافة إلى تداخل الصلاحيات والمهام بين هيئة المدن الصناعية والجهات الحكومية الأخرى.
وشدد الخليل على ضرورة أن تتعاون هيئة المدن الصناعية والمطورين العقاريين في خلق مدن صناعية متكاملة تدار وفق العمل المؤسسي، وأن يستفيد كل قطاع من هذا التحالف على أن يؤدي الدور المنوط به وفقاً لما يتم الاتفاق عليه، وأن توزع المهام بشكل واضح، مؤكداً أن أي تحالف بين الهيئة والمستثمرين في التطوير الصناعي هي تجربة جيدة، ذات بعد تكاملي بحيث يقتصر دور الهيئة على الجانب التشريعي الرقابي وتتولى الجهات الاستثمارية (المطورون) التنفيذ والإدارة وفقاً لآلية واضحة.