توقعات بنمو الاقتصادات الخليجية 4 % في 2012

معهد التمويل الدولي: الاستثمارات للدول النامية تنخفض 18 %

حسن العالي من المنامة
توقع معهد التمويل الدولي نمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4 في المائة خلال العام الجاري. ويرى المعهد أن الاقتصاد العالمي يظهر تحركا بطيئا نحو التصحيح، بينما تبقى مؤشرات الأداء مختلطة، وتتركز مكامن الضعف في منطقة اليورو التي دخلت مرحلة ركود اقتصادي في الربع الرابع من 2011، ويظهر اقتصاد الولايات المتحدة بعض التحسن، فيما يظل أداء الدول النامية جيدا بصورة عامة.


 

وفي تقرير المراجعة للأوضاع الاقتصادية العالمية عن شباط (فبراير) 2012 يتوقع معهد التنمية الاقتصادية أن ينمو الاقتصاد القطري بنسبة 5.7 في المائة، يليه الاقتصاد السعودي بنسبة 4.7 في المائة، ثم الاقتصاد الكويتي بنسبة 3.1 في المائة، ثم الإماراتي بنسبة 3 في المائة عام 2012. وسوف يبلغ معدل التضخم 5 في المائة في السعودية و3 في المائة في الكويت و2 في المائة في قطر و1 في المائة في الإمارات. كما يتوقع أن تحقق السعودية فائضا في الحساب الجاري بمقدار 140 مليار دولار والكويت 58 مليار دولار والإمارات 50 مليار دولار وقطر 24 مليار دولار.

وأضاف أن اقتصادات الدول المصدرة للنفط في المنطقة تتمتع بأداء أفضل نتيجة بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة، كما تواصل مستويات السيولة تحسنها، خاصة أن تعرضات البنوك الخليجية للديون الأوروبية محدود جدا. كما أن توسع الإنفاق الحكومي وتوسع الائتمان المصرفي سوف يحفزان الطلب المحلي.

وبحسب المعهد فإن على دول المجلس تفعيل السياسة النقدية كي تتعامل بشكل أفضل مع احتمال ارتفاع التضخم وتغير أسعار الصرف العالمية واختلاف وتباين الدورات الاقتصادية التي تشهدها الاقتصادات الخليجية، حيث إن تجربة الفورة المالية التي شهدتها هذه الدول وما ترتب عليها من سخونة الأنشطة الاقتصادية والارتفاع غير الطبيعي وغير الصحي لأسعار الأصول وبخاصةً المالية والعقارية وما ترتب على ذلك من زيادة كبيرة في تكاليف المعيشة وارتفاع مستويات التضخم التي وصلت إلى 10 في المائة ما قبل منتصف عام 2008، يشير إلى الحاجة المتزايدة لإعادة النظر في وضع السياسة النقدية، وذلك لممارسة دورها الطبيعي في التعامل مع الدورات الاقتصادية ومكافحة التضخم وتحقيق استقرار الأسعار.

ويبدو أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة لدول مجلس التعاون الخليجي وعودة النفط للارتفاع تنطوي على جوانب إيجابية كثيرة، ولكن تحمل تحديات كبيرة أيضا. وعلى دول المجلس أن تسعى لاستثمار الجوانب الإيجابية في التغلب على جوانب الضعف، حيث إن تلك الأوضاع تمثل فرصة كبيرة لتنفيذ كثير من الإصلاحات الاقتصادية التي قد يصعب إجراؤها وتقبلها شعبياً عندما تكون الظروف الاقتصادية صعبة وليست على ما يرام. وبالنظر للمستقبل، يرى المعهد أن النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي قد يتراجع إلى 4 في المائة عام 2012 بسبب عودة النفط الليبي للإنتاج وضعف الطلب العالمي بسبب حالة الركود الاقتصادي. ولكن الناتج المحلي غير النفطي قد يبقى عند 5 في المائة عام 2012 مدعوما باستمرار التوسع في الإنفاق الحكومي وسياسات التحفيز المالي. وقد يتأثر المشهد الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الجاري بصورة سلبية من استمرار ضعف الاقتصاد العالمي، وبالتالي ضعف الطلب على النفط وعدم الاستقرار في المنطقة، وهو ما قد يؤثر سلبا في الاستهلاك والاستثمار.

وفيما يخص التدفقات الاستثمارية للدول النامية، توقع التقرير أن تنخفض بنسبة 18 في المائة خلال العام الجاري لتبلغ 746 مليار دولار مقارنة بـ 910 مليارات دولار عام 2011 و1.04 تريليون دولار عام 2010. بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو.

وفي الوقت نفسه، سوف ينخفض صافي التدفقات الاستثمارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (تضم عينة المعهد سبع دول رئيسية في هذه المنطقة من بينها السعودية والإمارات من دول التعاون الخليجي) من 73 مليار دولار عام 2010 إلى 65 مليار دولار عام 2012.

وقال التقرير إن التقلبات الاقتصادية والمالية العالمية الراهنة سوف تؤدي إلى انخفاض التدفقات الاستثمارية العالمية للدول الناشئة في المدى المنظور، وخاصة المحافظ الاستثمارية في الأسهم، لكن في المدى المتوسط، وبفضل الأساسيات الاقتصادية القوية للدول الناشئة في مقابل استمرار المشكلات الاقتصادية في الدول المتقدمة، سوف تؤدي إلى تنامي التدفقات الاستثمارية للدول الناشئة بشكل قوي.

وبين المعهد في تقريره أن التدفقات الاستثمارية للدول الناشئة خضعت خلال الأشهر الماضية لعدد من العوامل المتناقضة. ففي جانب، أدت بيئة عدم اليقين والاضطرابات في الاقتصاد العالمي إلى تراجع حجم الاستثمارات العالمية. وقد تكثف تأثير هذه العوامل خلال الأسابيع الأخيرة. من جهة أخرى، فإن المشهد المؤكد هو أن تلك الاضطرابات تركزت في الدول الصناعية المتقدمة، وقد دفع ذلك عوائد السندات وأسعار الفائدة للانهيار في هذه الدول، مما أبرز الجاذبية النسبية للدول الناشئة في استقطاب التدفقات الاستثمارية.

وبين المعهد أن هناك تفاوتا بين هذه الدول، حيث السعودية والإمارات تتمتعان بنمو اقتصادي قوي، كذلك الحال بالنسبة لجنوب إفريقيا لكنها أكثر ارتباطا بتطورات الاقتصاد العالمي، وهناك دول مستوردة للنفط وتعاني مشكلات اقتصادية مثل المغرب ولبنان ومصر.

وفي المقابل، تتباين قدرة الدول الناشئة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية من منطقة إلى أخرى. فالكساد الاقتصادي كان شديداً في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، في حين استمرت معدلات النمو القوي نسبياً في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ. وأفلتت منطقتا جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الآثار الأسوأ للأزمة الاقتصادية العالمية، بينما تضررت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء تضرراً شديداً، وما زال عدم اليقين يحيط بآفاقها المستقبلية.

وفيما يخص الاقتصاد العالمي، خفض المعهد توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام إلى نسبة 3.25 في المائة من تقديره السابق بنسبة نمو 4 في المائة. إلا أنه يتوقع أن تدخل منطقة اليورو في ''ركود'' في 2012 وأن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5 في المائة مقارنة بتقدير سابق بالنمو بنسبة 1.1 في المائة.

وخفض المعهد توقعاته لنمو اقتصادات دول منطقة اليورو، خاصة ألمانيا التي يعد اقتصادها قوة الدفع الرئيسية للنمو في المنطقة. ويتوقع الآن أن ينمو الاقتصاد الألماني بنسبة 0.3 في المائة في 2012 مقابل توقع سابق في سبتمبر (أيلول) الماضي بنمو بنسبة 1.3 في المائة. ويتوقع ألا ينمو الاقتصاد الفرنسي بأكثر من 0.2 في المائة مقابل توقعات سابقة بالنمو بنسبة 1.4 في المائة.

وبين المعهد أن التعافي الاقتصادي مهدد بالضغوط المتزايدة في منطقة اليورو وعوامل هشة في مناطق أخرى. كما أن التحدي الأكثر إلحاحا للسياسات هو استعادة الثقة ووضع حد للأزمة في منطقة اليورو وخاصة اليونان عن طريق دعم النمو ومواصلة التكيف واحتواء خفض الاقتراض وتقديم مزيد من السيولة والتيسير النقدي. وأبقى المعهد توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2012 مستقرة عند 1.8 في المائة لكنه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الياباني إلى 1.7 في المائة من 2.3 في المائة في أيلول (سبتمبر). وقال إن النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة سينمو 1.5 في المائة في المتوسط في 2012 و2013 وهو معدل أبطأ من أن يحدث تأثيرا كبيرا في نسب البطالة المرتفعة. وذكر المعهد أنه من المرجح ألا تسلم الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة من التداعيات إذا تفاقمت أزمة أوروبا، حيث إن الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الأخرى معرضة لتداعيات تفاقم محتمل لأزمة منطقة اليورو، ولديها تحديات داخلية منها التغلب على العوائق السياسية.

كما توقع المعهد تباطؤا في وتيرة النمو في الاقتصادات الناشئة والنامية وحثها على أن تركز سياساتها على تحفيز الاقتصاد. وخفض توقعاته لنمو الاقتصادات الناشئة في 2012 إلى 5.4 في المائة من 6.1 في المائة في أيلول (سبتمبر). كما خفض توقعاته للنمو في الصين إلى 8.2 في المائة من 9 في المائة في توقعاته السابقة. وقال المعهد إن التباطؤ سيكون أشد وطأة على منطقة وسط وشرق أوروبا التي لها علاقات تجارية قوية مع اقتصادات منطقة اليورو.

Top