5 أسئلة للمديرين حول النجاح في عملية الانخراط مع الموظف

- - 11/10/1428هـ
إن العمل على جعل الآخرين منخرطين فيما أنت مسؤول عنه، هو إكسير الإدارة. ولكن ما يميّز أفضل المديرين، هو كيفية تحقيقهم عملية الانخراط تلك، حيث إن حاجة المشاركة سهلة للغاية، ولكن الامتثال للأوامر لا يعني الالتزام.
ولا يساند الموظفون في الحقيقة سوى الأشياء التي كان لهم يد في إيجادها، حسب ما يقول استشاري التغيير، ريتشارد إتش أكسيلرود، المؤلف المشارك في كتاب "ليس عليك القيام بالأمر وحدك": "كيفية إشراك الآخرين في إنجاز الأمور" (بريت كولير، 2004). ويمكن لتفعيل هذا الفهم أن يغيّر الطريقة التي تُدير بها بصورة جوهرية.
أين يرتكب المديرون الأخطاء حين يفكرون بالمشاركة والانخراط؟
يميل الجميع على الأغلب إلى إجابة هذا السؤال بسؤال: "ما نوع المشاركة التي احتاج إليها؟"، إما من منظور واقعي أو إنساني. فالواقعيون يركزون على الوجهات التي تتعلق بإنجاز الأمور: تطوير خطة، وميزانية للعمل، والتأكد من تحقيق الأهداف الزمنية النهائية. بينما يهتم الإنسانيون بصورة رئيسية بشأن الوجهات الإنسانية، على سبيل المثال، التأكد من أن الجميع يفهمون الخطة ويلتزمون بها، ومحاولة التوصل إلى أساليب معالجة في حالة أية مقاومة لها.
وبهدف إنجاز الأمور في أية مؤسسة، فإنك بحاجة إلى مراعاة كلا المنظورين.
كيف يمكن أن يساعد التفكير كواقعي، أو إنساني، في تحقيق انخراط الآخرين؟
إن مباشرة العمل في مشروع من كلا المنظورين تساعدك على زيادة تقدير الأنواع المختلفة للانخراط المطلوبة في أغلب الأحيان.
فعلى سبيل المثال، لا يفكر بعض المديرين الإنسانيين سوى في مفاهيم تتعلق بموافقة المشاركين على تقديم الدعم. وذلك ضروري لنشاطات العمل التي تدعو إلى التغيير، أو بحاجة إلى أن يبقى أفراد العمل منخرطين حتى فترة طويلة، ولكن ذلك ليس النوع الوحيد من الانخراط. وأحياناً تكون بحاجة إلى أن ينخرط الأفراد بصورة تساعدهم على تحسين مهاراتهم، بحيث يصبحون أكثر إنتاجاً وتحمّلاً للمسؤوليات الجديدة.
وهنالك المزيد من الأنواع الواقعية للانخراط: حين تكون بحاجة إلى أفراد قادرين على إمداد العمل بمهارات، وخبرة، ومعرفة تفتقدها، أو حين يتجاوز نطاق العمل وقتك وطاقتك.
ولا تساعدك طريقتنا على مراعاة أنواع الانخراط فحسب، ولكن كذلك في مستويات الانخراط التي تحتاج إليها.
من يجب أن يسعى المدير إلى إشراكه؟
تجاوز من نسميه نحن بـ "المشتبهين التقليديين": أفراد يهتمون أو مقصودون بالمبادرة، أو أفراد بمعرفة وخبرة مناسبة، أو أفراد يمسّ العمل سلطتهم.
فمن المهم العمل على ضم أفراد لديهم وجهات نظر متنوعة بوضوح، وتنتج عن ذلك في العادة حلول ابتكارية. وقد يبدو الأمر غريباً، ولكن هناك أسبابا جيدة وراء ضم المقاومين، والديكتاتوريين، وغيرهم من مفتعلي المشكلات إلى الطاقم. فمن الأفضل الحصول على مفتعل مشكلات لكي يستخدم طاقته داخل إطار المبادرة بدلاً من أن يعمل على تهييج القلق والارتياب من الخارج، علاوة على أنه حين يرى بأن اهتماماته تؤخذ على محمل الجد، فإن ذلك يمكن أن يحوّله إلى عضو فاعل في الفريق.

ما الذي يحافظ على بقاء الأفراد منخرطين؟
حين يغوص الأفراد عميقاً في تفاصيل مشروع تنافسي إلى درجة أنهم لا يتمكنون من تذكر السبب وراء تعاقدهم معه، يكونون بحاجة للتأكد من أن مساهماتهم مهمة. وهنالك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها بهذا الخصوص: حافظ على رؤية واجهة ووسط المشروع، وذكّر الأفراد بما سيكون مختلفاً كنتيجة لجهودك الجماعية، وزوّدهم بتقارير مرحلية منتظمة حول ما تم تحقيقه حتى الآن. واحرص على أن يكونوا على علم بأن حجم الجهود والطاقة التي يزودون بها المشروع موضع تقدير، حيث إن هذا هو ما يحافظ على رؤوسهم داخل اللعبة.

لماذا يُعد الختام مهماً جداً؟
عند اكتمال المشروع الذي بنيته كقاعدة أساسية للمستقبل، يُعد الاحتفال بما تم إنجازه هو ما يجعل الأفراد راغبين أكثر في المشاركة في غيره من المبادرات. ولكن هنالك عنصر نقل المعرفة أيضاً. فعند الاحتشاد للاحتفال في ختام المرحلة الأولى من المشروع الذي سيُقام في أجزاء مختلفة من المؤسسة التي أقدم استشاراتي لها، ندعو كذلك الأفراد الذين سيكونون منخرطين في المرحلة الثانية. فبالنسبة لهم، سيكون من القيّم جداً استماعهم لأفراد كانوا منخرطين في المرحلة الأولى، يتحدثون عما قاموا، وما لم يقوموا به.

الإنتاجية تقتل الشركات الأمريكية

- هنري مينتزبيرج - 11/10/1428هـ
إنني أخشى على النشاطات العملية الأمريكية ليس بسبب الخلل في التجارة الأمريكية، أو عجز الميزانية، ولكن بسبب الإنتاجية في الشركات. ومن الممكن أن تؤدي الإنتاجية الأمريكية المرتفعة إلى تدمير عدد كبير من كبريات الشركات الأمريكية.
وتبين أن الكثير من مكاسب الإنتاجية التي تم ادعاؤها خلال السنوات القليلة الماضية، إنما كانت خسائر فعلية في تلك الإنتاجية. وحتى تستطيع أن تتصور ذلك، فما عليك إلا أن تتخيل أنك طردت جميع العاملين في شركتك، وأنك بدأت تشحن من المخزون المتوافر لديك. وستختفي بذلك ساعات العمل بينما يستمر العمل. وسوف تعتقد أنك أنجزت أمراً كبيراً، وأن ذلك شأن منتج للغاية، وأنك حققت أرباحاً كبرى. ويستمر ذلك بالطبع إلى أن ينتهي المخزون.
وإنني أرى أن معظم الشركات الأمريكية تقوم بالسحب من المخزون، بحيث تقترب من انتهائه. وإنها بذلك تقايض سلامتها المستقبلية بنتائج على المدى القصير. وطبيعي أنه ليس هنالك أي رئيس تنفيذي يطرد جميع العاملين في الشركة. ويعود الفضل إلى الحرص الشديد للغاية من جانب الشركات على زيادة القيمة إزاء حاملي الأسهم، أي العمل الدائب على زيادة أسعار أسهم الشركة، في زيادة قدرة الرؤساء التنفيذيين على إيجاد كل الوسائل الأخرى اللازمة لزيادة كميات الأموال التي يجد المحاسبون والاقتصاديون صعوبة في إحصائها.
ومن الطرق التي يتبعونها في ذلك التقليل من قيمة العلامة التجارية، وكذلك الحد من الإنفاق المخصص لأغراض البحث والتطوير في الشركة. كما أن هنالك أسلوب الإدارة بالأرقام، حيث يحدد الرئيس التنفيذي النتائج المرغوبة ليبدأ الجميع بالركض من أجل تحقيقها، بغض النظر عن العواقب .
ومن أشهر أساليب إظهار ضخامة الأرباح المحققة الأقرب إلى السحب من المخزون، التقليل من "حجم"، أو وقع عمليات الاستغناء عن عمال التشغيل، ومديري الإدارة الوسطى كيفما اتفق، بهدف تحقيق تقليص في النفقات. وحين تتراجع أسعار الأسهم، حتى لو كانت الشركة محافظة على أرباحها، فإن العظام ترمى للكلاب الجائعة في مجتمع الأسواق المالية.

فكيف يمكن أن تصبح أعداد كبيرة من الناس فائضة عن الحاجة بصورة مفاجئة، وهل كانت شركات أمريكا توظف موظفين زائدين عن الحاجة إلى هذا الحد، أم أن لديها مديرين لا يحسون بالمسؤولية لدرجة أنهم عاجزون عن إيجاد القيمة الحقيقية، أم أنهم يكتفون بإلقاء فشلهم على أكتاف العمال والمديرين الأقل درجة الذين يتم الاستغناء عنهم، أم أن الأمر يتعلق بكون الباقين أسوأ من الذين ذهبوا؟

وإذا أخذنا بعين الاعتبار الخسارة الناجمة عن فقدان أولئك الموظفين، فإن الإجابة تبدو واضحة. وهنالك بالطبع استثناءات من حيث وجود شركات تدار بطريقة سليمة وآخذة بنظر الاعتبار قضايا الأجل الطويل. ومن أمثلة تلك الشركات، شركة كوستكو التي تحترم العاملين فيها، وتدفع لهم أجوراً عادلة. ولكن مناقشات مختلفة أجريتها مع مختلف مستويات النشاطات العملية تشير إلى أن فلسفة القيمة الخاصة بحملة الأسهم تزيد من شدة قبضتها على الشركات الأمريكية التي يتم تداول أسهمها. وتفيد معلومات واردة من أوروبا بأن هذه المشكلة تنتشر بصورة واسعة. ولنتذكر الإجراءات الخرقاء التي اتخذتها شركة دايملركرايزلر التي أدت إلى تدمير العلامة التجارية المشهورة لمرسيدس. كما يمكن أن نتذكر في هذا الصدد ما لجأت إليه شركة البترول البريطانية حين دمرت كل ميزاتها المعروفة في مجال المحافظة على البيئة من خلال تقليص التكاليف الذي أدى إلى الكوارث في تكساس (حريق المصفاة عام 2005 الذي أدى إلى قتل 15 شخصاً، والتسرب النفطي الكبير في ألاسكا عام 2006.).
فما الذي يمكننا عمله؟. لنقتبس سطراً من رواية "شوجون": إن كل ما نحتاج إليه هو تغيير نظراتنا للعالم. وهنالك عدة خطوات عملية مفيدة في هذا الصدد:
أبعدوا المحللين عن ظهور الشركات: لا يمكن إدارة الشركات من مكتب محلل أوراق مالية. ويتم إنشاء الشركات الكبرى بصورة بطيئة، وبتفكير عميق من أناس كاملي الالتزام. ولنبدأ بالتخلص من أسلوب العوائد ربع السنوية. فمن هو ذلك العبقري الذي جاء بنظرية إمكانية التحول الكبير في ثروات الشركات بين فصل وآخر؟. وتعمل التقارير ربع السنوية على إبقاء اهتمام الإدارة مركزاً على النتائج القابلة للقياس بدلاً من توجيهه نحو المنتجات، والخدمات، والزبائن.

خذوا الحكم الرشيد للشركات بجدية
يجب على مجالس إدارة الشركات أن تفتح أبوابها أمام أصوات أولئك الذين يحرصون على السلامة طويلة المدى للشركة، وأبرز أولئك بالطبع هم الموظفون أنفسهم.

أخرجوا المرتزقة من أجنحة المسؤولين التنفيذيين
يجب أن يحرص المسؤولون في الشركات بصورة عميقة على سلامة أوضاع الشركة في الأجل الطويل. وإن كل من يطالب بصفقة شخصية مميزة له، تجعله على مسافة بعيدة من الآخرين، لا يستحق أن يدعي وصف القائد.
عاملوا الشركة كمجتمع من الأعضاء المنتمين، وليس كتجمع للوكلاء:
يمكننا أن نبدأ، على سبيل المثال، بأنظمة التعويضات التي تعمل على تشجيع الجهد المتعاون، فالشركات هي عبارة عن مؤسسات اجتماعية تعمل بأفضل صورة ممكنة حين يتعاون بنو البشر وليس الموارد البشرية. ولا بد أن تقوم العلاقات بين المتعاونين على الثقة والاحترام. وإذا ما تم تدمير ذلك، فإن الشركة ككل تصبح عرضة للدمار.
ولا بد للشركات الأمريكية من الخروج من الوضع المستحيل الذي تمر به في الوقت الراهن. ولا بد كذلك من تغيير النظرة إلى الإنتاجية بصورة كاملة من أجل المجتمع الأمريكي، ومن أجل الاقتصاد الأمريكي.

إجراء فحص ما قبل الوفاة للمشروع .. هل هو كاف لتحقيق فرص ا

- بقلم: جاري كلاين - 20/09/1428هـ
تفشل المشاريع بسرعة مذهلة. ومن أسباب ذلك أن كثيراً من الناس لا يرغبون في الحديث عن تحفظاتهم أثناء مرحلة التخطيط المهمة للغاية. وحين نجعل الأمور مأمونة بالنسبة لأصحاب الآراء المخالفة والعليمين بنوعية المشروع والقلقين على نقاط ضعفه ونسمح لهم بالكلام، فإننا نستطيع تحسين فرص النجاح أمام المشروع.
من الأبحاث التي أجراها في عام 1989 ديبورا ميتشل، من كلية وارتون، وجاي روسو ونانسي بيننجتون، من جامعة كولورادو، تبين أن توقع الأمور، أي تخيل أن أمراً معين قد وقع فعلاً، يزيد من القدرة على التحديد الصحيح للأسباب المؤدية إلى النتائج المستقبلية بمقدار 30 في المائة. وقد استخدمنا توقع الأمور لتطوير أسلوب يدعى "فحص ما قبل الوفاة"، الذي يعين فرق المشاريع على التعرف على المخاطر منذ البداية.
إن فحص ما قبل الوفاة هو النقيض المفترض لفحص الجثة بعد الوفاة. إن فحص الجثة في السياق الطبي يسمح للمختصين الصحيين وللعائلة بمعرفة سبب وفاة المريض. ويستفيد الجميع من ذلك، ما عدا المريض نفسه بالطبع. وفي سياق الأعمال فإن فحص ما قبل الوفاة يأتي في بداية المشروع بدلاً من تشريحه بعد الوفاة. وبخلاف جلسة الانتقاد العادي، التي يُسأل فيها أعضاء فريق المشاريع عن الأمور التي يمكن أن تتعثر، فإن هذا الفحص يعمل على افتراض أن "المريض" قد مات فعلاً، وبالتالي فهو يسأل: ما الذي حدث فعلاً في سبب الوفاة؟ ومهمة أعضاء الفريق هي توليد أسباب معقولة لفشل المشروع.
يبدأ الفحص في العادة بعد إطلاع الفريق على الخطة. ويبدأ المسؤول التمرين بإعلام الجميع أن المشروع قد فشل على نحو مذهل. وخلال الدقائق القليلة التالية لذلك يكتب كل شخص من الموجودين في الغرفة، على نحو مستقل، كل سبب للفشل يمكن أن يخطر على باله، خصوصاً الأشياء التي لا يذكرونها في العادة على أنها مشكلات محتملة، خوفاً من أن ذلك من قلة الكياسة.
على سبيل المثال، في جلسة عقدت في إحدى الشركات الواردة في قائمة فورتشن 50، اقترح أحد التنفيذيين أن مشروعاً للاستدامة البيئية بقيمة مليار دولار "فشل" لأن الاهتمام بالمشروع تراخى بعد تقاعد كبير الإداريين التنفيذيين. ونسب آخر فشل المشروع إلى ذوبان الحجة التجارية واضمحلالها بعد أن عدلت وكالة حكومية من سياساتها.
بعد ذلك يسأل المسؤول كل عضو في الفريق، بدءاً من مدير المشروع، قراءة سبب واحد من قائمته. ويذكر كل شخص من الحاضرين سبباً مختلفاً للفشل إلى أن ينتهي الجميع من عرض جميع الأسباب. وبعد أن ترفع الجلسة، يراجع مدير المشروع القائمة، بحثاً عن سبل لتقوية الخطة.
وأثناء جلسة حول مشروع لتطوير خوارزميات متطورة للغاية للكمبيوتر متوافرة لمخططي الحملات الجوية في المجالات العسكرية، فإن أحد أعضاء الفريق الذي ظل صامتاً أثناء الاجتماع التمهيدي الطويل تطوع بالقول إن أحد الخوارزميات لن يحتل موقعاً بسهولة على بعض الكمبيوترات المحمولة المستخدمة في الميدان. وبناء على ذلك فإن البرنامج سيحتاج تشغيله إلى ساعات في الوقت الذي يحتاج فيه المستخدمون إلى نتائج سريعة. وجادل بأنه إذا لم يتمكن الفريق من إيجاد حل لهذا الموضوع فإن المشروع لن يكون عملياً. وتبين فيما بعد أن مطوري البرنامج الخوارزمي خلقوا وصلة مختصرة قوية ولكنهم كانوا مترددين في ذكرها. وفي النهاية تم استخدام الوصلة واستمر العمل في المشروع الذي أصبح ناجحاً للغاية.
وفي جلسة لتقييم مشروع للأبحاث في منظمة مختلفة، اقترح أحد كبار التنفيذيين أن "فشل" المشروع حدث لأنه لم يكن هناك وقت كاف لإعداد حجة للأعمال لصالح منتج معين قبل المراجعة العامة التالية لمبادرات المنتجات. وخلال الاجتماع التمهيدي الذي دام 90 دقيقة لم يأت أحد على ذكر القيود الزمنية. وعدل مدير المشروع الخطة بسرعة بحيث أُدخل في الاعتبار دورة القرارات في الشركة.
ورغم أن كثيراً من فرق المشاريع تمارس تحليل المخاطر قبل إطلاق المشروع، إلا أن منهج الفحص قبل الوفاة يعطي منافع لا تعطيها المناهج الأخرى. والواقع أن هذا الفحص ليس فقط يساعد الفرق على التعرف على المشكلات المحتملة بصورة مباشرة. بل هو كذلك يقلل من المواقف الذي غالباً ما يتخذها الأشخاص الذي يُستثمرون فوق الحد في مشروع معين، وهي مواقف تدفع بأصحابها إلى العمل بمنتهى السرعة للانتهاء بسرعة من العمل.
فضلاً عن ذلك، فحين نصف نقاط الضعف التي لا يذكرها أي شخص آخر غيرنا، يشعر أعضاء الفريق بقيمتهم على ما قدموه من معلومات وخبرة، ويتعلم الآخرون منهم. كما يعمل التمرين كذلك على رفع درجة حساسية الفريق بحيث يتمكن من اكتشاف الدلائل الأولى للمتاعب حين يبدأ العمل على تنفيذ المشروع. وفي النهاية فإن فحص ما قبل الوفاة يمكن أن يكون السبيل الأمثل للحيلولة دون أن تكون هناك حاجة لإجراء فحص ما بعد الوفاة، الذي يكون مؤلماً في العادة.

الإنتاجية تقتل الشركات الأمريكية

- هنري مينتزبيرج - 11/10/1428هـ
إنني أخشى على النشاطات العملية الأمريكية ليس بسبب الخلل في التجارة الأمريكية، أو عجز الميزانية، ولكن بسبب الإنتاجية في الشركات. ومن الممكن أن تؤدي الإنتاجية الأمريكية المرتفعة إلى تدمير عدد كبير من كبريات الشركات الأمريكية.
وتبين أن الكثير من مكاسب الإنتاجية التي تم ادعاؤها خلال السنوات القليلة الماضية، إنما كانت خسائر فعلية في تلك الإنتاجية. وحتى تستطيع أن تتصور ذلك، فما عليك إلا أن تتخيل أنك طردت جميع العاملين في شركتك، وأنك بدأت تشحن من المخزون المتوافر لديك. وستختفي بذلك ساعات العمل بينما يستمر العمل. وسوف تعتقد أنك أنجزت أمراً كبيراً، وأن ذلك شأن منتج للغاية، وأنك حققت أرباحاً كبرى. ويستمر ذلك بالطبع إلى أن ينتهي المخزون.
وإنني أرى أن معظم الشركات الأمريكية تقوم بالسحب من المخزون، بحيث تقترب من انتهائه. وإنها بذلك تقايض سلامتها المستقبلية بنتائج على المدى القصير. وطبيعي أنه ليس هنالك أي رئيس تنفيذي يطرد جميع العاملين في الشركة. ويعود الفضل إلى الحرص الشديد للغاية من جانب الشركات على زيادة القيمة إزاء حاملي الأسهم، أي العمل الدائب على زيادة أسعار أسهم الشركة، في زيادة قدرة الرؤساء التنفيذيين على إيجاد كل الوسائل الأخرى اللازمة لزيادة كميات الأموال التي يجد المحاسبون والاقتصاديون صعوبة في إحصائها.
ومن الطرق التي يتبعونها في ذلك التقليل من قيمة العلامة التجارية، وكذلك الحد من الإنفاق المخصص لأغراض البحث والتطوير في الشركة. كما أن هنالك أسلوب الإدارة بالأرقام، حيث يحدد الرئيس التنفيذي النتائج المرغوبة ليبدأ الجميع بالركض من أجل تحقيقها، بغض النظر عن العواقب .
ومن أشهر أساليب إظهار ضخامة الأرباح المحققة الأقرب إلى السحب من المخزون، التقليل من "حجم"، أو وقع عمليات الاستغناء عن عمال التشغيل، ومديري الإدارة الوسطى كيفما اتفق، بهدف تحقيق تقليص في النفقات. وحين تتراجع أسعار الأسهم، حتى لو كانت الشركة محافظة على أرباحها، فإن العظام ترمى للكلاب الجائعة في مجتمع الأسواق المالية.

فكيف يمكن أن تصبح أعداد كبيرة من الناس فائضة عن الحاجة بصورة مفاجئة، وهل كانت شركات أمريكا توظف موظفين زائدين عن الحاجة إلى هذا الحد، أم أن لديها مديرين لا يحسون بالمسؤولية لدرجة أنهم عاجزون عن إيجاد القيمة الحقيقية، أم أنهم يكتفون بإلقاء فشلهم على أكتاف العمال والمديرين الأقل درجة الذين يتم الاستغناء عنهم، أم أن الأمر يتعلق بكون الباقين أسوأ من الذين ذهبوا؟

وإذا أخذنا بعين الاعتبار الخسارة الناجمة عن فقدان أولئك الموظفين، فإن الإجابة تبدو واضحة. وهنالك بالطبع استثناءات من حيث وجود شركات تدار بطريقة سليمة وآخذة بنظر الاعتبار قضايا الأجل الطويل. ومن أمثلة تلك الشركات، شركة كوستكو التي تحترم العاملين فيها، وتدفع لهم أجوراً عادلة. ولكن مناقشات مختلفة أجريتها مع مختلف مستويات النشاطات العملية تشير إلى أن فلسفة القيمة الخاصة بحملة الأسهم تزيد من شدة قبضتها على الشركات الأمريكية التي يتم تداول أسهمها. وتفيد معلومات واردة من أوروبا بأن هذه المشكلة تنتشر بصورة واسعة. ولنتذكر الإجراءات الخرقاء التي اتخذتها شركة دايملركرايزلر التي أدت إلى تدمير العلامة التجارية المشهورة لمرسيدس. كما يمكن أن نتذكر في هذا الصدد ما لجأت إليه شركة البترول البريطانية حين دمرت كل ميزاتها المعروفة في مجال المحافظة على البيئة من خلال تقليص التكاليف الذي أدى إلى الكوارث في تكساس (حريق المصفاة عام 2005 الذي أدى إلى قتل 15 شخصاً، والتسرب النفطي الكبير في ألاسكا عام 2006.).
فما الذي يمكننا عمله؟. لنقتبس سطراً من رواية "شوجون": إن كل ما نحتاج إليه هو تغيير نظراتنا للعالم. وهنالك عدة خطوات عملية مفيدة في هذا الصدد:
أبعدوا المحللين عن ظهور الشركات: لا يمكن إدارة الشركات من مكتب محلل أوراق مالية. ويتم إنشاء الشركات الكبرى بصورة بطيئة، وبتفكير عميق من أناس كاملي الالتزام. ولنبدأ بالتخلص من أسلوب العوائد ربع السنوية. فمن هو ذلك العبقري الذي جاء بنظرية إمكانية التحول الكبير في ثروات الشركات بين فصل وآخر؟. وتعمل التقارير ربع السنوية على إبقاء اهتمام الإدارة مركزاً على النتائج القابلة للقياس بدلاً من توجيهه نحو المنتجات، والخدمات، والزبائن.

خذوا الحكم الرشيد للشركات بجدية
يجب على مجالس إدارة الشركات أن تفتح أبوابها أمام أصوات أولئك الذين يحرصون على السلامة طويلة المدى للشركة، وأبرز أولئك بالطبع هم الموظفون أنفسهم.

أخرجوا المرتزقة من أجنحة المسؤولين التنفيذيين
يجب أن يحرص المسؤولون في الشركات بصورة عميقة على سلامة أوضاع الشركة في الأجل الطويل. وإن كل من يطالب بصفقة شخصية مميزة له، تجعله على مسافة بعيدة من الآخرين، لا يستحق أن يدعي وصف القائد.
عاملوا الشركة كمجتمع من الأعضاء المنتمين، وليس كتجمع للوكلاء:
يمكننا أن نبدأ، على سبيل المثال، بأنظمة التعويضات التي تعمل على تشجيع الجهد المتعاون، فالشركات هي عبارة عن مؤسسات اجتماعية تعمل بأفضل صورة ممكنة حين يتعاون بنو البشر وليس الموارد البشرية. ولا بد أن تقوم العلاقات بين المتعاونين على الثقة والاحترام. وإذا ما تم تدمير ذلك، فإن الشركة ككل تصبح عرضة للدمار.
ولا بد للشركات الأمريكية من الخروج من الوضع المستحيل الذي تمر به في الوقت الراهن. ولا بد كذلك من تغيير النظرة إلى الإنتاجية بصورة كاملة من أجل المجتمع الأمريكي، ومن أجل الاقتصاد الأمريكي.

إجراء فحص ما قبل الوفاة للمشروع .. هل هو كاف لتحقيق فرص ا

- بقلم: جاري كلاين - 20/09/1428هـ
تفشل المشاريع بسرعة مذهلة. ومن أسباب ذلك أن كثيراً من الناس لا يرغبون في الحديث عن تحفظاتهم أثناء مرحلة التخطيط المهمة للغاية. وحين نجعل الأمور مأمونة بالنسبة لأصحاب الآراء المخالفة والعليمين بنوعية المشروع والقلقين على نقاط ضعفه ونسمح لهم بالكلام، فإننا نستطيع تحسين فرص النجاح أمام المشروع.
من الأبحاث التي أجراها في عام 1989 ديبورا ميتشل، من كلية وارتون، وجاي روسو ونانسي بيننجتون، من جامعة كولورادو، تبين أن توقع الأمور، أي تخيل أن أمراً معين قد وقع فعلاً، يزيد من القدرة على التحديد الصحيح للأسباب المؤدية إلى النتائج المستقبلية بمقدار 30 في المائة. وقد استخدمنا توقع الأمور لتطوير أسلوب يدعى "فحص ما قبل الوفاة"، الذي يعين فرق المشاريع على التعرف على المخاطر منذ البداية.
إن فحص ما قبل الوفاة هو النقيض المفترض لفحص الجثة بعد الوفاة. إن فحص الجثة في السياق الطبي يسمح للمختصين الصحيين وللعائلة بمعرفة سبب وفاة المريض. ويستفيد الجميع من ذلك، ما عدا المريض نفسه بالطبع. وفي سياق الأعمال فإن فحص ما قبل الوفاة يأتي في بداية المشروع بدلاً من تشريحه بعد الوفاة. وبخلاف جلسة الانتقاد العادي، التي يُسأل فيها أعضاء فريق المشاريع عن الأمور التي يمكن أن تتعثر، فإن هذا الفحص يعمل على افتراض أن "المريض" قد مات فعلاً، وبالتالي فهو يسأل: ما الذي حدث فعلاً في سبب الوفاة؟ ومهمة أعضاء الفريق هي توليد أسباب معقولة لفشل المشروع.
يبدأ الفحص في العادة بعد إطلاع الفريق على الخطة. ويبدأ المسؤول التمرين بإعلام الجميع أن المشروع قد فشل على نحو مذهل. وخلال الدقائق القليلة التالية لذلك يكتب كل شخص من الموجودين في الغرفة، على نحو مستقل، كل سبب للفشل يمكن أن يخطر على باله، خصوصاً الأشياء التي لا يذكرونها في العادة على أنها مشكلات محتملة، خوفاً من أن ذلك من قلة الكياسة.
على سبيل المثال، في جلسة عقدت في إحدى الشركات الواردة في قائمة فورتشن 50، اقترح أحد التنفيذيين أن مشروعاً للاستدامة البيئية بقيمة مليار دولار "فشل" لأن الاهتمام بالمشروع تراخى بعد تقاعد كبير الإداريين التنفيذيين. ونسب آخر فشل المشروع إلى ذوبان الحجة التجارية واضمحلالها بعد أن عدلت وكالة حكومية من سياساتها.
بعد ذلك يسأل المسؤول كل عضو في الفريق، بدءاً من مدير المشروع، قراءة سبب واحد من قائمته. ويذكر كل شخص من الحاضرين سبباً مختلفاً للفشل إلى أن ينتهي الجميع من عرض جميع الأسباب. وبعد أن ترفع الجلسة، يراجع مدير المشروع القائمة، بحثاً عن سبل لتقوية الخطة.
وأثناء جلسة حول مشروع لتطوير خوارزميات متطورة للغاية للكمبيوتر متوافرة لمخططي الحملات الجوية في المجالات العسكرية، فإن أحد أعضاء الفريق الذي ظل صامتاً أثناء الاجتماع التمهيدي الطويل تطوع بالقول إن أحد الخوارزميات لن يحتل موقعاً بسهولة على بعض الكمبيوترات المحمولة المستخدمة في الميدان. وبناء على ذلك فإن البرنامج سيحتاج تشغيله إلى ساعات في الوقت الذي يحتاج فيه المستخدمون إلى نتائج سريعة. وجادل بأنه إذا لم يتمكن الفريق من إيجاد حل لهذا الموضوع فإن المشروع لن يكون عملياً. وتبين فيما بعد أن مطوري البرنامج الخوارزمي خلقوا وصلة مختصرة قوية ولكنهم كانوا مترددين في ذكرها. وفي النهاية تم استخدام الوصلة واستمر العمل في المشروع الذي أصبح ناجحاً للغاية.
وفي جلسة لتقييم مشروع للأبحاث في منظمة مختلفة، اقترح أحد كبار التنفيذيين أن "فشل" المشروع حدث لأنه لم يكن هناك وقت كاف لإعداد حجة للأعمال لصالح منتج معين قبل المراجعة العامة التالية لمبادرات المنتجات. وخلال الاجتماع التمهيدي الذي دام 90 دقيقة لم يأت أحد على ذكر القيود الزمنية. وعدل مدير المشروع الخطة بسرعة بحيث أُدخل في الاعتبار دورة القرارات في الشركة.
ورغم أن كثيراً من فرق المشاريع تمارس تحليل المخاطر قبل إطلاق المشروع، إلا أن منهج الفحص قبل الوفاة يعطي منافع لا تعطيها المناهج الأخرى. والواقع أن هذا الفحص ليس فقط يساعد الفرق على التعرف على المشكلات المحتملة بصورة مباشرة. بل هو كذلك يقلل من المواقف الذي غالباً ما يتخذها الأشخاص الذي يُستثمرون فوق الحد في مشروع معين، وهي مواقف تدفع بأصحابها إلى العمل بمنتهى السرعة للانتهاء بسرعة من العمل.
فضلاً عن ذلك، فحين نصف نقاط الضعف التي لا يذكرها أي شخص آخر غيرنا، يشعر أعضاء الفريق بقيمتهم على ما قدموه من معلومات وخبرة، ويتعلم الآخرون منهم. كما يعمل التمرين كذلك على رفع درجة حساسية الفريق بحيث يتمكن من اكتشاف الدلائل الأولى للمتاعب حين يبدأ العمل على تنفيذ المشروع. وفي النهاية فإن فحص ما قبل الوفاة يمكن أن يكون السبيل الأمثل للحيلولة دون أن تكون هناك حاجة لإجراء فحص ما بعد الوفاة، الذي يكون مؤلماً في العادة.
Top