يقول فابرايس كافاريتا إنه خلال فترة عمله في «فيفيندي يونيفيرسال»، وهو مرشّح للحصول على شهادة الدكتوراه في مجال السلوك التنظيمي: «بدأ الأمر، انسجاماً مع الحدس، بأن الشركة إما ستقوم بأداء فائق، وإما سيئ للغاية. ولكن لم يكن واضحاً ما إذا كان أحد ما توقع الأسلوب الذي ستتخذه. وأصبحتُ معجباً بهيكلة الإدارة العليا للفريق في «فيفيندي» التي اتسمت بتجانسها البالغ، بحيث يمكن للمرء أن يشعر بأن الوضع إما سيتضح بأنه جيد إلى حدٍ بعيد، وأما أنه إخفاق تام - الطرف الأقصى أو الآخر». وبناءً على ذلك، وعلى غيرها من الخبرات، أنجز كافاريتا دراسة تتعلق بأداء الفرق داخل الشركات. وعلى أية حال، وكما أوضح «فإن المسار التقليدي لدراسة أداء الفرق طالما كان يسعى إلى البحث في كيفية تطوّره من وجهة نظر السؤال البارز، «هل تعمل الفرق المتنوعة على تطوير أو تراجع الأداء؟»، واتسمت نتائج دراسات ذات العلاقة بالسؤال التقليدي بغموضها. وتشير بعض الدراسات إلى أنه يمكن للتنوع أن يطوّر الناتج، لأنه يضع مهارات مختلفة على الطاولة نفسها. ومن ناحية أخرى، فإنه يمكن للتنوع أن يعمل على تراجع الأداء إذا لم يتكيّف أعضاء الفريق مع بعضهم بعضا. لذا حين يتم قياس النتائج بهدف الحصول على المتوسط، فإن هذين العاملين يتحدان ضمن محصلة مسطحة وغير واضحة». ويوضح كافاريتا أنه اتخذ أسلوباً مختلفاً. «إن الزاوية التي ارتكز إليها تهدف إلى الوصول إلى تصريح يتعلق بتسلسل الأداء، وبأن التنوع في الحقيقة يؤثر في التسلسل بين أعلى وأدنى ناتج. وكشف التفكير التقليدي ما إذا كان التنوع يحرّك ذلك التسلسل إلى الأعلى أو الأسفل: أنا أحاول أن أعرف ما إذا كان التنوع يعمل على زيادة أو تقليص اتساع ذلك التسلسل». وبالمفاهيم العملية، فإن ذلك مهم لأن التسلسل يحدد الناتج الاستثنائي، سواء كان المتدني أو المرتفع، الذي تكون له الأهمية أحياناً أكثر من الناتج نفسه. ويستشهد كافاريتا على ذلك بذكر مثال عن الشركات التي تسعى إلى تقديم عروض استثنائية للعامة، مثل جوجل، وهي بيئة يُعد الأداء الاستثنائي فيها الهدف الأسمى. وكبديل لذلك، ومن وجهة نظر تنظيمية، حيث يحاول المرء تجنّب الإخفاق التام للشركة، مثل ما حدث مع «إنرون»، فإن الناتج الأدنى هو الأهم بصورة استثنائية. وفي كلتا الحالتين، فإن الناتج المتوسط لا يتسم بأهمية كبيرة، وقد يكون التوقع بمدى تسلسل الناتج أكثر ملاءمة. ويشير كافاريتا إلى ثلاثة توقعات رئيسية. أولاً أن الفرق بالغة التنوع ستكون خطرة بوجهٍ خاص، بسبب ما يدعوه بـ «المخاطرة الاجتماعية». فإذا لم يتكيّف أعضاء الفريق مع بعضهم بعضا، فسوف يتضاربون، الأمر الذي سيؤدي إلى أداء متدنٍ». وكذلك فإن الفرق بالغة التجانس خطرة أيضاً كونها تواجه مخاطرة أخرى هي «المخاطرة المعلوماتية». ويمكن لأداء تلك الفرق أن يكون مرتفعاً بصورة فائقة، بحيث تحمل على عاتقها القيام بمهمة وفقاً لمعايير الكفاءة الخاصة بها، حيث سيخدمها تماسكها إلى حدٍ كبير. ولكن لسوء الحظ، فإن مثل تلك الفرق تواجه ظروفاً متغيرة أو معقدة، وحينها ستفتقر إلى المعلومات السليمة بصورة دراماتيكية، وتقوم بأداء سيئ واضح للغاية». وبهذا تُعد هاتان الحالتان المثاليتان، الفرق بالغة التجانس، والفرق بالغة التنوع، خطرتين بحد ذاتهما، ويمكن مقارنتهما بالفرق متوسطة التنوع. فتلك الفرق لن تكون جيدة بشكل استثنائي من حيث تماسكها، ولا من حيث المعلومات المتاحة لها. ولهذا تُعتبر الفرق متوسطة التنوع متدنية المخاطرة، ونادراًَ ما تكون صاحبة أداء فائق، ولكنها كذلك تتجنب الإخفاق التام. إن الرابط بين هيكلة الفريق، والأداء الفائق له أهمية بالنسبة للنشاطات العملية، وخاصةً في الصناعات مثل مجال الطيران، حيث تحتل هنا الموثوقية الأهمية الرئيسية، ولا يمكنها القبول بالأداء فائق التدني أو الارتفاع، الأمر الذي يمكن أن تنتج عنه الحوادث. ففي الخطوط الجوية، «فإن شغلك الشاغل هو ما إذا كنت ستهبط على اليابسة! وهنالك قول مشهور في صناعة الطيران، «لا يوجد طيارون جيدون، ولكن قدماء». لأن مثل تلك البيئة يدفعها تقليص المخاطرة، ومن الضروري إيجاد توازن في هيكلة الفريق، بحيث تعمل على تقليص المخاطرة، ذلك التوازن الذي ينبغي أن يكون بنسبة متوسطة من التنوع». والمثال الثاني الذي يستشهد به، هو متى يكون من المهم بالنسبة للفرق أن تحقق ناتجاً فائق الإيجابية. «إن رأس المال الغامر يستثمر في الكثير من الشركات، وفي المحافظ المالية لعشرات الشركات، ثلاث منها يفنى سريعاً، ومن اثنتين إلى ثلاث على الأرجح تحقق مخرجاً استثنائياً مثل العروض الأولية العامة. وفي عالم رأس المال الغامر، فإن الشركات الواقعة في المنتصف هي التي لا تحقق سوى معدلات متوسطة، وإن كانت أفضل بنسبة طفيفة من غيرها، تُدعى «زومبي»، الأمر الذي يعكس الحقيقة بأن التطورات الطفيفة فوق المعدل ليست ذات أهمية، مقارنةً باحتمالية أن تصبح تطورات ضخمة». وفي تلك البيئة، فإن العلم بأن هيكلة الفريق يمكن أن تؤثر في تسلسل الناتج، أمر مهم. ويمكن لدراسة كافاريتا أن توضّح السبب وراء ظهور هيكلة الفرق غير المعتادة، على سبيل المثال فائقة التنوع، في الشركات الناشئة أكثر من غيرها، لأنه على الأرجح أن تحقق مثل تلك الفرق أداءً استثنائياً يُسعى إليه في مواقف تأسيس المشاريع التجارية. ولدعم تلك الدراسة، درس كافاريتا الأداء الأكاديمي لنحو 200 طالب ماجستير. وبمراقبة الرؤساء التنفيذيين المستقبليين الخاضعين للتدريب، يقول كافاريتا إن مجال عمله يدعم توقعاته بأن هيكلة الفريق تؤثر في سلسلة الأداء من خلال ضبط المخاطرتين في الحياة التنظيمية: ما إذا كان أعضاء الفريق سيتكيفون مع بعضهم بعضا (المخاطرة الاجتماعية)؛ وما إذا كانت ستتوافر لهم المعلومات (المخاطرة المعلوماتية). ويشير توقعه، كما يقول، إلى أنه «لا يوجد حجم واحد يناسب جميع هيكلة الفرق، حيث إن ذلك يعتمد على البيئة. فحين تكون الضرورة هي تجنّب المخاطرة، فإن التنوع المعتدل هو الأقل إشكالية، ويساعد على الحفاظ على الناتج تحت السيطرة. وفي المواقف التي تُكافئ على المخاطر، فإن الفرق بالغة التجانس، أو بالغة التنوع، تحظى بفرصة أكبر في تحقيق ناتج استثنائي».
بقدر ما نعتقد أن التعاون يحقق حس نشاط عملي جيد، هنالك أوقات حيث من الممكن أن يسير فيها التعاون على نحوٍ خاطئ بصورة مروعة، كما يقول مورتن هانسن، أستاذ ريادة المشاريع الحرة. «إن التعاون يدور بصورة رئيسية حول العمل بذكاء أكثر. وإنه كذلك يدور حول زيادة الإنتاجية»، كما يقول. «إن ما رأيته كثيراً خلال أبحاثي، هو أن الشركات، والمديرين يدركون الأمور بصورة خاطئة. وهم يحاولون التعاون بصورة أكبر، ولكن الأكثر ليس هو الأفضل دوماً»، كما يضيف هانسن، مؤلف الكتاب الجديد، «التعاون: كيف يتجنب القادة المصائد، وتوليد الوحدة، وحصد نتائج كبيرة – Collaboration: How Leaders Avoid the Traps, Create Unity and Reap Big Results». ويستشهد بمثال سوني، التي حظيت بجميع ملامح التعاون الرابح على نطاق الشركة. «كانت لدى سوني جميع الأجزاء؛ كان لديها قسم الموسيقى، وقسم الإلكترونيات، وقسم البرمجيات، وقسم السلع الاستهلاكية، حتى إنها تمكنت من تزويد بطاريات لجهاز الآي بود الأصلي. لذا كانت لديها جميع العناصر الأساسية». «وعلى الرغم من ذلك، حاولت جمع جميع الأجزاء الموجودة لديها معاً، ولكنها لم تتمكن. ولم تكن هناك ثقافة التعاون في الشركة. وفي الحقيقة، كان الأمر على النقيض من ذلك، فقد سادت ثقافة المنافسة الداخلية». ورغم أن سوني خرجت بجهاز سوني كونكت، وهو هجين جهاز آي بود مع برامج آي تيونز، تبيّن أنه فشل، لأن الدوائر المنفردة لم تعمل معاً بانسجام. «وحصلت على معاينات فظيعة، فلو كان لديها تعاون فاعل، لكانت النتائج مختلفة تماماً. ويمكنك أن تتخيل سوني تبتكر منتجاً مقنعاً للغاية، بحيث يمكن أن يكون منافساً لجهاز الآي بود. ولكنها لم تكن قادرة على القيام بذلك. وإن هذا الفشل هو ما يدعوه هانسن «مصائد التعاون» في كتابه. ففي حالة سوني، كان سيفوتهم النجاح على أية حال، لأنهم كانوا يحاولون إطلاق مشاريع تعاونية طموحة ضمن بيئة تنظيمية معادية بصورة أساسية، وبالتالي تعارض الأمر مع روح المؤسسة التنافسية المتطرفة. وهنالك مصيدة أخرى تحدث في الطرف النهائي الآخر من السلسة المتصلة ، وهي فرط التعاون. فبينما يكون التعاون واعداً مبدئياً، لأن الناس يتشابكون، ويتعاونون كثيراً، فليس هنالك الكثير من الأمور التي يمكن أن تتجسد في شكل نتائج. ويقول هانسن إن فضائل التعاون تؤدي بالناس إلى الاعتقاد بأنهم لا يمكن أن يخطئوا بالقيام به. «لذا، تبدأ بالعمل على المشاريع التي هي في الواقع ليست لها سوى قيمة هامشية. وبمجرد أن تكملها، تدرك، أنه تم القيام بالأمر على نحو جيد، ولكن أنظر، النتائج لم تكن مذهلة، لذا، فإن هذه هي مصيدة المبالغة في الاحتمالات». لذا، كيف يمكن لشخص ما أن يحقق النوع الصحيح من التعاون الذي يمكن أن يضاعف النتائج؟ ووفقاً لهانسن، هنالك 3 خطوات: الأولى، أن تكون انتقائياً بشأن المشاريع المفردة لغرض التعاون، والثانية، تحديد العقبات التي تقف في طريق التعاون، والثالثة، تصميم التدخلات الإدارية لتلك العقبات بعد تشخيص ماهيتها في المقام الأول. ربما أن أهم شيء لا بد من تذكره هنا، هو ليس أن الغاية تبرر الوسيلة. ولكن حسب ما يصوغ هانسن الأمر ببساطة: «إن هدف التعاون ليس التعاون بحد ذاته، ولكن نتائجه الأفضل». وكونه قال ذلك، يقول هانسن الذي امتدت دراسته في هذا الموضع على 15 عاماً، إن التعاون يبقى مفتاح الناجح في النشاطات العملية، وبخاصة في وقت كهذا. «إن مفتاح القيام بمزيد من الأمور باستخدام القليل من الأشياء – هو التحدي المذهل»، كما قال لـ أيه بي سي نيوز – ABC News، في الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة. ويضيف قائلاً: «إن فيات وكرايزلر بحاجة إلى الاندماج الآن، وبمجرد عقد تلك الصفقة، فإن أولئك المهندسين في إيطاليا بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على العمل مع أولئك المهندسين في ديترويت، وهذا تحدي تعاون هائل يواجههم، وعلى نحوٍ مفعم بالأمل سيكونون قادرين على القيام بذلك، ولم تكن دايملر قادرة على القيام به، ولذلك لن يكون تحدياً».
هال جرجرسن يوجه القادة المبدعون أسئلة إبداعية، بل إنهم يكثرون منها. وكشف البحث الذي أجريته مع كلايتون كريستنسن، في جامعة هارفرد، وجيف داير، في جامعة وارتون، حول رواد تأسيس 25 من أعلى الشركات ابتكاراً في العالم، بما في ذلك أبل، وإي باي، وأمازون، وسكايب، عن أنهم يعتمدون على الأسئلة الحفازة لتوفير وسائل ثورية جديدة في إنجاز النشاطات العملية. وتعكس هذه الأسئلة تعصبها الشديد ضد الإبقاء على الوضع كما هو، كما أنها تحفز العمل من جانب الأشخاص. إن الرؤساء العظماء يفعلون الشيء ذاته. وما عليك سوى أن تنظر إلى إبراهام لنكولن، حيث كان أكثر الرؤساء الأمريكيين توجيهاً للأسئلة على مدى تاريخ خطابات تنصيب الرؤساء، إذ إن كل خمس عبارات تقريباً في خطابه التنصيبي عام 1861، تضمنت سؤالاً. ولم تكن مجرد أسئلة عادية، بل إنها كانت أسئلة جريئة حول الأوقات الصعبة حين أحس بحالة من التخوف بين طبقات الشعب. وفي ظل كون الدستور، في تلك الفترة، معرضاً للتهديد، كما أن البلاد قريبة من الدخول في حرب أهلية، فإن الرئيس طالب الناس بالتأمل أولاً، حيث تساءل :» قبل أن ندخل في قضية في منتهى الخطورة كتلك المتعلقة بتدمير نسيجنا الوطني، بكل مزاياه، وذكرياته، وآماله، أليس من الحكمة أن نعرف بالتحديد لماذا نفعل ذلك؟ . فهل تتحركون بخوف وهلع، وبخطوات يائسة ، بينما هنالك فرصة بأن الأمور السلبية التي تشتكون منها يمكن ألا يكون لها وجود في الأصل ؟. وهل ستغامرون بارتكاب مثل هذا الخطأ الجسيم بأن تعتقدوا أن الأمور السلبية التي تفرون منها أضخم في خيالكم من الواقع؟». ثم دعا إلى مزيد من الأمل، وتساءل «لماذا لا تتوافر لدينا ثقة صبورة في العدالة المطلقة للناس؟. وهل هنالك أمل في عالم أفضل وأعدل من ذلك؟ وهل تنقص أي من الحزبين ضمن خلافاتنا الحالية الثقة بأنه على حق؟». وأنهى خطابه بقوله «إننا لسنا أعداء، بل أصدقاء، وعلينا ألا نكون أعداء. وعلى الرغم من أن العواطف استنزفت صداقتنا إلا أنه يجب عدم السماح لها بتحطيم نسيج اتصالنا، وبالتالي فإن علينا أن نجعلها «ذات لمسة من جانب الملائكة الأفضل في طبيعتنا». بينما أمعن النظر في ما تركه لنا لنكولن من أسئلة قوية، فإنني أجد نفسي ناظراً إلى الوقت الراهن، ومتسائلاً «ما أقوى الأسئلة لديك، أيها الرئيس أوباما، وما الأسئلة العظمى التي ستوجهها إلينا لمساعدة هذه الأمة، وربما العالم، للاستعداد للسنوات الأربعة المقبلة، أو ربما للسنوات الأربعين المقبلة؟». من الواضح أن يطلب الناس إجابات عن عدد كبير من الأسئلة، كما أنهم يستحقون ذلك بالفعل. غير أنه يمكنهم أن يحصلوا على نتائج أفضل من خلال أسئلة عميقة تتطلب منهم التفكير، وتثير الأمل، بل أن تكون تلك الأسئلة «ذات لمسة من جانب الملائكة الأفضل في طبيعتنا». والواقع أن تغيير نمط أسئلتنا يمكن أن يغير شكل حياتنا تماماً، كما أن من المحتمل أن يغير مسار بلد ما في هذا العالم. ومع تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، فمن هو الذي فكر في السفر كما سافر لنكولن، أو أنه يأكل كما كان يأكل لنكولن، أو أنه يضع يده على الإنجيل كما فعل لنكولن؟. وإنني آمل أن يوجه الرئيس أوباما الأسئلة الملائمة لشعبه، وللعالم، على أن تكون بعظمة أسئلة لنكولن. وإنها أسئلة تجلعنا نتحرك ليس فقط نحو تغيير ما نقوم به، بل تغيير أنفسنا. وإننا لسنا بحاجة إلى أسئلة مثل «ما الذي تستطيع بلادنا أن تقدمه لنا؟، بل « ما الذي نستطيع نحن أن نقدمه لبلادنا؟». وربما نتوقف عند ذلك عن توجيه أسئلة مثل «كيف يمكننا أن نحصل على شيء دون أن نقدم شيئاً في المقابل ؟، حيث إن مثل هذه الأسئلة عملت على تغذية أزمتنا المالية الحالية. ولذلك دعونا نأمل «بلمسة من جانب الملائكة الأفضل في طبيعتنا» كما قال لنكولن، وكما كان أمله قبل 147 عاماً. والحقيقة هي أنه إذا كنا نعيش زمن التغيير، فإنه كذلك زمن تغيير أسئلتنا.
الجمعة, 16 تشرين1/أكتوير 2009 14:37

كيف تقود وأنت لست المدير

إعداد: محررو هارفارد مانجمنت أبديت إن القيادة الحقيقية ليست مسألة مجرد مرتبة إطلاقاً. ويصبح القادة فاعلين حين يعترف بهم الناس كذلك، بالاستماع بجدية إلى أفكارهم، وتقييم ومتابعة دعواتهم لاتخاذ الإجراءات، واللجوء إليهم طلباً للمشورة. إن فرص القيادة غير محدودة بالزمن الذي تتمتع فيه بسلطة رسمية على فريق أو مشروع محدد. وحين تتقدم، وتُظهر قدرة على القيادة، فإنك ستسهم في قيمة المشروع أو الشركة، وتعزز مهاراتك القيادية. ففي كتابهما «تحقيق المهمة: كيف تقود وأنت غير مسؤول – Getting it Done: How to Lead When you’re Not in Charge» (طبعة ثانية، دار بروفايل بوكس، 2004)، ويضع إخصائيو المفاوضات في هارفارد، روجر فيشر، ومستشار الإدارة، ألان شارب، نهجاً يتألف من خمسة خطوات للقيادة حين لا تكون مسؤولاً رسمياً. ويمكن تطبيق الخطوات عملياً على أي مشروع، أو فريق، أو اجتماع تشارك فيه: حدد الأهداف: إن الناس ينجزون الأفضل عندما تكون لديهم مجموعة واضحة من الأهداف. ولابد أن المهمة الأولى للنشاط العملي لأية مجموعة هي أن يتم تحديد ما تأمل أن تحققه بالضبط. وإن الشخص الذي يسأل السؤال «هل يمكننا أن نبدأ بتحديد أهدافنا هنا؟»، المحتمل أن يقود المناقشة، وكتابة تلك الأهداف، وهو بالتالي يلعب دوراً قيادياً بصورة تلقائية، مهما كان منصبه أو منصبها. فكّر بصورة تنظيمية: راقب اجتماعك اللاحق: يدخل الناس في العادة في الموضوع المتاح مباشرة، ويبدأون في النقاش حول العمل. وإن القادة الفاعلين، بالمقارنة، يتعلمون التفكير بصورة منتظمة، بحيث يجمعون ويحددون البيانات الضرورية، ويحللون مسببات الوضع، ويقترحون إجراءات ترتكز على التحليل. وضمن المجموعة، يساعد القادة على الحفاظ على تركيز المشاركين عن طريق طرح الأسئلة المناسبة. هل لدينا المعلومات التي نحن بحاجة لها لتحليل الوضع؟ هل يمكننا أن نركز على التوصل إلى أسباب المشكلة التي نحاول حلها؟ تعلم من التجربة – أثناء حدوثها تندفع الفرق في الغالب إلى المشروع، ومن ثم يعد أفرادها دراسة ما بعد المشروع ليتوصلوا إلى ما تعلموه منه. ولكن من الفعال أكثر للفرق أو الأفراد، أن يتعلموا بينما يعملون على المشروع. وأي شخص يحث مجموعة على الانخراط في استعراضات صغيرة منتظمة، والتعلم منها، يلعب في الحقيقة دوراً قيادياً. ولماذا تعتبر هذه العملية المستمرة أكثر فاعلية من المراجعة بعد الإنجاز؟ تكون الأحداث جديدة في أذهان الجميع. ويمكن للفريق أن يستفيد مما يتعلمه من كل استعراض صغير للتوصل إلى أحكام تهم نشاطات العمل، أو أهدافه. ضم الآخرين إن الفريق ذا الأداء العالي يضم جهود كل الأعضاء، ويسعى قادة الفرق الفاعلون إلى التنسيق بين مهارات الأعضاء والمهام التي ينبغي إتمامها، على أفضل وجه. اقترح كتابة قائمة من المهام وطابقها مع الأفراد، أو المجموعات الفرعية. إذا لم يؤد أحد أية مهمة محددة، ارتجل أساليب لجعل المهمة أكثر إثارة أو تحدياً. وساعد في جذب أعضاء المجموعة الأكثر هدوءً، بحيث يشعر الجميع بأنهم جزء من المشروع ككل. قدّم تغذية راجعة إذا لم تكن المدير، فما نوع التغذية الراجعة التي يمكنك أن تقدمها؟ إن هنالك أمراً واحداً موضع احترام دائم، وهو التقدير. «أعتقد أنك قمت بعمل رائع هناك». أحياناً، ستكون أنت أيضاً في موقف يمكّنك من مساعدة الآخرين على تحسين أدائهم عن طريق التدريب. وإن المدربين الكفؤين يطرحون الكثير من الأسئلة: «كيف تشعر حيال قيامك بهذا الجزء من المشروع؟»، وبالتالي يدركون أن الناس يمكن أن يحاولوا أكثر، ويمكن أن يفشلوا على كل الأحوال: «ما الذي صعّب الأمر عليك لتنجز نصيبك من المهمة؟». فهم يقدمون اقتراحات عميقة التفكير للتحسين، كما أنهم مهتمون بتوضيح الملاحظات، والتفسير الذي يكمن وراء تلك الملاحظات.
تبالغ الشركات في الرد على الانكماش الاقتصادي، ولكن لو كانت مستعدة بشكل أفضل في الأصل، لما وجدت نفسها في مثل هذه الضرورة للتعديل، وذلك، وفقاً لما جاء عن لود فان دير هايدن، الأستاذ المتخصص في التكنولوجيا وإدارة العمليات. «أعتقد أن ردود الفعل غير المحسوبة هي في الغالب نتيحة الحقيقة أنك بطريقةٍ ما أو بأخرى لا تتابع الأمور، وأنك لم تكن تتنبأ بأي شيء. فلو كنت تنبأت بالأمور قبل حدوثها، لما كنت بحاجة إلى الرد على ذلك النحو». وبالإشارة إلى بحث في مجال العلوم الاجتماعية، كما يضيف فان دير هايدن، فإن تسلسل الخطوات الصغيرة أسهل من تولّي خطوة واحدة كبيرة. وهنالك مثال جيد في الحكم على ذلك، كما يقول، هو مشروع الاتحاد الأوروبي، الذي يتألف من العديد من الخطوات الصغيرة المؤدية إلى خطوة كبيرة في النهاية. ويضيف أن ما يدعى بأزمات تصبح ثانوية نسبياً مع مرور الوقت، ومع التدبر الناجح لكل حدث «أزمة»، تتنامى الثقة بأن أي أزمة سيكون بالإمكان تدبرها. إن نقص البصيرة التي أدت إلى الأزمة الحالية، كما يقول فان دير هايدن، يعود إلى الإدارة الرديئة أولاً، التي تُركت دون تفقد من قبل حوكمة الشركات الرديئة، وفي النهاية تضخمت بفعل الحوكمة التشريعية. «علم بعض الناس ما الذي كان يحدث، ولكن كانت غريزة القطيع قوية للغاية، وكان المال مغرياً إلى حدٍ كبير، حيث تسبب في فقدان الناس حسهم السليم». ويضيف: «أعتقد أننا جوهرياً وقعنا فيما ادعوه بحفرة فشل إدارة الحوكمة. فإذا نظرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فقد حظيت للتو بأكبر إصلاح لحوكمة الشركات الذي كان الهدف منه إنهاء الأزمة مثل الأزمة التي نعيشها في يومنا الحالي. وقد جاء قانون ساربانيس أوكسلي – Sarbanes Oxley، الخاص بهيئة الأوراق المالية والبورصات كرد فعل على انهيار شركة إنرون. ونحن نعلم أن فرصة كبيرة لوضع الحوكمة في مكان أكثر أهمية قد ضاعت، وأن الحوكمة هي طريقة لتحفيز المديرين، وكذلك لتنظيمهم». «وأعتقد أن نموذج الحوكمة الأمريكية أفشلنا»، فقد كان مالياً للغاية، وإيديولوجياً للغاية، مع النتيجة المفاجئة بأن المساهمين فعلياً هم من حفّز المديرين ليكونوا ذوي بصيرة قصيرة الأمد، بينما يمكن أن يكونوا دونهم خلاف ذلك. وقد كان ذلك بمثابة عامل أساسي في الأزمة». بينما العديد من الشركات يتأذى، فإن فان دير هايدن يعتقد أن النشاطات العملية العائلية، خصوصاً، كانت محمية بصورة نسبية من الأزمة المالية (ولكن هذا لا يعني أن كافة الشركات العائلية تمكنت من مواجهة الأزمة). ويقول إنها لم تبالغ في الرد، وبالفعل، تمكن العديد منها من تدبر الحفاظ على مسارها، بينما تمتص الخسائر. «إن النشاطات العملية العائلية عموماً تتسم بقدرتها الأكبر على التنبؤ بأكثر من الشركات المدرجة عموماً. فهي تتسم بأفق طويل الأمد، وترد بطريقة أقل اندفاعية، وهي أكثر تركيزاً.... وقد تبيّن أن النشاطات العملية العائلية تهدر قدراً أقل من الأموال على عمليات الشراء غير المتعلقة بها لأن العائلات تعتبر حذرة، ولا تستثمر في النشاطات العملية التي لا تفهمها». اختفى العديد من قيم النشاطات بسبب إغراء المال، والثروة، كما يقول فان دير هايدن، ولكنه يعتقد أن هنالك طريقة لاستعادة التوازن: وهي تبدأ بإدراك أهمية نزاهة النشاط العملي. «إن ضرورة أن يكون النشاط العملي نزيهاً، وأن يُدار بإنصاف هي الفكرة المركزية لذلك الاقتراح. والسبب هو لأن النزاهة شرط ضروري للأداء المستدام». «هنالك العديد من الانتهاكات في هذه الأزمة المالية بسبب نقص النزاهة، من حيث الأهداف، والغايات، وكذلك في العمليات. وقد شاهدنا النتائج، وأعتقد أن الأزمة، من هذا المنطق، ستكون ثورة، وستستعيد فكرة مسؤولية الإدارة تجاه المجتمع، حيث لا يمكنك أن تثري نفسك على حساب المجتمع. لذا، عليك أن تولد قيمة، ولابد من معاقبة الإدارة المبذرة. وبالتأكيد فإن المسؤولية الاجتماعية سوف تنجو من الأزمة...». رغم ذلك، هنالك دروس أخرى يمكن الاستفادة منها من الأزمة، وأحد هذه الدروس هو تطبيق هيكلة شركات استثمارية. «إن جنرال إلكتريك ستخرج من هذه الأزمة بحالٍ أفضل بكثير من غيرها، لأنها لا تضع كافة بيضها في السلة نفسها. وكذلك هي الفكرة عن المحفظة، وهي الهيكلة الاستثمارية الأشهر التي يقال إنها غير فعالة، من وجهة نظري، هي طريقة لتخفيف خطورة اندفاع النشاط العملي». وهنالك درس مستفاد آخر، وهو أهمية حوكمة الشركات. «أعتقد أن الشفافية سوف تزداد ... وعلينا ألا ننسى أن قطاع المصرفية بأكمله بُني بصورة غير متصلة بالميزانية العمومية. وذلك، كما أعتقد، لن يكون هو الوضع لفترة طويلة. ولكن ما السبب الرئيسي لذلك؟ لأن الفكرة بأكملها كانت للحفاظ عليها سريةً من التدقيق، ومنفصلة عن المشرعين». ورغم ذلك، يعتقد فان دير هايدن أنه لا بد من أن نخرج من الأزمة بحالٍ أفضل مما كنا عليه من قبل. «ربما أتميز بأنني شخص متفائل وإيجابي، ولكنني أرى أجزاءً جيدةً في هذه الأزمة. وكان هنالك الكثير من الهراء في النشاط العملي، وربما كان هنالك (وربما عليّ أن أتخلص من ربما) الكثير من الهراء في نظامنا التعليمي، وكذلك في الدفاع عن المديرين الذين يريدون أن يعيشوا من أجل المساهمين. إذن، فنحن نموت على كل حال فعلياً الآن...» «نحن كمعلمين، علينا أن ننظر إلى الداخل، ونقول ما تحليلنا، وما تشخيصنا، وما الذي كان بالمقدور القيام به على نحوٍ مختلف؟ وما الذي نحتاج إليه في المستقبل للتقليل من احتمالية هذا الحدث؟ وهل نتعلم الدروس الصحيحة؟ لأن الأمر عبارة عن فوضى دموية يمكننا أن نعيشها دون التسبب فيها، بصورة أساسية، لأن الناس الذين يعانون إلى أكبر حد ليسوا بمسؤولين عن تلك المعاناة».
مرت أكثر من 400 عام منذ أن أصبحت إحدى الشركات الهولندية أول شركة تبيع أسهمها وتصبح مدرجة للتداول العام. وبحلول عام 2007، زاد عدد الذين يملكون أسهماً في الشركات العاملة في العالم، التي تزيد قيمتها مجتمعة على 75 تريليون دولار على أكثر من مليار شخص. ويقول كيفن كيسر، الأستاذ المتخصص في التمويل المشارك إن هذا يمثل تغيراً دراماتيكياً عما كان عليه الوضع في الأيام التي كان فيها الحكام يملكون كل شيء. أما الآن فإننا نملك الشركات باعتبارنا حملة أسهمها، ويقول كيسر إن هناك عدداً من التبعات المترتبة على ذلك، وهو يقول» إن النزاهة هي أحد المواضيع الرئيسة على هذا الصعيد». فباعتبارنا مستهلكين، فإننا نطلب أن تعمل هذه الشركات من أجلنا وتزودنا دائماً بمنتجات وخدمات أفضل بأسعار أقل. إننا نريد منتجات وخدمات آمن وأكثر موثوقية ومتعددة المزايا، ولدينا الأدوات التي تمكننا من الحصول على أفضل الصفقات المتاحة. وكمساهمين وموظفين ومواطنين، فإننا نريد من مديري الشركات أن يعاملوا مجتمعاتنا وكوكبنا بالاحترام والتقدير. وكموظفين، فإننا نريد أن نعامل باحترام وأن يدفع لنا بشكل عادل مقابل إسهامنا، ونريد أن نرى أن الترقيات والتعويضات تتم بإنصاف على أساس الجدارة والاستحقاق. ويقول كيسر:» إن من المناسب جداً أن يشعر الناس بشكل جيد بشأن ما يفعلونه لكي يكون لديهم حافز للقيام بأعمالهم وواجباتهم». ويضيف كيسر قائلاً:» إن كل ذلك يعتبر ثورة في ملكية موارد العالم. إننا نتحرك نحو عالم نشارك فيه كلنا في ملكية الشركات والمؤسسات: إنه تقريباً شكل من أشكال الشيوعية يدعى الرأسمالية. ويضيف « إنها عملية بدأت للتو – أي دمقرطة رأس المال». بيد أن النجاح يجلب تحديات أخرى. ويعتبر الاحترار الكوني وفرصة إساءة الاستخدام تحديين كبيرين. ويوضح كيسر في هذا الصدد:» إن الجمال بدوره هو الخطر المحتمل. فكما أدخلنا التقنية الخاصة بالاتصالات، وبالنقل، وبالتعليم والطب، فقد أوجدنا تقنيات كانت عسيرة على فهم أغنياء العالم قبل 100 عام أو حتى قبل 15 سنة، ولكن هذا في الوقت نفسه يجلب معه فرص إساءة الاستخدام إلى جانب حسن الاستخدام». وبالنسبة للمديرين، فإن هذا يعني إيجاد القيمة في كل قرار يتخذونه. ويضع كيسر خمسة متطلبات مهمة ينبغي توافرها في كل مدير: وعلى المديرين أن يفكروا باستمرار كيف ستعود قراراتهم بالنفع على المستهلكين. على المديريين أن يعرفوا كيف ستمكن قراراتهم الشركة من إيجاد وتحقيق وانتزاع مزيد من القيمة. المديرون في حاجة إلى النزاهة، وعليهم أن يضمنوا أن شركتهم نزيهة بدورها، وإلا فلن ينجحوا. إن عليهم أن يحافظوا على نزاهتهم لكي يكونوا عادلين مع الموظفين ويكسبوا ثقة العملاء. وعلى المديرين أن يواصلوا التركيز على هدف إيجاد القيمة. إن الأهداف والمؤشرات الأخرى للإدارة لا تبني الشركات، وبدلاً من ذلك فإن المسؤولين التنفيذيين يمضون وقتهم في إدارة المؤشر بدلاً من إيجاد القيمة. على المدراء أن يتذكروا أن إيجاد القيمة يتعلق بالتوقعات. وعليهم أن يقبلوا بأن بعض الأفكار الجيدة ستفشل وأن بعض الأفكار السيئة ستنجح بشكل كبير. وفي العالم القديم للأعمال، كانت الأمور الأكثر أهمية تتمثل في معرفة الأشخاص المناسبين، والذهاب إلى المدارس المناسبة، واستخدام النفوذ بالشكل المناسب. أما الآن، يقول كيسر، فإن الطريقة الوحيدة لضمان بقائك كشركة وللمحافظة على عملك كموظف هي إيجاد القيمة. ويذكر كيسر:» هناك حاجة إلى النزاهة لكي يكون الناس إيجابيين بشأن الشركة التي يعملون لديها. إن الأمر لا يتعلق بمن يعرف من، وبمن يحصل على الترقية. ولا يتعلق الأمر بمقولة إن من يكذب ويخادع بشكل أفضل من غيره هو الذي يحصل على الترقية. كما لا يتعلق بمقولة إن من يكون سياسياً أكثر من غيره هو الذي يحصل على الترقية. وستشعر قلة منا بأن هذه الأنظمة هي أنظمة عادلة. سنشعر بالعدل إذا حصل الأشخاص الذين يوجدون القيمة على الترقية. وإننا جميعاً نولد وفي داخلنا مقياس للعدالة». وهذا يعني أن تصبح الشركات الناجحة شركات تعلم مصممة لفهم القيمة لإيجادها، وأن تعمل في نطاق نظام من النزاهة، كما يقول كيسر. ويضيف أن واجب الإدارة أن تدرس اهتمامات المستهلك وتوجهاته، والحافز الذي يدفع الموظفين إلى العمل، والمشهد التنافسي، والابتكارات التكنولوجية إلى جانب تطورات الصناعة التي تعمل في مجالها لكي تفهم أثر القرارات التي تتخذها. إن هذا قدر كبير من العبء على أي مدير. وأحد المفاتيح يتمثل في النظر إلى مقياس قيمة حملة الأسهم، كما يقول . فحملة الأسهم ليسوا ذوي المصالح الأهم، ولكن هذا هو المقياس الذي يكشف ما إذا كان المدير يوجد القيمة فعلاً. إن النظر إلى قيمة حملة الأسهم يتطلب قيام المدراء بخفض التكاليف وتقليص حالات عدم الكفاءة والهدر وذلك لتمكين الشركة من تقديم أجود المنتجات والخدمات بتكلفة أقل. ويقول كيسر إن ذلك يبين للمدراء فيما إذا كانوا يحققون القيمة. ولكن تعظيم قيمة حملة الأسهم ليس بالأمر السهل. إذ يقول كيسر:» حتى بالنسبة لقيمة حملة الأسهم، هناك مقاييس مختلفة. حاول أن تفكر في طريقة لإدارة قيمة حملة الأسهم التي هي مقياس مختلف تماماً عن سعر السهم». إن سعر السهم هو مؤشر واحد ولكنه غير دقيق دائماً. ويقدم كيسر مثال شركة إنرون التي حلق سعر سهمها عالياً بينما كان كبار المدراء يدمرون القيمة في الشركة بهدوء. ولذلك، فإنه يقترح مؤشراً أفضل لأن اتخاذ القرار الداخلي هو القيمة الحالية للتدفق النقدي المتوقع في المستقبل. ويبين كيسر أن على المديرين أن يعرفوا الأشياء التي يعتبر توقعها معقولاً حتى يتسنى لهم تبني الأفكار التي توجد القيمة ورفض الأفكار التي تدمرها.
ارين تشو لماذا نحن مندهشون باستمرار بسبب ظهور الأزمات مثل الانهيار المالي الحالي، وما الدروس التي يمكننا تطبيقها عند معالجة هذه القضايا؟ وفقاً لمايك بيش، الأستاذ المتخصص في إدارة العمليات والمشاريع الاستثمارية فإن الأمر برمته يتخلص في المخاطر والشكوك – أو على الأقل في غياب الفهم للمبادئ الأساسية للمخاطر. ويقول بيش، وهو أحد مؤلفي كتاب «إدارة المجهول: منهج جديد لإدارة الشكوك والمخاطر العالية في المشاريع»: «إن الفكرة بأن الأسواق يمكنها أن تقيم المخاطر هي فكرة صعبة لأن المخاطر تعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين. وتتضمن المخاطر التنبؤ بشكل أساسي، أي التنبؤ بالحالات المستقبلية المحتملة للعالم. وأعتقد شخصياً أن من الواضح للغاية أنك إذا بحثت في الكتب حول تحليل القرارات والتوقع، فإنك ستجد أن التنبؤ أمر من الصعب تنفيذه». وإذا كانت المخاطر متأصلة فعلياً، فإن تنويع أو توزيع تلك المخاطر ربما لا يكون بالضرورة هو الحل. ويوضح بيش قائلاً: «عندما بدأوا بتشريح هذه المخاطر، سواء كانت مخاطر القروض العقارية في الولايات المتحدة، أو أي نوع من المخاطر وأي نوع من إنتاج هذه المخاطر، فإن محاولتهم بطبيعة الحال، أو أملهم، ينطوي على أنه بواسطة توزيع هذه المخاطر في شتى أرجاء العالم، وهم يفسحون المجال أمام الأشخاص لتنويع المخاطر، وبالتالي فإن التنويع سيكون دائماً أمراً جيداً، لأنني إذا قمت بالتنويع، فإنه لن يكون هناك حدث كارثي وحيد يمكنه أن يتعامل مع هذا الأمر». على أية حال، تم ابتكار، بغير قصد، المخاطر ذات الاعتماد المتبادل، بدلاً من ذلك، والتي قامت فعلياً بالهجوم على التنويع الأساسي، وأصبحت عرضة للإخفاقات المشتركة. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى نشوء «عواصف مثالية». العودة إلى الأساسيات من أجل فهم التعريف الصحيح للمخاطر، على المرء أن يعود إلى الأساسيات. ووفقاً لبيش، فإن الأمر برمته يبدأ بإجراء واحد، حيث يقول: «إنك تتخذ إجراءً من نوع ما لأنك اتخذت قراراً. وأنت تتخذ هذا الإجراء ضمن عالم قائم، وبناءً عليه، فإن العالم كما هو.... وبعدئذ تحصل على حالة ما مستقبلية للعالم، وذلك هو السبب الذي اتخذت بناءً عليه الإجراء – لابتكار حالة ما مستقبلية للعالم». ويضيف: «إن حقيقة أن المستقبل مجهول، في الوقت الراهن، تعني أن علينا أن نتعامل مع المخاطر، وعلينا أن نتعامل مع المخاطر في الوقت الذي نتخذ فيه القرارات، ونمضي قدماً». لا تقم بأي افتراضات إن المنهج الكلاسيكي لإدارة المخاطر، حسبما يقول، يشتمل على ثلاث خطوات: الوقاية، والتخفيف، والتخطيط الطارئ. والناس في العادة مرتاحون لهذا النوع من المنهج النظامي، لأن الكائنات البشرية لا تحب الشكوك. ولكن تكمن هنا مشكلة: فعندما تنفذ تقييم المخاطر، عليك أن تقوم ببعض الافتراضات، إما ضمنياً أو بصراحة. يتعلق الافتراض الأول باحتمال حدوث «أحداث» معينة. ويقول: «إن أحد الأشياء التي علينا إدراكها هي أننا عندما، على سبيل المثال، نحدد ’الأحداث‘، فإننا فعلياً لا نحدد الأحداث، بل إننا نبتكر أحداثاً تعتبر تمثيلاً لحالات مستقبلية محتملة في العالم، وعلينا عندئذ أن نستجيب لها». إن هذه الحالات المستقبلية لا تتفق في الغالب مع الوضع الحالي الذي يمكن أن يفرض تحدياً أيضاً، حيث إننا لسنا جيدين في التنبؤ بالمستقبل. وسبب ذلك، حسبما يوضح بيش، هو أننا أيضاً لسنا جيدين في ابتكار أحداث تمثل الواقع. وهذا الفصل بين النماذج المدركة من العالم، واحتياجاتنا، هو الافتراض الثاني، فنحن نفترض أننا نستطيع التنبؤ بدقة التأثير المحتمل لهذه الأحداث على نتائجنا، وتأثير إجراءاتنا الطارئة على هذه الأحداث. الافتراض الثالث هو احتمال أن تحدث هذه الأحداث. ولكن بيش يوضح أن كل هذه مجرد احتمالات موضوعية، الأمر الذي يعني أنه لا يوجد احتمال فعلي، بل هو مجرد مقياس لفهمنا للعالم، وكيفية احتمال حدوث هذه الأحداث. تعلم من الأخطاء بناءً على ذلك، ماذا نفعل في عالم محفوف بالشكوك، وبالتالي بالمخاطر؟ ينصح بيش باللجوء إلى منهجين. الأول هو تعلم السلوك التكيفي، والثاني هو الانتقائية. يشير التعلم إلى تحسن عن الطريقة القديمة في تنفيذ الأمور. ويعني هذا التحديث الدوري لأية نماذج لدينا تتعامل مع الأحداث التي ابتكرناها، نماذج نستخدمها لابتكار سبب أو تأثير، واحتمالاتنا الموضوعية. والناس على أية حال، حسبما يقول، يفضلون تطبيق الموارد لتنفيذ الإجراءات – نمط التسليم – ومن ثم القيام فعلياً بتحسين النماذج التي تعتمد عليها الإجراءات. بعدئذ، هناك مسألة التغذية الراجعة. ويقول: «إن هذه التغذية الراجعة تقول لنا شيئاً ما. وإنها تقول لنا إنه إذا لم يكن حدثاً لم نتوقعه، فمن الأفضل أن نفهم لماذا لم نتوقعه، ولماذا لم يكن في قاعدة أحداثنا، وماذا يمكننا أن نفعل لتحسين نماذجنا». يمكن أن تكون الانتقائية أداة في غاية الأهمية لضبط النماذج القديمة. ويوضح بيش قائلاً: «إنها تخلق تكرارات أو بدائل متعددة يمكنها أن تتنافس مع بعضها البعض. والبدائل التي لا تنجح تفنى وتزول، وتلك التي تنجح تمضي وتواصل. ونحن نبدأ في أن نرى أن هذا يمكن أن يخلق على نحو سريع للغاية بدائل لم نتوقعها في بداية المشروع». إن الأمر الرئيسي هو ألا يتم تضليلك بشعور زائف من الأمان، وتعتقد أنك خططت لكل شيء. ويقول بيش: «لأن المشكلة هي أن الخطة الطارئة تصبح هي الخطة، وتصبح العالم الذي تعمل داخله، وتتجاهل كل شيء في الخارج كما لو أنه نيران من نوع ما تريد أن تطفئها». * إدارة المجهول: منهج جديد لإدارة الشكوك والمخاطر العالية في المشاريع‘، تأليف كريستوف لوش، وأرنولد ديمير، ومايكل بيش، من منشورات جون ويلي أند صنز.
جينا تراباني على مدار الأعوام الخمسة الماضية، كانت حياتي العملية محط حسد أصدقائي. فبينما يرتدون بزاتهم الخاصة بنشاط معين، ويحملون حقائبهم الجلدية، ويستخدمون وسيلة نقل معينة، فأنا أنهض لأعمل من المنزل. ولكن العمل مع الناس في مدن مختلفة، ومناطق بفارق زمني مختلف بأقل حد من الالتقاء وجهاً لوجه، يشكل مجموعة جديدة التحديات, والتواصل المستمر، والواضح هو مفتاح علاقة العمل الجيدة. وهنا بعض أفضل ممارسات العمل عن بعد على شبكة الإنترنت: اصقل مهاراتك في استخدام البريد الإلكتروني عليك أن تكون جيداً في متابعة صندوق بريدك الإلكتروني، وبخاصة إذا كنت في منطقة ذات فارق زمني مختلف. إذا كنت من العاملين عن بعد، فأعط الرسائل الواردة من مديرك أولوية قصوى، وحولها سريعاً. وكن واضحاً، ومختصراًَ في ردودك، وقم بتغطية كافة العناصر الأساسية من أجل تجنب الشد والجذب غير الضروريين. وإذا أرسل زميلك طلباً سيستغرق أكثر من يوم منك لترد عليه، فلا تتركه معلقاً. بل رد عليه باعتراف سريع: «هذا يبدو جيداً. وسأرد عليك بشأنه يوم الثلاثاء». كن حاضراً من خلال برنامج الرسائل الفورية، أو الدردشة المرتكزة على استخدام الشبكة إذا لم تكن تجلس في المكتب، يمكن أن تكون متاحاً للدردشة عن طريق برنامج الرسائل الفورية. وبينما الخدمات الكلاسيكية مثل أيم – AIM – AOL Instant Messenger، أو جوجل توك – Google Talk، أو ياهو مسنجر – Yahoo Messenger، يمكن أن تكون فعالة إذا كان زبونك يستخدمها أيضاً، فهنالك خيارات أخرى كذلك. فإن خدمات الدردشة الجماعية مثل كامبفاير – Campfire، هي خيار ممتاز عندما لا يريد زبونك أن يحمّل برنامج الرسائل الفورية – Instant messaging. تعاون على شبكة الإنترنت مع الأدوات التي تتناسب على أفضل وجه مع زبونك، ومشروعك من أجل عقود مكثفة، وطويلة الأجل، فإن تطبيقات إدارة المشاريع على شبكة الإنترنت هي الأفضل. وإن بيسكامب – Basecamp، يقدم محوراً مركزياً حيث يمكن لك، ولزملائك تسجيل الدخول فيه، وتدبّر قوائم المهام، ومتابعة الساعات المحسوبة، ومشاطرة الملفات، وإجراء محادثات على أساس كل مسألة على حدة. ومن أجل التعاون في مجال وثائق مكتبية فردية، جرّب جوجل دوكس – Google Docs، أو زوهو – Zoho، حيث يمكنك أن تدردش مع متعاونيك بينما تقوم بالتحرير والتدقيق. والكثير من تطبيقات الشبكة الخاصة بالأفراد تقدم كذلك حيزاً من المشاطرة والتعاون، وهي تشمل روزنامة جوجل – Google Calendar، وإيفرنوت – Evernote، ريميمبر ذي ميلك – Remember the Milk. اجر محادثات تفقدية صوتية أو صورية من السهل أن تنسى كيف يترابط الناس العاملون في مكانٍ ما معاً عن طريق إجراء محادثة صغيرة حول برّاد المياه، أو خلال فترات استراحة التدخين، أو الغداء. إن مكالمة هاتفية لعشر دقائق لا توفر عليك الوقت فحسب، ولكن يمكن أن تساعدك في التواصل بطريقة إنسانية. وإن صوت مديرك عن بعد، أو صوت الموظف الحر يقول: «كيف كانت عطلة نهاية الأسبوع؟»، أو «أهلاً بك من جديد بعد إجازتك»، يمكن أن تختصر شوطاً طويلاً في ترسيخ علاقة عمل فعالة. * المحررة المؤسسة لموقع لايفهاكر دوت كوم – Lifehacker.com، وهي مدونة أرشيفية يومية حول الإنتاج البرمجي والشخصي، ومؤلفة «طوّر حياتك: مرشد لايفهاكر للعمل على نحوٍ أدهى، وأسرع، وأفضل – Upgrade Your Life: The Lifehacker Guide to Working Smarter, Faster, Better».
ميخائيل آي. نورتون أستاذ مساعد في كلية هارفارد للأعمال في بوسطن. إن العمل ليس مجرد تجربة لها معنى، ولكنها كذلك تجربة تلقى رواجاً. فعندما تم التعريف بخليط الكيك الجاهز في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، فإن ربات البيوت قاومن ذلك: حيث كان الخليط سهلاً للغاية، لدرجة أنه تم التقليل من قيمة عملهن. وعندما غيّر المصنعون الوصفة، بحيث تتطلب إضافة البيض، ارتفعت نسبة الموافقة والتأقلم بصورة دراماتيكية. وبصورة ساخرة، فإن زيادة العمل المنخرط بالأمر، وهو ما يجعل المهمة شاقة أكثر، أدى إلى أعجاب أكبر. إن الدراسة التي أجريتها مع زملائي، دانيل موخن، من جامعة يالي، ودان أريلي، من جامعة ديوك، أظهرت أن العمل يعزز التعلق بالنتائج. فحين يؤسس الناس الأشياء بأنفسهم، من الرفوف، إلى بيع الدببة المصنعة خصيصاً حسب المواصفات المطلوبة، فإنهم يرفعون من شأن مبتكراتهم «الرديئة في الغالب». ونحن ندعو هذه الظاهرة بتأثير «إكيا»، كتشريف للمصنع السويدي الناجح على نحوٍ ملحوظ، حيث تصل منتجاته في العادة مع الحاجة إلى تجميع قطعها بعض الشيء. وفي واحدة من دراساتنا، طلبنا من الناس طي ورقة على الطريقة اليابانية، ومن ثم المقارنة بين ابتكاراتهم الخاصة بهم إلى جانب ابتكارات أناس آخرين. وكانوا يرغبون دوماً في دفع المزيد مقابل فن طي الورق على الطريقة اليابانية الخاص بهم. في الحقيقة، لقد كانوا مفتونين بابتكاراتهم غير المتقنة التي قيموها كفن طي ورق ياباني مصنوع من قبل خبراء. وحققنا كذلك في حدود تأثير إيكيا، مظهرين أن العمل يؤدي إلى تقييم أكبر فقط عندما يكون العمل مثمراً: فحين فشل المشاركون في إتمام مهمتهم المجهدة، تبدد تأثير إيكيا. وتشير دراستنا إلى أن المستهلكين قد يرغبون في دفع المزيد مقابل مشاريع تقوم بها بنفسك، ولكن هنالك توضيح مهم: إن الشركات التي تأمل بإقناع الزبائن بأخذ تكاليف العمل في الحسبان، على سبيل المثال، بدفعهم نحو خدمة ذاتية عن طريق قنوات الإنترنت، لابد أن تكون حذرة في توليد مهام صعبة بما يكفي لتؤدي إلى تقييم أعلى، ولكن ليست صعبة لدرجة ألا يتمكن الزبائن من إنجازها. وأخيراً، فإن تأثير إيكيا يتسم بدلالات أوسع بالنسبة للديناميكية التنظيمية : فإنه يسهم في تأثير التكلفة الغارقة، بينما يواصل المديرون في تكريس الموارد لمشاريع «فاشلة أحياناً»، حيث استثمروا فيها الأيدي العاملة لديهم، و لإغراض لا تتضمن الابتكار هنا، فإنهم يقللون من أهمية الأفكار الجيدة المطورة في مكانٍ آخر لصالح الأفكار المطورة داخلياً والرديئة أحياناً. وعلى المديرين أن يأخذوا في الحسبان دوماً، أن الأفكار التي أحبوها لأنهم استثمروا الأيدي العاملة لديهم فيها قد لا تكون ذات قيمة مرتفعة للغاية من قبل مساعديهم، أو زبائنهم.
راحيلا زعفر يقول باول سافو، خبير التكنولوجيا، ومستشار الزبائن الخاصين والحكومات حول العالم، «إذا كنت فعلاً مصمماً على إيجاد الفكرة التالية الجديدة، بحيث تؤقّتها بشكل صحيح لتحقق فرقاً، فإن الأمر يستغرق في العادة نحو 20 عاماً من الاكتشاف، حتى الانطلاق». وهنالك درس تنبؤ واحد مهم تعلمه خلال مرحلة طفولته حين حذّر مربياً للماشية بأن عليك أبداً ألا تسيء فهم وجهة نظر واضحة على بعد مسافة قصيرة. وإن سبب تأخير 20 سنة هو أن الابتكارات الجديدة تستغرق وقتاً ليتم اعتناقها، وضمها إلى الروتين المعتاد عليه الناس. وإن سر النجاح هو أن تعرف كيف تفشل بالطريقة الصحيحة، كما يوضّح سافو، مستشهداً بمثال عن وادي السيلكون، حيث يقول إن جزءا كبيراً من نجاحه بُني على حصيلة إخفاقات سابقة. «وقد كان يفشل بصورة مستمرة طوال 20 عاماً، اخرج واحصل على أموال المشاريع وابدأ العمل، فبالتأكيد سيكون ذلك نجاحاً مضموناً»، كما يقول سافو. وفي فترة الخمسينيات من القرن الماضي، كان التلفزيون مثل شبكة الإنترنت اليوم، فقد كانت لدى رجال المشاريع الحرة مبالغ مالية صغيرة ولكن مع أفكار كبيرة. وتحول المجتمع من عصر المعلومات الاستهلاكية إلى خبرات وتجارب شخصية، وتشبيك عن طريق مواقع مثل فيس بوك، ويوتيوب، وماي سبيس، وويكيبيديا. ويضيف هذا البروفيسور في جامعة ستانفورد أننا الآن على طرف مستدق «لاقتصاد مولد». «وإن المبدعين هم حيوانات اقتصادية، حيث إنهم في مسار يومهم العادي، يولدون أموراً، ويستهلكون أخرى. وإن المؤشر الحقيقي على هذا هو جوجل؛ فمن الممكن أن يعتقد أحدهم أنه يستهلك شيئاً، ولكنه بالفعل يولد شيئاً له قيمة لشخص آخر». مجتمع آلي يقول سافو إن على المبتكرين أن يراقبوا «المؤشرات»، أو «تلك الاتجاهات الصغيرة المتدلية من المستقبل بحيث يمكن أن ترشدنا». وهو يتنبأ بأن الرجال الآليين يمثلون الموجة التالية، بالارتكاز على الابتكار المعروف برومبا، المكنسة التي تشبه الرجل الآلي المعروفة لدى كثير من الأسر. وهو يقول إن اليابان استهدفت تلك الابتكارات منذ عقود نظراً إلى أنها أدركت أن مجتمعها هرم. وكان الحل هو أن تحظى بمزيد من الأطفال، وجذب المهاجرين، أو ابتكار الرجال الآليين للقيام بالعمل. وفي عام 1992 عندما وظّفت عملاقة الاتصالات آيه تي آند تي – AT&T، أول مشغل للنظام الذي أدرك خمس كلمات، فإنه أنقذ الشركة بما يوازي 200 مليون دولار سنوياً من تكاليف الطاقم. «وحين ترى مؤشرا، انظر إلى عناقيد المؤشرات التي تأتي مع بعضها»، كما يقول سافو، مستشهداً بتنبؤ مستقبلي بأن نصف الأميال التي تقطعها المركبات في الولايات المتحدة سنوياً، سيتم قطعها في مرحلة معينة في المستقبل من قبل الرجال الآليين. ومن حيث الانكماش الاقتصادي اليوم، كما يقول سافو «إن هنالك كومة كاملة من الكسارات تولدت» ومن الممكن تحويلها إلى ابتكارات، طالما أن الناس ليسوا خائفين من الفشل. عصر علماء الأحياء يقول سافو إن جزءا من تحدي الابتكارات «يبحث عن أنماط منسجمة في دورة التاريخ لرؤية ما يمكن أن يكون إلى الأمام». وهو يستخدم مثالاً حول كيفية عمل الكيمياء، والمكتشفات في أواخر فترة 1800 هيأت مرحلة التطوير لتكنولوجيا جديدة. وفي أواخر فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حلت الفيزياء محل الكيمياء كمجال مهيمن في العلوم، ولكن حل محلها أيضاً مجال من الإلكترونيات التي بدأت في فترة الخمسينيات من القرن الماضي. واليوم، على الأرجح أن الأحياء هي المجال الذي سيحل محل تركز النشاط العملي الذي كان متمركزاً للغاية في مجال الإلكترونيات. وبينما يتنامى الاهتمام بالمجالات الحيوية مثل الجينات البشرية، والحمض النووي، يقول سافو إن الأمر لا يدور حول التكنولوجيا الحيوية، ولكن بالأحرى «التفكير الحيوي»، وهو استخدام الطبيعة كنوع من الإلهام للنظر إلى المنتجات بطريقة جديدة بالكامل. نجد مثلاً أن نايك وآبل، على سبيل المثال، اتحدتا معاً لابتكار حذاء رياضة يخبر جهاز الآي بود بما يشغله، بالارتكاز على حساسات تتابع أداء اللاعب. وبينما يدمج المهندسون وعلماء الأحياء الأفكار، تستمر ابتكارات أكثر شخصية في الظهور. قوة المجموعات الاجتماعية ويوضّح الرئيس المؤسس لمجلس إدارة العلوم في سامسونج الأمر بقوله: «لأن ابتكاراتنا تتم على نطاق واسع، ومن ثورات اجتماعية، أو اضطراب سياسي، أو تحول عملي، أو تحول في مواقف الزبائن، أو أية ظروف بيئية ضخمة، فإن التحدي فعلاً هو كيف تأخذ فكرة بسيطة، وتربطها بروح العصر، بحيث تنطلق عملياً». وعلى الرغم من أن الابتكارات تواجه التحديات من قبل الكساد الاقتصادي، فلا توجد حجة لوقف الطاقة المبدعة. «إن شكوكنا هي صديقتنا في هذا الوقت»، كما يقول سافو. «ومن هذه الشكوك تأتي الفرصة، ويتم ذلك، إذا ما جلسنا بعيداً، وحصلنا على سياق لرؤية الفرصة». * تحدث باول سافو في الآونة الأخيرة في منتدى الابتكار العالمي الذي عُقد في مدينة نيويورك.
Top