تباطؤ النمو في منطقة اليورو يثير قلق مستثمري العالم

تبدو أنباء مواصلة اقتصاد منطقة اليورو النمو أنباء جيدة بالنسبة إلى أوروبا والاقتصاد العالمي، لكن الأمر المثير لعدم الارتياح وقلق المستثمرين حول العالم هو أن معدل النمو بطيء وأقل من

المتوقع، والأكثر إزعاجا أن النمو الضعيف ترافق مع معدلات بطالة مرتفعة تعد من الأعلى بين البلدان الرأسمالية عالية التطور.

وتشير أول إحصاءات يتم الإعلان عنها منذ الاستفتاء البريطاني وتصويت الناخبين لمصلحة الانسحاب من النادي الأوروبي، إلى أن معدل النمو في منطقة اليورو خلال النصف الثاني من العام الحالي، أي قبل الاستفتاء البريطاني بلغ 0.3%.

وتعد هذه النسبة أقل من المتوقع، بل ولم تجاوز نصف معدل النمو المحقق في الربع الأول من العام الحالي البالغ 0.6%، وإذا كان معدل التضخم قد تحرك إلى الأعلى بشكل طفيف، وقفز من 0.1% إلى 0.2%، فإن البطالة مثلت مشكلة جوهرية لبلدان منطقة اليورو إذ بلغت 10.1% الشهر الماضي، وأصبح التساؤل المطروح الآن في الأوساط الأوروبية هو من يتحمل المسؤولية؟

ولا يزال الاقتصاد الألماني بكل ما يعتريه من مصاعب وتحديات يمثل القاطرة التي تجذب اقتصاد منطقة اليورو وأوروبا، وعلى الرغم من حصولها على بعض المساندة من إسبانيا التي نما اقتصادها بنحو 0.7% خلال الربع الثاني من هذا العام، فإن المختصين البريطانيين يحذرون من عاملين بشأن علاقة ألمانيا بمنطقة اليورو مستقبلا.

ويرجح عديد من المختصين الاقتصاديين أن تدفع تلك المخاوف بالبنك المركزي الأوروبي إلى مواصلة سياسية التيسير الكمي الراهنة، إلا أن الخلاف يدور حاليا حول أي من جوانب سياسة التيسير الكمي سيكون العمود الفقري للمرحلة المقبلة، فبينما يطالب بعض بمزيد من الخفض في معدلات الفائدة، فان آخرين يعتقدون أن نجاح سياسة التيسير الكمي الأوروبية سيرتبط أكثر بقيام المصرف الأوروبي بشراء السندات، حسب ما جاء ذكره في جريدة الاقتصادية السعودية.

ويرى الاستشاري المصرفي في مجموعة “نيت ويست” المصرفية بيتر ماكس انه من الصعب مواصلة تخفيض معدل عالفائدة الأوروبي باعتباره حجر الزاوية في سياسة التيسير الكمي الراهنة في منطقة اليورو، فمعدل الفائدة الأوروبي سلبي وأقل من الصفر، ومع ذلك لم يحدث تغير حقيقي في قابلية رجال الأعمال الأوروبيين على انتهاز تلك الفرصة وزيادة حجم استثماراتهم، كما أن “اختبار الإجهاد” للمصارف الأوروبية سيكشف عن حجم الضغوط التي يتعرض لها النظام المصرفي الإيطالي، وإذا ما أصيب النظام المصرفي الإيطالي بالانهيار، فإنه سيأخذ النظام المصرفي الأوروبي معه بالكامل إلى وضع لا يمكن لأحد التنبؤ بأبعاده، ولهذا أتوقع أن يرفع ماريو دراغي محافظ البنك المركزي الأوروبي قيمة سياسة التيسير الكمي من 80 مليار يورو إلى 100 مليار يورو.

وبالعودة إلى الأرقام المعلنة، فقد بقيت البطالة مستقرة في حزيران (يونيو) في منطقة اليورو كما كانت في أيار / مايو عند 10.1% وهو أدنى مستوى يسجل منذ تموز / يوليو 2011، ويتطابق هذا الرقم مع توقعات المحللين لكنه أكبر بكثير من المعدل الذي كان مسجلا قبل الأزمة في منطقة اليورو التي بدأت في 2008، وبين 1999 و2007 كان معدل نسبة البطالة يبلغ 8.8%.

ولكن لا تزال تسجل فروقات بين الدول التي تبنت العملة الموحدة، فقد سجل أدنى مستوى للبطالة في حزيران / يونيو في مالطا مع 4% وفي ألمانيا مع 4.2%، أما أعلى مستويات البطالة فسجلت في اليونان مع 23.3% في نيسان / أبريل وهو الرقم الأخير المتوافر، إسبانيا مع 19.9% وسجلت فرنسا أداء أفضل من معدل منطقة اليورو بمجمله مع 9.9%.

ويبقى الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما الأكثر تضررا في الدول الـ 19، ففي حزيران / يونيو بلغت نسبة العاطلين عن العمل من هؤلاء الشباب 20.8% مقابل 20.9% في أيار / مايو)، أما التضخم في منطقة اليورو فقد تسارع في تموز / يوليو إذ إن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.2% على أمد عام بعد ارتفاع نسبته 0.1% في الشهر الماضي، وفق تقديرات أولية تفوق تقديرات المحللين الذين كانوا يتوقعون 0.1%.

وهذه الأرقام التي تأثرت بأسعار النفط المنخفضة، تعتبر بعيدة جدا عن الهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي لتضخم يبلغ نحو 2% وهو مستوى يعد مفيدا للنشاط الاقتصادي، ويواجه البنك المركزي الأوروبي حاليا صعوبة في إنعاش أسعار الاستهلاك في منطقة اليورو على الرغم من الإجراءات التي اتخذت منذ عامين، ويمكننا أن نتصور أن الضغط يتعزز على مؤسسة فرانكفورت لتتخذ إجراءات إضافية، خصوصا إذا سجل النمو الاقتصادي مزيدا من التباطؤ.

Top