وانتقد الدكتور إحسان بوحليقة، الخبير الاقتصادي، بقاء عديد من الملفات المفتوحة على أجندة دول مجلس التعاون دون وجود مبررات للتريث والبطء الحاصل في سرعة إنجازها، سواء مشروع العملة الخليجية الموحدة الذي "يتهادى"، أو مشروع السوق المشتركة التي لم تغلق جميع ملفاتها حتى اليوم.
وكانت كريستين لاجارد قد حذرت من أنه في عالمنا المترابط لا يوجد أي مكان يمكن الاختباء فيه. وعلى الرغم من أن المشكلات التي تعانيها منطقة اليورو منهجيا نابعة من عدم تقيد عدد من الدول الأعضاء باتفاقية ماستريخت ومعاييرها بشأن العجز في الميزانية العامة؛ نسبة إلى الناتج المحلي مثل اليونان وإيطاليا، إلا أن أزمتها باتت اليوم تهدد اقتصادات العالم أجمع.
وأكد لـ "الاقتصادية" أن دول مجلس التعاون الخليجي عندما أنشأت المجلس تحدث النظام الأساسي بوضوح عن أن هذه الدول في نهاية المطاف هدفها التوحد، وأضاف "بطبيعة الحال عندما كتب النظام الأساسي لم يكن من المتصور أن هذا المشروع ستمر عليه عقود دون أن نرى شيئا".
وأشار بوحليقة إلى أن الظروف أمام دول مجلس التعاون تبدو أكثر صعوبة مع مرور الوقت، وهو ما يدعو إلى التقارب والتسريع فيه لتكوين تكتل اقتصادي عميق حتى أبعد من ذلك، وهذا أمر ضروري.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن الظروف الراهنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي تدفع الخليجيين باتجاه تسريع مسيرتهم نحو التكامل وتحقيق الأهداف المرسومة سلفا عندما وقّع المجلس الأعلى النظام الأساسي، ووقّعت بعده بفترة قصيرة الاتفاقية الاقتصادية الموحدة في عام 1981.
وتابع "كان هناك رغبة في أن ينجز الملف الاقتصادي بسرعة، وكان الحديث عن عقد من الزمن لإنجاز الملف الاقتصادي برمته، لكن وجدنا أن هذه الاتفاقية عدلت بعد 15 سنة لتجد مخرجا لطلب مزيد من الوقت، أما الآن من المبرر القول إن الملف الاقتصادي في حاجة إلى منهجية أسرع وقعا للاستفادة من الوضع الاقتصادي المميز لدول الخليج والفوائض الكبيرة، فالحكومات تمتلك مبادلة اقتصادية بالكامل ولديها مجموعة كبيرة من المشاريع التي تسعى لإطلاقها، وهذه تحتاج إلى كثير من الوقت".
وأوضح الدكتور إحسان، أن كثيرا من الملفات التي ما زالت مفتوحة الآن يجب إغلاقها، وقال "مشروع توحيد العملة الذي "يتهادى"، دون أن نجد سببا لهذا التريث، وهناك السوق المشتركة التي لم تغلق جميع ملفاتها، ولم تتحقق بالكامل، وفي الوقت ذاته لا يمكننا إغفال الجهود المبذولة التي تحققت".
وأعطى بوحليقة نموذجا لاتحاد نقدي قريب للدول الخليجية جغرافيا ربما تستفيد منه عموما في مشروعها، مبينا أن العملة الموحدة لدول غرب إفريقيا تجربة رائدة ومفيدة، وأردف "لهذه الاقتصادات رغم أنها صغيرة، وعديد منها يعد اقتصادات ضعيفة لكن توحيد العملة أفادها كثيرا، في رأيي هذه التجربة التي يجب الاستفادة منها من حيث المبدأ العام، وهو مثال أقرب لدول نامية تسعى إلى أن تحقق شيئا".
وألمح الخبير الاقتصادي إلى أن توحيد دول الخليج الاقتصادي سينطوي عليه كثير من الفوائد، ولا سيما في الموارد البشرية، وقال "بلا شك أن الدول الخليجية تنزف ليس فقط 20 مليار دولار سنويا، ولكن الإهدار في رأس المال البشري من الصعب تبريره. هناك شباب خريجون من كل أنحاء العالم يعملون سنوات قليلة، ثم يغادرون بمدخرات عالية وجزء مهم من الخبرات إلى أماكن أخرى حول العالم، في حين أن لدينا شبابا وفتيات يدخلون سوق العمل، ولا يجدون فرص عمل، وهذا الأمر لا يستقيم تحت أي تبرير".