ترجيح العمل الإرهابي في كارثة الطائرة المصرية


ما زال الغموض يلف مصير طائرة “مصر للطيران” المفقودة والتي يعتقد أنها تحطمت في البحر المتوسط قبالة الجزر اليونانية.
وحتى وقت متأخر من الليل كانت الانباء لا تزال متضاربة حول العثور

على حطام الطائرة التي كانت متوجهة من باريس الى القاهرة وفقدت عن شاشات الرادار فور خروجها من الاجواء اليونانية كما أوضحت سلطات أثينا.

واختفت الطائرة وهي من طراز A320  فوق البحر المتوسط جنوبي اليونان وقالت أثينا إن الطائرة انحرفت قبل أن تهوي.

عائلة أحد ضحايا الطائرة في مطار القاهرة

وشهد ليل الخميس الجمعة تضاربا في الأنباء حول العثور على حطام الطائرة، حيث صدرت عدة تصريحات متناقضة بين أثينا والقاهرة حسمها ليلا نائب رئيس “مصر للطيران” أحمد عادل الذي أفاد بأنه لم يتم العثور على الحطام.

وأشار عادل الى أنّ الحطام الذي عثر عليه في البحر المتوسط لا يخص الطائرة المفقودة، وقال: “نقر بالخطأ بشأن العثور على الحطام لأن ما حددناه ليس جزءا من طائرتنا. لذا فإن عملية البحث والإنقاذ ما زالت مستمرة.”

وعثر رجال إنقاذ يونانيون على سترات نجاة وقطع بلاستيكية في البحر المتوسط بعد اختفاء طائرة مصر للطيران التي كانت تقل 66 شخصا من الركاب وأفراد الطاقم.

وكانت شركة “مصر للطيران” أعلنت في وقت سابق في بيان نشرته على حسابها الرسمي على تويتر ان “وزارة الطيران المدني تلقت من وزارة الخارجية المصرية خطابا يفيد العثور على حطام” للطائرة المفقودة.

وكان الناطق باسم الجيش اليوناني فاسيليس بيلتسيوتيس اكد ان طائرة مصرية عثرت على حطام قد يكون لطائرة “مصر للطيران” التي تحطمت قبالة جزيرة كريت اليونانية في منطقة تابعة للمجال الجوي المصري. وسترسل سفن الى الموقع للتحقق من الامر”.

من جهته قال التلفزيون اليوناني العام انه “عثر على حطام على بعد 230 ميلا بحريا من جزيرة كريت”.

وبحسب السلطات اليونانية حدد الموقع المفترض الذي سقطت فيه الطائرة على بعد 130 ميلا بحريا قبالة جزيرة كارباثوس شرق جزيرة كريت.

وكان وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس اعلن ان الطائرة “قامت بانعطافة 90 درجة الى اليسار ثم 360 درجة الى اليمين اثناء هبوطها من ارتفاع 37 الف قدم الى 15 الف قدم” قبل ان تختفي عن شاشات الرادار.

فرضية العمل الارهابي

وزير الطيران المصري شريف فتحي خلال مؤتمره الصحافي

ومع اصراره على الحذر الشديد وتأكيده اكثر من مرة عدم رغبته في استبعاد اي فرضية لتفسير سقوط الطائرة،  قال وزير الطيران المصري شريف فتحي ان احتمال العمل الارهابي قد يكون الارجح، مضيفا:  “لا اريد ان اقفز الى نتائج ولكن اذا اردنا تحليل الموقف فان فرضية العمل الارهابي قد تبدو الاحتمال الارجح او الاحتمال المرجح”، مشيرا في الوقت نفسه الى ان الموقف الرسمي للدولة المصرية يظل عدم استبعاد وعدم تأكيد اي فرضية.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست انه “من المبكر جدا التكهن بسبب هذه الكارثة”.

وكانت رحلة “مصر للطيران” ام-اس804 تقوم برحلة بين مطاري باريس-شارل ديغول والقاهرة عندما اختفت عن شاشات الرادار في الساعة 2,45 بتوقيت القاهرة اثناء تواجدها في المجال الجوي المصري كما قال نائب رئيس الشركة المصرية.

ولم يستبعد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كذلك فرضية العمل الارهابي، وقال: “المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا ان هذه الطائرة تحطمت وفقدت… علينا التأكد من معرفة كل ملابسات ما حصل. لا يمكن استبعاد او ترجيح اي فرضية”.

وتابع: “حين نعرف الحقيقة علينا استخلاص كل العبر سواء كان الامر حادثا او فرضية اخرى تخطر على بال كل شخص وهي فرضية عمل ارهابي”.

ورجح خبراء كذلك فرضية تعرض الطائرة لاعتداء، وقال الخبير في الملاحة الجوية جيرالد فلدزر ان “السبب في ذلك يرجع الى المناخ السياسي” ومستبعدا في الوقت ذاته “مشكلة تقنية كبيرة لان الطائرة حديثة نسبيا”.

وعبّر مسؤولون أمريكيون عن إعتقادهم بأن الطائرة المصرية تحطمت نتيجة قنبلة على متنها وذلك بالاستناد على ظروف وقوع الحادثة.

ولفت أحد المسؤولين إلى أن الطائرة توقفت في ارتيريا ثم في تونس قبل أن تطير إلى العاصمة الفرنسية، باريس حيث خضعت لفحص دقيق قبل أن تطير  إلى القاهرة.

لا نداء إستغاثة


رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل يتحدث الى الاعلاميين في مطار القاهرة

وذكرت شركة الطيران المصرية ان الطائرة تنقل 56 راكبا بينهم طفل ورضيعان بالاضافة الى طاقم من سبعة افراد وثلاثة عناصر امن، وان الركاب هم 30 مصريا و15 فرنسيا وبريطاني وكندي وبلجيكي وبرتغالي وجزائري وسوداني وتشادي وعراقيان وسعودي وكويتي.

واكد وزير الخارجية الفرنسي وجود 15 راكبا فرنسيا على متن الرحلة.

وقالت السلطات اليونانية ان الاتصال الاخير مع الطيار كان قبل ثلاث دقائق على اختفاء الطائرة وانه لم يصدر عنها اي نداء استغاثة، حيث إختفت الطائرة عن شاشات الرادار اليونانية عند قرابة الساعة 00,29 ت غ اثناء خروجها من المجال الجوي اليوناني ودخولها المجال الجوي المصري.

وبحسب مدير الطيران المدني اليوناني كان اخر اتصال مع قائد الطائرة “بعيد الساعة 00,05 بتوقيت غرينتش، ثم لم يجب على اتصالات المراقبين الجويين اليونانيين التي استمرت “حتى الساعة 00,29 ت غ عندما اختفت الطائرة عن شاشات الرادار”.

ولم يشر طاقم الطائرة الى “اي مشكلة” خلال اخر اتصال اجراه معه المراقبون الجويون اليونانيون بل كان “مزاجه جيدا وشكر محدثيه باللغة اليونانية”.

كما اكد الجيش المصري ان طاقم الطائرة لم يرسل اي اشارة استغاثة.

وارسلت مصر واليونان طائرات وزوارق الى البحر المتوسط بحثا عن الطائرة، حسبما اعلن الجيش المصري في بيان، مضيفا انه نشر طائرات استطلاع وزوارق لتحديد موقع الطائرة وانقاذ ناجين محتملين.

مشكلة اضافية لمصر

وتأتي هذه الكارثة الجوية الجديدة فيما تواجه مصر مشكلات امنية واقتصادية متزايدة، كما تاتي بعد اكثر قليلا من ستة اشهر من انفجار طائرة روسية فوق سيناء في 31 تشرين الاول/اكتوبر الماضي بعد اقلاعها من شرم الشيخ ما اودى بحياة 244 شخصا كانوا على متنها، حيث أعلن الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عن اسقاط تلك الطائرة وهو تنظيم يستهدف فرنسا ايضا، ومازال هذا التنظيم يقوم باعتداءات شبه يومية على الجيش والشرطة المصريين في سيناء.

كما اضطرت شركة “مصر للطيران اخيرا الى ادارة ازمة اختطاف احدى طائراتها الى قبرص في 29 اذار/مارس الماضي من قبل شخص وصف بانه “مضطرب نفسيا” اطلق سراح الركاب ال 55 وكذلك افراد طاقم الطائرة من دون ان يلحق بهم اذى.

وفي مطار القاهرة تم اصطحاب اسر الركاب التي سارعت الى المطار الى قاعة خاصة لم يسمح للصحافيين بالدخول اليها.

تحقيق صعب

و بدأت القاهرة تحقيقا رسميا في اختفاء الطائرة  لتقود ما وصفها خبراء في السلامة الجوية بمهمة شاقة لمعرفة ملابسات فقدان طائرة إيرباص التي كانت تقل 66 شخصا.

وأوضج رئيس الإدارة المركزية لتحقيقات حوادث الطائرات في وزارة الطيران المصرية الطيار أيمن المقدم  إن مصر ستقود لجنة التحقيق بمشاركة بعض الدول مثل فرنسا المصنعة للطائرة التي يبلغ عمرها 12 عاما ولها ثاني أكبر عدد من الركاب على الطائرة بعد مصر.

وقال وزير فرنسي إن ثلاثة محققين من وكالة تحقيقات الكوارث الجوية “بي.إي.إيه” في طريقهم إلى القاهرة ومعهم خبير من إيرباص.

ولم يتضح بعد هل ستشارك الولايات المتحدة التي يقع بها مقر شركة “برات آند ويتني” المصنعة لمحركات الطائرة.

ووفقا لقوانين الطيران الدولية يمكن مشاركة الدولة المصنعة للمحركات في تحقيقات حوادث الطائرات، لكن مسؤولا أمريكيا قال إن الوكالات الأمريكية تخشى أن تحاولمصر إبقاء المحققين الأمريكيين بعيدا بسبب التوترات القديمة التي تعود لحادث تحطم رحلة مصر للطيران 990 قبالة السواحل الأمريكية عام 1999.

وتوترت العلاقات بين وكالات الطيران المصرية والأمريكية منذ أن أعلن محققون أمريكيون أنهم استنتجوا أن مساعدا لقائد الطائرة وهي من الطراز “بوينغ” 767 تعمد إسقاطها.

واتهم محققون مصريون المجلس الوطني الأمريكي لسلامة النقل بتحريف الأدلة لدعم نظرية الانتحار وقدموا تقريرهم الخاص الذي أرجع السبب لمشاكل فنية.

وأصاب الفتور العلاقات أيضا عقب تفجير طائرة روسية مزودة بمحركات شبيهة فوق سيناء في أكتوبر/ تشرين الأول.

وإعتبر خبراء في السلامة إن مصر تحركت بسرعة ملحوظة هذه المرة لمناقشة الأسباب المحتملة ومنها الإرهاب رغم أنه لا يمكن استبعاد مشاكل فنية أو أخطاء بشرية، حيث علّق محقق سابق على دراية بالمنطقة يالقول “سيكون تحقيقا صعبا.”

وأفادت القاهرة بأن المحققين سيشرعون في البحث عن الصندوقين الأسودين وجمع الأدلة بمجرد تحديد موقع التحطم.

ومن المتوقع أن تلعب وكالة (بي.إي.إيه) الفرنسية دورا رئيسيا في البحث تحت الماء بعدما قادت البحث عن طائرة تابعة “لإير فرانس” تحطمت في المحيط الأطلسي عام 2009 وطائرة مصرية تحطمت قبالة منتجع شرم الشيخ المصري في 2004 قتل سياح فرنسيون كانوا على متنها.

والصندوقان الأسودان مجهزان لإصدار ذبذبات لمدة 30 يوما لكن البحث قد يواجه صعوبة في المياه العميقة وهو ما يتطلب استخدام إنسان آلي يعمل تحت الماء.

وقال المقدم إن بريطانيا واليونان عرضتا المساعدة لكنه لم يوضح ما إذا كانت مصر قد قبلت العرض.

Top