ما قيمة وسر استخدام المواعيد المحددة في مفاوضة المنافس

- بقلم: دون أيه مور - 19/12/1427هـ
يخشى كثير من المفاوضين من أنهم سيضعفون موقفهم التفاوضي، بجعل الأمر معروفاً بأن لهم موعداً محدداً، ومن النادر أن يكون الحال كذلك كما يقول مور. وفي الحقيقة فإن المواعيد المحددة في الغالب تسهل التقدم ولا تكبحه- بغض النظر عما إذا كنت منخرطاً في تفاوض تنافسي فاصل أو تفاوض تكاملي في صالح الطرفين.
ما قيمة المواعيد المحددة عند التفاوض مع منافس أو خصم؟
في المفاوضات ذات الرهانات العالية، يوجد في الغالب حوافز للتأخير والمواربة- لمعرفة ما إذا كان الطرف الآخر سيذعن، والإفصاح بأن التفاوض يواجه موعداً محدداً يمكن أن يساعد على نشر مثل هذه الاستراتيجيات، فهو يضع الطرف الآخر تحت الضغط الزمني نفسه الذي تتعرض له، مما يمكن أن يفرض العمل إزاء بنود يمكن دون ذلك أن تضعف.
لكن ألست بذلك تتخلى عن القوة والتأثير؟
إن هذا هو التصور الخاطئ الشائع، فهو ينبع مما يسميه علماء النفس بالانحياز للذات: وهو ميل الناس إلى التركيز على أنفسهم على حساب فهم الآخرين.
فإذا كان لك موعد محدد وثابت فمن الممكن أن تقع بسهولة تحت الضغط الذي يفرضه عليك للتنازل بسرعة أكبر. وأنت تفقد رؤية الحقيقة بأن الموعد المحدد يضع ضغطاً أيضاً على الطرف الآخر، وبدلاً من ذلك فأنت تفترض أن الموعد المحدد سيكون ذا أثر عكسي عليك، لذلك تنفر من كشفه.
والمفارقة بطبيعة الحال تتمثل في أنك بعدم كشف الموعد المحدد الذي تبذل جهودك وفقه، فإنك قد تحرم نفسك من فرصة التوصل إلى اتفاق على الإطلاق. وبينما تتعجل للتوصل إلى اتفاق، فإن نظراءك، غير الواعين للضغط الذي يتعرضون له هم أيضاً، يأخذون وقتهم المريح.
وبعد هذا فإن هنالك فرقاً كبيراً بين الكشف عن موعدك المحدد والكشف عن أفضل بديل لك لاتفاق تفاوضي BATNA، فأنت لا تريد أبداً إخبار الطرف الآخر عن مدى ما تكون عليه الأمور من سوء لك إذا لم تتوصل إلى اتفاق.
وبدلاً من ذلك، اكشف موعدك المحدد لكن عليك أن تتوصل إلى اتفاق BATNA، ومثال ذلك:"اسمعوا، إذا لم نستطع التوصل إلى اتفاق فوراً حول هذا الأمر، فإنني سأضطر إلى التوجه إلى منافسكم، لأن لدي شعوراً بأنهم سيكونون مهتمين بذلك".
هل من المعقول وضع موعد محدد مصطنع؟
نعم، حين تكون كلفة وقتك أكبر من تكلفة وقت الطرف الآخر. إن وضعاً مثل إغلاق رابطة كرة السلة الوطنية عام 1998 يسلط الضوء على قضية تكاليف الوقت غير المتناسقة، فقد تم تأخير الموسم لعدة شهور نتيجة المفاوضات المتعثرة حول العقد، وبسبب طبيعة اتفاقيات بثها مع محطات التلفزيون، فإن المالكين يجنون معظم أموالهم خلال ما بعد الموسم، وهو ما يحدث في الربيع.
لكن تكاليف وقت اللاعبين توزعت بالتساوي على شهور الموسم، لذلك حدد المالكون موعداً محدداً مصطنعاً في الخامس من كانون الثاني (يناير) 1999، لتسريع القضية: أرادوا التوصل إلى اتفاق قبل البدء في تحمل التكاليف الثقيلة للوقت، ونجحوا في رهانهم، وتوصل الطرفان إلى اتفاق أعطى المالكين كثيراً مما أرادوه.
ما السر في استخدام المواعيد المحددة العشوائية؟
إذا لم تعامل موعدك المحدد كموعد حقيقي، فإنك تجازف بفقدان المصداقية، فالمفاوضون في الغالب يفرضون مواعيد محددة عشوائية ويهددون بالانسحاب إذا لم يحصلوا على ما يريدون في وقت معين.
إن المجازفة بإطلاق تهديدات لا قيمة لها تتمثل في أنك قد تفشل في تنفيذها، ونتيجة لذلك، فإن تهديداتك ووعودك يمكن أن تفقد بعض مصداقيتها. وعندما تتلاشى مصداقية وجدوى كلمتك فإن كفاءتك تذهب سدى.
هل تطبق الرؤى ذاتها حول المواعيد المحددة في منظمتك؟
قد يتنافس الناس في الشركة نفسها بكثير من الطرق، لكنهم يشتركون في مصلحة في صحة الشركة على المدى الطويل، مما يعني أنه يتوجب استخدام المواعيد المحددة بطريقة مختلفة بعض الشيء، وأنت تريد استخدام المواعيد المحددة بطريقة تزيد من احتمال الاتفاق مع تقليص الوقت الذي يضيع في التفاوض، إلى أدنى حد.
وطريقة القيام بذلك تتمثل في وضع مواعيد محددة واقعية، مع الاستعداد أيضاً لأن تكون مرناً. فعواقب الفشل في الوصول إلى اتفاق أعلى في الغالب في المفاوضات داخل الشركة. لذلك قد يكون من الحكمة أن تكون أكثر كرماً بعض الشيء واستيعاباً عندما تضع مواعيد محددة للمفاوضات داخل شركتك.

كيف تتعامل مع الشخص المستغل داخل فريق العمل؟

- رود واجنر وجيمس كيه هارتر - 11/01/1428هـ
إنهم المستغلون والمسافرون عن طريق استغلال السفرات المجانية.
لا بد أن يكون كل مدير قد اصطدم بمثل هذا النمط من الأفراد ضمن فريقه في وقت من الأوقات، سواء كان يعلم بوجوده أم لا. وحتى لو لم يكن المدير يعلم أن أحد موظفيه لم يكن يبذل قصارى جهده في العمل، فمن المؤكّد أن نظراءه كانوا على علم بالأمر، وفي النهاية، فإنه يتحتّم عليهم القيام بما تغاضى زميلهم عن القيام به. وتُعتبر فرص وجود مثل هذه التجربة محبطة إلى أبعد حد.
وبناء على ما جاء عن أبحاث متعمّقة في هذا المجال، والتي أجريناها نحن وآخرون من منظمة جالوب، The Gallup Organization، في ولاية واشنطن العاصمة، على مدار العقد الماضي، تبيّنت لنا بعض العوامل، مثل التآكل في إدارة الموظفين، أو زميل يتملّص من النشاطات السارية خلال أسبوع العمل، مستغلاً العمل الجادّ الذي يقوم به زملاؤه في العمل.
من الممكن أن يكون صيت مفردة "الالتزام" كمبدأ رقيقا على أذن السامع، ولكنه في الحقيقة ذو تأثير جذري. فلنأخذ على سبيل المثال، فرق العمل التي تلزم نفسها بالعمل إلى أقصى حدّ، تتفوّق على تلك التي تلزم نفسها بالعمل إلى أقلّ حدّ، وهي تحقق في المعدل إنتاجية أعلى بنسبة 18 في المائة ، وجدوى أعلى بنسبة 12 في المائة. وتواجه وحدات العمل التي تضم عدداً كبيراً من الموظفين غير الملتزمين بصورة مستفحلة، نحو 51 في المائة إعادة هيكلة أعلى من تلك التي تضم عدداً كبيراً من الموظفين الملتزمين.
وإذا كان يوجد في فريقك شخص لا يبذل قصارى جهده، حينها عليك أن تتصرّف بسرعة لتتدبّر الأمر. ونحن نعتمد على دراسة جالوب منذ ما يزيد على عشرة أعوام في 114 دولة مختلفة، بهدف خلق إطار يساعد المديرين على فهم، وتصويب التأثير المُهلك للمستغلين على حافز وإنتاجية فريق العمل.
ثلاث قواعد أساسية عن سلوك الموظفين، والتي يُفترض في المديرين فهمها لقد أكّد علماء الاجتماع عن طريق إجراء تجربة تلو الأخرى، أنه عندما تكون متواجداً ضمن مجموعة من الناس، ولديك الفرصة لإحراز المزيد عن طريق تقديم إسهامات في الرفاه العام للمجموعة، ولكنك لا تؤسس أية إسهامات بهدف منع البعض من التملّص، وسيستسلم المزيد و المزيد من الأفراد، إلى أن لا يبقى أي فرد يسهم في المصلحة العامة.
إن التجارب تزوّد المديرين بثلاث حقائق أساسية، يمكن الارتكاز عليها نحو رفع الإسهامات الفردية في جهود الفريق:
أغلب الناس يريدون التعاون. وأغلب الناس يبدأون وظائفهم وهم على أهبة الاستعداد للتعاون مع زملائهم في العمل، ويستمرون في التعاون، طالما أن التعاون هو المعيار.
ولكن دون الشعور بالمسؤولية سيظهر التملّص. وفي أي مكان عمل، سيلجأ بعض الموظفين إلى التملّص، إذا علموا أن أحداً ما لن يستدعيهم. وعندما يُدرك زملاؤهم المشاركون ما يحدث بالضبط، سوف يجدون أنفسهم متأثرين بجاذبية التملّص أيضاً.
والبعض الآخر سيحاول الدفع مقابل تعزيز الإنصاف، حتى لو كان على حساب أنفسهم. وبعض الموظفين سوف يتجاهلون شؤونهم وأعمالهم الخاصة، بينما يكرسون كل وقتهم وطاقاتهم في معاقبة الزملاء المستغلين.
وبإيجاز، فإن المسؤولية تكشف الفرق بين الفريق الذي يقول شعاره الضمني: "كل شخص لنفسه"، والفريق الذي يعمل على مبدأ: "الكل للفرد، والفرد للكل".
ولكن ماذا يمكنك كمدير أن تفعل لتخلق محيطاً يشجّع أفراد فريقك للعمل للمصلحة العامة ضمن المجموعة؟.
تفحّص الممارسات والسياسات: هل العمل موزّع بصورة عادلة؟
أحياناً، وبصورة غير متعمّدة، تحتاج سياسات وإجراءات مكان العمل جهداً أقل من قبل بعض الموظفين، بالمقارنة مع بعضهم الآخر، الشيء الذي يؤدي إلى خلق حالة التملّص. وإحدى أكثر الحالات المُحبطة في أي فريق: السماح لبعض الأفراد بتحمّل جزء بسيط من العبء، بينما يُطلب من البعض الآخر حمل الجزء الأكبر من العبء.
حثّ على التغذية الراجعة من الموظفين: هل يرون مشكلة أنت لا تراها؟
يمكن للموظفين أن يحددوا مشكلات في الحقيقة لا يراها المدير. ولا تغدو الأمور دوماً واضحة له، أي من من الموظفين يميل إلى التهرّب من عمله؟ ومن منهم فقد رغبته في بذل قصارى جهده في العمل، بسبب وجود المتملص في وسطهم؟
ولتحديد أصل لولب تأدية العمل المتراجعة، يمكنك أن تفعل مثلما فعلت، نانسي سوريلز، عندما عيُنت كمديرة لفندق ماريوت قرب دالاس، والذي عُرف وقتها بتراجع أدائه عما كان ينبغي. طرحت سؤالاً على الموظفين قائلة: "من هم أسوأ الموظفين في هذا الفندق؟ ومنذ متى يعملون هنا؟"، وعندما سُئلت عن السبب الذي دفعها لمعرفة الجواب، أجابت، "أيا كان الأدنى، يحدد مستواكم، بغض النظر عمّا تقولون على العكس". وبالطبع، فإن المعلومات التي تتوافّر في هذا المجال، لابد أن يكون التعامل معها بحساسية. فعلى سبيل المثال، قد يتناول أحدهم فأساً للانتقام، وكنتيجة لهذا، الاستفراد بأحد الزملاء بصورة غير عادلة. ولكن إذا استمر ذكر الأسماء نفسها، فإن هذه إشارة لأخذ نظرة أقرب لهؤلاء الأفراد، وكيف يعمل سلوكهم في العمل على التأثير في باقي زملائهم.
راقب سلوك الموظفين الجدد عن كثب: هل هناك بعض الأفراد المنجذبين إليهم؟
إذا رأيت أن الموظّف الجديد المتحمّس والمتفاني جداً، يميل إلى اللجوء إلى بعض الموظفين للحصول على نصيحة، حينها تكون قد حددت حافزاً طبيعياً في وسطك. قم باستغلاله بالكامل: زدّ من مسؤولياته، وألحقه بدورة تدريبية تعزز معرفته وتأثيره. شيّك معه بصورة دورية، وخذ قراءاته عن المجموعة، فقد يكون له بصيرة فيما يتعلّق بمسائل الأداء، والتي ليست لديك عنها أدنى فكرة بعد.
إدارة حتمية
يحظى خلق والحفاظ على مستويات عالية من التزام الموظفين بعواقب إيجابية جذرية. ولهذا السبب، لا يكون المدير قد أنجز مسؤولياته بالكامل، حتى يجعل من مبدأ رفع التزام الفريق أولوية.

لحظات الحقيقة: التواضع هي الصفة الأساسية للقيادة

- أولي- بيكا كالاسوفو - 11/01/1428هـ
إن الإجابة تعتمد بالطبع على ما تعتبره موظفاً ملائماً. فهل الرؤية هي الصفة الأساسية للقيادة أم أن الأمر يتعلق بأمور أخرى مثل التعاطف، والفطرة السليمة، والتواضع؟ وتوجهنا بالسؤال إلى عدد من الرؤساء التنفيذيين لتبيان تصورهم للقيادة السليمة، فكانت هذه هي إجابة رئيس شركة نوكيا.
كان عمري 36 عاماً سنة 1990، حيث تم تعييني للتو مسؤولا ماليا أول في شركة نوكيا. وكان ذلك بمثابة التحدي لقدراتي، ليس بسبب صغر سني، بل إن الشركة كانت تمر بمشاكل كبرى في ذلك الوقت. وكانت هذه الشركة الكبرى تعاني من وضع مالي في غاية الصعوبة. وكانت نهاية كل شهر تحمل معها مخاوف من عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين.
إنني أدرك الآن مدى قلة خبرتي في ذلك الحين، حيث إنني جئت بخلفية قانونية واستراتيجية بدلاً من التمتع بخلفية محاسبية. وتضمنت تلك الأشهر العديد من الرحلات إلى زيوريخ، وفرانكفورت، وطوكيو، ولندن، في الوقت الذي كنت أحاول فيه استدانة الأموال من رجال المصارف الذين كانوا يفقدون الثقة في الشركة كلما تراجعت عوائدها.
وكانت هذه المشاكل تعترضني وجهاً لوجه، حيث وجدت أن علي المساهمة في حل وضعنا المالي. وكان أشد ما يتعبني أنني كنت أشعر أني وحيد في ذلك. غير أن تلك المشاكل عملت على تغييري من الداخل، بحيث أظل مدركاً تماماً لموقفي حتى حين تتحسن الظروف المالية.
إن التواضع سمة رئيسية للقائد، كما هي بالنسبة للشركة. وأدركت تماماً أن سر استمرار شركة نوكيا هو توجهها الخارجي. وكان علي أن أمتلك تلك الدرجة اللازمة من التواضع لكي أستمع جيداً إلى مشاكل الزبائن، والبحث عن حلول مناسبة لها من مصادر خارجية. وكان لا بد للتواضع من مواجهة تعقيدات الموقف.
وأجد في أيامنا هذه، أنه على الرغم من الانتشار الكبير لخدمات الهواتف المتنقلة، وتبادل المعلومات عبر الإنترنت، فإن شركة نوكيا لا تستطيع أن تدعي أن توقعاتها لحركة الأسواق هي الأفضل. وعلينا بدلاً من ذلك أن نتوقع التغيرات، وأن نتصرف وفقاً لذلك على أرض الواقع.
إن مدى الاستجابة داخل فريق عمل إداري هو نتاج طبيعي للتنوع. وعلى المديرين أن يدركوا بكل تواضع أن نظرتهم للأمور بحاجة إلى مراجعة من قبل زملائهم الآخرين. ولا يعني التواضع أنك لا تملك الشجاعة الكافية لقول ما تعتقد أنه صواب، ولا أن تجلس هادئاً مراقباً للأمور دون تدخل فعال، حين أن الشجاعة والتواضع أمران متكاملان وليسا متناقضين.
إن بإمكان أولئك المتواضعين أن يظهروا مواقف حازمة أثناء الأوقات العصيبة، حيث إن وجودهم في الموقع يسهل عليهم فهم أن الأمور لا تسير دائماً بالطريقة السلسة المعتادة. ويعني التمتع بالتواضع أنك تضع قدراتك في إطارها الصحيح. ويعني الأمر كذلك أنك كرئيس تنفيذي توظف كل إمكانياتك في خدمة الشركة. والواقع أن واجبات رؤساء الشركات الكبرى مهمة وواسعة للغاية، حيث يعتقد كثيرون منهم أن عدم الالتزام الكامل بواجبات الوظيفة سوف يؤدي بهم إلى الفشل المطلق. وراودني مثل الإحساس في التسعينيات حين كنت أنجز مهمات للشركة في الخارج، حيث أدركت أن هذا هو نمط الحياة الذي علي أن أتعايش معه، إذ إن علي أن أخدم الشركة بكل ما لدي من قدرات.
وحين تتوصل إلى مثل هذا القرار، فإنك تعمل على تنمية قدراتك الشخصية. ومن شأن ذلك أن يمنحك الشجاعة للتعبير عما تعتقده، وتقول "لا" حين ترى أن الرأي الآخر بعيد عن الصواب.
ومن شأن مثل هذا الشعور أن يمنحك القوة لمقاومة الاسترخاء المتمثل بمجرد نقاط قياس للإنجاز، كما أنه يجعلك تفكر بطريقة مختلفة. ويتيح لك ذلك التصريح بأن علينا أن نتغير لأن الأشياء حولنا تتغير بالفعل.
ويعطيك هذا المنظور في الوقت ذاته قدرة على تقدير مدى اعتمادك على الآخرين،وذلك بصورة أساسها التواضع. وأدركت حين تم تعييني كرئيس لفريق عمل قبل 19 سنة أنني لم أعد ذلك المحترف الذي يفكر ويعمل بصورة منفردة.
وكان علي أن أدرك تماماً أن الفريق هو الذي ينجز العمل بتكاتف جهود أعضائه، وليس بجهود رجل واحد. وتكثفت لدي معاني هذا الدرس العميق بمرور السنوات. وأصبح عدد موظفي الشركة اعتباراً من أول هذا العام الجديد مائة ألف موظف، بحيث أشعر أن هنالك أموراً صغيرة جداً يمكنني أن أنجزها منفرداً، في الوقت الذي أشعر فيه أن بإمكاني إنجاز الكثير بالتعاون مع كل هؤلاء.

كيف تتعامل مع الشخص المستغل داخل فريق العمل؟

- رود واجنر وجيمس كيه هارتر - 11/01/1428هـ
إنهم المستغلون والمسافرون عن طريق استغلال السفرات المجانية.
لا بد أن يكون كل مدير قد اصطدم بمثل هذا النمط من الأفراد ضمن فريقه في وقت من الأوقات، سواء كان يعلم بوجوده أم لا. وحتى لو لم يكن المدير يعلم أن أحد موظفيه لم يكن يبذل قصارى جهده في العمل، فمن المؤكّد أن نظراءه كانوا على علم بالأمر، وفي النهاية، فإنه يتحتّم عليهم القيام بما تغاضى زميلهم عن القيام به. وتُعتبر فرص وجود مثل هذه التجربة محبطة إلى أبعد حد.
وبناء على ما جاء عن أبحاث متعمّقة في هذا المجال، والتي أجريناها نحن وآخرون من منظمة جالوب، The Gallup Organization، في ولاية واشنطن العاصمة، على مدار العقد الماضي، تبيّنت لنا بعض العوامل، مثل التآكل في إدارة الموظفين، أو زميل يتملّص من النشاطات السارية خلال أسبوع العمل، مستغلاً العمل الجادّ الذي يقوم به زملاؤه في العمل.
من الممكن أن يكون صيت مفردة "الالتزام" كمبدأ رقيقا على أذن السامع، ولكنه في الحقيقة ذو تأثير جذري. فلنأخذ على سبيل المثال، فرق العمل التي تلزم نفسها بالعمل إلى أقصى حدّ، تتفوّق على تلك التي تلزم نفسها بالعمل إلى أقلّ حدّ، وهي تحقق في المعدل إنتاجية أعلى بنسبة 18 في المائة ، وجدوى أعلى بنسبة 12 في المائة. وتواجه وحدات العمل التي تضم عدداً كبيراً من الموظفين غير الملتزمين بصورة مستفحلة، نحو 51 في المائة إعادة هيكلة أعلى من تلك التي تضم عدداً كبيراً من الموظفين الملتزمين.
وإذا كان يوجد في فريقك شخص لا يبذل قصارى جهده، حينها عليك أن تتصرّف بسرعة لتتدبّر الأمر. ونحن نعتمد على دراسة جالوب منذ ما يزيد على عشرة أعوام في 114 دولة مختلفة، بهدف خلق إطار يساعد المديرين على فهم، وتصويب التأثير المُهلك للمستغلين على حافز وإنتاجية فريق العمل.
ثلاث قواعد أساسية عن سلوك الموظفين، والتي يُفترض في المديرين فهمها لقد أكّد علماء الاجتماع عن طريق إجراء تجربة تلو الأخرى، أنه عندما تكون متواجداً ضمن مجموعة من الناس، ولديك الفرصة لإحراز المزيد عن طريق تقديم إسهامات في الرفاه العام للمجموعة، ولكنك لا تؤسس أية إسهامات بهدف منع البعض من التملّص، وسيستسلم المزيد و المزيد من الأفراد، إلى أن لا يبقى أي فرد يسهم في المصلحة العامة.
إن التجارب تزوّد المديرين بثلاث حقائق أساسية، يمكن الارتكاز عليها نحو رفع الإسهامات الفردية في جهود الفريق:
أغلب الناس يريدون التعاون. وأغلب الناس يبدأون وظائفهم وهم على أهبة الاستعداد للتعاون مع زملائهم في العمل، ويستمرون في التعاون، طالما أن التعاون هو المعيار.
ولكن دون الشعور بالمسؤولية سيظهر التملّص. وفي أي مكان عمل، سيلجأ بعض الموظفين إلى التملّص، إذا علموا أن أحداً ما لن يستدعيهم. وعندما يُدرك زملاؤهم المشاركون ما يحدث بالضبط، سوف يجدون أنفسهم متأثرين بجاذبية التملّص أيضاً.
والبعض الآخر سيحاول الدفع مقابل تعزيز الإنصاف، حتى لو كان على حساب أنفسهم. وبعض الموظفين سوف يتجاهلون شؤونهم وأعمالهم الخاصة، بينما يكرسون كل وقتهم وطاقاتهم في معاقبة الزملاء المستغلين.
وبإيجاز، فإن المسؤولية تكشف الفرق بين الفريق الذي يقول شعاره الضمني: "كل شخص لنفسه"، والفريق الذي يعمل على مبدأ: "الكل للفرد، والفرد للكل".
ولكن ماذا يمكنك كمدير أن تفعل لتخلق محيطاً يشجّع أفراد فريقك للعمل للمصلحة العامة ضمن المجموعة؟.
تفحّص الممارسات والسياسات: هل العمل موزّع بصورة عادلة؟
أحياناً، وبصورة غير متعمّدة، تحتاج سياسات وإجراءات مكان العمل جهداً أقل من قبل بعض الموظفين، بالمقارنة مع بعضهم الآخر، الشيء الذي يؤدي إلى خلق حالة التملّص. وإحدى أكثر الحالات المُحبطة في أي فريق: السماح لبعض الأفراد بتحمّل جزء بسيط من العبء، بينما يُطلب من البعض الآخر حمل الجزء الأكبر من العبء.
حثّ على التغذية الراجعة من الموظفين: هل يرون مشكلة أنت لا تراها؟
يمكن للموظفين أن يحددوا مشكلات في الحقيقة لا يراها المدير. ولا تغدو الأمور دوماً واضحة له، أي من من الموظفين يميل إلى التهرّب من عمله؟ ومن منهم فقد رغبته في بذل قصارى جهده في العمل، بسبب وجود المتملص في وسطهم؟
ولتحديد أصل لولب تأدية العمل المتراجعة، يمكنك أن تفعل مثلما فعلت، نانسي سوريلز، عندما عيُنت كمديرة لفندق ماريوت قرب دالاس، والذي عُرف وقتها بتراجع أدائه عما كان ينبغي. طرحت سؤالاً على الموظفين قائلة: "من هم أسوأ الموظفين في هذا الفندق؟ ومنذ متى يعملون هنا؟"، وعندما سُئلت عن السبب الذي دفعها لمعرفة الجواب، أجابت، "أيا كان الأدنى، يحدد مستواكم، بغض النظر عمّا تقولون على العكس". وبالطبع، فإن المعلومات التي تتوافّر في هذا المجال، لابد أن يكون التعامل معها بحساسية. فعلى سبيل المثال، قد يتناول أحدهم فأساً للانتقام، وكنتيجة لهذا، الاستفراد بأحد الزملاء بصورة غير عادلة. ولكن إذا استمر ذكر الأسماء نفسها، فإن هذه إشارة لأخذ نظرة أقرب لهؤلاء الأفراد، وكيف يعمل سلوكهم في العمل على التأثير في باقي زملائهم.
راقب سلوك الموظفين الجدد عن كثب: هل هناك بعض الأفراد المنجذبين إليهم؟
إذا رأيت أن الموظّف الجديد المتحمّس والمتفاني جداً، يميل إلى اللجوء إلى بعض الموظفين للحصول على نصيحة، حينها تكون قد حددت حافزاً طبيعياً في وسطك. قم باستغلاله بالكامل: زدّ من مسؤولياته، وألحقه بدورة تدريبية تعزز معرفته وتأثيره. شيّك معه بصورة دورية، وخذ قراءاته عن المجموعة، فقد يكون له بصيرة فيما يتعلّق بمسائل الأداء، والتي ليست لديك عنها أدنى فكرة بعد.
إدارة حتمية
يحظى خلق والحفاظ على مستويات عالية من التزام الموظفين بعواقب إيجابية جذرية. ولهذا السبب، لا يكون المدير قد أنجز مسؤولياته بالكامل، حتى يجعل من مبدأ رفع التزام الفريق أولوية.

لحظات الحقيقة: التواضع هي الصفة الأساسية للقيادة

- أولي- بيكا كالاسوفو - 11/01/1428هـ
إن الإجابة تعتمد بالطبع على ما تعتبره موظفاً ملائماً. فهل الرؤية هي الصفة الأساسية للقيادة أم أن الأمر يتعلق بأمور أخرى مثل التعاطف، والفطرة السليمة، والتواضع؟ وتوجهنا بالسؤال إلى عدد من الرؤساء التنفيذيين لتبيان تصورهم للقيادة السليمة، فكانت هذه هي إجابة رئيس شركة نوكيا.
كان عمري 36 عاماً سنة 1990، حيث تم تعييني للتو مسؤولا ماليا أول في شركة نوكيا. وكان ذلك بمثابة التحدي لقدراتي، ليس بسبب صغر سني، بل إن الشركة كانت تمر بمشاكل كبرى في ذلك الوقت. وكانت هذه الشركة الكبرى تعاني من وضع مالي في غاية الصعوبة. وكانت نهاية كل شهر تحمل معها مخاوف من عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين.
إنني أدرك الآن مدى قلة خبرتي في ذلك الحين، حيث إنني جئت بخلفية قانونية واستراتيجية بدلاً من التمتع بخلفية محاسبية. وتضمنت تلك الأشهر العديد من الرحلات إلى زيوريخ، وفرانكفورت، وطوكيو، ولندن، في الوقت الذي كنت أحاول فيه استدانة الأموال من رجال المصارف الذين كانوا يفقدون الثقة في الشركة كلما تراجعت عوائدها.
وكانت هذه المشاكل تعترضني وجهاً لوجه، حيث وجدت أن علي المساهمة في حل وضعنا المالي. وكان أشد ما يتعبني أنني كنت أشعر أني وحيد في ذلك. غير أن تلك المشاكل عملت على تغييري من الداخل، بحيث أظل مدركاً تماماً لموقفي حتى حين تتحسن الظروف المالية.
إن التواضع سمة رئيسية للقائد، كما هي بالنسبة للشركة. وأدركت تماماً أن سر استمرار شركة نوكيا هو توجهها الخارجي. وكان علي أن أمتلك تلك الدرجة اللازمة من التواضع لكي أستمع جيداً إلى مشاكل الزبائن، والبحث عن حلول مناسبة لها من مصادر خارجية. وكان لا بد للتواضع من مواجهة تعقيدات الموقف.
وأجد في أيامنا هذه، أنه على الرغم من الانتشار الكبير لخدمات الهواتف المتنقلة، وتبادل المعلومات عبر الإنترنت، فإن شركة نوكيا لا تستطيع أن تدعي أن توقعاتها لحركة الأسواق هي الأفضل. وعلينا بدلاً من ذلك أن نتوقع التغيرات، وأن نتصرف وفقاً لذلك على أرض الواقع.
إن مدى الاستجابة داخل فريق عمل إداري هو نتاج طبيعي للتنوع. وعلى المديرين أن يدركوا بكل تواضع أن نظرتهم للأمور بحاجة إلى مراجعة من قبل زملائهم الآخرين. ولا يعني التواضع أنك لا تملك الشجاعة الكافية لقول ما تعتقد أنه صواب، ولا أن تجلس هادئاً مراقباً للأمور دون تدخل فعال، حين أن الشجاعة والتواضع أمران متكاملان وليسا متناقضين.
إن بإمكان أولئك المتواضعين أن يظهروا مواقف حازمة أثناء الأوقات العصيبة، حيث إن وجودهم في الموقع يسهل عليهم فهم أن الأمور لا تسير دائماً بالطريقة السلسة المعتادة. ويعني التمتع بالتواضع أنك تضع قدراتك في إطارها الصحيح. ويعني الأمر كذلك أنك كرئيس تنفيذي توظف كل إمكانياتك في خدمة الشركة. والواقع أن واجبات رؤساء الشركات الكبرى مهمة وواسعة للغاية، حيث يعتقد كثيرون منهم أن عدم الالتزام الكامل بواجبات الوظيفة سوف يؤدي بهم إلى الفشل المطلق. وراودني مثل الإحساس في التسعينيات حين كنت أنجز مهمات للشركة في الخارج، حيث أدركت أن هذا هو نمط الحياة الذي علي أن أتعايش معه، إذ إن علي أن أخدم الشركة بكل ما لدي من قدرات.
وحين تتوصل إلى مثل هذا القرار، فإنك تعمل على تنمية قدراتك الشخصية. ومن شأن ذلك أن يمنحك الشجاعة للتعبير عما تعتقده، وتقول "لا" حين ترى أن الرأي الآخر بعيد عن الصواب.
ومن شأن مثل هذا الشعور أن يمنحك القوة لمقاومة الاسترخاء المتمثل بمجرد نقاط قياس للإنجاز، كما أنه يجعلك تفكر بطريقة مختلفة. ويتيح لك ذلك التصريح بأن علينا أن نتغير لأن الأشياء حولنا تتغير بالفعل.
ويعطيك هذا المنظور في الوقت ذاته قدرة على تقدير مدى اعتمادك على الآخرين،وذلك بصورة أساسها التواضع. وأدركت حين تم تعييني كرئيس لفريق عمل قبل 19 سنة أنني لم أعد ذلك المحترف الذي يفكر ويعمل بصورة منفردة.
وكان علي أن أدرك تماماً أن الفريق هو الذي ينجز العمل بتكاتف جهود أعضائه، وليس بجهود رجل واحد. وتكثفت لدي معاني هذا الدرس العميق بمرور السنوات. وأصبح عدد موظفي الشركة اعتباراً من أول هذا العام الجديد مائة ألف موظف، بحيث أشعر أن هنالك أموراً صغيرة جداً يمكنني أن أنجزها منفرداً، في الوقت الذي أشعر فيه أن بإمكاني إنجاز الكثير بالتعاون مع كل هؤلاء.
Top