الفالح يعيد إحياء “أوبك” ويعد بأنها ستفعل أكثر بكثير من مجرد الكلام
ليس من السهل استمالة قطب صناعة النفط في روسيا الملياردير فاجيت الكبيروف أو الاستحواذ على إعجابه، لكن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي
خالد الفالح فعلها الأسبوع الماضي. فالدبلوماسية المكثفة التي بذلها الفالح صاحب النبرة الهادئة في أول اجتماع يحضره لمنظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” وخطابه الذي حفل بكلمات وعبارات مثل “الأسلوب الناعم” و”دون صدمات” و”الإجماع” كل ذلك أقنع الكبيروف أن أوبك مازالت تتمتع بالحيوية وليست جثة هامدة.
وعلّق الكبيروف وهو الرئيس التنفيذي لشركة “لوك أويل” الروسية للطاقة عقب عقد لقاءين منفصلين مع الفالح ووزير النفط الايراني بيجن زنغانه في فيينا بالقول: “إن مجرد اتفاق أوبك على إدارتها الجديدة يبين أنهم يريدون استعادة الدور التنسيقي. ستقوم المجموعة بإدارة السوق من جديد.”
ولم تتمكن أوبك يوم الخميس من الاتفاق على تحديد مستوى واضح مستهدف لإنتاج النفط إذ رفضت ايران الحد من إنتاجها، لكن الاجتماع كان هادئا نسبيا وخلا من الاشتباكات المعتادة بين الخصمين السياسيين السعودية وايران، ووعد فيه الفالح بعدم إغراق السوق بالنفط والاستماع لطهران.
وفي حل وسط نادرا ما يتم بسهولة، قررت أوبك بالإجماع تعيين النيجيري محمد باركيندو أمنيا عاما جديدا لها بعد سنوات من الخلافات حول هذا الموضوع.
وكان الفالح الذي خلف سلفه المخضرم علي النعيمي في ابريل أول وزير من الدول الأعضاء في أوبك يصل إلى فيينا، وقد التقى بمعظم زملائه من الوزراء على هامش الاجتماع وقضى ساعات عديدة مع محللي أوبك المستقلين كما عقد مؤتمرا صحافيا مطولا مع الاعلاميين.
وقال الفالح يوم الخميس: “إذا كنتم تريدون أن تطلقوا على أوبك إسم “منتدى للحديث” فلا مشكلة لدي في ذلك .. لكنني أعتقد أنها ستفعل أكثر بكثير من مجرد الكلام، فنحن بصدد التنسيق والتعاون لتحقيق أهداف السوق.”
الحاجة الى أوبك
وفاجأت طبيعة الاجتماع الذي عقد يوم الخميس الكثيرين من مراقبي أوبك الذي اعتادوا على لقاءات تتبادل فيها الأطراف الاتهامات.
ويتهم مراقبون عالميون ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باحباط خطط للتوصل إلى اتفاق لتجميد انتاج النفط العالمي في العاصمة القطرية الدوحة في ابريل / نيسان الماضي بسبب عدم مشاركة ايران فيه مع إصرار طهران على استعادة نصيبها من السوق بعد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها في أوائل العام الجاري.
ونقلت “رويترز” عن مصدر وصفته بالمطلع على رسم السياسات في السعودية قوله أنه “بعد الدوحة بدأت أسواق النفط تبدو وكأنها سيارة بلا قائد”، ما جعل الرياض تدرك بحسب مصدر غير خليجي في المنظمة أنها بحاجة لوحدة أوبك لأن الحرب التي تخوضها من أجل حصتها من السوق على المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة استغرقت وقتا أطول مما كان متوقعا عندما تم التخطيط لها عام 2014.
ونقلت الوكالة عن غاري روس مؤسس “بيرا للاستشارات” في الولايات المتحدة الذي جاء إلى فيينا مع مراقبي أوبك ومحلليها لحضور الاجتماعات قوله إنه بعد ما حدث في الدوحة “أدرك السعوديون أنهم لا يريدون تبديد عشرات السنوات من تاريخ أوبك وقرروا أن يكونوا أكثر تعاونا”.
أما المحللة أمريتا سن فتؤكد “أن السعوديين قرروا تغيير الأسلوب بعد الدوحة لأنهم خشوا أن يكون الناس قد بدأوا يتشككون في حيوية أوبك .. وأعتقد أن هذا النهج الأكثر نعومة سيستمر.”
ويسلم الفالح بأن الرياض أدركت أنها تحتاج أوبك، فقد قال يوم الخميس إنّ “الأسواق يمكنها أن توازن نفسها في النهاية لكن وكما شهدنا عندما نعتمد على الأسواق وحدها يكون الأمر في غاية الإيلام للجميع.”
وأضاف “أعتقد أن الإدارة بالأسلوب التقليدي الذي جربناه في الماضي قد لا تحدث مرة أخرى .. لن نقر تحديد سعر مستهدف لنفط أوبك .. وإنما تنسيق الاستراتيجيات ومحاولة فهم ما يمكن لكل منا أن يفعله أو ما لا يمكن أن يفعله.”
اقرأ أيضاً:
أوبك : السعودية نحو مرحلة صناعية فارقة