إدارة الشكوك في غياب الفهم للمبادئ الأساسية للمخاطر
ارين تشو
لماذا نحن مندهشون باستمرار بسبب ظهور الأزمات مثل الانهيار المالي الحالي، وما الدروس التي يمكننا تطبيقها عند معالجة هذه القضايا؟
وفقاً لمايك بيش، الأستاذ المتخصص في إدارة العمليات والمشاريع الاستثمارية فإن الأمر برمته يتخلص في المخاطر والشكوك – أو على الأقل في غياب الفهم للمبادئ الأساسية للمخاطر.
ويقول بيش، وهو أحد مؤلفي كتاب «إدارة المجهول: منهج جديد لإدارة الشكوك والمخاطر العالية في المشاريع»: «إن الفكرة بأن الأسواق يمكنها أن تقيم المخاطر هي فكرة صعبة لأن المخاطر تعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين. وتتضمن المخاطر التنبؤ بشكل أساسي، أي التنبؤ بالحالات المستقبلية المحتملة للعالم. وأعتقد شخصياً أن من الواضح للغاية أنك إذا بحثت في الكتب حول تحليل القرارات والتوقع، فإنك ستجد أن التنبؤ أمر من الصعب تنفيذه».
وإذا كانت المخاطر متأصلة فعلياً، فإن تنويع أو توزيع تلك المخاطر ربما لا يكون بالضرورة هو الحل. ويوضح بيش قائلاً: «عندما بدأوا بتشريح هذه المخاطر، سواء كانت مخاطر القروض العقارية في الولايات المتحدة، أو أي نوع من المخاطر وأي نوع من إنتاج هذه المخاطر، فإن محاولتهم بطبيعة الحال، أو أملهم، ينطوي على أنه بواسطة توزيع هذه المخاطر في شتى أرجاء العالم، وهم يفسحون المجال أمام الأشخاص لتنويع المخاطر، وبالتالي فإن التنويع سيكون دائماً أمراً جيداً، لأنني إذا قمت بالتنويع، فإنه لن يكون هناك حدث كارثي وحيد يمكنه أن يتعامل مع هذا الأمر».
على أية حال، تم ابتكار، بغير قصد، المخاطر ذات الاعتماد المتبادل، بدلاً من ذلك، والتي قامت فعلياً بالهجوم على التنويع الأساسي، وأصبحت عرضة للإخفاقات المشتركة. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى نشوء «عواصف مثالية».
العودة إلى الأساسيات
من أجل فهم التعريف الصحيح للمخاطر، على المرء أن يعود إلى الأساسيات. ووفقاً لبيش، فإن الأمر برمته يبدأ بإجراء واحد، حيث يقول: «إنك تتخذ إجراءً من نوع ما لأنك اتخذت قراراً. وأنت تتخذ هذا الإجراء ضمن عالم قائم، وبناءً عليه، فإن العالم كما هو.... وبعدئذ تحصل على حالة ما مستقبلية للعالم، وذلك هو السبب الذي اتخذت بناءً عليه الإجراء – لابتكار حالة ما مستقبلية للعالم».
ويضيف: «إن حقيقة أن المستقبل مجهول، في الوقت الراهن، تعني أن علينا أن نتعامل مع المخاطر، وعلينا أن نتعامل مع المخاطر في الوقت الذي نتخذ فيه القرارات، ونمضي قدماً».
لا تقم بأي افتراضات
إن المنهج الكلاسيكي لإدارة المخاطر، حسبما يقول، يشتمل على ثلاث خطوات: الوقاية، والتخفيف، والتخطيط الطارئ. والناس في العادة مرتاحون لهذا النوع من المنهج النظامي، لأن الكائنات البشرية لا تحب الشكوك. ولكن تكمن هنا مشكلة: فعندما تنفذ تقييم المخاطر، عليك أن تقوم ببعض الافتراضات، إما ضمنياً أو بصراحة.
يتعلق الافتراض الأول باحتمال حدوث «أحداث» معينة. ويقول: «إن أحد الأشياء التي علينا إدراكها هي أننا عندما، على سبيل المثال، نحدد ’الأحداث‘، فإننا فعلياً لا نحدد الأحداث، بل إننا نبتكر أحداثاً تعتبر تمثيلاً لحالات مستقبلية محتملة في العالم، وعلينا عندئذ أن نستجيب لها».
إن هذه الحالات المستقبلية لا تتفق في الغالب مع الوضع الحالي الذي يمكن أن يفرض تحدياً أيضاً، حيث إننا لسنا جيدين في التنبؤ بالمستقبل. وسبب ذلك، حسبما يوضح بيش، هو أننا أيضاً لسنا جيدين في ابتكار أحداث تمثل الواقع. وهذا الفصل بين النماذج المدركة من العالم، واحتياجاتنا، هو الافتراض الثاني، فنحن نفترض أننا نستطيع التنبؤ بدقة التأثير المحتمل لهذه الأحداث على نتائجنا، وتأثير إجراءاتنا الطارئة على هذه الأحداث.
الافتراض الثالث هو احتمال أن تحدث هذه الأحداث. ولكن بيش يوضح أن كل هذه مجرد احتمالات موضوعية، الأمر الذي يعني أنه لا يوجد احتمال فعلي، بل هو مجرد مقياس لفهمنا للعالم، وكيفية احتمال حدوث هذه الأحداث.
تعلم من الأخطاء
بناءً على ذلك، ماذا نفعل في عالم محفوف بالشكوك، وبالتالي بالمخاطر؟ ينصح بيش باللجوء إلى منهجين. الأول هو تعلم السلوك التكيفي، والثاني هو الانتقائية.
يشير التعلم إلى تحسن عن الطريقة القديمة في تنفيذ الأمور. ويعني هذا التحديث الدوري لأية نماذج لدينا تتعامل مع الأحداث التي ابتكرناها، نماذج نستخدمها لابتكار سبب أو تأثير، واحتمالاتنا الموضوعية. والناس على أية حال، حسبما يقول، يفضلون تطبيق الموارد لتنفيذ الإجراءات – نمط التسليم – ومن ثم القيام فعلياً بتحسين النماذج التي تعتمد عليها الإجراءات.
بعدئذ، هناك مسألة التغذية الراجعة. ويقول: «إن هذه التغذية الراجعة تقول لنا شيئاً ما. وإنها تقول لنا إنه إذا لم يكن حدثاً لم نتوقعه، فمن الأفضل أن نفهم لماذا لم نتوقعه، ولماذا لم يكن في قاعدة أحداثنا، وماذا يمكننا أن نفعل لتحسين نماذجنا».
يمكن أن تكون الانتقائية أداة في غاية الأهمية لضبط النماذج القديمة. ويوضح بيش قائلاً: «إنها تخلق تكرارات أو بدائل متعددة يمكنها أن تتنافس مع بعضها البعض. والبدائل التي لا تنجح تفنى وتزول، وتلك التي تنجح تمضي وتواصل. ونحن نبدأ في أن نرى أن هذا يمكن أن يخلق على نحو سريع للغاية بدائل لم نتوقعها في بداية المشروع».
إن الأمر الرئيسي هو ألا يتم تضليلك بشعور زائف من الأمان، وتعتقد أنك خططت لكل شيء. ويقول بيش: «لأن المشكلة هي أن الخطة الطارئة تصبح هي الخطة، وتصبح العالم الذي تعمل داخله، وتتجاهل كل شيء في الخارج كما لو أنه نيران من نوع ما تريد أن تطفئها».
* إدارة المجهول: منهج جديد لإدارة الشكوك والمخاطر العالية في المشاريع‘، تأليف كريستوف لوش، وأرنولد ديمير، ومايكل بيش، من منشورات جون ويلي أند صنز.