جاء ذلك خلال افتتاح الدكتور عبد الله آل الشيخ رئيس مجلس الشورى، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمس في الرياض أعمال اللقاء التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، والذي يعقد تحت شعار "نمو اقتصادي مستدام لعالم آمن".
وقال آل الشيخ، إن العالم يشهد حالياً تطورات على مختلف الأصعدة خاصة ما يتعلق منها بالأزمة المالية والاقتصادية التي تجتاح بعض دول العالم، والتي تحتاج إلى تضافر كل الجهود الدولية من أجل إيجاد الحلول الناجعة لها والحد من آثارها السلبية المتعددة، التي من أهمها انزلاق اقتصاديات بعض الدول نحو ركود اقتصادي ذو تأثيرات عالمية، مما يظهر مدى الحاجة إلى الحد من تلك التأثيرات السلبية والتركيز على سبل حل معضلة الديون السيادية وتفاقمها، تقلبات أسعار الصرف، معدلات البطالة المتزايدة. وأكد أن المملكة ستعمل من خلال هذه المجموعة والمؤسسات المالية والنقدية الدولية المعنية على إيجاد أفضل الحلول لإعادة الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي.
وأضاف آل الشيخ، إن هناك ارتباطاً وثيقاً بين البيئة والتنمية، وهو ما أدى إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة؛ وهي عملية تطوير واستغلال الموارد دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة، الأمر الذي يستلزم الاهتمام بحماية البيئة لأجل تحقيق التنمية المستدامة. وتابع "تلعب الطاقة دوراً مهماً في بناء العلاقات المتبادلة بين الاقتصادات العالمية؛ فالطاقة هي المحرك الأساس لأي نمو اقتصادي وتنمية مستدامة"، مشدداً على أن من الأهمية بمكان تفعيل التعاون الدولي من أجل إيجاد أسواق للطاقة تتمتع بالشفافية والاستقرار، وتخدم مصالح كل من المنتج والمستهلك مع ضرورة دعم البحوث والاستثمارات التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل آثارها البيئية. ولفت في هذا الصدد إلى أن المملكة لن تدخر جهداً في هذا المجال للعمل مع المجتمع الدولي لاستقرار أسواق الطاقة ودعم حوار المنتجين والمستهلكين لما فيه استدامة النمو الاقتصادي العالمي.
ونوه رئيس مجلس الشورى إلى أن المملكة تعد من أوائل الدول التي أسهمت في تحقيق أهداف التنمية الألفية بسبب ما توليه من أهمية كبرى لقضايا التنمية المستدامة، وزيادة مخصصات الإنفاق العام على الخدمات التعليمية، الصحية، والاجتماعية. ونرى أن أهداف تحقيق التوازن الاقتصادي العالمي، وإرساء دعائم التنمية الاقتصادية الشاملة، وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود لا يمكن بلوغها إلا بجهود جماعية متواصلة، وتعاون يستند إلى شعور بالمسؤولية المشتركة من خلال تطوير شراكة عالمية حقيقية من أجل التنمية".
وحول حوار الثقافات الذي يعد أحد مواضيع جلسات اللقاء، قال آل الشيخ: إن تعزيز التنوع الثقافي يوفر الأسباب المؤدية إلى تقوية وشائج التعاون الدولي، ويمثل آلية مهمة للتواصل والتفاهم بين الأمم والشعوب، وذلك من خلال الحوار بين أتباع الأديان والتقارب بين الثقافات، الذي ينتهي إلى التآلف والتحالف بين الحضارات من أجل تخفيف التوتر والصراع في المجتمع الدولي، وبناء مستقبل آمن ومزدهر للإنسانية. ولفت إلى أن السعودية سباقة إلى الدعوة إلى الحوار بين الأديان والثقافات حيث تجسد ذلك في المؤتمر الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات؛ الذي عقد في مدينة مدريد 2008، تلى ذلك لقاءً في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث توجت هذه الجهود بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فينا. وتابع "وإننا نرى اليوم أن فرصة المجتمع الدولي تبدو سانحة أكثر من أي وقت مضى؛ للعمل الجاد لدعم الحوار الحضاري بين الشعوب من خلال الجهد المشترك، واستغلال وسائل التقنية والاتصالات الحديثة والمتطورة لبلورة استراتيجية شاملة لتفعيل الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتكثيف اللقاءات والمؤتمرات والندوات التبادلية بين الدول من أجل عرض المفاهيم والقيم المشتركة لهذا الحوار لكي يكون أكثر فاعلية وتأثيراً".
وفي كلمة الضيوف، أكد خيرات مامي رئيس مجلس الشيوخ لبرلمان كازاخستان أن بلاده مناصرة وبقوة لمبادئ الأمن العالمي والتسامح والتنوع الثقافي والروحي وتبذل جهوداً لتعزيز الحوار بين الحضارات. ووسط أولويات السياسة الخارجية للبلد يبرز دعم نشاط تحالف الحضارات والمبادرات النبيلة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وأعلن أن كازاخستان ستستضيف في نهاية أيار (مايو) المقبل المؤتمر الرابع الدوري المكرس لموضوع السلام والوئام كخيار للبشرية وسيناقش عدة مواضيع أبرزها: دور الزعماء الدينيين في تحقيق التنمية المستدامة، الدين والتعددية الثقافية، الدين والمرأة: القيم الروحية والتحديات المعاصرة، والدين والشباب.