بوابة تداول الأسهم

بوابة تداول الأسهم

الأحد, 13 كانون2/يناير 2008 10:17

التضخم.. المفاهيم والأسباب والمكافحة

 بعد سنوات من الهدوء في مستوى الأسعار، تشهد المملكة، وبقية دول الخليج، موجة تضخم عالية نسبيا، منذ عام 2003، إلا أنها بدت جلية أكثر منذ العام الماضي 1427ه (2006)، وقد ألقت ظلالا على المستهلكين، وصانعي السياسات المالية والنقدية.

التضخم مشكلة مزمنة. فالكبار عمرا يتذكرون كم كان المستوى العام للأسعار في المملكة (وفي الدول الأخرى) قبل عشرات السنين الماضية، ويعني للكثيرين عقد مقارنات بين مستويات سعرية سابقة، والأسعار السائدة حاليا. وهناك دول أخرى كثيرة شهدت، حتى في العام الواحد، معدلات تضخم عالية، وأحيانا عالية جدا، وصلت إلى أرقام بالمئات والآلاف.

محليا، ظهرت خلال الشهور القريبة الماضية عدة مقالات عن موجة التضخم الأخيرة في عدد من وسائل الإعلام، كما أصدرت مؤسسات مالية تقارير عن التضخم. من أهم هذه الأعمال تحقيق نشر في جريدة الشرق الأوسط، وتقرير سامبا، ومقالة للكاتب في جريدة "الرياض" (1).

كما كانت هناك تعليقات كثيرة في وسائل الإعلام، صادرة من شريحة تمثل عامة الناس. وقد لوحظ أن غالبية هذه التعليقات بنيت على نظرة قوامها قدر كبير من الجهل والتبسيط المخل في فهم أسباب نشوء التضخم، وقد كان الخلط بين التضخم والاستغلال أحد مظاهر ذلك الجهل والتبسيط المخل.

يهدف ملف هذا العدد إلى تبسيط مبادئ التضخم لعموم القراء، مع تركيز الجانب التطبيقي على موجة التضخم التي تشهدها المملكة. الملف يتكون من ثلاثة أجزاء وملحق. الجزء الأول مخصص لإيضاح معنى وتأثير وقياس التضخم. والجزء الثاني عن تفسير التضخم. أما الجزء الثالث الأخير فيناقش سبل مكافحته. الملحق يستعرض سياسات للتعويض عن الغلاء.

الجزء الأٍول: معنى وتأثير وقياس التضخم

معنى التضخم

كلمة تضخم تعني من وجهة علم الاقتصاد وجود أسعار صاعدة للسلع والخدمات (من خبز وكتب وقص شعر وعلاج وملابس وسيارات وأجور عاملين وإيجارات عقارات...إلخ). ومن ثم فإن التضخم يعبر عن عملية الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، أو بعبارة مكافئة: الانخفاض المستمر في قيمة النقود. ويعبر إحصائيا عن التضخم بأنه معدل الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية محددة، كالشهر والسنة.

لا تتحرك كل الأسعار بنفس الاتجاه أو نفس النسبة. ومن ثم فإن الأسعار النسبية (نسبة أسعار السلع بعضها إلى بعض) تتغير، على سبيل المثال بعض السلع ترتفع أسعارها بنسبة أعلى من سلع أخرى، وتبعا لذلك لابد من تؤثر توزيع الدخل المنفق على ما ينتج من سلع، كما أن الإنفاق العام يتغير.

نفهم من معنى التضخم أن الارتفاع المؤقت في سعر سلعة ما لا يعد تضخما. كما أن ارتفاع سعر سلعة دون أن يقابله ارتفاع في المستوى العام للأسعار فإن هذا لا يعد تضخما أيضا.

دور وتأثير التضخم في الاقتصاد

ينظر إلى قدر قليل من التضخم (ليس هناك حد متفق عليه، لكن نسبة تقل عن 2% سنويا يعدها كثيرون قليلة) على أن له تأثيرات إيجابية على الاقتصاد.

أحد الأسباب أنه ينظر إليه على أنه ضغط خطر كامن، يعمل على تآكل قيمة النقود، مما يعطي حافزا لأصحاب المدخرات لاستثمارها، بدلا من مشاهدتها تتآكل. ويؤخذ بهذه الحجة عند الدفاع عما يسميه البعض "تمويل التنمية بالتضخم"، والذي يعني التوسع في الإنفاق التنموي بما يتجاوز كفاية الموارد المالية العامة المتاحة، وتمويل العجز بإصدار المزيد من النقود، ومن ثم تتعرض قيمتها للانخفاض.

من الأسباب الأخرى للنظر بإيجابية إلى معدلات التضخم المنخفضة أن المفاوضات على الأجور ليست سهلة، وخاصة عبر خفضها، ومن ثم يكون من السهل للأسعار النسبية (نسبة أسعار السلع والخدمات والأجور بعضها إلى بعض، مثلا كيسة أو رزمة خبز بريال، وجريدة بريالين، وعلى هذا فسعر الجريدة يساوي سعر رزمتي خبز. لو تغير سعر رزمة الخبز إلى ريالين، والجريدة إلى ثلاثة ريالات، فإن السعر النسبي للسلعتين يتغير) أن تتكيف عند وجود زيادة عامة في الأسعار. وبعض الأسعار بطبيعتها صعب نزوله.

المحاولة لجعل الأسعار ثابتة (ربما لمكافحة التضخم) تعاقب المنشآت ذات الأسعار والأرباح والتوظيف الجانحة للانخفاض. مثلا تثبيت أسعار الفنادق أو الشقق المفروشة أو البنزين أو أجور الحلاقة يمنع المؤسسات الأقل مستوى تجهيزاً وخدمة من خفض أسعارها. كما أن المساعي لتحقيق استقرار تام في الأسعار (مثلا عبر دعم بعض السلع) يمكن أن يؤدي إلى عكس التضخم (أي إلى خفض الأسعار)، وهو ما ينظر إليه على أنه ناتج سلبي للتكييف في حركة الأجور، وفي الإنتاج (2).

ويتفاوت تأثر الإنتاج بالتضخم حينما يكون هناك ثبات في تكيف التكاليف مع الأسعار وكميات الإنتاج. وبين بعض الباحثين أن هذا التفاوت يتحدد وفقا لمرونة إيرادات المنشأة بالنسبة للطلب على إنتاجها. كلما زادت هذه المرونة، تأثر الإنتاج سلبا بالتضخم (3).

إلا أن معدلات التضخم التي تزيد عن الحدود المطلوبة للحرية النقدية وحوافز الاستثمار تعد سلبية، بل وقد تكون أثارها مدمرة، عندما تبلغ المعدلات أرقاما أقرب إلى الخيال.

يعمل التضخم على تغيير الأسعار النسبية. ويعمل على دفع الأجور إلى الارتفاع، لكن من الملاحظ أن ارتفاع الأجور يقل في كثير من الأحيان عن ارتفاع الأسعار، مما يعني انخفاض الأجور الحقيقية، وإذا كان انخفاض الأجور الحقيقية عاليا، فهذا نذير سوء لأغلب الناس. فارتفاع الأسعار أكثر من الأجور الحقيقة يعني انخفاض مستوى المعيشة، وازدياد الفقر. مثلا، تتضاعف الأسعار خلال أربع سنوات تقريبا إذا كان معدل التضخم في حدود 20% - يرجى الرجوع إلى الجدول 1- لكن من البعيد جدا أن تتضاعف الأجور خلال هذه السنين.

أصحاب العقارات يربحون جراء التضخم، وكذلك أصحاب الأسهم، وهو ربح وهمي أحيانا، لكن حملة سندات التمويل (أدوات إقراض) في العادة يخسرون، لأن الفوائد أو العوائد التي يتقاضونها، تكون في العادة ثابتة.

ماذا بشأن المقترضين؟ إذا كان حملة سندات التمويل من الخاسرين، فإن المقترضين يستفيدون من التضخم، بالنظر إلى انخفاض القيمة المستقبلية للنقود. وإيضاحا، افترض انك حصلت على 100ريال بطريقة تمويل ما، على أن تعيدها بعد سنة 110ريالات. لو افترضنا أن الأسعار ارتفعت بنسبة 20%، خلال العام، أي أنه أصبح يلزمك 120ريالا لتشتري نفس السلع (من الممكن أن تكون السلع أسهما) التي كنت تشتريها بالمبلغ المقترض 100ريال قبل سنة تقريبا. المقترض، وفق الافتراضات السابقة، استفاد من ارتفاع الأسعار. هذا يفسر لنا ارتفاع العوائد التي تقاضاها بعض الممولين خلال فترة طفرة سوق الأسهم العام الماضي.

باختصار، يعمل التضخم على إعادة توزيع الدخل، من خلال تأثيره على القيمة الحقيقية لثروات الناس.

كما يعمل على خفض الدخول الحقيقة من خلال خفض القوة الشرائية للنقود. ولكن عند حصول زيادة في الدخول (الاسمية)، فإن المحصلة كما يلي:

من ترتفع دخولهم بنسبة تزيد عن نسبة ارتفاع الرقم القياسي يكسبون قوة شرائية أعلى. أما الذين لا ترتفع دخولهم بنسبة تزيد على نسبة ارتفاع الرقم القياسي، فإنهم إما لا يكسبون أو يخسرون (القوة الشرائية لا تتغير أو تنخفض).

والصيغة التالية توضح بالتقريب العلاقة بين التغيرات في الدخل الاسمي (يستعمل هذا التوصيف في علم الاقتصاد كثيرا ليعني الدخل المستلم، وله مسمى آخر هو الجاري) والرقم القياسي والدخل الحقيقي (الذي يعني الدخل الاسمي مراعى فيه التضخم)، (شكل1).

انظر (جدول رقم 1، السنوات اللازمة لمضاعفة الأسعار)

قياس التضخم: الرقم القياسي لتكاليف المعيشة

مقاييس التضخم عديدة، ويبنى أي مقياس على أساس نسبة التغير السنوي في أسعار سلة من السلع والخدمات، تختار حسب الهدف من القياس. وقليلا ما تتغير هذه السلع والخدمات المختارة في السلة، ولذا يعكس القياس التغير (تقريبا) في القوة الشرائية لعملة الدولة خلال سلسة زمنية. ولكل مؤشر سنة أساس = 100، وتتغير سنة الأساس عادة كل عشر سنوات.

في المملكة هناك ثلاثة مقاييس للتضخم تصدرها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، وهي الرقم القياسي لأسعار الجملة، ومعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي، والرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهو أهمها. أما الأول فيرصد أسعار السلع كما هي لدى تجار الجملة في المدن الكبرى الثلاث الرياض وجدة والدمام، وينشر دوريا. وأما الثاني فيرصد التغير في أسعار كافة السلع والخدمات المحسوبة في الناتج المحلي الإجمالي. وهناك ثلاثة قطاعات اقتصادية رئيسية هي النفط والحكومة والخاص (غير النفطي)، ولكل منها معامل انكماش، خلاف المعامل العام للاقتصاد كله. وتنشر المصلحة هذا المؤشر سنويا ضمن بيانات الناتج المحلي الإجمالي.

المقياس الثالث، وهو الأهم، يقيس التغيرات في أسعار سلة ثابتة من السلع والخدمات التي يرى أنها تمثل استهلاك غالبية الناس. وتصدر المصلحة هذا المؤشر شهريا تحت اسم "الرقم القياسي لتكاليف المعيشة". وهذا الرقم القياسي متاح في موقع المصلحة، وفي موقع مؤسسة النقد العربي السعودي عن الفترة منذ عام 1999م. أما بيانات السنوات السابقة منذ سنة 1968فمخزنة لدى كاتب هذه السطور إلكترونيا، ومصادرها تقارير مؤسسة النقد السنوية، وIFS الصادرة من صندوق النقد الدولي.

يتناول المؤشر مئات السلع والخدمات الموزعة على ثمان مجموعات رئيسية (الجدول 3يظهر أسماء هذه المجموعات)، وفي داخل كل مجموعة رئيسية بضع مجموعات فرعية. ولكل مجموعة رئيسية نسبة مئوية (وزن نسبي) في تركيب المؤشر، تم تبنيه اعتمادا على نتائج مسوحات إحصائية تجريها المصلحة عن الوزن النسبي للصرف على تلك الفئة لدى غالبية العوائل. مثلا، إذا أظهر المسح الإحصائي أن نسبة 12% من الدخل تذهب للطعام والشراب، فإن فئة الطعام والشراب تعطى وزن 12%. وتوزيع الأوزان في المؤشر قابل لأن يتغير، لكن من النادر أن يطال التغيير المؤشر كل سنة، ولكن كل عدة سنوات. وتعد الإيجارات (السكنية) البند الأكثر أهمية في الرقم القياسي.

وقد خضع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة للتطوير المستمر على مدى السنوات الثلاثين الماضية، آخرها، حسب موقع المصلحة، كان في عام 2001م. زيد عدد البنود المختارة (عدد السلع والخدمات) والداخلة في تركيب الرقم القياسي إلى 406بندا (بزيادة 100% تقريبا)، وقد تمت الزيادة على أساس مسح الإنفاق الاستهلاكي الذي أجري عام 1999م. من التعديلات التي أحدثت في عام 2001التوسع في نطاق التغطية الإقليمية من 10مدن إلى 16مدينة، وتحديث الأوزان النسبية (4) كما أجرت المصلحة تطويرا في الأساليب الفنية المتبعة في الميدان وفي المعالجة.

وفي كل الأحوال، فأول خطوة في إنتاج الرقم القياسي تكون بجمع المعلومات عن أسعار سلة بنود بعينها دوريا حسب فترات إصدار المؤشر (عادة كل شهر) من محلات التجزئة ومالكي المنازل والمستأجرين وفقا لمنهجية مرتبة مسبقا، بحيث تمثل سلة السلع والخدمات ما تشتريه عائلة افتراضية تمثل غالبية عوائل المجتمع.

وبعد الجمع، تجرى عمليات احتساب الرقم القياسي، عبر أكثر من طريقة إحصائية. الإطار 1يعرض مثالا يبسط خطوات احتساب المؤشر.

إطار : 1مثال مبسط لكيفية احتساب الرقم القياسي

هناك أكثر من طريقة إحصائية لحساب الرقم القياسي أو المؤشر، وكل طريقة لا تخلو من تفصيلات وصعوبات. سأعرض مثالا يبسط خطوات احتساب المؤشر، وكيف يقاس التضخم، كما هو موضح في الجدول (2) افترض نمطا استهلاكيا يقوم على استهلاك ثلاث سلع: لحم ووقود وملابس.

انظر جدول 2: مقارنة مصروفات مستهلك افتراضية بين عامي 2000و2006م

منذ أواسط عقد الستينات الميلادية، كانت المصلحة تنتج مؤشرا يقيس أسعار السلع عند ذوي الدخل المتوسط، وفق تعريف مصلحة الإحصاءات، إلا أنها أوقفت هذا المؤشر منذ سنوات (5) وحل بدلا منه المؤشر الحالي الذي يعكس تغير تكاليف المعيشة لجميع السكان. بدأ إصدار هذا الرقم الجديد منذ عام 1979، وبياناته يبينها الجدول (2).

الارتباط الإحصائي correlation بين المؤشرين يصل إلى 99%، ويرى كثير من الباحثين أن هذا الارتباط العالي القيمة يسمح بدمج السلسلتين كما لو كانا سلسلة واحدة، وهذا ما فعلته، حيث دمجت بيانات الرقمين الجديد والقديم، لإخراج سلسلة موحدة عن معدلات التضخم موضحة في الشكل (1)

انظر جدول 2: الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لجميع السكان

استعراض موجة التضخم الحالية استنادا إلى الرقم القياسي

يظهر الجدول 3والشكل 1أن المملكة شهدت أربع موجات تضخمية رئيسية منذ سبعينات القرن الميلادي الماضي: 19771974،و1980-1983و 19961988و 2003فصاعدا. ورغم تفاوت معدلات التضخم سواء بين الفترات، أو في نطاق كل فترة، كانت معدلات التضخم في الموجة الأولى أعلى بكثير من معدلات بقية الموجات (6).

ويظهر الجدول 3والشكل 1أن موجة التضخم الحالية بدأت منذ عام 2003، لكن الأسعار كانت تزيد بمعدلات منخفضة، أقل من 1% خلال الفترة 2003منتصف2005، ثم تسارعت بعد ذلك لتصل 2.2% خلال عام 2006.أما في مطلع عام 2007، فقد كان معدل التضخم (الشهري) في يناير 0.9%، و- 0.6% في فبراير، أي أن المستوى العام للأسعار انخفض بين يناير وفبراير بنسبة 0.6%. يرجى الرجوع إلى الجدول (4).

الزيادة لم تكن متماثلة أو حتى متقاربة بين المجموعات خلال السنوات الثلاث الأخيرة. فقد كانت الزيادة في أسعار الأطعمة والسلع والخدمات الأخرى هي الأعلى، وعلى العكس، فقد شهدت مجموعات الملابس والنقل والاتصالات انخفاضا في السعر، كما يبين ذلك الجدول (5) والشكل (2) ويبدو أننا نفهم سبب الانخفاض في أسعار الاتصالات (مثلا دخول منافس)، ولكننا لا نفهم سبب انخفاض أسعار الملابس.

ومن المهم أن أشير إلى أنه أعيد بناء بيانات الرقم القياسي القديم (المبني على أساس متوسط الدخل) لتوحيد سنة الأساس.

خارج نطاق الرقم القياسي، أصدرت وزارة التجارة والصناعة تقريرها ربع السنوي عن أسعار السلع الغذائية الأساسية والتموينية خلال الربع الأول لعام 1428(يعادل تقريبا الربع الأول من عام 2007). وأوضح التقرير أن هناك انخفاضا في أسعار سلع، وارتفاعات في أسعار سلع. أهم هذه السلع والتغيرات على أسعارها مبينة في الجدول (6).

انظر جدول 3: الرقم القياسي ومعدلات التضخم السنوية للأسر السعودية المتوسطة الدخل ولكل السكان خلال الفترة - 20061970م

انظر جدول (4) الرقم القياسي ومعدلات التضخم الشهرية لكل السكان خلال الفترة اكتوبر 2006م - سبتمبر 2007م

انظر (غراف) شكل 1معدلات التضخم خلال السنوات 1970- 2006م

انظر جدول: (5) معدلات التضخم * (لكل السكان) حسب المجموعات الرئيسية خلال الفترة 1980-2006م

انظر شكل: (2) معدلات التضخم حسب كل مجموعة خلال الفترة 1999-2006م

*متخصص في الاقتصاد الكلي والمالية العامة بكالوريوس في الشريعة، دكتوراه في الاقتصاد

صرح الأستاذ / عبدالمحسن محمد الصالح رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للصادرات الصناعية ، بأن الشركة وقعت هذا اليوم الاحد 04/محرم/1429هـ الموافق 13/يناير/ 2008م مذكرة تفاهم مع الشركة السعودية للمختبرات الخاصة مطابقة والتي بموجبها تستحوذ الشركة السعودية للصادرات الصناعية على نسبة (80%) من راس مال شركة (مطابقة) البالغ 500مليون ريال سعودي مقابل أسهم تصدرها الشركة السعودية للصادرات الصناعية، ومدة هذه المذكرة ستة (6) أشهر يتم خلالها تكليف مكتب استشاري مرخص
أسفرت النتائج المالية التقديرية الأولية للشركة عن السنة المنتهية في 31/12/2007 م عن تحقيق صافي دخل قدره 68.2 مليون ريال ، مقابل 62.8 مليون ريال لنفس الفترة من العام المالي السابق بنسبة ارتفاع مقدارها 8.6 % ، وذلك نتيجة ارتفاع الأرباح التشغيلية للشــــركة بنسبة 14.8 % ، حيث بلغت64.40 مليون ريال خلال السنة المنتهية في 31/12/2007 م ، مقابل 56.1 مليون ريال لنفس الفترة من العام المالي السابق
- بقلم: ريتشارد إم روسين، وفريد أدير - 13/09/1428هـ
تشير الأبحاث الجديدة إلى أن الرؤساء التنفيذيين لديهم وجهة نظر أكثر تفاؤلاً لأداء الإدارة العليا من تلك التي يملكها الأعضاء الآخرون في فريق الإدارة العليا. وفي دراسة عالمية شملت 124 رئيساً تنفيذياً و 579 تنفيذياً آخر رفيع المنصب في شركات كبيرة ومتوسطة الحجم من نطاق من الصناعات، قال 52 في المائة من الرؤساء غير التنفيذيين إن أداء فرقهم كان سيئاً في مجالات مهمة مثل التفكير بإبداع، والتسويق المتقاطع، وقيادة التحدي، والإشراف على تنمية المواهب، وبناء ثقافة الشركة. وذكر 28 في المائة فقط من الرؤساء التنفيذيين عن وجود مشكلات في هذه المجالات. ولدى تقييم الكفاءة الكلية لفرقهم على مقياس من سبع نقاط (سبعة هي الأفضل)، حصل الرؤساء التنفيذيون على معدل نقاط بلغ 5.39 نقطة، بينما حصل التنفيذيون الآخرون على معدل نقاط بلغ 4.02 نقطة فقط. (انظر المستند "انحراف نقاط الأداء").

انحراف نقاط الأداء
في استطلاع حديث، قام 124 رئيساً تنفيذياً، و579 تنفيذياً رفيع المنصب بتقييم عدة نواحٍ من أداء فرقهم الإدارية العليا على مقياس من واحد (الأدنى) إلى سبعة (الأعلى). اعتقد الرؤساء التنفيذيون أن الأمور كانت تسير أفضل مما اعتقد غير التنفيذيين.

إحصائياً، تعتبر هذه التقييمات متباعدة جداً، ويبدو أن الرؤساء التنفيذيين هم التنفيذيون الذين يلزمهم فحص واقعي. والبحث الذي تم إجراؤه بشكل مشترك بين ممارسة استشارات القيادة لشركة الأبحاث التنفيذية هيدريك آند ستراجلز ومركز المؤسسات الفاعلة التابع لجامعة جنوب كاليفورنيا، تضمن أيضاً دراسة لنحو 60 تنفيذياً في الموارد البشرية من مجلة "فورتشن" لأفضل 500 شركة، ذكر 6 في المائة فقط أن "التنفيذيين في جناحنا سي هم فريق متكامل جيداً."

ولمعرفة ما إذا كانوا وفرقهم ينظرون إلى الأداء بالطريقة نفسها، يمكن أن يحاول الرؤساء التنفيذيون اللجوء إلى زملائهم من أجل تقييمات غير متحيزة. ولكن دون غموض الاستطلاع كبير الحجم، فربما يقول الأشخاص لرئيسهم ما يريد أن يسمع. والاختبار الأبسط والأكثر موثوقية هو أن يسأل الرؤساء التنفيذيون أنفسهم الأسئلة الثلاثة التالية. والذين يجيبون بلا عن أي منها، فعلى الأرجح أن يفهموا أداء الفريق بأنه أفضل مما يعتقد أعضاء الفريق الآخر – وعلى نطاق أشمل، أفضل مما هو عليه في الواقع.
1. هل يتخذ فريقي القرارات في الاجتماع؟
يفضل بعض الرؤساء التنفيذيين أن يقيمّوا خياراتهم سراً أو العمل وفق آرائهم بعد إجراء نقاشات جماعية، أو اجتماعات فردية مع أعضاء الفريق. ومع ثقتهم بأن تلك الاستشارة ساعدتهم على اتخاذ الخيارات المناسبة، فربما يفشلون في رؤية أنه قد تم إهمال فرقهم من المشاركة في الأجزاء الرئيسية من العملية: المداولات النهائية. ومع شعورهم بالعجز، يعطي التنفيذيون الآخرون على نحو مفهوم، علامات متدنية لأنفسهم فيما يتعلق بالأداء ولملكيتهم لنتائج الفريق.
2. إذا اتخذنا القرارات فعلاً أثناء الاجتماع، فهل تطبق بعد فترة وجيزة من ذلك؟
إن الإخفاق في التحرك بفكرة ما فوراً غالباً ما يشير إلى افتقار الفريق إلى الالتزام بها. وحيث إن الجميع وقع ظاهرياً، يفترض الرئيس التنفيذي أن المجموعة بأكملها قد انضمت وإن التقدم وشيك، وفي غضون ذلك يجعل المنشقون الصامتون الفكرة تذهب أدراج الرياح من خلال عدم القيام بأي عمل.
3. هل تفسح الاجتماعات المجال أمام الصراع الحيوي؟
حيث لا يوجد صراع، لا يوجد شغف. إن تفادي عدم الاتفاق يعني تفادي القرارات الصعبة حقيقة، والذي يقتضي حتمياً مستوى أعلى من المشاركة. وفي غرفة الاجتماعات الهادئة دائماً، قد يرى الرئيس التنفيذي الإجماع في حين قد يرى مراقب موضوعي الامتثال.
بعد التفكير في هذه الأسئلة، سيكون لدى الرئيس التنفيذي شعور أفضل حول ما إذا كان وفريقه ينظرون إلى أدائهم بشكل مختلف. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن أن تبدأ الإدارة العمل الجاد للالتزام الحقيقي، وسوف يصبح من الواضح عندها أين يقف الأداء فعلياً، وما الذي يحتاج إلى تحسين.
- بقلم: لورين كيلر جونسون - 13/09/1428هـ
حين وصلت جاكلين لوبيز إلى مقر عملها في اليوم الوظيفي الأول لها، كمديرة برنامج جديدة لدى مجموعة إنتل موبايل، سلمتها مديرتها، جيسيكا روشا، أجندة تفيض بالاجتماعات. ولم تكن لهذه الاجتماعات علاقة بالعملية المألوفة لتكيف الموظف التي من خلالها يتعلم المستخدمون الجدد قيم إنتل، وإجراءات الموارد البشرية. وبدلاً من هذا، جدولت روشا مقابلات وجهاً لوجه مع أناس على امتداد إنتل ممن لديهم الخبرة التقنية، و"العصارة" السياسية التي ستكون لوبيز بحاجة إليها لإنجاز عملها.
وتقول لوبيز: "بفضل حكمة روشا، وقفت على قدمي سريعاً".
أداة فعالة جديدة
أصبحت عملية الاندماج السريعة للموظفين الجدد فعالة بصورة خاصة بينما ترتفع معدلات التقلب الوظيفي. وإضافة إلى هذا، فإعادة الهيكلة الداخلية، والمنافسين الجدد، والتقدم التقني، تعمل كلها على إعادة تشكيل الأدوار والمسؤوليات الوظيفية، ويلحّ المديرون الجدد أكثر على تعلّم الأدوار بسرعة.
ولمعالجة هذه المشكلة، على المديرين التنفيذيين لعب دور أكثر نشاطاً. وتساعد الممارسات التالية في عملية الاندماج السريع.
قدّم تدريباً لبداية قافزة
إن أحد أساليب نهوض المديرين، وحثهم على الاندفاع بسرعة، يتم عن طريق تقديم تغذية راجعة وتدريب مكثفين، حسب ما يقول ليخ برانام، صاحب كتاب "الأسباب السبعة الخفية وراء رحيل الموظفين: كيفية التعرّف على العلامات الخفية، والتصرف قبل فوات الأوان" (أماكوم – 2005). وخلال الأسبوع الأول للمدير الجديد، ينبغي على مديره تزويده بتوقعات مفصّلة حول الأشهر الثلاثة الأولى، وأن يطلب منه تلخيص هذه الأهداف، والمقاييس من خلال أداء منسجم.
وفي سياق مماثل، يقترح برانام إجراء "مقابلات المدخل" مع المستخدمين الجدد للمساعدة في الكشف عن قدراتهم، ومعرفة المواهب التي لديهم رغبة قصوى في تنميتها وتطويرها.
ارسم شبكة مديرك الجديد
ويقول رولاج: "تنبثق فعالية المديرين مباشرة من شبكة علاقاتهم". وبأخذ هذا في الحسبان، ارسم شبكة مديرك الجديد قبل أن يبدأ عمله. اسأل نفسك عمن هو بحاجة إلى التعرف عليه للتمكن من إنجاز عمله. فكر في مجريات العمل: ممن سيحتاج أنواعاً معينة من المعلومات؟ وإلى من سيكون بحاجة إلى تزويده بالمعلومات؟ وكذلك أدرس التاريخ التنظيمي: من كان دوماً على دراية بكيفية دفع المشاريع إلى الأمام، وحل المشاكل الشائكة؟
يركز بعض المسؤولين كذلك على قيم الشركة خلال رسمهم لشبكة المدير الجديد. وعليك أن تأخذ بعين الاعتبار شبكة فترة خدمة الأطراف الآخرين بينما تقوم بوضع المخطط. وتشمل أفضل الشبكات مزيجاً من الموظفين القدماء والجدد، حسب ما يوضّح روب كروس، وأندرو باركر، في كتاب "القوة الخفية في الشبكات الاجتماعية: فهم كيفية إنجاز العمل حقاً في المؤسسات" (هارفارد بيزنيس سكوول برس، 2004). ولم المزيج؟ إنك تريد أن يستفيد المديرون الجدد من حكمة الموظفين المخضرمين، والآفاق النضرة للمستخدمين الجدد.
ما إن يقابل المدير الجديد جميع الأشخاص الذين أوصيتَ بهم، عزز هذه العلاقات عن طريق المتابعة.
ويقول رولاج: "أسس مناقشة حول الشبكة من خلال محادثات منتظمة، وتحديث للمناصب". "اسأل، مع من تحدثت؟ ماذا تعلمت من هؤلاء الأشخاص؟ كيف قمت بمساعدتهم؟" إذا فشل المدير في الحفاظ على اتصال مع عضو مهم في الشبكة، فاسأل عن السبب، وقم بتطوير خطة لإعادة الصلة.

وكاستراتيجية متابعة أخرى، ادعُ المدير الجديد إلى اجتماعات خارج نطاق مسؤوليات عمله. وعن طريق هذه اللقاءات غير المتوقعة، سيلمس ديناميكية المؤسسة السياسية، وسيرى كيفية عمل الشركة ككل.

استفد من التكنولوجيا
في المؤسسات العالمية، من الممكن أن يكون التأكيد على إجراء صلات من قبل المدير المعيّن حديثاً مع أطراف الشبكة المناسبين، صعباً بصورة خاصة. وحين تستخدم مديراً جديداً، استخدم البريد الإلكتروني للإعلان عن خبرته، واهتماماته للآخرين. سجله ضمن مجموعة المناقشة والمراسلة أونلاين، والقوائم التي سيكون بحاجة إليها للوقوف على قدميه. أره كيفية استخدام مواضع الخبرة.
وإذا كنت تميل إلى الافتراض بأن المدير الحذق الذي قمت بتعيينه للتو، يمكنه تناول أمر انضمامه بنفسه، تذكر أنه بإمكانك تسريع العملية بصورة كبيرة. ومكافأتك؟ قائد قادر على توليد نتائج عمل أفضل وأسرع، والانطلاق بنفسه بحماس بصورة عاجلة.
- - 20/09/1428هـ
يعمل التقدم العلمي والتكنولوجي على تحويل الطريقة التي تؤدي بها الشركات نشاطاتها العملية، وهذا أمر واضح للغاية. ولكن الشيء الذي يُعد أقل وضوحاً هو كيفية تأثير هذا التقدم في الطريقة التي نفكر بها ونشعر، وبالتالي كيف نستهلك، ونعمل، وندير، ونقود.
ووفقاً لما جاء عن البارونة سوزان جرينفيلد، وهي مؤلفة معروفة، وأستاذة في علم الأدوية في جامعة أوكسفورد، فإن النمو الضخم في الإعلام الإلكتروني يعمل على تغيير عقولنا وأنظمتنا العصبية المركزية بصورة جذرية. والشركات التي لا تدرك هذا الأمر من الممكن أن تصبح ضحايا منسية للثورة التكنولوجية.
وقضت جرينفيلد فترة طويلة من حياتها المهنية في العمل على دراسة الأمراض العصبية، مثل الزهايمر، والباركينسون، ولكن يستكشف آخر مؤلف لها، تحت عنوان "أناس غدٍ – Tomorrow’s People"، كيف ستعمل تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين على تغيير الطريقة التي يفكر، ويشعر، ويتصرف بها الناس. وحذرت جرينفيلد في المقابلة التي أجرتها وورلد بيزنس معها، من أن تلك التغيرات ستحوّل العلاقة بين الشركات وموظفيها، والطريقة التي تتشكل بها الشركات نفسها.
وتقول: "بدأنا فعلاً نرى تأثير ثورة تكنولوجيا المعلومات في مواقع العمل". وتضيف قائلة: "إن العمل أمام الشاشة يحظى بتأثير هائل في الطريقة التي نفكر بها، ونعالج بها المعلومات. وإن ثقافة الشاشة لا تساعد على أخذ وقت للتفكير، حيث إن كل شيء متاح فوراً. والنتيجة هي تفكير أيقوني (أي مرتبط بالضغط على الأيقونات)، وبالتعديلات السريعة، وفترات الانتباه القصيرة".
وستعمل تلك التطورات على توليد بعض التغيرات الاجتماعية الإيجابية، كما تقول جرينفيلد. على سبيل المثال، بينما يختار المزيد من الناس العمل من المنزل، ستكون الشركات قادرة على تقديم المزيد من ممارسات التوظيف المرنة. وتلك ستكون أخبارا جيدة بالنسبة لكبار السن، والأشخاص العاجزين جسدياً، وهم في العادة أشخاص غير قادرين على الوجود جسدياً في المكتب، ولكن لا تزال ثقافتهم ومهاراتهم ثمينة. وتقول جرينفيلد: "إن توافر التكنولوجيا سيعني أن الناس سيبقون رشيقين ذهنياً بينما يتقدمون في العمر، ولن يكون هنالك سبب يمنعهم من مواصلة العمل".
وتحذّر جرينفيليد من أن تغيرات أخرى سوف تعرّض الشركات لتحديات صعبة. وبما أن عقول الناس في تطور، كذلك فإن حوافزهم وطموحاتهم ستتحول تباعاً. وتقول: "إن مقاييسنا للرضا الذاتي والإنجاز سوف تكون مختلفة جداً في المستقبل".
وتضيف: "نحن نفترض أن الناس يريدون العمل لدى غيرهم من الناس، ولكن تلك لن تكون الحال في المستقبل. ففي الوقت الراهن نستمد الكثير من متعتنا من المكانة، ولكنني أعتقد أن ذلك سوف يتعرض للتحدي عما قريب، حيث إن الناس لن يكونوا محفّزين على ذلك النحو فحسب. فما هو إلا سباق تسلح آخر، وأعتقد أننا سنتطور إلى نقطة حيث لا يكون الناس مهووسين فيها بالمكانة".
ومن الممكن أن يعمل ذلك على رسم النهاية للشركات التقليدية، والجامدة، كما تقول. وبما أن العديد من الأسس المنطقية لتشكيل الشركات الكبرى، على سبيل المثال تقليص تكلفة جمع المواد، تصبح أقل أهمية، فسوف تنشأ وحدات أصغر وأقل أهمية وأكثر افتراضية، وهي مستقلة، ولكنها تعمل من خلال مجموعة متنوعة من شبكات غيرها من المؤسسات، كما تصر جرينفيلد.
إنه مقياس للتأثير المتنامي لأفكار جرينفيلد بأن دعيت لحضور مؤتمر لندن في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لمواجهة عدد من شخصيات النشاطات العملية الرائدة في العالم. ويتحدث برفقتها كولين باول، وريتشارد برانسون، وألان شوجار، وبوب جيلدوف، وستخبر جرينفيلد الوفود كيف ستعمل التكنولوجيا على تغيير الطريقة التي يحتاج القادة إلى التفكير والتصرف بها في المستقبل.
وإن إحدى الرسائل التي تنوي جرينفيلد إيصالها هي عندما يكون التغيّر حتمياً، يمكن للشركات اختيار كيفية استجابتها للتغيّر. وتقول: "من غير الدقيق التفكير بأنفسنا كـ "ضحايا" للتغير التكنولوجي". وتضيف: "ولكن علينا أن نتيقّظ، ونكون إيجابيين".
- بقلم: ثيودور كيني - 20/09/1428هـ
إن القادة هم الذين يشكلون المستقبل، حيث يحددون الأهداف الاستراتيجية، ويوجهون مؤسساتهم نحو تحقيق تلك الأهداف. ولكنهم يصبحون دون قوة أو نفوذ ما لم يتعاون معهم الآخرون. ولذلك تعتبر القدرة على الإقناع والتحفيز مهارة إدارية بالغة الأهمية. ونستعرض فيما يلي خمسة كتب تزيد من قدراتك على القيادة من خلال التأثير.
إن القادة هم الأشخاص الذين يغيرون الناس، سواء كانوا زعماء أمة، أو رؤساء شركات، أو مؤسسات غير ربحية، حسب رأي هووارد جاردنر، من مؤسسة جون وإليزابيث هووارد، وهو أستاذ الإدراك والتعليم في كلية هارفارد للتعليم الحاصل على جائزة ماك آرثر بسبب نظريته في عوامل الذكاء المتعدد. وإذا أردت تحسين قدراتك على التأثير والإقناع، فعليك أن تبدأ بكتاب جاردنر بعنوان "تغيير العقول:فن وعلم تغيير عقلك وعقول الآخرين" (مطبعة هارفارد بزنس سكول 2006). ويشكل هذا الكتاب أساساً اعتمدت عليه كتب أخرى في هذا المجال. وهو يطرح إطاراً متطوراً في فهم كيفية تغير العقول. وهنالك في رأي مؤلفه ثلاثة جوانب لتغير العقل هي الشخصيات، والمفاهيم والقصص، والنظريات والمهارات، من جانب، وعوامل الرفع التي توثر في هذه التغيرات مثل المنطق، والبحث، وإعادة الوصف،وأخيراً هنالك مجالات التغير العقلي ذات النطاق الواسع، والمجتمعات السكانية الممتدة،مثل الأمم، ثم التدرج للوصول إلى مستوى العقل الواحد.

إن أهمية هذا الإطار تكمن في أنه يطرح أسلوباً لتحليل جهود التغير العقلي، إضافة إلى أنه يقدم مكونات أداة لأولئك الذين يريدون تحسين جهودهم التأثيرية. و من جوانب ذلك إطلاق مبادرة جديدة على مستوى الشركة تتطلب من الموظفين التفكير بطريقة مختلفة. وإذا كان المجال معروفاً، فإن بإمكانك اختيار الشخصيات التي تركز عليها، واستخدام الروافع التي تثير عوامل التفرد للتغيير الناجح للعقل.

ونظراً لاعتماد العقل على الرسائل، فإن عليك قراءة الكتاب المعنون "وجد لكي يثبت: لماذا تعيش أفكار وتموت أخرى" (راندوم هاوس 2006) لمؤلفيه تشب،ودان هيث، وذلك لجعل رسائلك أشد تأثيراً وأقوى من حيث التذكر. وهذان المؤلفان شقيقان حيث يعمل دان كمستشار في مؤسسة ديوك التربوية، بينما يعمل تشب أستاذاً للسلوك التنظيمي في كلية ستانفورد للنشاطات العملية. ويرى المؤلفان أن أشد الرسائل فاعلية هي التي تلتصق بالأذهان. وهم يعيدان تعبير الالتصاق هذا إلى كتاب مالكولم جلادويل الذي حقق رقماً قياسياً في المبيعات"نقطة القمة:كيف يمكن للأشياء الصغيرة أن تحدث فرقاً كبيراً" (ليتل براون،2000).

والمقصود بالالتصاق هو أن تكون أفكارك مفهومة وقابلة للتذكر، وأن يكون لها تأثير دائم، وأن تغير آراء مستمعيك وسلوكهم. وتوصل الأخوان المؤلفان إلى ذلك بعد دراسة لعدد من الأفكار الخالدة لعدد من المفكرين. ووجدوا المبادئ الستة المشهورة موجودة في أولئك الأشخاص، حيث أن الأفكار اللاصقة بسيطة في طبيعتها، وغير متوقعة وجاذبة للانتباه، إضافة إلى صلابتها وعنايتها بالتفاصيل مما يجعلنا نتذكرها بسهولة، كما أنها مؤثوقة ومدعومة بالأدلة، وهي كذلك عاطفية وتجعلنا مهتمين بها، كما أنها في النهاية مدعومة بعدد من القصص.

واختار هيرب كيليهر البساطة حين اختار لشركة طيران الخطوط الجوية الجنوبية الغربية شعار "نحن خط الطيران ذو البطاقات متدنية السعر". واختار جيري كابلان مفهوم الصلابة حين أسس شركة الكمبيوتر الخاصة به، وجعل شعاره "أيها السادة، إن هذا نموذج للخطوة التالية في ثورة الكمبيوتر".

ولكن المؤلفين يحذران من "لعنة المعرفة"، حيث إننا ما إن نعرف أمراً ما حتى ننسى ما يعنيه عدم معرفتنا به. وبالتالي فإننا لا نضع أنفسنا في موضع المستمعين حين نقوم بإعداد رسائلنا. ولذلك نجد أن رسالة الرئيس التنفيذي التي تحمل شعار " تعظيم قيمة المساهمين" لا تحفز الموظفين على المزيد من الأداء، حيث إنه يعرف معنى ذلك، ولكنهم لا يعرفون.

إن تركيز هذين المؤلفين على أهمية القصص ينقلنا إلى كتاب أنيت سيمونز المعنون " يفوز أولئك الذين يخبروننا بأفضل القصص:كيف تستخدم قصصك الخاصة للاتصال بقوة وتأثير"(أماكوم2007). وهي تنصحك بألا تشعر بغرابة أهمية إيراد القصص."إنك تروي بالفعل قصصاً عن نفسك، وعن سبب وجودك في مكان معين، وعن خيالاتك، وقيمك،وتعليمك، وكيفية معرفتك بأسرار أفكار الآخرين. والمشكلة هي أنك لا تدرك مدى أهمية قصصك". وتعمل هذه المؤلفة رئيسة لمؤسسة الاستشارات العملية، جرينسبورو.
وإذا كنت لا تجد مادة لقصص ترويها، فإن هذا الكتاب يتضمن عدداً من التمارين المصممة لمساعدتك على تكوين قصصك الخاصة. وتنصحك المؤلفة باختيارها من أقرب المصادر إليك، أي من مناسبات كنت فيها ناجحاً، أو أحداث كنت فيها مؤثراً، أو من كتاب قرأته، أو فيلم شاهدته، أو مناسبة حديثة. والحقيقة هي أن القصص تحمل الكثير من ملامح الشخصية، كما أنها كثيراً ما تكون مشحونة بالعواطف. وهذا أمر جيد من حيث قدرتها على ربطك بالآخرين، وربما ليس بما كان يدور في ذهنك. وعلى ذلك، فإنك بحاجة مستمرة إلى تطوير مهارات روايتك للقصص، وتجديد مخزونك منها. وسوف يساعدك هذا الكتاب كثيراً على إنجاز ذلك الأمر.

وعليك أن تتذكر حين تريد تغيير عقول الآخرين أن الاتصال يحدث في إطار يتجاوز الحديث. ويكشف ستيفن يونج في كتابه المعنون" الرسائل القصيرة للغاية:لماذا تتجاوز القيادة العظمى حدود الكلمات" (ماكجروهيل،2006) كيفية تدمير القادة لأهدافهم المحددة من خلال الرسائل القصيرة للغاية، والتلميحات، والتعبيرات، ونبرة الصوت، بما لا يعادل الكلمات الموجهة. والمؤلف مؤسس مشارك لشركة الاستشارات التربوية، أنظمة البصائر التعليمية، ونائب الرئيس السابق المسؤول عن التنوع الدولي في جي بي مورجان تشيس. وهو يرى أنه يتم توجيه كل ذلك بطريقة غير واعية. ومن أمثلة ذلك العبث بجهاز الاتصال الخاص بك بينما تستمع إلى حديث طرف آخر، حيث إن كثيراً منا يمارسون ذلك دون إدراك منهم بأنهم ينقلون رسائل سلبية عن أنفسهم. ولا يعبر لك الطرف الآخر عما فهمه حتى لا تظن أنه ساذج أو أحمق.

إن الرسالة الأساسية لهذا الكتاب هي ضرورة الوعي الذاتي لدى من يتصدون لمهمة تغيير عقول الآخرين. وإذا أردت النجاح في التأثير في الآخرين، فإن عليك اجتناب إرسال رسائل مختلطة.

وعليك أن تتأكد من أن جميع رسائلك القصيرة إيجابية، حيث إن نهوضك وابتسامتك حين يدخل الآخرون إلى مكتبك، وتركيز نظرك عليهم، وإبداء ما يفيد بأنك تتذكرهم، أو تتذكر شيئاً فعلوه، وتقديمهم إلى الآخرين بطريقة محترمة حين تكون ضمن مجموعة من الناس، من شأنه إحداث قوة إقناع كبرى.

وأما الكتاب الخامس، فعنوانه هو "مواجهات حاسمة:أدوات لحل الوعود غير المحققة، و التوقعات الخائبة، والسلوك السيء"(ماكجروهيل، 2004) لمؤلفيه، كيري باترسون، وجوزيف جريني، ورون ماكميلان، وآل سويتزلر، الذين يشكلون فريق العمل وراء كتاب نيويورك تايمز الذي حقق رقماً قياسياً في المبيعات "محادثات حاسمة:أدوات للحديث حين تكون المخاطر عالية "(ماكجروهيل2002). وهم كذلك مؤسسو شركة الاستشارات، فايتال سمارتس. ويتولى هذا الكتاب شرح أصعب جهود التأثير في الآخرين المتمثلة في الوعود غير المحققة، والتوقعات الخائبة، والسلوك السيئ.

وقليلون من الناس هم الذين يتمتعون بالمواجهة، والبعض يتجنبها وكأنها طاعون. ولكن على القادة الذين يسعون إلى تغيير عقول الآخرين، تعلم المواجهة الإيجابية. وفي دراسة فام بها هؤلاء المؤلفون اكتشفوا أن "قادة الرأي أتقنوا التأثير لأنهم كانوا الأفضل في الوصول إلى الزملاء، والعمال، أو حتى إلى رؤسائهم، وجعلهم عرضة للمساءلة".

وضرب المؤلفون مثلاً على ذلك من خلال مصنع للأخشاب في منطقة الشمال الغربي، حيث كان أفضل المراقبين في هذه النيئة القاسية هي المهندسة ميليسيا التي استطاعت التعامل مع عمال يدمرون المنتجات انتقاماً من الإدارة. فكيف نجحت تلك المهندسة فيما فشل فيه الآخرون؟. وعلى الرغم من مواجهتها بعدم الكفاءة، وعدم الطاعة، واتهامها بالعنصرية، إلا أنها لم تتراجع عن مسؤولياتها في معالجة هذه القضية. وكانت ناجحة في إظهار نزاهتها في مختلف مراحل حل المشكلة،كما أظهرت درجة عالية من الحزم في الدخول إلى صلب المشكلة، في الوقت الذي استمر احترامها للأطراف الأخرى.

وطور المؤلفون عملية من ست خطوات نتيجة لدراسة حالة ميليسيا، وغيرها من قادة العمل الناجحين.
- حدد ما إذا كان الهدف يستحق العمل من أجل التوصل إلى حل له. فإذا أخطأ عامل في موعد ما، أو لم ينجز مهمة معينة،فإن عليك أن تفكك هذين الأمرين، وألاّ تسأله عنهما معاً.
- اعمل على إتقان قصصك بإظهار فهمك التام لأسباب حدوث المشكلة.
- صف الفجوة بين ما كان متوقعاً وما تمت ملاحظته.
- أجعل الأمر محفزاً، وسهّل الأمر على الشخص المعني إذا كنت تريد تغيير عقله. فإذا أخطأت موظفة ما في موعد إنتاج معين، فإنها ربما تكون غير منتبهة لمسألة التكاليف البسيطة. وسوف تصبح أكفأ إذا ما فهمت تفاصيل ذلك.
- اتفق على خطة معينة، وتابعها حتى تتأكد من حل المشكلة.
- حافظ على تركيزك، وكن مرناً في مراقبة المشكلات، واحرص على تجنب التحيز.
- بقلم: جاري كلاين - 20/09/1428هـ
تفشل المشاريع بسرعة مذهلة. ومن أسباب ذلك أن كثيراً من الناس لا يرغبون في الحديث عن تحفظاتهم أثناء مرحلة التخطيط المهمة للغاية. وحين نجعل الأمور مأمونة بالنسبة لأصحاب الآراء المخالفة والعليمين بنوعية المشروع والقلقين على نقاط ضعفه ونسمح لهم بالكلام، فإننا نستطيع تحسين فرص النجاح أمام المشروع.
من الأبحاث التي أجراها في عام 1989 ديبورا ميتشل، من كلية وارتون، وجاي روسو ونانسي بيننجتون، من جامعة كولورادو، تبين أن توقع الأمور، أي تخيل أن أمراً معين قد وقع فعلاً، يزيد من القدرة على التحديد الصحيح للأسباب المؤدية إلى النتائج المستقبلية بمقدار 30 في المائة. وقد استخدمنا توقع الأمور لتطوير أسلوب يدعى "فحص ما قبل الوفاة"، الذي يعين فرق المشاريع على التعرف على المخاطر منذ البداية.
إن فحص ما قبل الوفاة هو النقيض المفترض لفحص الجثة بعد الوفاة. إن فحص الجثة في السياق الطبي يسمح للمختصين الصحيين وللعائلة بمعرفة سبب وفاة المريض. ويستفيد الجميع من ذلك، ما عدا المريض نفسه بالطبع. وفي سياق الأعمال فإن فحص ما قبل الوفاة يأتي في بداية المشروع بدلاً من تشريحه بعد الوفاة. وبخلاف جلسة الانتقاد العادي، التي يُسأل فيها أعضاء فريق المشاريع عن الأمور التي يمكن أن تتعثر، فإن هذا الفحص يعمل على افتراض أن "المريض" قد مات فعلاً، وبالتالي فهو يسأل: ما الذي حدث فعلاً في سبب الوفاة؟ ومهمة أعضاء الفريق هي توليد أسباب معقولة لفشل المشروع.
يبدأ الفحص في العادة بعد إطلاع الفريق على الخطة. ويبدأ المسؤول التمرين بإعلام الجميع أن المشروع قد فشل على نحو مذهل. وخلال الدقائق القليلة التالية لذلك يكتب كل شخص من الموجودين في الغرفة، على نحو مستقل، كل سبب للفشل يمكن أن يخطر على باله، خصوصاً الأشياء التي لا يذكرونها في العادة على أنها مشكلات محتملة، خوفاً من أن ذلك من قلة الكياسة.
على سبيل المثال، في جلسة عقدت في إحدى الشركات الواردة في قائمة فورتشن 50، اقترح أحد التنفيذيين أن مشروعاً للاستدامة البيئية بقيمة مليار دولار "فشل" لأن الاهتمام بالمشروع تراخى بعد تقاعد كبير الإداريين التنفيذيين. ونسب آخر فشل المشروع إلى ذوبان الحجة التجارية واضمحلالها بعد أن عدلت وكالة حكومية من سياساتها.
بعد ذلك يسأل المسؤول كل عضو في الفريق، بدءاً من مدير المشروع، قراءة سبب واحد من قائمته. ويذكر كل شخص من الحاضرين سبباً مختلفاً للفشل إلى أن ينتهي الجميع من عرض جميع الأسباب. وبعد أن ترفع الجلسة، يراجع مدير المشروع القائمة، بحثاً عن سبل لتقوية الخطة.
وأثناء جلسة حول مشروع لتطوير خوارزميات متطورة للغاية للكمبيوتر متوافرة لمخططي الحملات الجوية في المجالات العسكرية، فإن أحد أعضاء الفريق الذي ظل صامتاً أثناء الاجتماع التمهيدي الطويل تطوع بالقول إن أحد الخوارزميات لن يحتل موقعاً بسهولة على بعض الكمبيوترات المحمولة المستخدمة في الميدان. وبناء على ذلك فإن البرنامج سيحتاج تشغيله إلى ساعات في الوقت الذي يحتاج فيه المستخدمون إلى نتائج سريعة. وجادل بأنه إذا لم يتمكن الفريق من إيجاد حل لهذا الموضوع فإن المشروع لن يكون عملياً. وتبين فيما بعد أن مطوري البرنامج الخوارزمي خلقوا وصلة مختصرة قوية ولكنهم كانوا مترددين في ذكرها. وفي النهاية تم استخدام الوصلة واستمر العمل في المشروع الذي أصبح ناجحاً للغاية.
وفي جلسة لتقييم مشروع للأبحاث في منظمة مختلفة، اقترح أحد كبار التنفيذيين أن "فشل" المشروع حدث لأنه لم يكن هناك وقت كاف لإعداد حجة للأعمال لصالح منتج معين قبل المراجعة العامة التالية لمبادرات المنتجات. وخلال الاجتماع التمهيدي الذي دام 90 دقيقة لم يأت أحد على ذكر القيود الزمنية. وعدل مدير المشروع الخطة بسرعة بحيث أُدخل في الاعتبار دورة القرارات في الشركة.
ورغم أن كثيراً من فرق المشاريع تمارس تحليل المخاطر قبل إطلاق المشروع، إلا أن منهج الفحص قبل الوفاة يعطي منافع لا تعطيها المناهج الأخرى. والواقع أن هذا الفحص ليس فقط يساعد الفرق على التعرف على المشكلات المحتملة بصورة مباشرة. بل هو كذلك يقلل من المواقف الذي غالباً ما يتخذها الأشخاص الذي يُستثمرون فوق الحد في مشروع معين، وهي مواقف تدفع بأصحابها إلى العمل بمنتهى السرعة للانتهاء بسرعة من العمل.
فضلاً عن ذلك، فحين نصف نقاط الضعف التي لا يذكرها أي شخص آخر غيرنا، يشعر أعضاء الفريق بقيمتهم على ما قدموه من معلومات وخبرة، ويتعلم الآخرون منهم. كما يعمل التمرين كذلك على رفع درجة حساسية الفريق بحيث يتمكن من اكتشاف الدلائل الأولى للمتاعب حين يبدأ العمل على تنفيذ المشروع. وفي النهاية فإن فحص ما قبل الوفاة يمكن أن يكون السبيل الأمثل للحيلولة دون أن تكون هناك حاجة لإجراء فحص ما بعد الوفاة، الذي يكون مؤلماً في العادة.
الخميس, 13 كانون1/ديسمبر 2007 17:48

الإنتاجية تقتل الشركات الأمريكية

- هنري مينتزبيرج - 11/10/1428هـ
إنني أخشى على النشاطات العملية الأمريكية ليس بسبب الخلل في التجارة الأمريكية، أو عجز الميزانية، ولكن بسبب الإنتاجية في الشركات. ومن الممكن أن تؤدي الإنتاجية الأمريكية المرتفعة إلى تدمير عدد كبير من كبريات الشركات الأمريكية.
وتبين أن الكثير من مكاسب الإنتاجية التي تم ادعاؤها خلال السنوات القليلة الماضية، إنما كانت خسائر فعلية في تلك الإنتاجية. وحتى تستطيع أن تتصور ذلك، فما عليك إلا أن تتخيل أنك طردت جميع العاملين في شركتك، وأنك بدأت تشحن من المخزون المتوافر لديك. وستختفي بذلك ساعات العمل بينما يستمر العمل. وسوف تعتقد أنك أنجزت أمراً كبيراً، وأن ذلك شأن منتج للغاية، وأنك حققت أرباحاً كبرى. ويستمر ذلك بالطبع إلى أن ينتهي المخزون.
وإنني أرى أن معظم الشركات الأمريكية تقوم بالسحب من المخزون، بحيث تقترب من انتهائه. وإنها بذلك تقايض سلامتها المستقبلية بنتائج على المدى القصير. وطبيعي أنه ليس هنالك أي رئيس تنفيذي يطرد جميع العاملين في الشركة. ويعود الفضل إلى الحرص الشديد للغاية من جانب الشركات على زيادة القيمة إزاء حاملي الأسهم، أي العمل الدائب على زيادة أسعار أسهم الشركة، في زيادة قدرة الرؤساء التنفيذيين على إيجاد كل الوسائل الأخرى اللازمة لزيادة كميات الأموال التي يجد المحاسبون والاقتصاديون صعوبة في إحصائها.
ومن الطرق التي يتبعونها في ذلك التقليل من قيمة العلامة التجارية، وكذلك الحد من الإنفاق المخصص لأغراض البحث والتطوير في الشركة. كما أن هنالك أسلوب الإدارة بالأرقام، حيث يحدد الرئيس التنفيذي النتائج المرغوبة ليبدأ الجميع بالركض من أجل تحقيقها، بغض النظر عن العواقب .
ومن أشهر أساليب إظهار ضخامة الأرباح المحققة الأقرب إلى السحب من المخزون، التقليل من "حجم"، أو وقع عمليات الاستغناء عن عمال التشغيل، ومديري الإدارة الوسطى كيفما اتفق، بهدف تحقيق تقليص في النفقات. وحين تتراجع أسعار الأسهم، حتى لو كانت الشركة محافظة على أرباحها، فإن العظام ترمى للكلاب الجائعة في مجتمع الأسواق المالية.

فكيف يمكن أن تصبح أعداد كبيرة من الناس فائضة عن الحاجة بصورة مفاجئة، وهل كانت شركات أمريكا توظف موظفين زائدين عن الحاجة إلى هذا الحد، أم أن لديها مديرين لا يحسون بالمسؤولية لدرجة أنهم عاجزون عن إيجاد القيمة الحقيقية، أم أنهم يكتفون بإلقاء فشلهم على أكتاف العمال والمديرين الأقل درجة الذين يتم الاستغناء عنهم، أم أن الأمر يتعلق بكون الباقين أسوأ من الذين ذهبوا؟

وإذا أخذنا بعين الاعتبار الخسارة الناجمة عن فقدان أولئك الموظفين، فإن الإجابة تبدو واضحة. وهنالك بالطبع استثناءات من حيث وجود شركات تدار بطريقة سليمة وآخذة بنظر الاعتبار قضايا الأجل الطويل. ومن أمثلة تلك الشركات، شركة كوستكو التي تحترم العاملين فيها، وتدفع لهم أجوراً عادلة. ولكن مناقشات مختلفة أجريتها مع مختلف مستويات النشاطات العملية تشير إلى أن فلسفة القيمة الخاصة بحملة الأسهم تزيد من شدة قبضتها على الشركات الأمريكية التي يتم تداول أسهمها. وتفيد معلومات واردة من أوروبا بأن هذه المشكلة تنتشر بصورة واسعة. ولنتذكر الإجراءات الخرقاء التي اتخذتها شركة دايملركرايزلر التي أدت إلى تدمير العلامة التجارية المشهورة لمرسيدس. كما يمكن أن نتذكر في هذا الصدد ما لجأت إليه شركة البترول البريطانية حين دمرت كل ميزاتها المعروفة في مجال المحافظة على البيئة من خلال تقليص التكاليف الذي أدى إلى الكوارث في تكساس (حريق المصفاة عام 2005 الذي أدى إلى قتل 15 شخصاً، والتسرب النفطي الكبير في ألاسكا عام 2006.).
فما الذي يمكننا عمله؟. لنقتبس سطراً من رواية "شوجون": إن كل ما نحتاج إليه هو تغيير نظراتنا للعالم. وهنالك عدة خطوات عملية مفيدة في هذا الصدد:
أبعدوا المحللين عن ظهور الشركات: لا يمكن إدارة الشركات من مكتب محلل أوراق مالية. ويتم إنشاء الشركات الكبرى بصورة بطيئة، وبتفكير عميق من أناس كاملي الالتزام. ولنبدأ بالتخلص من أسلوب العوائد ربع السنوية. فمن هو ذلك العبقري الذي جاء بنظرية إمكانية التحول الكبير في ثروات الشركات بين فصل وآخر؟. وتعمل التقارير ربع السنوية على إبقاء اهتمام الإدارة مركزاً على النتائج القابلة للقياس بدلاً من توجيهه نحو المنتجات، والخدمات، والزبائن.

خذوا الحكم الرشيد للشركات بجدية
يجب على مجالس إدارة الشركات أن تفتح أبوابها أمام أصوات أولئك الذين يحرصون على السلامة طويلة المدى للشركة، وأبرز أولئك بالطبع هم الموظفون أنفسهم.

أخرجوا المرتزقة من أجنحة المسؤولين التنفيذيين
يجب أن يحرص المسؤولون في الشركات بصورة عميقة على سلامة أوضاع الشركة في الأجل الطويل. وإن كل من يطالب بصفقة شخصية مميزة له، تجعله على مسافة بعيدة من الآخرين، لا يستحق أن يدعي وصف القائد.
عاملوا الشركة كمجتمع من الأعضاء المنتمين، وليس كتجمع للوكلاء:
يمكننا أن نبدأ، على سبيل المثال، بأنظمة التعويضات التي تعمل على تشجيع الجهد المتعاون، فالشركات هي عبارة عن مؤسسات اجتماعية تعمل بأفضل صورة ممكنة حين يتعاون بنو البشر وليس الموارد البشرية. ولا بد أن تقوم العلاقات بين المتعاونين على الثقة والاحترام. وإذا ما تم تدمير ذلك، فإن الشركة ككل تصبح عرضة للدمار.
ولا بد للشركات الأمريكية من الخروج من الوضع المستحيل الذي تمر به في الوقت الراهن. ولا بد كذلك من تغيير النظرة إلى الإنتاجية بصورة كاملة من أجل المجتمع الأمريكي، ومن أجل الاقتصاد الأمريكي.
- - 11/10/1428هـ
إن العمل على جعل الآخرين منخرطين فيما أنت مسؤول عنه، هو إكسير الإدارة. ولكن ما يميّز أفضل المديرين، هو كيفية تحقيقهم عملية الانخراط تلك، حيث إن حاجة المشاركة سهلة للغاية، ولكن الامتثال للأوامر لا يعني الالتزام.
ولا يساند الموظفون في الحقيقة سوى الأشياء التي كان لهم يد في إيجادها، حسب ما يقول استشاري التغيير، ريتشارد إتش أكسيلرود، المؤلف المشارك في كتاب "ليس عليك القيام بالأمر وحدك": "كيفية إشراك الآخرين في إنجاز الأمور" (بريت كولير، 2004). ويمكن لتفعيل هذا الفهم أن يغيّر الطريقة التي تُدير بها بصورة جوهرية.
أين يرتكب المديرون الأخطاء حين يفكرون بالمشاركة والانخراط؟
يميل الجميع على الأغلب إلى إجابة هذا السؤال بسؤال: "ما نوع المشاركة التي احتاج إليها؟"، إما من منظور واقعي أو إنساني. فالواقعيون يركزون على الوجهات التي تتعلق بإنجاز الأمور: تطوير خطة، وميزانية للعمل، والتأكد من تحقيق الأهداف الزمنية النهائية. بينما يهتم الإنسانيون بصورة رئيسية بشأن الوجهات الإنسانية، على سبيل المثال، التأكد من أن الجميع يفهمون الخطة ويلتزمون بها، ومحاولة التوصل إلى أساليب معالجة في حالة أية مقاومة لها.
وبهدف إنجاز الأمور في أية مؤسسة، فإنك بحاجة إلى مراعاة كلا المنظورين.
كيف يمكن أن يساعد التفكير كواقعي، أو إنساني، في تحقيق انخراط الآخرين؟
إن مباشرة العمل في مشروع من كلا المنظورين تساعدك على زيادة تقدير الأنواع المختلفة للانخراط المطلوبة في أغلب الأحيان.
فعلى سبيل المثال، لا يفكر بعض المديرين الإنسانيين سوى في مفاهيم تتعلق بموافقة المشاركين على تقديم الدعم. وذلك ضروري لنشاطات العمل التي تدعو إلى التغيير، أو بحاجة إلى أن يبقى أفراد العمل منخرطين حتى فترة طويلة، ولكن ذلك ليس النوع الوحيد من الانخراط. وأحياناً تكون بحاجة إلى أن ينخرط الأفراد بصورة تساعدهم على تحسين مهاراتهم، بحيث يصبحون أكثر إنتاجاً وتحمّلاً للمسؤوليات الجديدة.
وهنالك المزيد من الأنواع الواقعية للانخراط: حين تكون بحاجة إلى أفراد قادرين على إمداد العمل بمهارات، وخبرة، ومعرفة تفتقدها، أو حين يتجاوز نطاق العمل وقتك وطاقتك.
ولا تساعدك طريقتنا على مراعاة أنواع الانخراط فحسب، ولكن كذلك في مستويات الانخراط التي تحتاج إليها.
من يجب أن يسعى المدير إلى إشراكه؟
تجاوز من نسميه نحن بـ "المشتبهين التقليديين": أفراد يهتمون أو مقصودون بالمبادرة، أو أفراد بمعرفة وخبرة مناسبة، أو أفراد يمسّ العمل سلطتهم.
فمن المهم العمل على ضم أفراد لديهم وجهات نظر متنوعة بوضوح، وتنتج عن ذلك في العادة حلول ابتكارية. وقد يبدو الأمر غريباً، ولكن هناك أسبابا جيدة وراء ضم المقاومين، والديكتاتوريين، وغيرهم من مفتعلي المشكلات إلى الطاقم. فمن الأفضل الحصول على مفتعل مشكلات لكي يستخدم طاقته داخل إطار المبادرة بدلاً من أن يعمل على تهييج القلق والارتياب من الخارج، علاوة على أنه حين يرى بأن اهتماماته تؤخذ على محمل الجد، فإن ذلك يمكن أن يحوّله إلى عضو فاعل في الفريق.

ما الذي يحافظ على بقاء الأفراد منخرطين؟
حين يغوص الأفراد عميقاً في تفاصيل مشروع تنافسي إلى درجة أنهم لا يتمكنون من تذكر السبب وراء تعاقدهم معه، يكونون بحاجة للتأكد من أن مساهماتهم مهمة. وهنالك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها بهذا الخصوص: حافظ على رؤية واجهة ووسط المشروع، وذكّر الأفراد بما سيكون مختلفاً كنتيجة لجهودك الجماعية، وزوّدهم بتقارير مرحلية منتظمة حول ما تم تحقيقه حتى الآن. واحرص على أن يكونوا على علم بأن حجم الجهود والطاقة التي يزودون بها المشروع موضع تقدير، حيث إن هذا هو ما يحافظ على رؤوسهم داخل اللعبة.

لماذا يُعد الختام مهماً جداً؟
عند اكتمال المشروع الذي بنيته كقاعدة أساسية للمستقبل، يُعد الاحتفال بما تم إنجازه هو ما يجعل الأفراد راغبين أكثر في المشاركة في غيره من المبادرات. ولكن هنالك عنصر نقل المعرفة أيضاً. فعند الاحتشاد للاحتفال في ختام المرحلة الأولى من المشروع الذي سيُقام في أجزاء مختلفة من المؤسسة التي أقدم استشاراتي لها، ندعو كذلك الأفراد الذين سيكونون منخرطين في المرحلة الثانية. فبالنسبة لهم، سيكون من القيّم جداً استماعهم لأفراد كانوا منخرطين في المرحلة الأولى، يتحدثون عما قاموا، وما لم يقوموا به.
Top