هال جرجرسن
يوجه القادة المبدعون أسئلة إبداعية، بل إنهم يكثرون منها. وكشف البحث الذي أجريته مع كلايتون كريستنسن، في جامعة هارفرد، وجيف داير، في جامعة وارتون، حول رواد تأسيس 25 من أعلى الشركات ابتكاراً في العالم، بما في ذلك أبل، وإي باي، وأمازون، وسكايب، عن أنهم يعتمدون على الأسئلة الحفازة لتوفير وسائل ثورية جديدة في إنجاز النشاطات العملية. وتعكس هذه الأسئلة تعصبها الشديد ضد الإبقاء على الوضع كما هو، كما أنها تحفز العمل من جانب الأشخاص.
إن الرؤساء العظماء يفعلون الشيء ذاته. وما عليك سوى أن تنظر إلى إبراهام لنكولن، حيث كان أكثر الرؤساء الأمريكيين توجيهاً للأسئلة على مدى تاريخ خطابات تنصيب الرؤساء، إذ إن كل خمس عبارات تقريباً في خطابه التنصيبي عام 1861، تضمنت سؤالاً. ولم تكن مجرد أسئلة عادية، بل إنها كانت أسئلة جريئة حول الأوقات الصعبة حين أحس بحالة من التخوف بين طبقات الشعب. وفي ظل كون الدستور، في تلك الفترة، معرضاً للتهديد، كما أن البلاد قريبة من الدخول في حرب أهلية، فإن الرئيس طالب الناس بالتأمل أولاً، حيث تساءل :» قبل أن ندخل في قضية في منتهى الخطورة كتلك المتعلقة بتدمير نسيجنا الوطني، بكل مزاياه، وذكرياته، وآماله، أليس من الحكمة أن نعرف بالتحديد لماذا نفعل ذلك؟ . فهل تتحركون بخوف وهلع، وبخطوات يائسة ، بينما هنالك فرصة بأن الأمور السلبية التي تشتكون منها يمكن ألا يكون لها وجود في الأصل ؟. وهل ستغامرون بارتكاب مثل هذا الخطأ الجسيم بأن تعتقدوا أن الأمور السلبية التي تفرون منها أضخم في خيالكم من الواقع؟».
ثم دعا إلى مزيد من الأمل، وتساءل «لماذا لا تتوافر لدينا ثقة صبورة في العدالة المطلقة للناس؟. وهل هنالك أمل في عالم أفضل وأعدل من ذلك؟ وهل تنقص أي من الحزبين ضمن خلافاتنا الحالية الثقة بأنه على حق؟». وأنهى خطابه بقوله «إننا لسنا أعداء، بل أصدقاء، وعلينا ألا نكون أعداء. وعلى الرغم من أن العواطف استنزفت صداقتنا إلا أنه يجب عدم السماح لها بتحطيم نسيج اتصالنا، وبالتالي فإن علينا أن نجعلها «ذات لمسة من جانب الملائكة الأفضل في طبيعتنا».
بينما أمعن النظر في ما تركه لنا لنكولن من أسئلة قوية، فإنني أجد نفسي ناظراً إلى الوقت الراهن، ومتسائلاً «ما أقوى الأسئلة لديك، أيها الرئيس أوباما، وما الأسئلة العظمى التي ستوجهها إلينا لمساعدة هذه الأمة، وربما العالم، للاستعداد للسنوات الأربعة المقبلة، أو ربما للسنوات الأربعين المقبلة؟».
من الواضح أن يطلب الناس إجابات عن عدد كبير من الأسئلة، كما أنهم يستحقون ذلك بالفعل. غير أنه يمكنهم أن يحصلوا على نتائج أفضل من خلال أسئلة عميقة تتطلب منهم التفكير، وتثير الأمل، بل أن تكون تلك الأسئلة «ذات لمسة من جانب الملائكة الأفضل في طبيعتنا». والواقع أن تغيير نمط أسئلتنا يمكن أن يغير شكل حياتنا تماماً، كما أن من المحتمل أن يغير مسار بلد ما في هذا العالم.
ومع تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، فمن هو الذي فكر في السفر كما سافر لنكولن، أو أنه يأكل كما كان يأكل لنكولن، أو أنه يضع يده على الإنجيل كما فعل لنكولن؟. وإنني آمل أن يوجه الرئيس أوباما الأسئلة الملائمة لشعبه، وللعالم، على أن تكون بعظمة أسئلة لنكولن. وإنها أسئلة تجلعنا نتحرك ليس فقط نحو تغيير ما نقوم به، بل تغيير أنفسنا. وإننا لسنا بحاجة إلى أسئلة مثل «ما الذي تستطيع بلادنا أن تقدمه لنا؟، بل « ما الذي نستطيع نحن أن نقدمه لبلادنا؟». وربما نتوقف عند ذلك عن توجيه أسئلة مثل «كيف يمكننا أن نحصل على شيء دون أن نقدم شيئاً في المقابل ؟، حيث إن مثل هذه الأسئلة عملت على تغذية أزمتنا المالية الحالية. ولذلك دعونا نأمل «بلمسة من جانب الملائكة الأفضل في طبيعتنا» كما قال لنكولن، وكما كان أمله قبل 147 عاماً. والحقيقة هي أنه إذا كنا نعيش زمن التغيير، فإنه كذلك زمن تغيير أسئلتنا.